مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 189

(28)
جلسة 2 من ديسمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر - المستشارين.

القضية رقم 491 لسنة 11 القضائية

( أ ) - جنسية. "مصريون أصلاء".
استعراض نصوص القوانين المنظمة للجنسية المصرية في شأنهم - انقسامهم إلى طائفتين: الرعايا العثمانيون قبل نفاذ معاهدة لوزان في 31 من أغسطس سنة 1924 والمتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم حتى تاريخ نشر القانون رقم 391 لسنة 1956 ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية - لا يكفي مجرد الميلاد في إحدى البلاد التابعة للدولة العثمانية لإثبات الرعوية العثمانية - يجب أن يقترن التوطن خلال هذه المدة التي حددها القانون بألا يكون الشخص خلالها من رعايا دولة أجنبية.
(ب) - جنسية. "روس بيض".
رعايا الدولة الروسية القديمة - إسقاط الجنسية الروسية عنهم بسقوط حكومة القياصرة وقيام النظام السوفيتي في سنة 1917 - تنظيم قيدهم بمكاتب التسجيل الخاصة بهم ومنحهم تذاكر الإقامة بالبلاد.
يبين من مقتضى الأحكام المنظمة للجنسية المصرية الواردة في المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 والقانون رقم 160 لسنة 1950 والقانون رقم 391 لسنة 1956 والقانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة أن المصريين الأصلاء ينضمون إلى طائفتين الأولى رعايا الدولة العلية أو الرعايا العثمانيون وهؤلاء يعتبرون مصريين إذا توافرت فيهم شروط معينة، وقد عرف المشرع أفراد هذه الطائفة في المادة 23 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 والفقرة الثامنة من المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 بأنهم رعايا الدولة العثمانية قبل نفاذ معاهدة لوزان في 31 من أغسطس سنة 1924، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مجرد الميلاد في إحدى البلاد التابعة للدولة العثمانية لا يتضمن في ذاته حجة قاطعة في إثبات الرعوية العثمانية بل يجب أن تقدم أدلة كافية على ثبوت هذه الرعوية يقع عبء تقديمها على صاحب الشأن وأما الطائفة الثانية: فهم عامة أهل البلاد الأصليين سواء أكانوا حقيقة من المصريين أو كانوا بلا جنسية ويكفي توطنهم في البلاد قبل أول يناير سنة 1948 ثم عدل المشرع هذا الحكم بالقانون رقم 391 لسنة 156 المشار إليه فنصت المادة الأولى فقرة أولاً منه على ما يأتي "المصريون هم أولاً: المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية..." وقد راعى المشرع في تقدير فترة التوطن المشار إليها أن في انقضاء ما يزيد على نصف قرن من تاريخ بدء التوطن حتى تاريخ العمل بالقانون الجديد، ما يعبر عن توثيق صلة المتوطن بالبلاد ويفصح عن توافر الولاء لها والارتباط بها، وإذ كانت هذه الصلة لا تتوافر إذا كان الشخص يدين بالولاء إلى دولة أجنبية فقد قرن المشرع شرط الإقامة بشرط آخر مؤداه ألا يكون الشخص من رعايا دولة أجنبية، وليس من شك في أن اجتماع الشرطين على النحو الذي أورده المشرع يفيد بالضرورة وجوب عدم الاتصاف بالجنسية الأجنبية طوال فترة التوطن، فلا يكفي أن يكون الشخص غير منتم إلى دولة أجنبية عند نفاذ القانون، وإنما يجب أن يتوافر هذا الشرط طوال فترة التوطن التي حددها القانون.
2 - أن رعايا الدولة الروسية القديمة الذين كانوا موجودين في مصر خلال الحرب العالمية الأولى وظلوا مقيمين فيها بعد انتهائها أسقطت عنهم الجنسية الروسية بسقوط حكومة القياصرة وقيام النظام السوفيتي سنة 1917 وقد أصدر مجلس الوزراء في شأنهم عدة قرارات، صدر تنفيذاً لأحكامها قرار وزير الداخلية المؤرخ 11 من مايو سنة 1926 وبموجبه أنشئت مكاتب خاصة في المحافظات وعواصم المديريات لقيد الروسيون البيض في سجلاتها، وفرض على كل شخص من أصل روسي ولم ينتم إلى جنسية أخرى أن يبلغ مكاتب التسجيل التي يقيم في دائرتها لتجري قيده هو وسائر الأفراد المقيمين معه في معيشة واحدة، حتى يتسنى للوزارة منحهم إقامة بالبلاد تجدد سنوياً نظير رسم حدده القرار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1053 لسنة 17 القضائية ضد السيدين وزير الداخلية ومدير عام مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية لدى محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعة الأفراد" بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 31 من مارس سنة 1963 طالباً الحكم باعتباره مصرياً بقوة القانون وإعطائه شهادة بذلك مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لذلك في عريضة الدعوى والمذكرات الشارحة أن أسرته توطنت في القطر المصري منذ أوائل القرن التاسع عشر فقد حضر جده بوغوس جرابيديان إلى القاهرة من بلدته عرابكير من أعمال أرمينيا التابعة للدولة العثمانية وأقام بها حتى توفي سنة 1887 أما والده بدروس فولد في القطر المصري سنة 1848 وظل مقيماً فيه إلى أن توفي سنة 1916 وأما المدعي فقد ولد في مصر في شهر يونيو سنة 1887 وظل مقيماً بها حتى الآن دون أي انقطاع، ومن ذلك يتضح ثبوت الرعوية العثمانية لأسرة المدعي مما يستوجب اعتباره داخلاً في الجنسية المصرية بحكم القانون، غير أن مصلحة الجوازات والجنسية نازعته في ذلك واعتبرته بلا جنسية استناداً إلى أن جده كان داخلاً في الحماية الروسية وإلى أن المدعي كان مقيداً في كشوف الروس البيض عند سقوط الحكومة القيصرية في سنة 1917. إلا أنه لما كان الدخول في الحماية الروسية لا يعني اكتساب الجنسية الروسية كما أن إدراج اسم المدعي في كشوف الروس البيض لا يكسبه جنسية أجنبية لأن الروس البيض لم يكونوا إلا أفراداً حاولوا إنشاء دولة فباءوا بالفشل ولم تنشأ دولة بهذا الاسم حتى تكون لها جنسية قانونية يمكن الانتماء إليها، فضلاً أن مكتب الروس البيض قد ألغي وزال من الوجود منذ وقت طويل فمن ثم فإن المدعي وقد ثبتت له الرعوية العثمانية وثبت أنه أقام إقامة عادية بالأراضي المصرية، يعتبر داخلاً في الجنسية المصرية بحكم القانون. ومن ناحية أخرى فقد صدر القانون رقم 391 لسنة 1956 وعنى بحل مشكلة المتوطنين الذين أقاموا في البلاد قبل يناير سنة 1900 وفرض عليهم الجنسية المصرية فرضاً إذا لم يكونوا من رعايا دولة أجنبية، وقد أجمع الشراح على أن عديمي الجنسية ينتفعون من الأحكام المتقدمة، وعلى ذلك فإن المدعي يعتبر مصرياً بحكم القانون سواء وفقاً للأحكام الخاصة بالرعايا العثمانيين المنصوص عليها في القانون رقم 19 لسنة 1929 أو طبقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 إذا أخذ بما ذهب إليه المدعي من اعتباره عديم الجنسية.
وقد أجابت الحكومة على الدعوى بأن المدعي تقدم إليها في 28 من يوليه سنة 1951 طالباً منحه الجنسية المصرية وأثبت في طلبه أنه من أصل روسي أبيض، ثم استعجل المدعي البت في طلبه بطلب آخر قدمه في 8 من ديسمبر سنة 1956 أوضح فيه أنه يطلب التجنس بالجنسية المصرية، وفي 29 من يناير سنة 1962 قدم طلباً آخر لإعطائه شهادة بثبوت الجنسية المصرية، غير أنها لم تجبه إلى طلبه لأنه لا يعتبر مصرياً طبقاً لأحكام قوانين الجنسية المتعاقبة، ذلك لأنه لم يقدم ما يدل على رعويته العثمانية فلا تنطبق عليه الأحكام الخاصة بهذه الطائفة، وبفرض ثبوت هذه الرعوية له أو لأصوله فإنه يشترط إلى جانب ذلك ألا يكون الشخص قد اكتسب جنسية أجنبية. والمدعي وأصوله من أصل روسي ومقيدين في كشوف الروس البيض الأمر الذي ينفي عنه الرعوية العثمانية من ناحية ويؤكد جنسيته الأجنبية من ناحية أخرى وعلى ذلك فإن الدعوى تكون على غير أساس حقيقة بالرفض.
ومن حيث إنه بتاريخ 2 من مارس سنة 1965 قضت المحكمة برفض الدعوى وأقامت قضاءها على أن أحكام الجنسية الأصلية المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 تستلزم أن يكون الشخص من الرعايا العثمانيين وأن يكون قد أقام عادة في الأراضي المصرية في المدة من نوفمبر سنة 1914 حتى 10 من مارس سنة 1929، وقد عجز المدعي عن إثبات رعيته العثمانية وإقامته العادية في مصر، ذلك لأن شهادة البطريركية التي قدمها المدعي والتي تضمنت أن جده من مواليد بلدة عرابكير بتركيا، لا تتضمن بذاتها حجة قاطعة في إثبات رعوية المدعي العثمانية، لأن مجرد الميلاد بإحدى الدول التابعة للدولة العثمانية لا يصلح بمفرده قرينة باتة على اعتبار الشخص من الرعايا العثمانيين ويضاف إلى ذلك أن الشهادة المذكورة لم تعد لإثبات الرعوية العثمانية بعد التحقق منها ولم تحرر لهذا الغرض بواسطة موظف مختص، بل يجب أن تقوم أدلة قاطعة على ثبوت هذه الرعوية ويقع عبء تقديم هذه الأدلة على عاتق صاحب الشأن. وأما بالنسبة إلى واقعة الإقامة فإن الشهادة الصادرة من مكتب الروس البيض بوزارة الداخلية لا تنهض بمفردها دليلاً قاطعاً في إثبات هذا الركن ويتعين تعزيزها بمستندات أخرى يقع عبء تقديمها على المدعي، وإذ كان الشك لا يزال قائماً حول تمتع المدعي بالرعوية العثمانية وكذا حول ركن الإقامة، وكان مرجع تقدير الدليل في هذا أو ذاك لجهة الإدارة التي اقتنعت بعدم كفاية الأدلة المقدمة إليها اقتناعاً قائماً على أسباب تبرره دون تعنت أو هوى، فإن الدعوى بحالتها الراهنة تكون على غير أساس حقيقة بالرفض وإن كان هذا لا يحول دون إمكان استيفاء المدعي الدليل اللازم لذلك مستقبلاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ذلك لأنه أهدر كل قيمة للشهادتين الصادرتين من بطريركية الروم الأرثوذكس ومكتب الروس البيض بوزارة الداخلية وهما اللتين تضمنتا إثبات رعوية المدعي العثمانية وإقامته العادية في القطر المصري وعدم اتصافه بجنسية أجنبية، مع أن هاتين الشهادتين صادرتين من جهات رسمية وللبيانات الواردة فيهما حجية قاطعة فلا يجوز إطراحها، ويضاف إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن جهة الإدارة هي المرجع في تقدير الدليل المقدم إليها وأنها اقتنعت بعدم كفايته، غير أن الواقع يخالف ذلك فالإدارة لم تنازع المدعي في أنه كان مقيماً بالقطر المصري طوال المدة التي استلزمها القانون رقم 391 لسنة 1956 وإنما كان محل المنازعة مسألة أخرى وهي شرط عدم الانتماء إلى جنسية أجنبية، ولذلك فلم يكن يحق للمحكمة أن تتصدى لموضوع الإقامة وتنتهي إلى عدم كفاية الدليل المقدم إليها في شأنه بل كان عليها إذا ما رأت أن المستندات المثبتة لها غير كافية أن تنبه الخصوم إلى ذلك.. وبالرغم من أن شهادة مكتب الروس البيض كافية في نظر المدعي في إثبات ركن الإقامة بالقطر المصري فقد أرفق الطاعن بعريضة طعنه مستندات رسمية أخرى مثبتة لتلك الإقامة.
ومن حيث إنه يبين من مقتضى الأحكام المنظمة للجنسية المصرية الواردة في المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 والقانون رقم 160 لسنة 1950 والقانون رقم 391 لسنة 1956 والقانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة أن المصريين الأصلاء ينقسمون إلى طائفتين الأولى: رعايا الدولة العلية أو الرعايا العثمانيون، وهؤلاء يعتبرون مصريين إذا توافرت فيهم شروط معينة، وقد عرف المشرع أفراد هذه الطائفة في المادة 23 من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 والفقرة الثامنة من المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 بأنهم رعايا الدولة العثمانية قبل نفاذ معاهدة لوزان في 31 من أغسطس سنة 1924، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مجرد الميلاد في إحدى البلاد التابعة للدولة العثمانية لا يتضمن في ذاته حجة قاطعة في إثبات الرعوية العثمانية بل يجب أن تقدم أدلة كافية على ثبوت هذه الرعوية يقع عبء تقديمها على عاتق صاحب الشأن وأما الطائفة الثانية: فهم بصفة عامة أهل البلاد الأصليين سواء كانوا حقيقة من المصريين أو كانوا بلا جنسية ويكفي توطنهم في البلاد قبل أول يناير سنة 1848 ثم عدل المشرع هذا الحكم بالقانون رقم 291 لسنة 1956 المشار إليه، فنصت المادة الأولى فقرة أولاً منه على ما يأتي "المصريون هم/ أولاً: المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية..." وقد راعى المشرع في تقديره فترة التوطن المشار إليها أن في انقضاء ما يزيد على نصف قرن من تاريخ بدء التوطن حتى تاريخ العمل بالقانون الجديد، ما يعبر عن توثق صلة المتوطن بالبلاد ويفصح عن توافر الولاء لها والارتباط بها، وإذ كانت هذه العلة لا تتوافر إذا كان الشخص يدين بالولاء إلى دولة أجنبية فقد قرن المشرع شرط الإقامة بشرط آخر مؤداه ألا يكون الشخص من رعايا دولة أجنبية، وليس من شك في أن اجتماع الشرطين على النحو الذي أورده المشرع يفيد بالضرورة وجوب عدم الاتصاف بالجنسية الأجنبية طوال فترة التوطن، فلا يكفي أن يكون الشخص غير منتم إلى دولة أجنبية عند نفاذ القانون، وإنما يجب أن يتوافر هذا الشرط طوال فترة التوطن التي حددها القانون، والقول بغير ذلك يؤدي إلى نتائج غاية في الشذوذ، الأجنبي المتوطن في مصر منذ أول يناير سنة 1900 يحق له أن يكتسب الجنسية المصرية، وفقاً للتفسير الآخر، إذا ما أسقطت عنه جنسيته الأصلية لأي سبب من الأسباب في أي تاريخ سابق على نفاذ القانون ولو بيوم واحد، وهو أمر لا يمكن أن يكون المشرع قد قصد إليه وهو في صدد تحديد الشروط المتطلبة لتحديد المصريين الأصلاء، وهذا فضلاً عن أن الحكم المستحدث إنما صدر استجابة للنزعة القومية التي أملت تمصير الأسس التي تقوم عليها الجنسية المصرية، وبنائها على أساس التوطن، ولذلك فلا يجوز أن تفسر النصوص بتوسع يؤدي إلى إدخال طوائف من الأجانب في الجنسية المصرية لم يقصد المشرع بالنص المشار إليه إلى إدخالهم فيها، ويتضح من ذلك كله أنه يشترط للإفادة من الحكم المستحدث أن تثبت واقعة التوطن طوال المدة التي حددها القانون وألا يكون الشخص خلالها من رعايا دولة أجنبية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق المرفقة بملف الطعن أن المدعي تقدم إلى إدارة الجوازات والجنسية بتاريخ 28 من يوليه سنة 1951 طالباً منحه الجنسية وأثبت في الطلب أن أصله "روسي أبيض". وفي 29 من يناير سنة 1962 طلب إلى تلك الإدارة منحه شهادة بثبوت جنسيته المصرية على أساس أنه من الرعايا العثمانيين وأنه أقام في البلاد منذ ميلاده في 15 من نوفمبر سنة 1887 حتى الآن، وقدم إثباتاً لذلك شهادة من بطريركية الأرمن تفيد أن جده بوغوس جرابيدايان مولود في بلدة عرابكير من أعمال أرمينيا التابعة للدولة العثمانية، كما قدم عدة شهادات أخرى تفيد استمرار إقامته في البلاد منذ تاريخ ميلاده، ومرفق بملف جنسية المدعي وحافظة مستنداته شهادة صادرة من مكتب قيد الروسيين بوزارة الداخلية جاء فيها أن المدعي قيد ضمن الروس البيض منذ إنشاء المكتب في سنة 1926 وظل قيده يجدد سنوياً دون انقطاع وأنه لم ينتم إلى جنسية أجنبية.
ومن حيث إن رعايا الدولة الروسية القديمة الذين كانوا موجودين في مصر خلال الحرب العالمية الأولى وظلوا مقيمين فيها بعد انتهائها، أسقطت عنهم الجنسية الروسية بسقوط حكومة القياصرة وقيام النظام السوفيتي في سنة 1917 وقد أصدر مجلس الوزراء في شأنهم عدة قرارات، صدر تنفيذاً لأحكامها قرار وزير الداخلية المؤرخ 11 من مايو سنة 1926 وبموجبه أنشئت مكاتب خاصة في المحافظات وعواصم المديريات لقيد الروسيين البيض في سجلاتها، وفرض على كل شخص من أصل روسي ولم ينتم إلى جنسية أخرى أن يبلغ مكاتب التسجيل التي يقيم في دائرتها لتجري قيده، هو وسائر الأفراد المقيمين معه في معيشة واحدة، حتى يتسنى للوزارة منحهم تذاكر إقامة بالبلاد تجدد سنوياً نظير رسم حدده القرار، وتنفيذاً لهذه الأحكام قيد الطاعن في مكتب قيد الروسيين بوزارة الداخلية منذ إنشائه في سنة 1926 وظل قيده يجدد بعد ذلك كما أنه عُومِل على هذا الأساس منذ ذلك التاريخ فمنح إقامة بالبلاد باعتباره من الأجانب.
ومن حيث إنه وقد ثبت على النحو السالف بيانه أن الطاعن كان من رعايا دولة روسيا القديمة، وأنه كان داخلاً في جنسيتها حتى تاريخ إسقاطها عنه في سنة 1917 بسقوط حكومة القياصرة وقيام النظام السوفيتي فمن ثم فلا يقبل منه الادعاء بأنه من الرعايا العثمانيين في تأويل قوانين الجنسية المصرية، ولا يمكن الاطمئنان إزاء ذلك إلى ما جاء بالشهادة الصادرة من بطريركية الأرمن الكاثوليك من أن جده بوغوس جرابيديان قد ولد بإحدى بلاد الدولة العثمانية وأنه من الرعايا العثمانيين، وهذا فضلاً عن أنه طبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة لا تكفي تلك الشهادة بذاتها لإثبات الرعوية العثمانية ومن ثم فلا يستفيد الطاعن من الأحكام الوقتية الخاصة بالرعايا العثمانيين، ولا يعتبر مصرياً وفقاً لأحكامها، كما أنه يعتبر من ناحية أخرى وخلال فترة زمنية من رعايا الدول الأجنبية في تأويل نص المادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 المشار إليه ولذلك فلا يعتبر داخلاً في الجنسية المصرية وفقاً لأحكامها.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الحكم المطعون فيه أصاب الحق فيما انتهى من رفض دعوى المدعي، ومن ثم فإن الطعن المقدم منه يكون على غير أساس سليم من القانون تعينا قبوله ورفضه موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.