أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة - العدد الثالث - صـ 914

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1957

برياسة السيد/ حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، والسيد أحمد عفيفي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمود حلمي خاطر - المستشارين.

(249)
القضية رقم 1182 سنة 27 ق

خيانة أمانة. دفوع. إثبات. عدم اعتراض المتهم على سماع الشهود لعدم جواز إثبات عقد الائتمان بالبينة. سقوط حقه في التمسك بهذا الدفع.
إذا كان المتهم لم يعترض على سماع شهود الإثبات، ولم يتمسك قبل سماعهم بعدم جواز إثبات عقد الائتمان بالبينة، فقد سقط حقه في التمسك بهذا الدفع على اعتبار أن سكوته عن الاعتراض يفيد تنازله عن حقه المستمد من القواعد المقررة للإثبات في المواد المدنية وهي قواعد مقررة لمصلحة الخصوم وليست من النظام العام.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بدد حصته في البقرة الموضحة بالمحضر لصلاح خليل وكانت البقرة قد سلمت إليه على سبيل الوديعة بالاشتراك بينهما فاختلسها وتصرف فيها بالبيع إضراراً بالمجني عليه. وطلبت عقابه بأقصى العقوبة. وادعى صلاح خليل شافعي بحق مدني قِبل المتهم بمبلغ 55 جنيهاً والمصاريف والأتعاب ومحكمة جنح الواسطى الجزئية قضت حضورياً عملاً بالمادة 341 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة 4 جنيهات لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 26 جنيهاً والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 1368 سنة 1956. ومحكمة بني سويف الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس ثلاث سنوات اعتباراً من تاريخ النطق بهذا الحكم وذلك عملاً بالمادتين 55 و56 من قانون العقوبات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الطاعن دفع أمام المحكمة الاستئنافية بعدم جواز الإثبات بالبينة لأن قيمة البقرة - المدعى بتبديد حصته فيها هي وقت تسليمها للطاعن ثلاثة عشر جنيهاً، وكان تسليمها إليه على سبيل الوديعة، ولكن المحكمة قضت برفض هذا الدفع قولاً منها بأن الحق في التمسك به قد سقط لعدم إبدائه أمام محكمة الدرجة الأولى، وهو قضاء خاطئ لأن الاستئناف يعيد القضية إلى ما كانت عليه أمام محكمة أول درجة، فضلاً عن أن الطاعن تمسك بهذا الدفع أمام محكمة أول درجة، ولكن كاتب الجلسة سها عن إثباته. يضاف إلى ذلك أن دفاع الطاعن قام على أنه لم يتصرف بالبيع إلى سيد أحمد محمود إلا في نصف البقرة، أما النصف الآخر الذي يزعم المجني عليه أنه مملوك له فهو ما يزال باقياً بغير تصرف حتى يفصل في النزاع على ملكيته من المحكمة المدنية التي رفعت أمامها دعوى بشأن هذا النزاع غير أن المحكمة لم تعرض لهذا الدفاع، ولم تحققه، فجاء حكمها مشوباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله: "إن شركة قامت بين المتهم (الطاعن) وابن عمه المجني عليه على بقرة دفع المجني عليه ثمنها وقت الشركة 13 جنيهاً وبقيت الماشية لدى المتهم لتربيتها على أن يخصه النصف منها بعد خصم ثمنها الأصلي، وقد باعها المتهم بعد ذلك بمبلغ 35 جنيهاً مبدداً نصيب المجني عليه فيها وقيمته 24 جنيهاً ومن ثم يتعين عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وهي أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات في التحقيقات وفي الجلسة، ولما كانت الواقعة على هذه الصورة تتحقق بها سائر العناصر القانونية المكونة لجريمة التبديد التي دين الطاعن بها، وكان يبين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن اكتفى في دفاعه بنفي ملكية المجني عليه لجزء من البقرة مدعياً بأنها مملوكة له ملكاً خالصاً، ولم يثر الدفاع الذي يشير إليه في طعنه من أنه لم يتصرف بالبيع إلا في نصف البقرة وأنه احتفظ بالنصف الآخر حتى يفصل في النزاع المرفوع بشأن ملكيته، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة سكوتها عن الرد على هذا الدفاع أو تحقيقه، ولما كان الثابت من تلك المحاضر أن الطاعن لم يدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة إلا أمام المحكمة الاستئنافية لأول مرة، فردت على هذا الدفع بقولها: "إن الحاضر مع المتهم دفع بعدم جواز الإثبات بالبينة لأن قيمة البقرة موضوع جريمة التبديد أكثر من عشرة جنيهات فلا يجوز إثبات تسليمها إلا بالكتابة، ومن حيث إنه وضح من مطالعة محاضر جلسات محكمة أول درجة أن المتهم لم يدفع هذا الدفع أو يعترض على سماع الشهود ولم يتقدم بهذا الدفع إلا أمام هذه المحكمة الأمر الذي يعتبر تنازلاً منه عن حقه في المطالبة بالإثبات بالكتابة ويمنعه من التمسك بذلك بعد سماع الشهود". وما قالته المحكمة من ذلك صحيح في القانون ويصح الاستناد إليه في رفض الدفع، إذ ما دام أن الطاعن لم يعترض على سماع شهود الإثبات، ولم يتمسك قبل سماعهم بعدم جواز إثبات عقد الائتمان بالبينة، فقد سقط حقه في التمسك بهذا الدفع على اعتبار أن سكوته عن الاعتراض يفيد تنازله عن حقه المستمد من القواعد المقررة للإثبات في المواد المدنية وهي قواعد مقررة لمصلحة الخصوم وليست من النظام العام، ولما كان ما يزعمه الطاعن بأنه تمسك بهذا الدفع أمام محكمة أول درجة، لا يقبل منه ما دامت محاضر جلسات تلك المحكمة والحكم الصادر منها خلواً مما يفيد إبداءه، لما كان كل ذلك فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يكون له أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن موضوعاً.