أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 50 - صـ 124

جلسة 17 من فبراير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إسماعيل موسى ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب ومحمد عيد سالم نواب رئيس المحكمة.

(26)
الطعن رقم 5198 لسنة 67 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الجازم. ماهيته؟
النعي على المحكمة عدم إجابة الطاعن إلى طلب سماع شاهد النفي. غير جائز. علة ذلك؟
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". استدلالات.
تقدير جديه التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. المجادلة في ذلك أمام النقض غير جائزة.
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره" نيابة عامة. دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". مواد مخدرة.
اختصاص وكلاء النيابة الكلية بأعمال التحقيق التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التابعين لها. أساس ذلك؟
الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره من النيابة الكلية دون النيابة الجزئية المختصة. لا يستوجب رداً خاصاً. ما دام الإذن صدر صحيحاً.
(4) دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد القبض والتفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن. رداً عليه.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(7) قانون "تطبيقه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
نعي الطاعن بعدم إثبات ضابط الواقعة تحركاته بدفتر الأحوال واصطحابه لقوة ترافقه أثناء قيامه بالتفتيش. غير مقبول. أساس ذلك: أن الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون. غير جائز.
1 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب بجلسة 30 من سبتمبر سنة 1996 سماع شاهد الإثبات وضم دفتر الأحوال والتصريح بإعلان شاهد نفي سماه، فأجلت الدعوى لجلسة 28 من ديسمبر سنة 1996 وفيها قدم المدافع عن الطاعن الدليل على إعلان شاهد النفي, ثم تأجل نظر الدعوى لجلسة 30 من ديسمبر سنة 1996 - وهى الجلسة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه - وفيها استمعت المحكمة لأقوال شاهد الإثبات الحاضر, ثم ترافع المدافع عن الطاعن، واختتم مرافعته بطلب براءة الطاعن دون أن يصر بصدر مرافعته أو بختامها على سماع شاهد النفي، مما مفاده أنه عدل عن هذا الطلب، وكان من المقرر أن الطلب التي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك بالإصرار عليه في طلباته الختامية، ومن ثم فليس للطاعن أن ينعى على المحكمة عدم إجابتها إلى طلب سماع شاهد النفي بفرض أنه اتبع الطريق الذي رسمه القانون لإعلانه، فإن ما يثيره من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
2 - من المقرر أن تقرير جدية التحريات وكفايته لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع, ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار الإذن فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
3 - لما كان الطاعن يسلم في أسباب طعنه بأن إذن التفتيش صدر من وكيل النيابة الكلية التي يقع مكان الضبط بدائرة المحكمة الكلية التي يتبعها، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها وذلك بناء على تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض ولا يستطاع نفيه إلا إذ كان هناك نهي صريح، ومن ثم فإن إذن التفتيش الصادر في هذه الدعوى يكون صحيحاً وصادراً ممن يملكه، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد، ولا يقدح في ذلك عدم رد المحكمة على دفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره من النيابة الكلية دون النيابة الجزئية المختصة، وذلك لما هو مقرر من أن استصدار إذن التفتيش من النيابة الكلية دون النيابة الجزئية لا يستوجب من المحكمة رداً خاصاً ما دام الإذن قد صدر صحيحاً مطابقاً للقانون.
4 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها, وكان الحكم - مع ذلك - قد رد على الدفع سالف الذكر رداً كافياً وسائغاً في إطراحه, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
5 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها, وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في الأوراق.
6 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها، وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب, وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر (القنب الهندي) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 29، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (1) من الجدول رقم (5) الملحق بالقانون الأول بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط. باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال, ذلك بأن التفتت المحكمة عن طلبه سماع شاهد نفي رغم إعلانه للحضور أمامها مرتين, وتمسك ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ولصدوره من غير مختص, وبطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما قبل صدور إذن النيابة بإجرائهما, وفي زمان ومكان مغايرين لما أثبت بمحضر الضبط، وعدم مراعاة ضابط الواقعة لتعليمات الشرطة التي توجب إثبات تحركاته بدفتر الأحوال واصطحابه لقوة ترافقه أثناء قيامه بالتفتيش، غير أن الحكم أطرح هذه الدفوع برد قاصر غير سائغ, كل ذلك يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات بتحقيقات النيابة العامة وبجلسة المحاكمة ومما ثبت بتقرير المعمل الكيميائي وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك, وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب بجلسة 30 من سبتمبر سنة 1996 سماع شاهد الإثبات وضم دفتر الأحوال والتصريح بإعلان شاهد نفي سماه، فأجلت الدعوى لجلسة 28 من ديسمبر سنة 1996، وفيها قدم المدافع عن الطاعن الدليل على إعلان شاهد النفي, ثم تأجل نظر الدعوى لجلسة 30 من ديسمبر سنة 1996 - وهى الجلسة التي اختتمت بصور الحكم المطعون فيه - وفيها استمعت المحكمة لأقوال شاهد الإثبات الحاضر, ثم ترافع المدافع عن الطاعن واختتم مرافعته بطلب براءة الطاعن دون أن يصر بصدر مرافعته أو بختامها على سماع شاهد النفي، مما مفاده أنه عدل عن هذا الطلب، وكان من المقرر أن الطلب التي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك بالإصرار عليه في طلباته الختامية، ومن ثم فليس الطاعن أن ينعى على المحكمة عدم إجابتها إلى طلب سماع شاهد النفي بفرض أنه اتبع الطريق الذي رسمه القانون لإعلانه، فإن ما يثيره من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون محل. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن تقرير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع, ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار الإذن - فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, كان الطاعن يسلم في أسباب طعنه بأن إذن تفتيش صدر من وكيل النيابة الكلية التي يقع مكان الضبط بدائرة المحكمة الكلية التي يتبعها، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون بأعمال التحقيق في جميع الحوادث التي تقع بدائرة المحكمة الكلية التي هم تابعون لها، وذلك بناء على تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضاً أصبح على النحو الذي استقر عليه العمل في حكم المفروض ولا يستطاع نفيه إلا إذا كان هناك نهي صريح، ومن ثم فإن إذن التفتيش الصادر في هذه الدعوى يكون صحيحاً وصادراً ممن يملكه، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد، ولا يقدح في ذلك عدم رد المحكمة على دفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره من النيابة الكلية دون النيابة الجزئية المختصة، وذلك لما هو مقرر من أن استصدار إذن التفتيش من النيابة الكلية دون النيابة الجزئية لا يستوجب من المحكمة رداً خاصاً ما دام الإذن قد صدر صحيحاً مطابقاً للقانون. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها, وكان الحكم - مع ذلك - قد رد على الدفع سالف الذكر رداً كافياً وسائغاً في إطراحه, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب, وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمه النقض. لما كان ذلك, وكان لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.