مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 354

(47)
جلسة 30 من ديسمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي - المستشارين.

القضية رقم 288 لسنة 11 القضائية

( أ ) عمد ومشايخ. "تأديبهم" اختصاص القضاء الإداري.
القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ - القرارات الصادرة من لجان العمد والمشايخ بتوقيع عقوبات تأديبية - ليست نهائية - سلطة وزير الداخلية بالنسبة إليها لا تقف عند التصديق عليها بل له تعديلها وإلغاؤها - الطعن في قرار الوزير في هذا الخصوص - اختصاص محكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية به وفقاً لقواعد توزيع الاختصاص الواردة في قانون مجلس الدولة.
(ب) اختصاص. "توزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية - اختصاص المحاكم الإدارية" عمد ومشايخ.
الدعوى التي تستهدف إلغاء قرار وزير الداخلية باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ بتوقيع جزاء على العمدة أو الشيخ - ينعقد الاختصاص بنظرها للمحاكم الإدارية - أساس ذلك.
1 - مفاد نصوص المادتين 29 و32 من القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ أنه وإن كان للجنة العمد والمشايخ اختصاص تأديبي بالنسبة إلى العمد والمشايخ إلا أن القرارات الصادرة منها بعقوبات تأديبية ليست قرارات نهائية وإنما هي قرارات تخضع لتصديق وزير الداخلية الذي يملك اعتمادها أو إلغاءها أو تخفيض العقوبة إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشرة جنيهات، وإذ كانت سلطة وزير الداخلية في شأن تلك القرارات لا تقف عند حد التصديق أو عدم التصديق وإنما تشتمل على حق الإلغاء أو التعديل، بمعنى أن الوزير يستأنف النظر في عمل اللجنة ويصدر قراراً جديداً يعتبر هو المنشئ للمركز القانوني فمن ثم يعدو القرار الصادر من لجنة العمد والمشايخ أن يكون قراراً تحضيرياً للقرار النهائي الذي يصدره وزير الداخلية، وبهذه المثابة لا تعتبر القرارات الصادرة من لجنة العمد والمشايخ من قبيل القرارات الصادرة من مجالس التأديب التي تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في طلب إلغائها، وإنما ينصب الطعن على القرار النهائي الصادر من وزير الداخلية باعتباره سلطة تأديبية تختص محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية بالنظر في طلب إلغائه طبقاً لقواعد توزيع الاختصاص التي حددتها المادتان 8، 13 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجس الدولة.
2 - أن المدعي وقد أقام الدعوى مستهدفاً إلغاء القرار الصادر من وزير الداخلية بتاريخ..... من سنة...... باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ فمن ثم ينعقد الاختصاص بنظر الدعوى للمحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل لأن وظائف العمد والمشايخ ليست من الوظائف الداخلة في الهيئة من الفئة العالية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 2 من يناير سنة 1963 أقام المدعي الدعوى رقم 106 لسنة 10 القضائية لدى المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من لجنة الشياخات بمحافظة الغربية بتاريخ 19 من نوفمبر سنة 1962 بتغريمه عشرين جنيهاً للتهم التي نسبت إليه في الدعوى التأديبية رقم 31 لسنة 1962 والمصدق عليه من وزير الداخلية في 18 من ديسمبر سنة 1962.
وقد دفعت الوزارة المدعى عليها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى على أساس أن القرار المطعون فيه صادر من مجلس تأديب فتختص المحكمة الإدارية العليا وحدها بالنظر في الطعون المقدمة فيه، وأما بالنسبة إلى الموضوع فطلبت رفض الدعوى.
وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1964 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا، وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر من لجنة العمد والمشايخ منعقدة بهيئة مجلس تأديب طبقاً لأحكام المواد 29، 31، 32 من القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ، وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن الطعن في قرارات مجالس التأديب إنما يكون أمامها مباشرة شأنها في ذلك شأن الطعون في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية لاتحاد طبيعة القرارات التي تصدر من الجهتين، وعلى ذلك تكون المحكمة الإدارية غير مختصة بنظر الدعوى ويتعين إحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا المختصة بنظر الدعوى طبقاً لأحكام المادة 135 من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1961 الذي جاء في مذكرته الإيضاحية أن الإحالة واجبة سواء كانت المحكمة المحال إليها الدعوى من طبقة المحكمة التي قضت بها أو من طبقة أعلى أو أدنى منها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه من وجهين: أولهما - أن القرارات الصادرة من لجنة العمد والمشايخ في شأن تأديب هذه الطائفة من الموظفين تختلف في طبيعتها عن القرارات الصادرة من مجالس التأديب فالأولى قرارات غير نهائية تخضع لاعتماد وزير الداخلية الذي يملك حق إلغاء العقوبة أو حفظها إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشرة جنيهات، كما يحق له استئناف أي قرار تأديبي أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 المشار إليها، ومن ثم يكون لوزير الداخلية سلطة التعقيب على قرارات لجنة العمد والمشايخ في حين أن القرارات التي تصدر من مجالس التأديب هي قرارات نهائية لا تخضع لتصديق سلطة أعلى، ولذلك فلا يعتبر القرار الصادر من وزير الداخلية باعتماد قرار صادر من لجنة الشياخات بمثابة القرار الصادر من مجلس التأديب، ولا تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في طلب إلغائه، وإنما ينعقد الاختصاص للمحكمة الإدارية، أو الوجه الثاني للطعن - فقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ أمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا ذلك لأن الإحالة لا تكون إلا بين محكمتين من درجة واحدة كما استقر على ذلك قضاء المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الأول من الطعن فإنه يبين من الرجوع إلى القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ أن المادة 29 منه تنص على ما يأتي: "إذا فقد العمدة أو الشيخ شرطاً من الشروط المنصوص عليها في القانون، أو تبين أنه كان فاقداً لإحداها أو أصبح ظاهر العجز في أداء واجباته، أو قرر قومسيون طبي المديرية عدم لياقته، أصدر المدير قراراً بإحالته إلى لجنة العمد والمشايخ للنظر في فصله، وإذا قصر العمدة أو الشيخ أو أهمل في القيام بواجباته أو أتى أمراً يخل بكرامته، جاز للمدير بعد سماع أقواله أن يوقع عليه جزاء بالإنذار أو بغرامة لا تتجاوز جنيهين، وللمدير أن يحيل العمدة أو الشيخ إلى لجنة العمد والمشايخ إذا رأى أن ما وقع من أيهما يستوجب جزاء أشد، وللجنة أن توقع جزاء بالإنذار أو بغرامة لا تجاوز خمسين جنيهاً أو بالفصل من العمودية أو الشياخة. ويجوز الجمع بين الفصل والغرامة ولكن لا يجوز بأية حال أن يزيد مجموع الغرامات عن الحد الأقصى مهما تعددت التهم المنسوبة إليه، وتحصل الغرامة بالطرق الإدارية". وتنص المادة 32 على أن "جميع القرارات التي تصدرها لجنة العمد والمشايخ يجب إبلاغها إلى وزير الداخلية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها للنظر في اعتمادها وللوزير بالنسبة للقرارات التأديبية حق إلغاء العقوبة أو خفضها إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشرة جنيهات وله في جميع الأحوال حق استئناف أي قرار تأديبي أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة 31 بشرط أن يتم ذلك في ظرف ستين يوماً من تاريخ صدور ذلك القرار وإلا اعتبر نهائياً.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أنه وإن كان للجنة العمد والمشايخ اختصاص تأديبي بالنسبة إلى العمد والمشايخ إلا أن القرارات الصادرة منها بعقوبات تأديبية ليست قرارات نهائية وإنما هي قرارات تخضع لتصديق وزير الداخلية الذي يملك اعتمادها أو إلغاءها أو تخفيض العقوبة إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشرة جنيهات وإذ كانت سلطة وزير الداخلية في شأن تلك القرارات لا تقف عند حد التصديق أو عدم التصديق وإنما تشتمل على حق الإلغاء أو التعديل، بمعنى أن الوزير يستأنف النظر في عمل اللجنة ويصدر قراراً جديداً يعتبر هو المنشئ للمركز القانوني، فمن ثم فلا يعدو القرار الصادر من لجنة العمد والمشايخ أن يكون قراراً تحضيرياً للقرار النهائي الذي يصدره وزير الداخلية، وبهذه المثابة لا تعتبر القرارات الصادرة من لجنة العمد والمشايخ من قبيل القرارات الصادرة من مجالس التأديب التي تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في طلب إلغائها، وإنما ينصب الطعن على القرار النهائي الصادر من وزير الداخلية باعتباره سلطة تأديبية تختص محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية بالنظر في طلب إلغائه طبقاً لقواعد توزيع الاختصاص التي حددتها المادتان 8، 13 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث إنه لما كان المدعي قد أقام الدعوى مستهدفاً إلغاء القرار الصادر من وزير الداخلية بتاريخ 18 من 12 سنة 1962 باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ الصادر في 19 من نوفمبر سنة 1962 فمن ثم ينعقد الاختصاص بنظر الدعوى للمحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل لأن وظائف العمد والمشايخ ليست من الوظائف الداخلة في الهيئة من الفئة العالية وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه متعيناً إلغاؤه وإعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية المشار إليها للفصل فيها دون ما حاجة إلى التعرض إلى الوجه الثاني من الطعن المتعلق بمدى جواز إحالة الدعوى من المحكمة الإدارية إلى المحكمة الإدارية العليا.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية بنظر الدعوى وبإحالتها إليها للفصل فيها.


بمثل هذا المبدأ حكمت المحكمة في ذات الجلسة في القضايا رقم 687 لسنة 11 ق و769 لسنة 11 ق و833 لسنة 11 ق.