أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 50 - صـ 178

جلسة 14 من مارس سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الاكيابى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نائبي رئيس المحكمة ومحمد محمود إبراهيم وعادل السيد السعيد الكناني.

(40)
الطعن رقم 2821 لسنة 67 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب أن يبين حكم الإدانة مضمون الأدلة التي استند إليها وإلا كان قاصراً.
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". قتل عمد.
الإيجاز ضرب من حسن التعبير. ما دام لم يصل إلى حد القصور.
إحالة الحكم في بيان شهادة شاهد إلى أقوال غيره رغم اختلاف الواقعة التي شهد عليها كل منهما. يعيب الحكم.
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
مثال لتسبيب معيب للأخذ بأقوال شاهد وإحالة إلى أقوال آخر رغم اختلاف الواقعة التي شهد بها كل منهما.
1 - من المقرر إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يبين مضمون كل دليل يبين مضمون من أدلة الثبوت التي أقيم عليها ويذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به وسلامة مأخذه تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً.
2 - من المقرر أنه وإن كان الإيجاز ضرباً من حسن التعبير، إلا أنه لا يجوز أن يكون إلى حد القصور، فإذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الوقعة فلا بأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقول شاهد آخر تفادياً من التكرار الذي لا موجب له، أما إذا وجد خلاف في أقوال الشهود عن الواقعة الواحدة أو كان كل منهم قد شهد على واقعة غير التي شهد عليها غيره، فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة إيراد شهادة كل شاهد على حده. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن المقدم.... ذكر في تحقيقات النيابة أن تحرياته السرية بالاشتراك مع شاهدي الإثبات الرابع والخامس دلت على أن الطاعن الأول وحده هو الذي أطلق النار على المجني عليهما وأحدث ما بهما من إصابات، وكانت المحكمة قد اتخذت من أقوال ذلك الشاهد دليلاً على مقارفة الطاعنين لجناية الشروع في القتل المسندة إليهما دون أن تورد مؤدى شهادته - في خصوص تلك الواقعة - وأحالت في بيانها إلى مضمون ما شهد به المجني عليهما من أن الطاعن الأول هو محدث إصابة المجني عليه الأول وأن الطاعن الثاني هو محدث إصابة المجني عليه الثاني مع قيام الاختلاف بين وقائع كل شهادة، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق قصوره منطوياً على الخطأ في الإسناد بما يعيبه، ولا يغير من ذلك كله - أن يكون الحكم المطعون فيه قد عوَّل في الإدانة على أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم مستاندة يكمل بعضها البعض الآخر ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر قضي بانقضاء الدعوى الجنائية قبله لوفاته بأنهما: - 1 - شرعا في قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على ذلك وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين (بندقيتين آليتين) وتوجها إليه في المكان الذي أيقنا سلفاً تواجده فيه وما إن ظفرا به حتى أطلق عليه المتهم الأول عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج وقد اقترفت هذه الجناية بجناية أخرى هى أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر شرعا في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على ذلك وأعدا لهذا الغرض السلاحين الناريين سالفي الذكر وتوجهاً إليه في المكان الذي أيقنا سلفاً تواجده فيه وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم الثاني عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. 2 - أحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (بندقيتين آليتين) 3 - أحرز كل منهما ذخائر "عدة طلقات" مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفي الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما بحيازته أو إحرازه. وإحالتهما إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 1، 234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة الأسلحة والذخيرة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم الشروع في القتل وإحراز أسلحة نارية بدون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد. ذلك أنه استند من بين ما استند إليه في الإدانة إلى شهادة المجني عليهما والمقدم..... وأحال في بيان شهادة الأخير - في خصوص واقعة الشروع في القتل - إلى مضمون ما شهد به الأولان، مع خلاف جوهري بين الشهادتين على تلك الواقعة، إذ شهد المقدم.... بأن الطاعن الأول وحده هو الذي أطلق النار على المجني عليهما وأحدث ما بهما من إصابات بينما قرر المجني عليهما أن الطاعن الثاني هو الذي أطلق النار على المجني عليه الثاني وأحدث ما به من إصابات مما يجعل مضمون كل من الشهادتين مخالفاً لمضمون الأخرى، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت التي أقيم عليها ويذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به وسلامة مأخذه تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً، وأنه وإن كان الإيجاز ضرباً من حسن التعبير، إلا أنه لا يجوز أن يكون إلى حد القصور، فإذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد فيها خلاف بشأن تلك الوقعة فلا بأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقول شاهد آخر تفادياً من التكرار الذي لا موجب له، أما إذا وجد خلاف في أقوال الشهود عن الواقعة الواحدة أو كان كل منهم قد شهد على واقعة غير التي شهد عليها غيره، فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة إيراد شهادة كل شاهد على حده. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن المقدم.... ذكر في تحقيقات النيابة أن تحرياته السرية بالاشتراك مع شاهدي الإثبات الرابع والخامس دلت على أن الطاعن الأول وحده هو الذي أطلق النار على المجني عليهما وأحدث ما بهما من إصابات، وكانت المحكمة قد اتخذت من أقوال ذلك الشاهد دليلاً على مقارفة الطاعنين لجناية الشروع في القتل المسندة إليهما دون أن تورد مؤدى شهادته - في خصوص تلك الواقعة - وأحالت في بيانها إلى مضمون ما شهد به المجني عليهما من أن الطاعن الأول هو محدث إصابة المجني عليه الأول وأن الطاعن الثاني هو محدث إصابة المجني عليه الثاني مع قيام الاختلاف بين وقائع كل شهادة، فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق قصوره منطوياً على الخطأ في الإسناد بما يعيبه، ولا يغير من ذلك كله - أن يكون الحكم المطعون فيه قد عول في الإدانة على أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها البعض الآخر ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.