مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 363

(49)
جلسة 30 من ديسمبر سنة 1967

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ويوسف إبراهيم الشناوي - المستشارين.

القضية رقم 832 لسنة 11 القضائية

(1) عمد ومشايخ.
تأديب العمد والمشايخ - الاختصاص به - لجنة العمد والمشايخ واللجنة الاستئنافية المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 بشأن العمد والمشايخ - اختلاف القرارات الصادرة من كل منهما عن الأخرى في طبيعتها وآثارها - سلطة وزير الداخلية بالنسبة إلى قرارات لجنة العمد والمشايخ - قرار الوزير بالتصديق على قرار اللجنة هو القرار التأديبي المنشئ للمركز القانوني.
(2) اختصاص القضاء الإداري. "المحكمة الإدارية العليا". عمد ومشايخ. القرارات التأديبية الصادرة من اللجنة الاستثنائية المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 106 بشأن العمد والمشايخ - طبيعتها - الطعن فيها - اختصاص المحكمة الإدارية العليا به - المادة 32 من قانون النيابة الإدارية.
1 - أنه وإن كان للجنة العمد والمشايخ وللجنة الاستئناف المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ اختصاص تأديبي بالنسبة إلى العمد والمشايخ غير أن القرارات الصادرة من كل من اللجنتين تختلف عن الأخرى من حيث الطبيعة ومن حيث الآثار القانونية المترتبة على كل منهما، فبينما القرارات الصادرة من لجنة العمد والمشايخ بعقوبات تأديبية ليست قرارات نهائية وإنما هي تخضع لتصديق وزير الداخلية الذي يملك اعتمادها أو إلغاءها أو تخفيض العقوبة إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشرة جنيهات، أي سلطة الوزير في شأن تلك القرارات لا تقف عند حد التصديق أو عدم التصديق وإنما تشتمل على حق الإلغاء والتصديق، بمعنى أن الوزير يستأنف النظر في عمل اللجنة ويصدر قراراً جديداً يعتبر المنشئ للمركز القانوني، بهذه المثابة يكون القرار المشار إليه صادراً من سلطة تأديبية وليس من مجلس تأديب.
2 - أن القرارات الصادرة من اللجنة الاستئنافية المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 المشار إليه هي قرارات نهائية لم يخضعها القانون لتصديق وزير الداخلية، ولم يجعل له من سبيل عليها، وبهذه المثابة تعتبر من قبيل القرارات الصادرة من مجالس التأديب، التي جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنها أشبه ما تكون بالأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية فلا يجوز الطعن فيها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا عملاً بنص المادة 32 من قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 4 من يونيه سنة 1963 أقام المدعي الدعوى رقم 297 لسنة 10 القضائية ضد وزارة الداخلية لدى المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر في 22 من أبريل سنة 1963 بفصله من وظيفة شيخ بلدة رشدي التابعة لمركز أهناسيا وقال شرحاً لدعواه أنه أحيل إلى لجنة العمد والمشايخ للنظر في الاتهامات التي نسبت إليه في القضية التأديبية رقم 135 لسنة 1961 وتتحصل في تأخره في التبليغ عن حادث قتل محمد حسن محمد عبد الله وفي اشتراكه في إخفاء معالم الجريمة تستراً على المتهم لوجود صلة قرابة بينهما، وبجلسة 20 من ديسمبر سنة 1961 قررت لجنة العمد والمشايخ مجازاته بغرامة قدرها عشرون جنيهاً مع رفع الإيقاف عنه، فاستأنفت الوزارة القرار أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 فقررت هذه اللجنة فصله، وأعلن بالقرار في 23 من مايو سنة 1963، ولما كان القرار مخالفاً للقانون لأن التحقيقات قد انتهت إلى عدم مسئوليته عن تلك التهم فقد أقام الدعوى بطلب إلغائه.
وقد دفعت إدارة قضايا الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن القرار المطعون فيه صادر من مجلس تأديب فتختص المحكمة الإدارية العليا وحدها بالنظر في طلب إلغائه، وأما بالنسبة للموضوع فذكرت أن اللجنة الاستئنافية انتهت إلى إدانة المتهم وبنت قرارها على أسباب مستخلصة استخلاصاً سائغاً من التحقيقات التي تناولت موضوع تلك التهمة ومن ثم فإن الدعوى تكون على غير أساس.
وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1964 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا، وأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه صدر من لجنة العمد والمشايخ منعقدة بهيئة مجلس تأديب طبقاً لأحكام المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن الطعن في قرارات مجالس التأديب إنما يكون أمامها مباشرة شأنها في ذلك شأن الطعون في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية لاتحاد طبيعة القرارات التي تصدر من الجهتين، وعلى ذلك تكون المحكمة الإدارية غير مختصة بنظر الدعوى ويتعين إحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا المختصة بنظر الدعوى طبقاً لأحكام المادة 135 من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 الذي جاء في مذكرته الإيضاحية أن الإحالة واجبة سواء كانت المحكمة المحال إليها الدعوى من طبقة المحكمة التي قضت بها أو من طبقة أعلى أو أدنى منها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه من وجهين، أولهما: أن القرارات الصادرة من لجنة العمد والمشايخ في شأن تأديب هذه الطائفة من الموظفين تختلف في طبيعتها عن القرارات الصادرة من مجالس التأديب فالأولى قرارات غير نهائية تخضع لاعتماد وزير الداخلية الذي يملك حق إلغاء العقوبة أو خفضها إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة لا تتجاوز عشرة جنيهات، كما يحق له استئناف أي قرار تأديبي أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 المشار إليه، ومن ثم يكون لوزير الداخلية سلطة التعقيب على قرارات لجنة العمد والمشايخ، في حين أن القرارات التي تصدر من مجالس التأديب هي قرارات نهائية لا تخضع لتصديق سلطة أعلى ولذلك فلا يعتبر القرار الصادر من وزير الداخلية باعتماد قرار صادر من لجنة الشياخات بمثابة القرار الصادر من مجلس التأديب، ولا تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في طلب إلغائه، وإنما ينعقد الاختصاص بذلك للمحكمة الإدارية، أما الوجه الثاني للطعن: فقد أخطا الحكم المطعون فيه إذ أمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وذلك لأن الإحالة لا تجوز إلا بين محكمتين من درجة واحدة كما استقر على ذلك قضاء المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الأول من الطعن فإنه يبين من الرجوع إلى القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ أن المادة 29 منه تنص على ما يأتي "إذا فقد العمدة أو الشيخ شرطاً من الشروط المنصوص عليها في القانون، أو تبين أنه كان فاقداً لأحدهما، أو أصبح ظاهر العجز في أداء واجباته، أو قرر قومسيون طبي المديرية عدم لياقته، أصدر المدير قراراً بإحالته إلى لجنة العمد والمشايخ للنظر في فصله، وإذا قصر العمدة أو الشيخ أو أهمل في القيام بواجباته أو أتى أمراً يخل بكرامته، جاز للمدير بعد سماع أقواله أن يوقع عليه جزاء بالإنذار أو بغرامة لا تتجاوز جنيهين، وللمدير أن يحيل العمدة أو الشيخ إلى لجنة العمد والمشايخ إذا رأى أن ما وقع من أيهما يستوجب جزاء أشد، وللجنة أن توقع جزاء بالإنذار أو بغرامة لا تجاوز خمسين جنيهاً أو بالفصل من العمدية أو الشياخة ويجوز الجمع بين الفصل والغرامة ولكن لا يجوز بأية حال أن يزيد مجموع الغرامات عن الحد الأقصى مهما تعددت التهم المنسوبة إليه، وتحصل الغرامة بالطرق الإدارية" وتنص المادة 32 على أن "جميع القرارات التي تصدرها لجنة العمد والمشايخ يجب إبلاغها إلى وزير الداخلية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها للنظر في اعتمادها، وللوزير بالنسبة للقرارات التأديبية حق إلغاء العقوبة أو خفضها إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشرة جنيهات، وله في جميع الأحوال حق استئناف أي قرار تأديبي أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة 31 بشرط أن يتم ذلك في ظرف ستين يوماً من تاريخ صدور ذلك القرار وإلا اعتبر نهائياً".
ومن حيث إنه يستفاد من النصوص المتقدمة أنه وإن كان للجنة العمد والمشايخ وللجنة الاستئناف المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 في شأن العمد والمشايخ اختصاص تأديبي بالنسبة إلى العمد والمشايخ غير أن القرارات الصادرة من كل من اللجنتين تختلف عن الأخرى من حيث الطبيعة ومن حيث الآثار القانونية المترتبة على كل منهما، فبينما القرارات الصادرة من لجنة العمد والمشايخ بعقوبات تأديبية لبحث قرارات نهائية وإنما هي تخضع لتصديق وزير الداخلية الذي يملك اعتمادها أو إلغاءها أو بتخفيض العقوبة إذا كانت صادرة بالفصل أو بغرامة تجاوز عشرة جنيهات، أي أن سلطة الوزير في شأن تلك القرارات لا تقف عند حد التصديق أو عدم التصديق وإنما تشتمل على حق الإلغاء والتعديل، بمعنى أن الوزير يستأنف النظر في عمل اللجنة ويصدر قراراً جديداً يعتبر هو المنشئ للمركز القانوني، وبهذه المثابة يكون القرار المشار إليه صادراً من سلطة تأديبية وليس من مجلس تأديب، فيدخل النظر في طلب إلغائه في اختصاص محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية وفقاً لقواعد توزيع الاختصاص بينهما وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على ذلك، فإن القرارات الصادرة من اللجنة الاستئنافية المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 المشار إليه هي قرارات نهائية، لم يخضعها القانون لتصديق وزير الداخلية، ولم يجعل له من سبيل عليها، وبهذه المثابة تعتبر من قبيل القرارات الصادرة من مجالس التأديب، التي جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أنها أشبه ما تكون بالأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية فلا يجوز الطعن فيها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا عملاً بنص المادة 32 من قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958.
ومن حيث إنه لما كان القرار المطعون فيه صادراً من اللجنة الاستئنافية المنصوص عليها في المادة 31 من القانون رقم 106 لسنة 1957 بشأن العمد والمشايخ فمن ثم فإن المحكمة الإدارية العليا تكون هي المحكمة المختصة بالنظر في طلب إلغائه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم اختصاص المحكمة الإدارية لوزارة الداخلية بنظر الدعوى فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه ويكون هذا الوجه من أوجه الطعن على غير أساس.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الوجه الثاني للطعن والخاص بعدم جواز إحالة الدعوى من المحكمة الإدارية إلى المحكمة الإدارية العليا، فلما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الإحالة غير جائزة إلا بين محكمتين من درجة واحدة فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون إذ قضى بإحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا ويتعين إلغاؤه في هذا الشق,
ومن حيث إنه وإن كانت المحكمة الإدارية العليا هي المحكمة المختصة بالنظر في طلب إلغاء القرار الصادر من اللجنة الاستئنافية بفصل المدعي من الخدمة على النحو السالف بيانه غير أنه لا وجه لتصدي المحكمة للفصل في الموضوع، ذلك لأنه لا سيبل إلى اتصالها بالموضوع إلا عن طريق الطعن في قرار مجلس التأديب يرفع إليها ممن صدر ضده القرار وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادتين 15، 16 من قانون مجلس الدولة، ولما كان الطعن المقدم من المدعي في قرار مجلس التأديب المشار إليه أمام محكمة غير مختصة، خلال ستين يوماً من تاريخ صدوره من شأنه أن يقطع ميعاد رفع الطعن في هذا القرار، ويظل هذا الأثر قائماً حتى يصير الحكم الصادر بعدم الاختصاص نهائياً فمن ثم فإن للمدعي إن شاء - ومع مراعاة المواعيد - أن يرفع طعناً جديداً أمام هذه المحكمة مباشرة وفقاً للإجراءات المقررة أمامها يختصم فيه القرار الصادر من مجلس التأديب. ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص المحكمة الإدارية بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا يكون قد أصاب الحق في قضائه فيما يتعلق بالشق الأول منه وخالف القانون في شقه الثاني ويتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وبتأييده فيما عدا ذلك.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وبتأييده فيما عدا ذلك.