أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة - العدد الأول - صـ 118

جلسة 5 من فبراير سنة 1957

برياسة السيد/ مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(36)
القضية رقم 1331 سنة 26 القضائية

( أ ) إجراءات. حكم. حكم حضوري. مناط اعتبار الحكم حضورياً وفقاً للمادة 239 أ. ج.
(ب) معارضة. جواز المعارضة في الحكم المعتبر حضورياً متى كان في حقيقته حكماً غيابياً.
(ج) إجراءات. إعلان. لا يغني عنه أي إجراء آخر.
(د) نقض. أحكام لا يجوز الطعن فيها. الحكم الغيابي الذي لم يعلن للمتهم ولم يبدأ ميعاد المعارضة فيه. لا يجوز الطعن بالنقض فيه.
1 - مناط اعتبار الحكم حضورياً وفقاً للمادة 239 من قانون الإجراءات الجنائية أن يحضر المتهم عند النداء على الدعوى، ولو غادر الجلسة بعد ذلك، أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون أن يقدم عذراً مقبولاً، إنما يشترط في هذه الحالة أن يكون التأجيل لجلسات متلاحقة، أما إذا انقطعت الحلقة بسقوط جلسة من الجلسات فإنه يكون لزاماً إعلان المتهم إعلاناً قانونياً بالجلسة التي حددت لنظر الدعوى بدل الجلسة التي لم تنعقد فيها المحكمة.
2 - المعارضة جائزة في الحكم الاستئنافي المعتبر حضورياً إذا كان في حقيقته حكماً غيابياً واعتبرته المحكمة خطأ حضورياً، إذ العبرة في الأحكام هي بحقيقة الواقع، لا بما توصف به على خلافه.
3 - متى أوجب القانون الإعلان لاتخاذ إجراء أو بدء ميعاد، فإن أي طريقة أخرى لا تقوم مقامه.
4 - متى كان الحكم في حقيقته حكماً غيابياً لم يعلن للمتهم ولم يبدأ بعد ميعاد المعارضة فيه، فإن الطعن بالنقض فيه يكون غير جائز.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: سرق - مع آخر - المازوت الموضح بالمحضر وصفاً وقيمة والمملوك لسيد محمد رجب، وطلبت عقابه بالمادة 317/ 5 من قانون العقوبات. ومحكمة حلوان الجزئية قضت غيابياً عملاً بالمادة 317/ 7 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهرين مع الشغل والنفاذ. فعارض، وقضت المحكمة بتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف، ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضورياً اعتبارياً بتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... من حيث إن النيابة العامة طلبت الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه صدر في 24 ديسمبر سنة 1955، ولكن الطاعن لم يقرر بالطعن فيه بطريق النقض إلا في 18 يناير سنة 1956 أي بعد انقضاء الثمانية عشر يوماً المقررة بالقانون.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الحكم صدر في 24 ديسمبر سنة 1955 حضورياً اعتبارياً بتأييد الحكم المستأنف، ويبين من محاضر جلسات المحكمة الاستئنافية أن الطاعن حضر بجلسة 22/ 1/ 1955 التي حددت لنظر الاستئناف، كما حضر في الجلسات التالية لها، إلى أن أجلت المحكمة الدعوى لجلسة 18 يونيه سنة 1955، ولم تعقد المحكمة جلسة في اليوم المذكور، وإنما عقدت الجلسة يوم 3 سبتمبر سنة 1955، وفيها لم يحضر الطاعن، فأجلت المحكمة الدعوى إلى جلسة 22 أكتوبر سنة 1955 وقررت بإعلانه، غير أن الطاعن لم يحضر بتلك الجلسة أيضاً، فأجلت المحكمة الدعوى لجلسة 2 ديسمبر سنة 1955، وقررت بإعلان الطاعن، غير أنه لم يحضر بالجلسة المذكورة، وحجزت المحكمة الدعوى للحكم، ثم أصدرت حكمها المطعون فيه في 24 ديسمبر سنة 1955، ويبين من مراجعة طلبات الحضور أن من بينها طلب حضور خاصاً بالطاعن لجلسة 3 سبتمبر سنة 1955، ولكنه لم يعلن إليه لعدم الاستدلال وسلمت صورته للضابط المنوب، كما أن هناك طلباً آخر لجلسة 3 ديسمبر سنة 1955 لم يعلن كذلك للطاعن لعدم الاستدلال، وسلمت صورته للضابط المنوب، لما كان ذلك، وكان اعتبار الحكم حضورياً وفقاً للمادة 239 من قانون الإجراءات الجنائية مناطه أن يحضر الطاعن عند النداء على الدعوى، ولو غادر الجلسة بعد ذلك، أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون أن يقدم عذراً مقبولاً، إنما يشترط في هذه الحالة أن يكون التأجيل لجلسات متلاحقة أما إذا انقطعت الحلقة بسقوط جلسة من الجلسات، وهي جلسة 18 يونيه سنة 1955 في صورة هذا الطعن، فإنه يكون لزاماً إعلان الطاعن إعلاناً قانونياً بالجلسة التي حددت لنظر الدعوى بدل الجلسة التي لم تنعقد فيها المحكمة، ولما كان إعلان الطاعن سواء لجلسة 3 سبتمبر سنة 1955 أو لجلسة 3 ديسمبر سنة 1955 قد وقع باطلاً إذ لم تراعَ في إجرائه أحكام المادة 234 من قانون الإجراءات الجنائية، فلا يوجد ما يدل على أن المحضر وجه إلى المعلن إليه كتاباً موصى عليه يخبره فيه بأن الصورة سلمت لجهة الإدارة، كما لا يبين من محضر الإعلان الخطوات السابقة على تسليم الصورة إلى الإدارة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه هو في حقيقته حكم غيابي وصفته المحكمة خطأ بأنه حكم حضوري اعتباري. ولما كانت العبرة في الأحكام هي بحقيقة الواقع، لا بما توصف به على خلافه، وكان الحكم لم يعلن إلى الطاعن ولم يعلم به إلى أن قرر بالطعن فيه بطريق النقض فإنه لا يكون ثمت محل للاستجابة إلى ما طلبته النيابة من عدم قبول الطعن شكلاً لتقديمه بعد الميعاد. ولما كانت المعارضة جائزة في الحكم الاستئنافي المعتبر حضورياً إذا كان في حقيقته حكماً غيابياً واعتبرته المحكمة خطأ حضورياً كما هو الحال في هذه الدعوى، وكان باب المعارضة فيه ما زال مفتوحاً أمام الطاعن، ما دام أنه لم يعلن به، ولا يؤثر في ذلك القول بأن علم الطاعن بالحكم وقت التقرير بالطعن فيه بطريق النقض يحول بينه وبين المعارضة لانقضاء ميعادها، ذلك بأنه متى أوجب القانون الإعلان لاتخاذ إجراء أو بدء ميعاد، فإن أي طريقة أخرى لا تقوم مقامه، لما كان ما تقدم، وكان الطعن بالنقض لا يجوز إلا في الأحكام الانتهائية، وكان الحكم المطعون فيه هو في حقيقته حكم غيابي لم يعلن للطاعن ولم يبدأ بعد ميعاد المعارضة فيه، فإن الطعن بالنقض فيه يكون غير جائز ويتعين لذلك الحكم بعدم جواز الطعن.