مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 209

(30)
جلسة 3 من ديسمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي وأحمد علي البحراوي والدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد - المستشارين.

القضية رقم 1557 لسنة 8 القضائية

( أ ) - دعوى "انتهاء الخصومة. تنازل المطعون ضده عن الحكم المطعون فيه" التنازل عن الحكم يستتبع بالضرورة النزول عن الحق الثابت به - أثره زوال الخصومة وقصر مهمة المحكمة على إثبات ذلك - من سلطة المحكمة وهي في مركز الموثق ألا تعتد بالإقرار العرفي بالتنازل إذا لم تطمئن إلى شخصية من وقعه وبالتالي أن تتصدى للفصل في أصل النزاع لتنزل عليه حكم القانون.
(ب) - عامل "عامل القناة. تعيين على درجة بالميزانية. تحديد أقدميته فيها" القواعد الواردة في المادة 6 من القانون رقم 173 لسنة 1961 في شأن تعيين عمال القناة على درجات بالميزانية تسري على من سبق تعيينهم من عمال القناة على درجات في الميزانية قبل صدور هذا القانون.
1 - لئن كان الإقرار بالتنازل عن الحكم الصادر ممن يملكه يستتبع بالضرورة النزول عن الحق الثابت بالتطبيق لنص المادة 312 من قانون المرافعات بحيث تزول الخصومة التي صدر فيها الحكم وتغدو مهمة المحكمة في هذه الحالة مقصورة على إثبات ذلك، إلا أنه إزاء خلو الأوراق من دليل تطمئن المحكمة معه إلى شخصية من واقع إقراري التنازل العرفيين عن الحكم المطعون فيه المقدمين من إدارة قضايا الحكومة على النحو السابق بيانه والمنسوبين إلى المدعي الذي تخلف عن الحضور في جميع مراحل الطعن على الرغم من إعلانه إعلاناً صحيحاً يكون للمحكمة وهي في مركز الموثق حسبما تطلب إليها إدارة قضايا الحكومة ألا تعتد بهذين الإقرارين العرفيين بإثبات التنازل وبانتهاء الخصومة وأن تمضي متصدية للفصل في أصل النزاع لكي تنزل عليه حكم القانون.
2 - في 6 من نوفمبر سنة 1961 صدر القانون رقم 173 لسنة 1961 في شأن تعيين عمال القناة على درجات بالميزانية وقضى في المادة الخامسة منه بأن يمنح عامل القناة عند وضعه في الدرجة المقررة لمؤهله أو لحرفته بداية ربطها أو أجره الحالي مضروباً في 25 يوماً أيهما أكبر ولو جاوز نهاية مربوط الدرجة وبأن يسري الحكم المتقدم على من سبق تعيينهم من عمال القناة قبل صدوره من تاريخ وضعهم على درجات في الميزانية دون صرف فروق مالية عن الماضي. ثم نظم في المادة السادسة منه القواعد الخاصة بتحديد أقدمية هؤلاء العمال فاعتبر أقدمية عامل القناة المؤهل في الدرجة المقررة لمؤهله وفقاً لأحكام هذا القانون من تاريخ تعيينه بوصفه من عمال القناة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب، أما عامل القناة غير المؤهل فتعتبر أقدميته في الدرجة المقررة له راجعة إلى تاريخ شغله الحرفة الخاصة بهذه الدرجة ويسري الحكم المتقدم على من سبق تعيينهم من عمال القناة على درجات في الميزانية قبل صدور هذا القانون كما أوجب حساب الأقدمية الاعتبارية المشار إليها في الدرجة دون زيادة المرتب عن الحدود المنصوص عليها في المادة الخامسة المتقدم ذكرها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1129 لسنة 8 القضائية ضد وزارة الأشغال ومصلحة المساحة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال في 5 من أغسطس سنة 1961 بعد أن صدر قرار لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة في 15 من مارس سنة 1961 بقبول طلب الإعفاء من الرسوم المقدم منه والمقيد بجدولها تحت رقم 673 لسنة 8 القضائية وطلب المدعي الحكم: "بتسوية حالته بمنحه أجراً يومياً قدره 200 مليم من تاريخ اختباره في 27 من نوفمبر سنة 1957 حتى 20 من يناير سنة 1960 تاريخ وضعه على درجة بالميزانية مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال شرحاً للدعوى أنه من عمال القناة وأنه التحق بخدمة الحكومة في 2 من نوفمبر سنة 1951 وأسندت إليه وظيفة قياس بمصلحة المساحة بأجر يومي قدره 140 مليماً نظراً لعدم وجود وظيفة فنية خالية وقتذاك وفي 26 من أكتوبر سنة 1957 قدم طلباً لنقله إلى وظيفة فنية فأجري له اختبار فني قدرت فيه كفايته بدرجة صانع دقيق وأسند إليه العمل الفني منذ ذلك التاريخ ثم في 20 من يناير سنة 1960 تقرر وضعه على الدرجة 200/ 360 مليماً بأجر يومي قدره 200 مليم مع أنه يستحق تسوية حالته في هذه الدرجة من تاريخ اختباره بالتطبيق لقواعد كادر عمال القناة وبجلسة 25 من يونيه سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية: "بأحقية المدعي في تسوية حالته بمنحه أجراً يومياً قدره 200 مليم في الدرجة 200/ 360 مليماً اعتباراً من 9 من ديسمبر سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية اعتباراً من التاريخ المذكور وإلزامه بمصروفات الدعوى". وأقامت قضاءها على أن المدعي ولئن تم اختباره في 9 من ديسمبر سنة 1957 وقام بعمل فني من ذلك التاريخ غير أنه لم تكن هناك درجات خالية بالميزانية مخصصة لمهنته ومن ثم فإن طلباته تكون غير مستندة إلى أساس من القانون إلا أنه نظراً إلى أنه بعد أن أقام دعواه صدر القانون رقم 173 لسنة 1961 قاضياً باعتبار أقدمية عامل القناة غير المؤهل في الدرجة المقررة له من تاريخ شغله الحرفة الخاصة بهذه الدرجة فإن من حق المدعي الإفادة من أحكام القانون المذكور طالما قد توفرت فيه شروطه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة الأولى من القانون رقم 173 لسنة 1961 قاطعة في أن نطاق هذا القانون إنما يشمل عمال القناة الذين تركوا خدمة السلطات البريطانية والتحقوا بخدمة الحكومة ولم يعينوا على درجات دائمة بالميزانية حتى تاريخ العمل بأحكامه أما أولئك الذين تم وضعهم على درجات بالميزانية قبل ذلك التاريخ كما هو الشأن في حالة المدعي فإن أحكام القانون سالف الذكر لا تنصرف إليهم إلا فيما نص عليه استثناء. وهذه النصوص الاستثنائية لا تؤدي إلى استحقاق المدعي أول مربوط الدرجة التي عين عليها في 20 من يناير سنة 1960 قبل ذلك التاريخ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى على خلاف ذلك قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إنه في 29 من فبراير سنة 1964 طلبت إدارة قضايا الحكومة إلى هيئة مفوضي الدولة تحديد جلسة لمناقشة الطعن الراهن ولتقديم إقرار من المطعون عليه بتنازله عن الحكم المطعون فيه ولكي يحضر المذكور ويقرر في الجلسة بهذا التنازل وفي الجلسة المنعقدة أمام السيد/ مفوض الدولة في 28 من ديسمبر سنة 1964 لم يحضر المدعي وحضر السيد/ محامي الحكومة وقدم حافظة مستندات بها إقرار موقع من المدعي في 7 من سبتمبر سنة 1963 بتنازله عن الحكم الصادر لصالحه تنازلاً نهائياً غير معلق على شرط أو قيد. ثم في جلسة 12 من نوفمبر سنة 1967 قدم السيد/ الحاضر عن الحكومة أمام هذه المحكمة إقراراً آخراً موقعاً من المدعي في 29 من أغسطس سنة 1963 ومختوماً بخاتم وزارة الري - مصلحة المساحة - بتنازل المذكور عن الحكم المطعون فيه وطلب الحكم باعتبار الخصومة منتهية مع قبوله الالتزام بالمصروفات.
ومن حيث إنه ولئن كان الإقرار بالتنازل عن الحكم الصادر ممن يملكه يستتبع بالضرورة النزول عن الحق الثابت به بالتطبيق لنص المادة 312 من قانون المرافعات بحيث تزول الخصومة التي صدر فيها الحكم وتغدو مهمة المحكمة في هذه الحالة مقصورة على إثبات ذلك، إلا أنه إزاء خلو الأوراق من دليل تطمئن المحكمة معه إلى شخصية من وقع إقراري التنازل العرفيين عن الحكم المطعون فيه المقدمين من إدارة قضايا الحكومة على النحو السابق بيانه والمنسوبين إلى المدعي الذي تخلف عن الحضور في جميع مراحل الطعن على الرغم من إعلانه إعلاناً صحيحاً يكون للمحكمة وهي في مركز الموثق حسبما تطلب إليها إدارة قضايا الحكومة ألا تعتد بهذين القرارين العرفيين بإثبات التنازل وبانتهاء الخصومة، وأن تمضي متصدية للفصل في أصل النزاع لكي تنزل عليه حكم القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق ولا خلاف عليه بين طرفي المنازعة أن المدعي من عمال القناة الذين تركوا الخدمة بالمعسكرات البريطانية عقب إلغاء معاهدة سنة 1936 وقيد بمكتب العمل في مهنة مساعد سائق ديزل ثم ألحق بخدمة الحكومة في 2 من نوفمبر سنة 1951 في مهنة مساعد سائق جرار ديزل بأجر يومي قدره 150 مليماً وأدى الامتحان اللازم لهذه المهنة في 14 من فبراير سنة 1952 ونظراً إلى عدم وجود المهنة المذكورة في مصلحة المساحة فقد وضع في وظيفة قياس بأجر يومي قدره 140 مليماً طبقاً لأحكام كادر عمال القناة، وفي 13 من أكتوبر سنة 1957 طلب نقله إلى ورش المصلحة سالفة الذكر للاشتغال بمهنة سائق ديزل فأجري له اختبار في 9 من ديسمبر سنة 1957 اتضحت فيه صلاحيته لشغل درجة عامل غير دقيق 200/ 360 مليماً إلا أنه نظراً إلى عدم وجود درجات خالية فقد ظل بحالته السابقة إلى أن وجدت الدرجة فتقرر وضعه عليها اعتباراً من 20 من يناير سنة 1960 ببداية مربوطها وقدره 200 مليم يومياً.
ومن حيث إنه في 6 من نوفمبر سنة 1961 صدر القانون رقم 173 لسنة 1961 في شأن تعيين عمال القناة على درجات بالميزانية وقضى في المادة الخامسة منه بأن يمنح عامل القناة عند وضعه في الدرجة المقررة لمؤهله أو لحرفته بداية ربطها أو أجره الحالي مضروباً في 25 يوماً أيهما أكبر ولو جاوز نهاية مربوط الدرجة وبأن يسري الحكم المتقدم على من سبق تعيينهم من عمال القناة قبل صدوره من تاريخ وضعهم على درجات في الميزانية دون صرف لفروق مالية عن الماضي. ثم نظم في المادة السادسة منه القواعد الخاصة بتحديد أقدمية هؤلاء العمال فاعتبر أقدمية عامل القناة المؤهل في الدرجة المقررة لمؤهله وفقاً لأحكام هذا القانون من تاريخ تعيينه بوصفه من عمال القناة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب، أما عامل القناة غير المؤهل فتعتبر أقدميته في الدرجة المقررة له راجعة إلى تاريخ شغله الحرفة الخاصة بهذه الدرجة ويسري الحكم المتقدم على من سبق تعيينهم من عمال القناة على درجات في الميزانية قبل صدور هذا القانون كما أوجب حساب الأقدمية الاعتبارية المشار إليها في الدرجة دون زيادة المرتب عن الحدود المنصوص عليها في المادة الخامسة المتقدم ذكرها.
ومن حيث إن المدعي طبقاً لما سلف بيانه هو من عمال القناة غير المؤهلين وقد صدر قرار بوضعه على درجة صانع غير دقيق 200/ 360 مليماً بأول مربوطها وقدرها 200 مليم يومياً اعتباراً من 20 من يناير سنة 1960 أي قبل 6 من نوفمبر سنة 1961 تاريخ صدور القانون رقم 173 لسنة 1961 ومن ثم فإنه وفقاً لأحكام هذا القانون ينحصر حقه في استحقاقه تسوية حالته بمنحه بداية ربط درجة صانع غير دقيق اعتباراً من 20 من يناير سنة 1960 وأن تعتبر أقدميته في هذه الدرجة راجعة فحسب إلى تاريخ شغله الحرفة الخاصة بها دون صرف أية فروق مالية عن الماضي.
ومن حيث إنه لم يثبت من الأوراق أن المدعي شغل حرفة سائق جرار ديزل التي اختير على أساسها في 9 من ديسمبر سنة 1957 واتضحت صلاحيته لها بدرجة صانع غير دقيق 200/ 360 مليماً ببداية قدرها 200 مليم يومياً في تاريخ سابق على تاريخ وضعه على هذه الدرجة المقررة للحرفة المذكورة طبقاً لقواعد كادر عمال القناة وهو 20 من يناير سنة 1960 ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتسوية حالة المدعي بمنحه أجراً يومياً قدره 200 مليم في الدرجة 200/ 360 مليماً اعتباراً من 9 ديسمبر سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية اعتباراً من التاريخ المذكور وذلك على خلاف النظر المتقدم يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.