مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 409

(56)
جلسة 13 من يناير سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر - المستشارين.

القضية رقم 350 لسنة 11 القضائية

( أ ) - قرار إداري. "قرار سلبي بالامتناع. ميعاد الطعن فيه". دعوى إلغاء "ميعاد الستين يوما".
قاعدة عدم تقييد دعوى إلغاء القرار السلبي بالامتناع بالميعاد طالما أن الامتناع مستمر - قيامها على فكرة الاستمرار وعدم الانتهاء - انتفاء ذلك بتمام التنفيذ وبدء ميعاد الطعن فيه من ذلك الوقت.
(ب) مدارس حرة مجانية - تحويل مدرسة إعدادية إلي ابتدائية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة - النص إلى أن التحويل يتم بالتدريج - مقصود.
1 - لما كان الأساس القانوني في عدم التقيد بمواعيد للطعن في القرارات السلبية يقوم على فكرة استمرارها وعدم انتهائها فإن الأمر يكون كذلك إذا ما كان الوضع قد أخذ طريقه إلى التنفيذ الفعلي بالنسبة إلى القرار السلبي، إذ أنه بتمام هذا التنفيذ يبدأ ميعاد الطعن فيه.
2 - أن النص على تحويل المدرسة من إعدادية إلى ابتدائية بالتدريج لا يعني المعنى الذي ذهبوا إليه من وجوب إتمامه على عدة سنوات بقصر التحويل في العام الدراسي الأول لتنفيذ القرار على فصول السنة الأولى الإعدادية التي تخلوا بانتقال شاغليها إلى الصف الأعلى منها مع قصره في السنة التالية على فصول السنة الإعدادية الثانية وهكذا إلى أن يتم التحويل الكامل إذ أن مفهوم التحويل التدريجي كما قالت الحكومة يحق رخصة لديها تتعلق بالصالح العام لا بصالح صاحب المدرسة وترتبط بمكنة توفير الأماكن الصالحة المناسبة لتلاميذ هذه المدرسة ببقية المدارس الإعدادية بالمنطقة ومتى أمكن تدبير هذا المكان الصالح لا يكون ثمة محيض من نقل التلاميذ إليه بدلاً من إبقائهم في مكان غير لائق ولا مأمون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن مورث الطاعنين كان قد أقام الدعوى رقم 1366 لسنة 13 القضائية ضد السيد مدير عام منطقة التربية والتعليم بالإسكندرية والسيد وزير التربية والتعليم أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعت سكرتيرية هذه المحكمة في 15 من أبريل سنة 1958، طالباً الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وحفظ درجة المدرسة وميزانية عدد فصولها الأصلية وإلزام المعارض ضدهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة".
وقال - في شرح دعواه - أنه أخطر من المدعى عليه الأول في 27 من أكتوبر سنة 1957 بقراره المتضمن تخفيض درجة مدرسة التعاون الإعدادية الخاصة براغب باشا من الدرجة الثانية إلى الدرجة الثالثة وبحذف أربعة فصول من ميزانية المدرسة وتحويل المدرسة من المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الابتدائية فتظلم من هذا القرار في الميعاد، ولما لم يجب على تظلمه بالقبول أو الرفض أقام دعواه في الميعاد القانوني ونعى المدعي على القرار أنه بني على إجراءات باطلة إذ أنه في 13 من أكتوبر سنة 1956 زارت المدرسة لجنة برئاسة مدير المنطقة المساعد للتعليم الإعدادي مشكلة طبقاً لأحكام المادة 81 من القرار الوزاري رقم 512 لسنة 1956 بتنفيذ أحكام القانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة وانتهت في تقريرها إلى حفظ درجة المدرسة وميزانية عدد فصولها، إلا أن المدير المساعد الجديد للتعليم الإعدادي بالمنطقة قام في ذات العام الدراسي 56/ 1957 بزيارة لذات المدرسة وأمر في 30 من مارس سنة 1957 بتشكيل لجنة أخرى للمعاينة لم تستكمل في تكوينها كافة العناصر طبقاً لحكم القرار الوزاري المشار إليه، إذ لم يكن من بين أعضائها طبيب ومهندس واقتصرت العضوية فيها على اثنين من المفتشين الفنيين بالمنطقة، وقد انتهت تلك اللجنة في تقريرها إلى وجود عيوب في المبنى كما أثبتت تخلف بعض الشروط الصحية وشروط الأمن في المبنى وذلك على خلاف جميع التقارير التي قدمت في السنوات السابقة أو اللاحقة لذلك العام الدراسي وقد بنى مدير المنطقة قراره المطعون فيه على قرار تلك اللجنة الباطلة في تشكيلها. وفي 25 من فبراير سنة 1961 تقدم المدعي بمذكرة ردد فيها ما جاء بعريضة الدعوى، وأضاف أنه بدلاً من أن تنفذ المنطقة قرارها الصادر في 27 من أكتوبر سنة 1957 وهو القرار الثاني كما فعلت بالنسبة إلى القرار الأول فأغلقت المدرسة نهائياً، القرار المطعون فيه فإنها لجأت إلى إجراء عنيف، إذ قامت باستصدار المدرسة من إعدادية إلى ابتدائية بالتدريج، ثم لم تنفذ المنطقة هذا قرار من الوزارة في 16 من ديسمبر سنة 1957 برقم 4792 بتحويل وأحالت جميع تلاميذها إلى المدارس الأخرى، مخالفة بذلك عبارة التدريج التي نص عليها القرار الوزاري وانتهت المذكرة إلى تعديل الطلبات على الوجه الآتي: "الحكم أصلياً بإلغاء القرار المطعون فيه لصدوره مخالفاً للقانون مشوباً بإساءة استعمال السلطة وباطلاً شكلاً وموضوعاً واحتياطياً بإلغاء القرار السلبي الذي يتمثل في امتناع الوزارة والمنطقة التعليمية في تنفيذ القرار الوزاري رقم 4792 وإلزامها بتنفيذ هذا القرار ومن باب الاحتياط الكلي إلزام السيد وزير التربية والتعليم التنفيذي والسيد مدير عام منطقة التربية والتعليم بالإسكندرية بصفتهما بأن يدفعا للمدعي مبلغ عشرة مليمات على سبيل التعويض المؤقت عن الأضرار التي حلت بالطالب من جراء عدم تنفيذ القرار الثاني موضوع الطلب الاحتياطي مع إلزامهما في جميع الأحوال بالمصروفات والأتعاب".
توفى المدعي في أثناء سير الدعوى وقضي بانقطاع الخصومة وتجدد السير فيها بعد ذلك بناء على طلب ورثته وقد دفعت الحكومة بعدم قبول الطلب الاحتياطي بإلغاء القرار السلبي لتقديمه بعد الميعاد، وطلب رفض بقية الطلبات. وقالت فيما يتعلق بتشكيل لجنة المعاينة أن الإدارة العامة للتعليم الإعدادي كانت قد أخطرت المنطقة في شهر فبراير سنة 1957 بأن استمارة تقييم مدرسة التعاون لم ترد ضمن استمارات تقييم مدارس المنطقة فلم تجد المنطقة بداً من تكليف ذات اللجنة التي قيمت المدرسة من قبل بزيارتها وإعادة تقييمها، ولما جاء تقرير اللجنة مشيراً إلى عدة ملاحظات تتعلق بفناء المدرسة ومبناها وبعد ملحق المبنى عن المدرسة الأصلية رأت اللجنة أن تعاين المدرسة قبل أن تضع قرارها النهائي وجاء برد الحكومة في هذا الخصوص "أن اللجنة كانت قانونية تماماً طبقاً للفقرة (1) من البند أولاً من المذكرة الخاصة بالإجراءات التي تتبع في التقييم وتقدير درجات المدارس والتي تنص على أنه في مارس من كل عام تكون المنطقة لجنة برئاسة مدير التربية والتعليم أو من ينوب عنه وعضوية اثنين من مساعديه أو المفتشين الفنيين بالمنطقة للنظر في التقارير المقدمة عن المدارس من اللجنة التي كلفت بمعاينتها ثم تضع قرارها النهائي عن كل مدرسة. وقد شكل السيد المدير العام اللجنة وكلفها بزيارة المدرسة في يوم السبت 16 من مارس سنة 1957".
وبتاريخ 12 من يناير سنة 1965 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن اللجنة التي عاينت المدرسة المشار إليها في فبراير سنة 1957 كانت مشكلة تشكيلاً صحيحاً يتفق وحكم المادة 81 من القرار الوزاري رقم 512 لسنة 1956 المشار إليه وأنها انعقدت بعد ذلك وأثبتت نتيجة معاينتها ومفادها أنه اتضح لها من المعاينة "أن المبنى بصفة عامة لا يصلح أن يكون مدرسة إعدادية وأنها لاحظت أن بعض أرضيات الفصول يحتاج لإصلاح وترميم كما أن بعض النوافذ ينقصها الزجاج، وشخشيخة ببئر السلم، تنقصها شبابيك زجاجية للإضاءة وعدم تسرب المطر وسقوطه على التلاميذ وكذلك توجد بالمبنى فتحات مغطاة بصاج آيل للسقوط ويجب تغطية الجزء تغطية فنية حتى لا يخشى منها مستقبلاً وفناء المدرسة ضيق جداً بالنسبة لعدد التلاميذ والمراحيض غير كافية في عددها هذا فضلاً عن كونها مجاورة للفصول وغير منعزلة عنها أما المبنى الملحق فهو يبعد كثيراً عن المبنى الأصلي مما لا يمكن معه تحقق الإشراف الدقيق على سير الدراسة وهو مكان مؤجر من منزل بالدور الأرضي ولذلك فهو رطب وجميع أرضياته من خشب وبلاط في حاجة إلى ترميم وإصلاح جديد مع وجوب تبييض الحيطان بالأسمنت لرطوبة المبنى وجميع مراحيض هذا الملحق غير صحية من ناحية الإضاءة والتهوية. وكذلك لا توجد حجرة للمدرسين ولا السكرتير ولا فناء بهذا الملحق" وخلصت اللجنة في تقريرها إلى أنها ترى اعتماد إعانة المدرسة باعتبارها مكان مناسب لها مع إلغاء فصول المبنى الملحق لعدم صلاحيتها. وقد أعلن المدعي بصفته صاحب المدرسة بهذه النتيجة فلما لم يذعن لطلب المبادرة إلى إتمام الإصلاحات المطلوبة صدر القرار المطعون فيه وذلك بعد أن أعطى المهلة من الوقت الكافية لإتمام تلك الإصلاحات... ومضى الحكم إلى القول بأن الثابت أن لجنة المعاينة أثبتت في تقريرها عن معاينة المدرسة في 30 ديسمبر سنة 1957 أن المدرسة "عبارة عن مبنى قديم لا يصلح أن يكون مدرسة وبه فناء صغير جداً والمبنى مكون من ثلاثة أدوار الدور العلوي منه آيل للسقوط وسقفه متآكل وأرضيته بها هبوط وشروخ وبقاء التلاميذ به فيه خطورة على حياتهم وهو لا يصلح أن يكون مدرسة إعدادية أو ابتدائية". وانتهت اللجنة إلى أنها ترى أن المدرسة لا تستحق الدرجة الثالثة لسوء حالها وأنه يتعين الإسراع بإخلاء المبنى... وقد ذيل هذا التقرير بإشارة نصها الآتي: "قررت الوزارة إخراج هذه المدرسة من نطاق المدارس الإعدادية وتحويلها إلى مدرسة ابتدائية بالتدريج". وقد أرسل السيد مدير عام التعليم الإعدادي بوزارة التربية والتعليم كتاباً إلى السيد مدير التربية والتعليم لمنطقة الإسكندرية يبلغه فيه أن الوزارة وافقت على تحويل فصول مدرسة التعاون بالإسكندرية تدريجياً من الإعدادي إلى الابتدائي على أن تصرف الإعانة على اعتبار أنها مرحلة ابتدائية للفصول التي يتم تحويلها "وتاريخ هذا الكتاب هو 3 من ديسمبر سنة 1957" وفي 15 من ديسمبر سنة 1957 أرسل السيد المدير المساعد للمنطقة التعليمية بالإسكندرية كتاباً للسيد مدير المنطقة ينبئه فيه بأن عدد فصول المدرسة أحد عشر فصلاً كلها إعدادية إذ لم تكن بها فصول ابتدائية سوى أربعة فصول للسنة الأولى بالمبنى الملحق بالمدرسة الذي ألغي لعدم لياقته.
وفيما يتعلق بالطلب الاحتياطي الخاص بإلغاء القرار السلبي المتمثل في امتناع الوزارة المدعى عليها والمنطقة التعليمية عن تنفيذ القرار الوزاري الصادر في 16 من ديسمبر سنة 1957 بشأن التدرج في تحويل المدرسة من إعدادية إلى ابتدائية ذهب الحكم إلى أنه "لما كان الثابت أن هذا الطلب أبدى في مذكرة المدعي التي أودعت سكرتيرية المحكمة في 31 من يناير سنة 1961 بينما صدر قرار الوزارة عام 1957 ونفذ فعلاً واستقر وضع المدرسة على أنها ابتدائية في عامها الدراسي 1958/ 1959 وأنه لما كان الأساس القانوني في عدم التقيد بمواعيد للطعن في القرارات السلبية يقوم على فكرة استمرارها وعدم انتهائها فإن الأمر لا يكون كذلك إذا ما كان الوضع قد أخذ طريقه إلى التنفيذ الفعلي بالنسبة إلى القرار السلبي، إذ أنه بتمام هذا التنفيذ يبدأ ميعاد الطعن فيه ومن ثم فإن الدفع بعدم القبول للسبب المتقدم يكون صحيحاً ويتعين الأخذ بالنسبة لهذا الشق من طلبات المدعين".
وفيما يتعلق بالطلب الاحتياطي الكلي المستحق بالتعويض فإنه "وقد ثبت أن القرار الإيجابي المطعون عليه بالإلغاء في الطلب الأصلي قد صدر صحيحاً مبرأ من عيب عدم المشروعية فلا يكون ثمة تبعاً لذلك مجالاً للاستجابة لطلب التعويض المتعلق به، إذ أن التعويض لا يقوم إلا على أساس خطأ من جهة الإدارة المدعى عليها وهذا الخطأ منتف. أما عن التعويض المرتبط بالقرار السلبي فإن عدم قبول الطعن في شأن إلغاء هذا القرار لتقديم طلب الإلغاء بعد الميعاد لا يكفي بذاته لرفض الدعوى بالتعويض عنه طالما أن الحق في استبداء هذا التعويض - أن ثبت استحقاقه - لا يزال قائماً، إلا أن ما زعمه المدعون في شأن هذا القرار السلبي غير صحيح من ناحيته الموضوعية ذلك أن النص على تحويل المدرسة من إعدادية إلى ابتدائية لا يعني المعنى الذي ذهبوا إليه من وجوب إتمامه على عدة سنوات بقصر التحويل في العام الدراسي الأول لتنفيذ القرار على فصول السنة الأولى الإعدادية التي تخلو بانتقال شاغليها إلى الصف الأعلى منها مع قصره في السنة التالية على فصول السنة الإعدادية الثانية وهكذا إلى أن يتم التحويل الكامل إذ أن مفهوم التحويل التدريجي كما قالت الحكومة بحق رخصة لديها تتعلق بالصالح العام لا بصالح صاحب المدرسة وترتبط بمكنة توفير الأماكن الصالحة المناسبة لتلاميذ هذه المدرسة ببقية المدارس الإعدادية بالمنطقة ومتى أمكن تدبير هذا المكان الصالح لا يكون ثمة محيض من نقل التلاميذ إليه بدلاً من إبقائهم في مكان غير لائق ولا مأمون. ومن ثم فإن طلب التعويض يكون غير قائم على أساس من القانون ويتعين رفضه.
ويقوم الطعن على أن المحكمة أخطأت في تحصيل الواقع، إذ بنت حكمها على أساس أن المدرسة موضوع النزاع مدرسة إعدادية خاصة بمصروفات في حين أنها مدرسة إعدادية حرة مجانية معانة بالفصل من يوم خضوعها للتعليم المجاني إلى يوم غلقها وبذلك تكون المحكمة قد طبقت القانون تطبيقاً غير سليم وأنه لا صحة لما جاء بالحكم من سلامة تشكيل اللجنة التي قامت بالمعاينة. وفيما يتعلق بالطلب الاحتياطي ذهب الطعن إلى أن المنطقة لم تقم إطلاقاً بتحويل المدرسة إلى مرحلة ابتدائية وبالتالي فإنها لم تنفذ القرار الصادر في هذا الشأن وبالتالي فإنه لا محل للحكم بعدم قبول الطلب الاحتياطي على أساس تنفيذ القرار المشار إليه. وعن طلب التعويض فإن الإدارة لم تحول المدرسة تدريجياً إلى مدرسة ابتدائية طبقاً لقرارها وإنما عمدت إلى غلق المدرسة وتحويل طلبتها إلى المدارس الأخرى.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى سلامة القرار الصادر من الجهة الإدارية في 27 من أكتوبر سنة 1957 بتخفيض درجة المدرسة من الدرجة الثانية إلى الدرجة الثالثة وإلغاء أربعة فصول من ميزانيتها رغم ما شاب تشكيل اللجنة التي أجرت المعاينة في 20 من مارس سنة 1957 من بطلان وهي اللجنة التي بني القرار المطعون فيه على مضمون تقديرها ووجه البطلان أن اللجنة اقتصرت في عضويتها على اثنين من المفتشين الفنيين بالمنطقة ولم تضم - خلافاً لما تقتضي به المادة 81 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 583 لسنة 1955 في شأن تنظيم المدارس الحرة - طبيباً ومهندساً ومفتشاً إدارياً وهم عناصر من الخبرة والكفاية توخت اللائحة توافرها في تشكيل اللجنة حتى يقوم قرارها على أساس سليم فضلاً عن أن ما أثبتته هذه اللجنة يختلف عما أثبتته اللجنة الأولى التي كانت مشكلة تشكيلاً قانونياً والتي قامت بالمعاينة في 13 من أكتوبر سنة 1956 واللجنة الأخرى التي قامت بالمعاينة في فبراير سنة 1957.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الاستمارة رقم 4 حر المرفقة بملف الموضوع أن مدرسة التعاون الإعدادية موضوع النزاع هي من المدارس الحرة المجانية الداخلة في نطاق الإعانة، وليست من المدارس الحرة التي تتقاضى مصروفات من التلاميذ على نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه استنباطاً من استناد المدعي في دعواه إلى حكم المادة 81 من اللائحة التنفيذية المتعلقة بالمدارس الحرة التي تتقاضى مصروفات من التلاميذ، وإلى كتاب لرئيس الشئون القانونية بالمنطقة التعليمية موجه إلى رئيس قسم القضاء الإداري.
ومن حيث إنه متى كان الثابت أن مدرسة الطاعنين هي من المدارس الحرة المجانية الداخلة في نطاق الإعانات فإنه يسري عليها - في خصوص واقعة الدعوى - حكم المادة 47 من القانون رقم 583 لسنة 1955 المشار إليه التي تنص على أن يكون تقرير إعانات المدارس الحرة المجانية الداخلة في نطاق الإعانة وتحديد درجاتها وزيادة فصولها المعانة وفق الشروط وطبقاً للإجراءات المرافقة... وقد تناولت أحكام الفصل الثاني من الباب الثاني من اللائحة التنفيذية لهذا القانون القواعد المتعلقة بمنح هذه الإعانات، وإذا كانت مواد هذا الفصل لم تتضمن حكماً مماثلاً لحكم المادة 81 الواردة في الفصل الثاني من الباب الثالث الخاص بالمدارس الحرة التي تتقاضى مصروفات من التلاميذ والتي تنص على أن تقدر الإعانات بالنسبة إلى هذه المدارس لجنة مكونة من موظفين من المنطقة المختصة أحدهما من رجال التعليم والثاني من الإداريين ومهندس من وزارة الشئون البلدية إلا أنه يبين من الرجوع إلى المذكرة المتضمنة للإجراءات التي تتبع في رفع وخفض درجات المدارس الحرة المجانية الداخلة في نطاق الإعانة أو تقدير درجات المدارس الحرة الجديدة الموافقة للائحة التنفيذية المعتمدة من وزير التربية والتعليم والمنشورة بالوقائع المصرية في 24 من مايو سنة 1956 العدد 41 الملحق أنها تضمنت ما يلي:
أولاً - إجراءات المنطقة:
(1) في الفترة ما بين أول ديسمبر وآخر فبراير من كل عام دراسي تكلف المنطقة لجنة من مفتش فني ومفتش إداري ومهندس زيارة جميع المدارس الحرة بها لتقدير درجاتها واقتراح إبقائها على حالها أو رفع درجاتها أو خفضها أو إدخال أي مدرسة جديدة في نطاق المجانية وتقدير درجة لها، وذلك على استمارات التقييم المعدة لهذا الغرض في ضوء ملاءمة مكان المدرسة لحاجات الدراسة واستكمال معداتها ومرافقها وسير العمل بها وتطبيق مناهج الوزارة وخططها ومدى تنفيذها لتعليمات الوزارة واستيفائها لشروط قانون تنظيم المدارس الحرة والقرارات الوزارية المنفذة له والشروط التي وضعتها الوزارة للدرجات.
(2) في مارس من كل عام تكون المنطقة لجنة برئاسة مدير التربية والتعليم أو من ينوب عنه وعضوية اثنين من مساعديه أو المفتشين الفنيين بالمنطقة للنظر في التقارير المقدمة عن المدارس من اللجنة التي كلفت معاينتها ثم تضع قرارها النهائي عن كل مدرسة.
وللمنطقة أن تكون لجنة من مساعد مدير المنطقة ومفتش إداري ومهندس (على ألا يكون أحدهم ممن اشتركوا في اللجنة الأولى) لإعادة زيارة وفحص بعض المدارس إذا رأت ضرورة لذلك، ثم ترتب لجنة المنطقة المدارس المقترح تقدير درجة لها أو رفع درجاتها في قوائم مستقلة على حسب حقها في الأسبقية كل درجة على حدة وتبين المنطقة في تلك القوائم ما تسمح به الميزانية أما المدارس المطلوب خفض درجاتها أو إنذارها فتعد كشوف خاصة لكل منها مع بيان الأسباب.
(3) ترسل المنطقة صورة من هذه القوائم للإدارات التعليمية المختصة بالوزارة بعد اعتمادها من مدير التربية والتعليم بالمنطقة في موعد أقصاه نهاية شهر أبريل من كل عام للنظر في اعتماد الدرجات المقترحة وترسل مع هذه القوائم استمارات التقييم التي عملت عن هذه المدارس.
ومن حيث إنه لا نزاع في أن اللجنة التي قامت بمعاينة المدرسة في فبراير سنة 1957 كانت مشكلة تشكيلاً صحيحاً يتفق وأحكام مذكرة الإجراءات المرافقة للائحة التنفيذية، كذلك فإن الثابت أن هذه اللجنة انعقدت بعد ذلك بذات تشكيلها القانوني، وأثبتت معاينتها التي دلت على أن مبنى المدرسة بصفة عامة لا يصلح أن يكون مدرسة إعدادية وانتهت في تقريرها إلى أنها ترى اعتماد إعانة المدرسة باعتبارها في الدرجة الثالثة ووجوب قيام صاحبها بالإصلاحات المطلوبة واختيار مكان آخر مناسب لها مع إلغاء فصول المبنى الملحق لعدم صلاحيته وبالرغم من أن المدعي أعلن بهذه النتيجة وأفسح له الأجل للقيام بالإصلاحات المطلوبة إلا أنه لم يقم بتنفيذ شيء منها مما دعا الإدارة إلى إصدار قرارها في 27 من أكتوبر سنة 1957 بخفض درجة المدرسة وإلغاء الفصول الأربعة. وقد أكدت المعاينة التي أجريت بمعرفة لجنة المعاينة بعد صدور هذا القرار عدم صلاحية مبنى المدرسة مما حدا بالوزارة إلى إصدار قرار آخر في ديسمبر سنة 1957، بتحويل المدرسة من إعدادية إلى ابتدائية.
ومن حيث إنه لا شبهة في أن اللجنة التي قامت بمعاينة المدرسة في 20 من مارس سنة 1957 هي لجنة التقييم النهائي بالمنطقة المشار إليها في البند (2) من الفقرة أولاً من المذكرة المتعلقة بالإجراءات التي تتبع في رفع أو خفض درجات المدارس الحرة المجانية الداخلة في نطاق الإعانة والتي تختص بالنظر في التقارير المقدمة عن المدارس من لجنة المعاينة وبوضع التقرير النهائي عن كل مدرسة، وقد قامت هذه اللجنة بمهمتها بعد فراغ لجنة المعاينة من إجراءاتها ولا شك أن تشكيل لجنة التقييم كان تشكيلاً يتفق وأحكام البند (2) المشار إليه كما كان تشكيل لجنة المعاينة متفقاً مع أحكام البند (1) من المذكرة المشار إليها، ومن ثم يكون النعي على الحكم من هذا الوجه غير قائم على أساس سليم.
ومن حيث إن القرار بخفض درجة المدرسة وإلغاء الفصول الأربعة قام على سببه المبرر له فيما تضمنه تقارير لجنة المعاينة من عدم صلاحية مبنى المدرسة لاعتبارها في الدرجة الثانية وعدم صلاحية مبنى الفصول الملحقة بها، ولم يقم دليل على أن الإدارة قد تنكبت في إصدار هذا القرار وجه المصلحة العامة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى فيما يتعلق بالطلب الأصلي يكون قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه سليم فيما انتهى إليه من القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطلب الاحتياطي الخاص بإلغاء القرار السلبي المتمثل في امتناع الإدارة عن تنفيذ قرارها بتحويل المدرسة إلى ابتدائية بالتدريج وبرفض الدعوى فيما يتعلق بالطلب الاحتياطي الكلي الخاص بالتعويض، وذلك للأسباب التي استند إليها هذا الحكم والتي تأخذ بها هذه المحكمة مما يتعين معه رفض الطعن مع إلزام الطاعنين بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين بالمصروفات.