مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 321

(42)
جلسة 23 من ديسمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر - المستشارين.

القضية رقم 1066 لسنة 10 القضائية

( أ ) اختصاص القضاء الإداري. قرار إداري سلبي.
اختصاص القضاء الإداري بإلغاء القرارات الإدارية السلبية - سكوت الإدارة عن اتخاذ قرار لا يوجب القانون عليها اتخاذه بل يجعله متروكاً لمحض تقديرها - لا يعتبر قراراً إدارياً سلبياً منها يمكن الطعن فيه.
(ب) جمعيات خاصة. الاتحاد المصري لكرة القدم.
الاتحاد المصري لكرة القدم - هيئة خاصة - خضوعه لأحكام القانون رقم 384.
(جـ) جمعيات وهيئات خاصة. "القرارات الصادرة منها الطعن فيها" اختصاص.
القرارات الصادرة من الجمعيات العمومية والجمعيات والهيئات الخاصة أو مجالس إدارتها أو مديرها - وقف تنفيذها بقرار من الجهة الإدارية المختصة - المادة 35 من القانون رقم 384 لسنة 1956 الخاص بالجمعيات والمؤسسات الخاصة - ليس لهذه الجهة إلغاء هذه القرارات إذ الاختصاص بذلك معقود للمحاكم المدنية.
1 - أن اختصاص مجلس الدولة - بهيئة قضاء إداري - بنظر الطعون في القرارات الإدارية السلبية منوط بأن يكون من الواجب على الجهة الإدارية قانوناً اتخاذ القرار فإذا لم يكن ذلك واجباً وكان متروكاً لمحض تقديرها فإن سكون الجهة الإدارية عن اتخاذ مثل هذا القرار لا يشكل الامتناع المقصود من نص المادة الثامنة المشار إليها ولا يكون ثمة قرار إداري سلبي يمكن الطعن فيه.
2 - أن الاتحاد المصري لكرة القدم يعد من الهيئات الخاصة الخاضعة لأحكام القانون رقم 384 لسنة 1956.
3 - يبين من نص المادة (35) من القانون رقم 384 لسنة 1956 أن المشرع جعل وسيلة الطعن في القرارات الصادرة من الجمعية العمومية أو مجلس الإدارة أو مدير الجمعية هو رفع الدعوى أمام المحاكم المدنية واستثناء من ذلك أجيز للجهة الإدارية المختصة - في حالة الاستعجال فقط - وفق تنفيذ القرار لا إلغاؤه فليس ثمة ما يلزم الجهة الإدارية بوقف تنفيذ القرار في حالة الاستعجال وإنما الأمر في ذلك متروك لمحض تقديرها إن شاءت تدخلت وإن شاءت لم تتدخل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص - على ما يبين من أوراق الطعن - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1092 لسنة 15 القضائية ضد اتحاد الإقليم المصري لكرة القدم ووزارة الشئون الاجتماعية أمام محكمة القضاء الإداري طالباً بإلغاء القرار الصادر من الاتحاد فيما تضمنه من استبعاده من محيط الإدارة الخاصة بكرة القدم. وفي أثناء سير الخصومة عدل المدعي طلباته إلى طلب الحكم بإلغاء القرار الضمني الصادر من وزير الشئون الاجتماعية بعدم الاعتراض على القرار الصادر من الاتحاد المصري لكرة القدم فيما تضمنه من استبعاده من محيط الإدارة والتدريب مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد دفعت الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر طلب إلغائها وفيما يتعلق بالموضوع قررت بأن القرار المطعون فيه قد تم سحبه.
وبجلسة 17 من مارس سنة 1964 قضت محكمة القضاء الإداري باعتبار الخصومة منتهية وبإلزام الحكومة بالمصروفات وأقامت قضاءها على التفرقة بين الطعون الموجهة إلى قرارات الاتحاد وبين تلك الموجهة إلى قرارات الوزارة السلبية بعدم الاعتراض على تلك القرارات واختصاص القضاء الإداري بنظر الطعون في القرارات الثانية دون الأولى طبقاً للمادة 8 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 وأنه متى كان القرار المطعون فيه قد سحب فإنه يتعين الحكم باعتبار الخصومة منتهية مع إلزام الوزارة بالمصروفات لأن السحب كان بعد رفع الدعوى، ومبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن الاتحاد المصري لكرة القدم هو من الجمعيات الخاصة الخاضعة لأحكام القانون رقم 384 لسنة 1956 الخاص بالجمعيات والمؤسسات الخاصة وهذا الاتحاد هو صاحب الاختصاص الأصيل في شئون لعبة كرة القدم أما وزارة الشئون الاجتماعية فسلطتها قاصرة على الإشراف والرقابة ولم يمنح المشرع الوزارة سلطة إلغاء قرارات مجلس إدارة الجمعية أو جمعيتها العمومية أو مديرها وكل ما أجازته المادة 35 من القانون المشار إليه أن للجهة الإدارية المختصة في حالة الاستعجال وقف العمل بأي قرار من الجمعية العمومية أو مجلس إدارتها أو مديرها يكون مخالفاً للقانون أو النظام العام أو الآداب - وتقول الحكومة أن الواضح من هذا النص أنه لا يلزم الوزير باستعمال هذه السلطة لكنه ترك الأمر له يترخص في استعمال هذه السلطة حسبما يتراءى له إن شاء تدخل وقرر وقف تنفيذ القرار وإن شاء لم يتدخل وأنه لما كان مناط قبول الدعوى أمام القضاء الإداري وهو وجود قرار إداري يطلب صاحب المصلحة إلغاءه. وأنه لما كان لا يوجد قرار صادر من وزارة الشئون الاجتماعية فإن الدعوى ضد هذه الوزارة تكون غير مقبولة. وأنه لا حجة في القول بأن ثمة قرار سلبي صادر من وزارة الشئون الاجتماعية يصلح لأن يكون محلاً لدعوى الإلغاء إذ متى كان لوزارة الشئون الاجتماعية سلطة تقدير التدخل لوقف تنفيذ قرار الجمعية الخاصة أو عدم التدخل لا يمكن أن يكون قراراً إدارياً سلبياً في مفهوم الفقرة الأخيرة من المادة 8 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إن الفقرة الأخيرة من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة تنص على أن يعتبر في حكم القرارات الإدارية - مما يجوز الطعن فيها أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقاً للقوانين أو اللوائح.
ومفاد هذا النص أن اختصاص مجلس الدولة - بهيئة قضاء إداري - ينظر الطعون في القرارات الإدارية السلبية منوط بأن يكون من الواجب على الجهة الإدارية قانوناً اتخاذ القرار فإذا لم يكن ذلك واجباً وكان متروكاً لمحض تقديرها فإن سكوت الجهة الإدارية عن اتخاذ مثل هذا القرار لا يشكل الامتناع المقصود من نص المادة الثامنة المشار إليها ولا يكون ثمة قرار إداري سلبي يمكن الطعن فيه.
ومن حيث إن الاتحاد المصري لكرة القدم يعد من الهيئات الخاصة الخاضعة لأحكام القانون رقم 384 لسنة 1956 الذي تنص المادة 34 منه على أنه "كل قرار من الجمعية العمومية أو مجلس الإدارة أو المدير يصدر مخالفاً للقانون أو لنظام الجمعية يجوز إبطاله بحكم من المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها مركز الجمعية ويشترط أن ترفع دعوى البطلان من أحد الأعضاء أو شخص آخر ذي مصلحة أو من النيابة العامة خلال ستة أشهر من تاريخ صدور القرار...".
ونصت المادة 35 على أن للجهة الإدارية المختصة في حالة الاستعجال وقف العمل بأي قرار من مجلس إدارة الجمعية أو من جمعيتها أو من مديرها إذا رأت أنه مخالف للقانون أو للنظام العام أو الآداب. ويعتبر قرار الوقف كأن لم يكن إذا لم ترفع دعوى البطلان خلال الثلاثين يوماً التالية لصدور القرار ممن تقدم ذكرهم في المادة السابقة أو من الجهة الإدارية التي أصدرت قرار الوقف".
ويبين من نص المادة (37) من القانون 384 لسنة 1956 أن المشرع جعل وسيلة الطعن في القرارات الصادرة من الجمعية العمومية أو مجلس الإدارة أو مدير الجمعية هو رفع الدعوى أمام المحاكم المدنية واستثناء من ذلك أجيز للجهة الإدارية المختصة - في حالة الاستعجال فقط - وقف تنفيذ القرار لا إلغاءه فليس ثمة ما يلزم الجهة الإدارية بوقف تنفيذ القرار في حالة الاستعجال وإنما الأمر في ذلك متروك لمحض تقديرها إن شاءت تدخلت وإن شاءت لم تتدخل بل إن الأمر في الدعوى الراهنة مما يمتنع معه تدخل الجهة الإدارية بوقف تنفيذ القرار لانتفاء الاستعجال المبرر لوقف التنفيذ. وعلى ذلك فإن امتناع الإدارة عن التدخل بوقف القرار - بفرض أن طلب المدعي كان متعلقاً بوقف التنفيذ - لا يعد من قبيل القرارات الإدارية السلبية التي يختص القضاء الإداري بإلغائها وفقاً لحكم المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة ومن جهة أخرى فإنه لا سبيل قانوناً إلى حمل الإدارة - عن طريق القضاء - على القيام بأمر يدخل تنفيذه في سلطتها التقديرية إذ يعد ذلك في صميم اختصاص الجهة الإدارية وينبني عليه عدم قبول الدعوى لعدم تعلقها بقرار إداري.
ومن حيث إنه متى كان الواقع أن المدعي إنما يهدف بدعواه إلى إلغاء امتناع الجهة الإدارية عن إلغاء القرار الصادر من الاتحاد المصري لكرة القدم بينما هي لا تملك هذا الإلغاء قانوناً، إذ الإلغاء معقود كما سلف البيان لجهة القضاء العادي - فإن ذلك مما يجعل الدعوى غير ذات موضوع.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.