مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 379

(51)
جلسة 6 من يناير سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي - المستشارين.

القضية رقم 1057 لسنة 10 القضائية

موظف. "تكليف". مهندس.
القانون رقم 296 لسنة 1956 بتكليف الخريجين الجدد من المهندسين لمدة سنتين قابلة للامتداد - تجديد التكليف لا يقتصر على مدة واحدة - أساس ذلك.
إن القانون رقم 296 لسنة 1956 قد قضى بأن يصدر الوزير المختص أمر تكليف إلى الخريجين الجدد من المهندسين لمدة سنتين قابلة للامتداد.. وقد جاءت عبارة "قابلة للامتداد" بصفة عامة مطلقة بحيث يفهم منها أن التجديد يكون بحسب تقدير جهة الإدارة وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة ويمتد بصفة عامة دون قصره على مدة واحدة لأن الأصل أن المطلق يجري إطلاقه ما لم يقيد بنص صريح.. والقول بغير ذلك هو تخصيص بغير مخصص يأباه منطق الأشياء وطبيعة الأمور. ويؤكد هذا النظر القانون رقم 31 لسنة 1958 - الذي جعل تكليف المهندسين المعينين بأحكامه لمدة سنتين قابلتين للامتداد لمدد أخرى - وحكمة الامتداد المتكررة قائمة بدورها في حق المهندسين الخاضعين لأحكام القانون رقم 296 لسنة 1956.. كما أن القانون رقم 74 لسنة 1964 - جعل تكليف المهندسين الخاضعين لأحكامه لمدة سنتين قابلتين للامتداد مدد أخرى مماثلة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي السيد/ المهندس بشرى القمص يعقوب أقام الدعوى رقم 173 لسنة 18 القضائية ضد السادة وزير الأشغال ووزير الإدارة المحلية ومحافظ بني سويف ومفتش عام ري وجه قبلي بصحيفة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري "هيئة منازعات الأفراد والهيئات" في 30 من نوفمبر سنة 1963 طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزارة الأشغال برقم 155 لسنة 1963 في 7 من أغسطس سنة 1963 والمبلغ له في 3 من سبتمبر سنة 1963 القاضي بمد تكليفه للمرة الثالثة اعتباراً من 5 من أكتوبر سنة 1963 ولمدة سنتين أخريين وفي الموضوع بإلغاء القرار السالف الذكر مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 17 من مارس سنة 1964 قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.. وأقامت قضاءها على أن المشرع في القانون رقم 296 لسنة 1956 قد قصد بعبارة "لمدة سنتين قابلة للامتداد" إعمال مدلولها القانوني بأن يكون الامتداد مرة واحدة بذات المدة.. وأن القول بغير ذلك يجعل التكليف مؤبداً يهدر إرادة المهندس الجديد، ويقل نشاطه بالتزامات جديدة إلى ما لا نهاية، الأمر الذي يتعارض مع حرية العمل وهي حق أولى للإنسان كفلته كافة الدساتير وأنه لذلك يكون التكليف في مفهوم هذا القانون موقوتاً بمدة سنتين قابلة للامتداد مرة واحدة فقط ومن ثم فإن القرار المطعون فيه صدر مخالفاً للقانون.. وتأسيساً على ذلك فإن طلب وقف تنفيذه يستند بحسب الظاهر إلى أسباب جدية كما أنه يترتب على تنفيذه آثار قد يتعذر تداركها.
طعنت الحكومة هذا الحكم بصحيفة أودعتها قلم كتاب هذه المحكمة في 11 من مايو سنة 1964 طالبة القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المطعون ضده بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب وبنت طعنها على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله: أولاً بعدم جواز طلب وقف التنفيذ، ذلك أن أمر التكليف للوظيفة العامة يعتبر بمثابة قرار بالتعيين فيها يخضع للأحكام التي قررها القانون في خصوص قرارات التعيين ومن ثم يتعين طبقاً لقانون تنظيم مجلس الدولة التظلم من هذه القرارات قبل إقامة الدعوى بطلب إلغائها.. كما تقضي المادة 21 من هذا القانون بأن القرارات التي لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها إدارياً لا يجوز طلب وقف تنفيذها. وعلى ذلك فإن قرار تكليف المطعون ضده يعتبر بمثابة قرار بتعيينه في الخدمة فتكون الدعوى بطلب وقف تنفيذه غير جائزة، وثانياً لعدم قيام طلب وقف التنفيذ على أساس من القانون.. ذلك أن قانون مجلس الدولة قد أقام قرينة قانونية قاطعة على عدم قيام حالة الاستعجال المبرر لوقف تنفيذ القرارات الإدارية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة، ولا يقوم ركن الاستعجال في طلب وقف تنفيذ القرار الإداري الصادر بالتعيين في الوظيفة العامة، لو صح أنه جائز.. هذا كما أن مدة التكليف طبقاً للقانون رقم 296 لسنة 1956 سنتان قابلة للامتداد. وقد جاءت عبارة القانون عامة مطلقة ولم تحدد الامتداد بمدة معينة أو بأي قيد. وطبقاً للقاعدة التي تقضي بأن المطلق يجري على إطلاقه فإنه ليس ثمة ما يمنع أن يكون الامتداد لمدد أخرى متعددة.. وعلى ذلك يكون القيد الذي أورده الحكم المطعون فيه - بأن يكون الامتداد مرة واحدة - من قبيل التخصيص بغير مخصص.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم أصلياً: باعتبار الحكم المطعون فيه وكأنه لم يكن.. واحتياطياً: بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض طلب وقف التنفيذ.. وفي كل الأحوال إلزام المطعون ضده بالمصروفات.. وأشارت في تقريرها إلى أن محكمة القضاء الإداري قد قضت في الموضوع بجلسة 8 من يونيه سنة 1965 برفض دعوى المطعون ضده وألزمته بالمصرفات.. وأنه لم يطعن في الحكم المذكور.
ومن حيث إن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين:
الأول: قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها..
والثاني: قيام أسباب جدية تعمل على ترجيح القرار موضوع الطلب.
ومن حيث إنه - ولئن كان من السائغ القول بأن القرار المطعون فيه - بمد تكليف المدعي - قد يترتب عليه تنفيذه نتائج يتعذر تداركها بسبب المساس بحريته في العمل - إلا أنه إذا تبين أنه لا يستوي في شأنه أسباب تحمل على ترجيح إلغائه لاستناد التكليف إلى أساس مكين من القانون والواقع فإن طلب وقف التنفيذ يكون قد فقد أحد ركنيه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن القانون رقم 296 لسنة 1956 قد قضى بأن يصدر الوزير المختص أمر تكليف إلى الخريجين الجدد من المهندسين لمدة سنتين قابلة للامتداد.. وقد جاءت عبارة "قابلة للامتداد" بصفة عامة مطلقة بحيث يفهم منهم أن التجديد يكون بحسب تقدير جهة الإدارة وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة ويمتد بصفة عامة دون قصره على مدة واحدة لأن الأصل أن المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقيد بنص صريح.. والقول بغير ذلك هو تخصيص بغير مخصص يأباه منطق الأشياء وطبيعة الأمور. ويؤكد هذا النظر القانون رقم 31 لسنة 1958 - الذي جعل تكليف المهندسين المعينين بأحكامه لمدة سنتين قابلتين للامتداد لمدد أخرى - وحكمة الامتداد المتكرر قائمة بدورها في حق المهندسين الخاضعين لأحكام القانون رقم 296 لسنة 1956.. كما أن القانون رقم 74 لسنة 1964 جعل تكليف المهندسين الخاضعين لأحكامه لمدة سنتين قابلتين للامتداد مدد أخرى مماثلة. تأسيساً على ذلك فإن القرار المطعون فيه - الصادر بمد تكليف المطعون ضده للمرة الثالثة لمدة سنتين اعتباراً من 5 من أكتوبر سنة 1963 إلى 4 من أكتوبر سنة 1965 يكون قد صدر مطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه عن قول المحكمة بحكمها المطعون فيه - أن امتداد التكليف عدة مرات يجعل هذا التكليف مؤبداً - فإن هذا القول مردود بأن حق جهة الإدارة في ذلك مؤقت بطبيعته.. ذلك لأنه مقيد، من جهة، بدرجة الوظيفة التي يشغلها المهندس بحيث إذا تغيرت، جنب محظور هذا التكليف بعد هذا التغيير وفقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956.. ومن جهة أخرى فإنه رهين بالغاية التي استهدفها المشرع من تقرير نظامه والحكمة التي رمى إليها من جرائه. - وهي عدم توقف المشروعات العامة - ومتى تحققت هذه الغاية، سواء بإتمام هذه المشروعات في الجهة المكلف في نطاقها المهندس أو بتوافر عدد المهندسين فيها مما لا يخشى معه توقفها، سقط مبرر التكليف وانقطعت تبعاً لذلك الحاجة إلى مد مدته.
ومن حيث إنه لما تقدم فليس ثمة أسباب تبعث على الاعتقاد برجحان احتمال إلغاء القرار المطعون فيه ومن ثم يكون طلب وقف تنفيذه قد فقد أحد ركنيه متعيناً القضاء برفضه.. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف التنفيذ وألزمت المدعي بالمصروفات.