مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 359

(48)
جلسة 30 من ديسمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد وعباس فهمي محمد بدر - المستشارين.

القضية رقم 576 لسنة 11 القضائية

( أ ) عقد إداري. "تعريفه".
تعريف العقد الإداري وبيان مقوماته.
(ب) عقد إداري. "شروط استثنائية" اختصاص القضاء الإداري.
الالتزام بخدمة المرفق العام مدة معينة لقاء تحمله نفقات التعليم والإيواء - يعد في ذاته من الشروط الاستثنائية - اعتبار مثل هذا العقد عقد إدارياً - اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات المتعلقة به.
1 - أن العقد الإداري هو العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره وأن تظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وذلك بتضمين العقد شرطاً أو شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص.
2 - يبين من الاطلاع على العقد المبرم بين الهيئة المدعية والمدعى عليها - وهو العقد محل النزاع - أنه قصد به تسيير مرفق عام هو مرفق العلاج فهو عقد تقديم خدمات لمرفق عام إذ تلتزم بموجبه المدعى عليها لقاء تحمل الهيئة بنفقات تعليمها وإيوائها أن تلتحق بخدمة مستشفاها لمدة الخمس السنوات التالية لإتمام دراستها. وهذا الشرط في حد ذاته يعد من الشروط الاستثنائية الغير المألوفة في عقود القانون الخاص وبالتالي فإن العقد يكون قد اتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية من حيث اتصاله بمرفق عام وأخذه بأسلوب القانون العام فيما تضمن من شروط استثنائية وبهذه المثابة تدخل المنازعة المتعلقة به في دائرة اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص - على ما يبين من أوراق الطعن - في أن الهيئة الطاعنة [(1)] أقامت الدعوى رقم 1281 لسنة 16 القضائية ضد المطعون عليهما طالباً الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا لها بصفة متضامنين مبلغ 113 جنيهاً و400 مليم والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد ومصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت - في شرح دعواها - أنه بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1951 أعلنت الهيئة العامة للسكك الحديدية عن حاجتها لعشر فتيات لإلحاقهن بمدرسة الحكيمات والمربيات التابعة لمبرة محمد علي بمصر القديمة لتعليمهن فن التمريض في مقابل أن يتعهدن بعد التخرج بالعمل بمستشفى السكة الحديد لمدة لا تقل عن خمس سنوات فتقدمت المدعى عليها الأولى للالتحاق بهذه المدرسة ووقعت بتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1951 تعهداً تلتزم فيه بخدمة مستشفى السكة الحديد لمدة خمس سنوات بعد تخرجها وقد ضمن المدعى عليه الثاني المدعى عليها بطريق التضامن في تنفيذ هذا الالتزام وتنفيذاً لهذا التعهد التحقت المدعى عليها الأولى بالمدرسة اعتباراً من 2 من يناير سنة 1952 وظلت بها إلى أن انقطعت عن الدراسة في 26 من فبراير سنة 1955 بدون عذر مقبول ولما كانت الهيئة المدعية تقوم بدفع ثلاثة جنيهات شهرياً للمدرسة مقابل التعليم والغذاء والكساء والمبيت وكانت المدعى عليها قد مكثت بالمدرسة ثلاث سنوات وشهر وأربعة وعشرون يوماً فإن المبلغ الذي تحملته الهيئة يبلغ 113 جنيهاً و400 مليم ويحق لها مطالبة المدعى عليها متضامنين بدفعه وفوائده القانونية لإخلالهما بالتعهد المأخوذ عليهما.
وبالرجوع إلى التعهد الذي وقعه المدعى عليهما تبين أنه ورد به أن المدعى عليها تتعهد بأن تلتحق بخدمة مستشفى مصلحة السكة الحديد بعد تخرجها من المدرسة لمدة لا تقل عن خمس سنوات. ويلي هذه العبارة توقيع المدعى عليها ووالدها المدعى عليه الثاني.
وأقامت المحكمة قضاءها بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى على أنه يبين من صورة التعهد أنه خلا من أي نص يمكن أن يقال عنه أنه نص استثنائي غير مألوف في القانون الخاص وأنه إزاء تخلف الشروط الاستثنائية غير المألوفة في القانون الخاص ومن ثم يخرج من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وأنه لما كان الاختصاص بين جهات القضاء المختلفة من النظام العام فإنه يتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يدفع أمامها بذلك.
ووجهة الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون إذ اعتبر العقد من عقود القانون الخاص إذ العقد المشار إليه عقد إداري لأن أحد طرفيه من أشخاص القانون العام وهو يهدف إلى إشباع حاجة عامة هي المساهمة في إدارة مرفق العلاج بمستشفى الهيئة العامة للسكك الحديدية وقد تضمن العقد شروطاً استثنائية تؤكد أن الإدارة أظهرت نيتها في إخضاع تلك العلاقة للقانون العام وبالتالي فإن مجلس الدولة يختص بنظر الدعوى.
ومن حيث إنه من المسلم به أن العقد الإداري هو العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره وأن تظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وذلك يتضمن العقد شرطاً أو شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على العقد المبرم بين الهيئة المدعية والمدعى عليها - وهو العقد محل النزاع - أنه قصد به تسيير مرفق عام هو مرفق العلاج فهو عقد تقديم خدمات لمرفق عام إذ تلتزم بموجبه المدعى عليها لقاء تحمل الهيئة بنفقات تعليمها وإيوائها أن تلتحق بخدمة مستشفاها لمدة الخمس السنوات التالية لإتمام دراستها. وهذا الشرط في حد ذاته يعد من الشروط الاستثنائية الغير المألوفة في عقود القانون الخاص وبالتالي فإن العقد يكون قد اتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية من حيث اتصاله بمرفق عام وأخذه بأسلوب القانون العام فيما تضمن من شروط استثنائية وبهذه المثابة تدخل المنازعة المتعلقة به في دائرة اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون مما يتعين معه إلغاؤه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري، للفصل فيها.


[(1)] الهيئة العاملة لشئون السكك الحديدية.