أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 43

جلسة 16 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين - المستشارين.

(17)
القضية رقم 1100 سنة 25 القضائية

قطن. القانون رقم 5 لسنة 1926 بشأن مراقبة بذرة القطن. قصد الشارع منه. التعديل الذي أدخل عليه بمقتضى المرسوم بقانون رقم 152 لسنة 1947 والقرار الصادر في 22 من نوفمبر سنة 1947. لا يتناول المساس بالإجراءات التي أوجبت المادة الثانية من القانون المذكور اتخاذها قبل إجراء الحلج، فحص البذرة بمعرفة موظفي وزارة الزراعة. غير لازم.
الظاهر من العنوان المصدر به القانون رقم 5 لسنة 1926 بشأن مراقبة بذرة القطن إن الشارع قصد اتخاذ الاحتياطات لمراقبة بذرة التقاوي لدواع من المصلحة العامة حفظاً للمحصول الرئيسي للبلاد، والمرسوم بقانون رقم 152 لسنة 1947 بتعيين مناطق زراعة الأصناف المختلفة من القطن في سنة 1947/ 1948 الزراعية والقرار الصادر بتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1947 لم يتناول أيهما بالتعديل ما تناولته المادة الثانية من القانون رقم 5 لسنة 1926 مما يدل على أن التعديل وإن تناول بعض أحكام القانون المذكور لم يتناول المساس بالإجراءات التي أوجب القانون في المادة الثانية منه اتخاذها قبل إجراء الحلج، وليس في القانون ما يحتم أن يتم فحص القطن بمعرفة موظفي وزارة الزراعة قبل إجراء الحلج.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حلج أقطاناً مبينة الأنواع بالمحضر دون أن يستخرج منها بذرة التقاوي، وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و12 و13 من القانون رقم 121 لسنة 1949 و1 و2 من القانون رقم 152 لسنة 1947 والمادة 5 من القرار الصادر في 22 من نوفمبر سنة 1947، ومحكمة بندر المنصورة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام المذكورة بتغريم المتهم ثلاثين جنيهاً مع تغريمه خمسة وعشرين قرشاً عن كل أردب من البذرة. فاستأنف. ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه جاء مخالفاً للقانون، إذ دان الطاعن بأنه حلج أقطاناً حددت أصنافها ورتبها دون أن يستخرج منها بذرة التقاوي، ذلك أن المرسوم بقانون رقم 152 لسنة 1947 وقرار وزارة الزراعة الصادر بتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1947 المشار إليه في المادة الثانية عشرة منه المعدل للقانون رقم 5 لسنة 1926 بشأن مراقبة بذرة القطن - منع حلج الأقطان التي يمكن استخراج تقاوي صالحة منها حتى يفحص موظفو وزارة الزراعة المعينون لهذا الغرض بالمحالج - هذه الأقطان، مما مقتضاه أنه لا يتسنى مطلقاً إجراء الحلج إلا بعد إتمام المعاينة والفحص، فإذا اتضح - كما هو الحال في الدعوى - إن هذه الخطوة الأولية لم تتم، فلا يمكن القول بأن ما حصل حلجه من الأقطان يصلح لاستخراج بذرة تقاوي. يضاف إلى هذا أن الشارع جعل مناط العقاب بعقوبة الجنحة هو التصرف في البذرة والاتجار فيها، الأمر الذي لم يتعرض له الحكم، وعليه تكون التهمة المسندة إلى الطاعن غير معاقب عليها قانوناً.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن بأنه في يوم 7 من يناير سنة 1948 بالمنصورة حلج أقطاناً حددت أصنافها بالمحضر دون أن يستخرج منها بذرة التقاوي وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و12 و13 من القانون رقم 121 لسنة 1946 والمادتين 1 و2 من المرسوم بقانون رقم 152 لسنة 1947 والمادة الخامسة من قرار وزارة الزراعة الصادر في 22 من نوفمبر سنة 1947، ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 29 من مارس سنة 1954 بتغريم الطاعن ثلاثين جنيهاً مصرياً مع تغريمه 25 قرشاً عن كل أردب من البذرة بلا مصاريف. وأسست قضاءها بالإدانة على ما قالت به من حصول حلج مع علم الطاعن بقرار وزارة الزراعة المشار إليه قبلاً. فاستأنف المتهم الحكم وقضت محكمة ثاني درجة بتأييد الحكم المستأنف أخذاً بأسباب الحكم الابتدائي.
وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 5 لسنة 1946 بشأن مراقبة بذرة القطن المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 1946 والمرسوم بقانون رقم 152 لسنة 1947 نصت على ما يأتي: "أصحاب المحالج الحاصلون على التصريح المنصوص عليه في المادة الأولى ملزمون قبل الشروع في حلج أية كمية من القطن معدة لأن تستخرج منها بذرة التقاوي أن يرسلوا بذلك إخطاراً كتابياً إلى موظفي وزارة الزراعة المعينين لهذا الغرض ولا يجوز لهم أن يشرعوا في الحلج إلا بعد أن يفحص هؤلاء الموظفون الكمية المذكورة ويقرروا صلاحيتها لاستخراج بذرة التقاوي منها، ويجب حصول الفحص فوراً أو في مدى ثلاثة أيام على الأكثر من يوم تسليم الأقطان، فإذا لم يحصل الفحص في هذا الميعاد جاز حلج القطن وخزن بذرته إلى أن يفحص طبقاً لنص المادة التالية" وجاء في المادة التالية: "بعد الحلج يجب أن يفحص الموظفون المذكورون البذرة المستخرجة وذلك في مدى ثلاثين يوماً، ولوزير الزراعة بقرار منه أن يعدل هذا الميعاد" ولما كان الظاهر من العنوان المصدر به هذا القانون أن الشارع قصد اتخاذ الاحتياطيات الواقية لمراقبة بذرة التقاوي لدواع من المصلحة العامة حفظاً للمحصول الرئيسي للبلاد، وكان المرسوم بقانون رقم 152 لسنة 1947 بتعيين مناطق زراعة الأصناف المختلفة من القطن في سنة 1947 - 1948 الزراعية والقرار الصادر بتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1947 لم يتناول أيهما بالتعديل ما تناولته المادة الثانية من القانون رقم 5 لسنة 1926، فدل الشارع بذلك على أن التعديل وإن تناول بعض أحكام القانون المذكور لم تتناول المساس بالإجراءات التي أوجب القانون اتخاذها قبل إجراء الحلج في المادة الثانية، وليس في القانون ما يحتم أن يتم فحص القطن بمعرفة موظفي وزارة الزراعة قبل إجراء الحلج - لما كان ذلك، وكانت التهمة التي رفعت بها الدعوى وجرت عنها المحاكمة هي أن الطاعن حلج أقطاناً حددت أصنافها ورتبها بالمحضر دون أن يستخرج منها بذرة التقاوي، الأمر المنصوص عنه في الفقرة الثانية من المادة السادسة عشرة من المرسوم بقانون رقم 121 لسنة 1946 المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 152 لسنة 1947، وهي جريمة مخالفة معاقب عليها بالحبس مع الشغل مدة لا تزيد على أسبوع، وغرامة لا تزيد على مائة قرش، أو إحدى هاتين العقوبتين، وكانت الواقعة التي استظهرها الحكم لا تخرج عن ذلك الوصف، وكانت الدعوى الجنائية في مواد المخالفات تنقضي بمضي سنة وكانت المادة 17 من قانون الإجراءات قبل تعديلها قد أوجبت في فقرتها الأخيرة ألا تطول المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بسبب الانقطاع لأكثر من نصفها، وكانت الدعوى الحاضرة قد استنفدت أكثر من سنة ونصف من وقت وقوع الجريمة في 7 من يناير سنة 1948 إلى يوم 15 من أكتوبر سنة 1951 الذي استقر قضاء هذه المحكمة على أن يطبق فيه قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة لما هو أصلح من نصوصه. لما كان ذلك، فإنه يتعين على هذه المحكمة وهي بسبيل تصحيح الخطأ القانوني أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها عملاً بالمادة 425 من قانون الإجراءات الجنائية والحكم بانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة.