مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 175

(26)
جلسة 2 من ديسمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمي محمد بدر - المستشارين.

القضية رقم 805 لسنة 10 القضائية

شركات مساهمة. "عمالها - تأديبهم". تأميم. نيابة إدارية.
وقوع المخالفة خلال الفترة التي كانت فيها الشركة من شركات القطاع الخاص - قانون العمل هو الذي يسري دون قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - سقوط اتهام العامل بمضي خمسة عشر يوماً من تاريخ كشف المخالفة - لا يغير من ذلك تأميم الشركة في تاريخ لاحق.
أن شركة الإسكندرية لتجارة الأخشاب أممت بالقانون رقم 117 لسنة 1961 اعتباراً من نفاذ هذا القانون في 20 من يوليه سنة 1961 وكانت قبل هذا التاريخ من شركات القطاع الخاص التي لا تساهم فيها الدولة أو تضمن للمساهمين فيها حداً أدنى من الأرباح وبذلك يكون الفعل المسند إلى المطعون ضده قد وقع خلال الفترة التي كانت بها الشركة من شركات القطاع الخاص التي لم يكن يسري على عمالها أحكام القانون رقم 119 لسنة 1959 في شأن سريان قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على عمال الشركات الخاصة إذ لم يبدأ خضوع عمالها لأحكامه إلا اعتباراً من تاريخ تأميمها في 20 يوليه 1961، وإنما كان يسري عليهم في الفترة المشار إليها قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وحده الذي تحظر المادة 66 منه اتهام العامل في مخالفة مضى على كشفها أكثر من خمسة عشر يوماً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن الوقائع تخلص - على ما يبين من أوراق الطعن - في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 8 لسنة 6 القضائية أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية ضد المطعون عليه بصحيفة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 3 من نوفمبر سنة 1963 لأنه بوصفه موظفاً بشركة الإسكندرية لتجارة الأخشاب وخلال المدة من 10 سبتمبر سنة 1959 إلى 31 من أكتوبر سنة 1959 لم يؤد عمله بأمانة بأن اختلس مبلغ 26 جنيهاً و950 مليماً من مجموع مبلغ أربعين جنيهاً سلمت إليه رسم الدمغة المقرر على الكميات الخاصة بالشركة، وفي 25 من يناير 1964 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على ما تقضي به المادة 66 من قانون العمل الصادر به القانون رقم 91 لسنة 1959 من أنه لا يجوز اتهام العامل في مخالفة مضى على كشفها أكثر من خمسة عشر يوماً وأنه لما كان الثابت أن رئيس حسابات الشركة قرر أنه اكتشف أن الموظف المتهم اختلس خمسة جنيهات من حساب الدمغة عام 1959 فقام برفع تقرير مفصل إلى مدير عام الشركة أرفق به كشف محرر من المتهم أثبت فيه أنه سدد الدمغة وقدرها خمسة جنيهات عن أحد الشيكات في حين أثبت البنك أنه هو الذي قام بدفع الدمغة ورغم ذلك لم تتخذ الشركة الإجراءات اللازمة للتحقيق معه بل وقررت نقله إلى فرع الشركة بالقاهرة ثم منح بعد ذلك علاوة قدرها عشرة جنيهات وظل يعمل بالشركة التي تم تأميمها في يونيه سنة 1961. وأضاف الحكم أنه في 7 من أكتوبر سنة 1962 قدم صراف الشركة شكوى ضد المطعون عليه تضمنت ارتكابه المخالفة المشار إليها خلال عام 1959 واستناداً إلى هذه الشكوى باشرت النيابة الإدارية التحقيق وانتهت إلى إحالته للمحاكمة. وخلص الحكم إلى أن المخالفة المنسوبة وهي اختلاسه مبالغ من حساب الدمغة قد علم بها مدير عام الشركة سنة 1959 وبالرغم من ذلك فإنه لم يحقق مع المتهم بل وافق على نقله إلى القاهرة للعمل مع رئيس مجلس الإدارة وهذا يدل على أن مدير الشركة ورئيس مجلس إدارتها قد صرفا النظر عن المخالفات التي نسبت إليه مع العلم بها ومن ثم فإنه ما كان يجوز لها اتهامه بعد ذلك عن ذات المخالفة التي مضى على كشفها أكثر من خمسة عشر يوماً وذلك تطبيقاً للمادة 66/ 2 من القانون رقم 91 لسنة 1959 التي تسري في شأن العلاقة التي كانت قائمة بين المتهم والشركة مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى التأديبية لرفعها بعد الميعاد القانوني.
ومبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المادة 66 من قانون العمل إنما تحكم رب العمل في التأديب وتوجيه الاتهام بحكم ورودها في الفصل الخاص بعقد العمل الفردي والذي تسري أحكامه على أصحاب العمل والعامل طرفي هذا العقد فهو لا يسري على تحريك الدعوى التأديبية بواسطة النيابة الإدارية إذ لا تستمد النيابة الإدارية هذا الحق من مواد قانون العمل ولا من نصوص عقد العمل وإنما يستند حق النيابة الإدارية في ذلك إلى القانون رقم 19 لسنة 1959 الذي تسري بموجبه أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية رقم 117 لسنة 1958 على موظفي الشركات التي تساهم فيها الحكومة بنسبة لا تقل عن 25% من رأسمالها لذلك فإن اختصاص النيابة الإدارية بالنسبة لموظفي تلك الشركات يكون محكوماً بنصوص هذا القانون وحده والتي لا تقيد حق النيابة الإدارية في توجيه الاتهام أو مباشرة التحقيق أو تحريك الدعوى التأديبية بميعاد معين هذا إلى أن الرأي الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه يتعارض مع العلة التي حدت إلى إصدار القانون رقم 19 لسنة 1959 الذي يقضي بسريان أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 على موظفي الشركات المشار إليها إذ يترتب على حظر توجيه الاتهام إلى موظفي الشركات بعد مضي خمسة عشر يوماً على كشفها تمكين المسئولين في هذه الشركات من الإضرار بحقوق الدولة بتجاوزهم عن المخالفات التي يكتشفونها وعدم اتخاذ إجراءات بشأنها وبذلك تغل يد النيابة الإدارية عن مباشرة الإجراءات مما يفوت الحكمة من بسط رقابتها على هذه الشركات وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة. واستطرد تقرير الطعن إلى القول بأن نطاق تطبيق المادة 66 من قانون العمل يتحدد بالمخالفات التي تصدر عن العامل إخلالاً بالالتزامات التي يرتبها عقد العمل على عاتقه وتلحق ضرراً بمصلحة العمل لذلك فإن توجيه الاتهام والمؤاخذة عن تلك المخالفات هو حق صاحب العمل وحده ومن ثم فقد أقام الشارع من سكوته عن توجيه الاتهام بعد اكتشاف المخالفة بمدة محدودة قرينة على تنازله أما إذا تعلق الأمر بالمصلحة العامة فإن سكوت رب العمل لا يؤثر في حق السلطات العامة المختصة سواء في ذلك النيابة الإدارية أن النيابة العامة في اتخاذ الإجراءات التي يخولها لها القانون.
ومن حيث إن الثابت أن تاريخ ارتكاب المخالفة المنسوبة إلى الشاكي هو في الفترة من 10 سبتمبر 1959 إلى 31 من أكتوبر 1959 وأن النيابة الإدارية لم تبلغ بها إلا في العاشر من أكتوبر 1962 والمستفاد من أقوال مراقب الخزانة المبلغ السيد/ عبد اللطيف محمد عمران ورئيس الحسابات السيد/ أحمد عبد المحسن الدفراوي أنه سبق للأخير أن أبلغ مدير عام الشركة في أكتوبر 1959 إلا أنه ورئيس مجلس الإدارة لم يتخذ أي إجراء في هذا الشأن بل أنه تقرر نقل المطعون عليه للعمل بمكتب رئيس مجلس الإدارة في القاهرة وعلى ذلك يكون اتهام المطعون عليه قد جرى بعد انقضاء أكثر من خمسة عشر يوماً على كشف المخالفة وهو ما أثار البحث حول سريان حكم المادة 66 من قانون العمل المشار إليها.
ومن حيث إن الثابت أيضاً أن شركة الإسكندرية لتجارة الأخشاب أممت بالقانون رقم 117 لسنة 1961 اعتباراً من نفاذ هذا القانون في 20 من يوليه 1961 وكانت قبل هذا التاريخ من شركات القطاع الخاص التي لا تساهم فيها الدولة أو تضمن للمساهمين فيها حداً أدنى من الأرباح وبذلك يكون الفعل المسند إلى المطعون ضده قد وقع خلال الفترة التي كانت فيها الشركة من شركات القطاع الخاص التي لم يكن يسري على عمالها أحكام القانون رقم 119 لسنة 1959 في شأن سريان قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على عمال الشركات الخاصة إذ لم يبدأ خضوع عمالها لأحكامه إلا اعتباراً من تاريخ تأميمها في 20 من يوليه 1961، وإنما كان يسري عليهم في الفترة المشار إليها قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وحده والذي تحظر المادة 66 منه اتهام العامل في مخالفة مضى على كشفها أكثر من خمسة عشر يوماً. وينبني على ذلك أنه بانقضاء أكثر من خمسة عشر يوماً على كشف المخالفة في موعد أقصاه 31 من أكتوبر 1959 يمتنع قانوناً اتهام المطعون ضده فلا تملك الشركة بعد انقضاء هذه المدة توجيه اتهام إليه، كما لا تملك النيابة الإدارية بعد تأميم الشركة إحياء مثل هذا الاتهام بعد أن انقضى أصل الحق فيه قبل أن يخلف الشركة في هذا الشأن، ولأن المناط في سريان قانون النيابة الإدارية على عمال الشركات الخاصة بالقانون رقم 19 لسنة 1959 أن تكون الشركة وقت وقوع المخالفة من الشركات التي تساهم الدولة بما لا يقل عن 25% من رأسمالها أو تضمن للمساهمين فيها حداً أدنى من الأرباح ولما كانت المخالفة في الطعن الماثل قد نسب إلى المطعون ضده ارتكابها يوم كانت الشركة من شركات القطاع الخاص ومن ثم فلا يمتد إلى عمالها بعد التأميم حكم القانون رقم 19 لسنة 1959 بالنسبة إلى ما وقع منهم في الفترة السابقة عليه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون ويكون الحكم المطعون فيه صحيحاً فيما انتهى إليه.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.