أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 174

جلسة 14 من فبراير سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(55)
القضية رقم 1233 سنة 25 القضائية

( أ ) هتك عرض. ماهيته.
(ب) هتك عرض. القصد الجنائي. متى يتوافر؟
(ج) إجراءات. شفوية المرافعة. التعويل على ما ورد في التحقيقات من أقوال للمجني عليها التي لم تحضر بالجلسة. متى يجوز؟
1 - هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليها وعوراتها ويخدش عاطفة الحياء عندها.
2 - إذا كان ما أثبته الحكم في حق المتهم يدل بذاته علي أنه ارتكب الفعل وهو عالم بأنه خادش لعرض المجني عليها فإن ذلك يتوافر به القصد الجنائي في جريمة هتك العرض.
3 - للمحكمة بمقتضى القانون أن تعول في حكمها على أقوال المجني عليها في التحقيقات بعد أن استبان لها عذرها في عدم الحضور لمرضها، وقدم زوجها الشهادة الطبية الدالة على ذلك واكتفى محامي المتهم بتلاوة أقوالها ولم يصر على طلب حضورها، وكانت المحكمة قد حققت شفوية المرافعة بسماع من حضر من شهود الإثبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض...... بالقوة والتهديد وذلك بأن أخرج قضيبه لها، وعندما حاولت الهرب اعتدى عليها بالضرب وطرحها أرضاً وألقى بجسمه فوقها حالة كونه خادماً لها بالأجرة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 267/ 1 و268/ 1 و2 من قانون العقوبات، فأمرت بذلك في 23 من يونيه سنة 1954. ومحكمة جنايات بورسعيد قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة خمس سنوات وذلك تطبيقاً لمادتي الاتهام سالفتي الذكر. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وأخل بحق الدفاع، وأخطأ في الإسناد. ذلك بأنه استند في قيام الركن المادي المخل بالحياء إلى مجرد إلقاء المتهم بجسمه فوق المجني عليها، وفاته أن نزاعاً وقع بين الطاعن وبين المجني عليها وأنها هربت منه إلى المطبخ إلى حيث حاول إسكاتها من الصراخ بوضع يده على فمها، فسقطت على الأرض وسقط هو فوقها، فواقعة السقوط هنا تختلف كل الاختلاف عن الواقعة التي أوردها الحكم وإن ادعت المجني عليها ذلك في رواية لها في التحقيقات، وفضلاً عن ذلك فقد قصر الحكم في بيان ركن القصد الجنائي لدى الطاعن فلم يشر إلى توافره، ولا هو أقام الدليل عليه، بل أخذ أقوال المجني عليها حجة مسلمة في هذا الخصوص دون أن يجري في شأنها أي تحقيق، وقضى بإدانة الطاعن بجريمة هتك العرض، مع أن الفعل الذي أسندته المجني عليها إلى الطاعن - على فرض صحته - لا يخرج عن كونه فعلاً فاضحاً. ثم أنه رغم أن الاتهام في القضية يقوم على رواية المجني عليها، وعنها نقل باقي الشهود، ورغم ما في رواية المجني عليها من تناقص فقد اكتفت المحكمة بتلاوة أقوالها، في حين أن المعول عليه قانوناً هو التحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، وفي هذا إخلال بحق الدفاع ولو كانت التلاوة قد تمت بموافقته لتعلق المسألة بالنظام العام. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم أورد في أسبابه "أن المتهم وقت تعديه على المجني عليها أغلق باب المطبخ من الداخل، في حين أن غلق باب المطبخ إنما حصل بعد التعدي المزعوم، وأن مفتاحه كان في الخارج وأن ما كسر هو باب الشقة لا باب المطبخ مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "وكانت المجني عليها وحدها بالمنزل، وكلفت المتهم في بعض الشئون المنزلية مما يتصل بخدمته، وهو يشتغل بطرفها وتركته ودخلت حمام المنزل لتغسل يديها، فحضر المتهم (الطاعن) ووقف خلفها ومد يده على شعر رأسها، فالتفتت إليه تسأله لم يفعل ذلك، فأبدى لها المتهم رغبته في وقاعها، وهجم عليها محاولاً إكراهها على ذلك، إذ أبت أن تستجيب له، واستعمل في سبيل ذلك مختلف الوسائل من ضغط عليها وضرب بالأيدي وإلقاء على الأرض وهي تقاومه، واضطرت لعض إصبعه، وأخذت تستغيث وسمع صراخها بعض جيرانها فحاولوا الدخول فتعذر ذلك عليهم، إذ كان المتهم وقت تعديه عليها بهذه الصورة قد أغلق باب المطبخ، حيث انتقل الصراع إلى ذلك المكان من المنزل ولما شعر المتهم من إصرار من بالخارج على دخول المطبخ، هرب المتهم من شرفة تتصل بالمطبخ وتسلق أمبوبة الماء إلى أسفل حتى وصل سطح الأرض وهرب"، ثم أورد الحكم ملخص أقوال المجني عليها بالتحقيقات وأقوال زوجها والمسيو حراسيموفيلا كوريدس، وما جاء بالمعاينة من وجود دماء في المطبخ، وما أثبته الكشف الطبي من وجود عدة إصابات بوجه المجني عليها ورقبتها وتحت أذنها اليمنى. ثم عرض لدفاع الطعن وفنده للاعتبارات التي أوردها وخلص الحكم إلى قوله "ومن حيث إنه ظاهر من كل ما تقدم أن مهاجمة المتهم للمجني عليها بتلك الصورة العنيفة إنما كان بعد الشهوة الجامحة التي استولت عليه حين انفرد مع المجني عليها وحاول اغتصابها وقاومته، فكان المتهم يزداد هياجاً وقسوة معها ولم يتركها إلا مضطراً حين أحس بقدوم من ينقذونها. ولا ترى المحكمة من ظروف الحادث وكيفية هرب المتهم بل وتعاطيه الشراب المسكر في صميم وقت عمله، إلا أنه كان ينوي هتك عرضها، وقد أتى معها الأفعال المؤدية لذلك التي وصفتها في أقوالها في التحقيقات ولزوجها وللشاهد الثالث بما بدأه المتهم بلمس شعرها ثم الإبانة لها عن عورته واحتضانها وكشف ملابسها وطرحها أرضاً ومحاولته الفسق بها حينذاك، وركن الإكراه في هذه الجريمة واضح مما استعمله المتهم مع المجني عليها من عنف وإيذاء جسدي تركا بها تلك الآثار التي أثبتها المحقق والتي نقلت بسببها إلى المستشفى لعلاجها عدة أيام". ولما كان هذا الذي قاله الحكم تتوافر به أركان جناية هتك العرض بالقوة والتهديد كما هي معرفة به في القانون، ذلك بأن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليها وعوراتها ويخدش عاطفة الحياء عندها، وكان هذا الذي أثبته الحكم في حق الطاعن يدل بذاته على أنه ارتكب الفعل وهو عالم بأنه خادش لعرض المجني عليها الأمر الذي يتوافر به القصد الجنائي، وكان للمحكمة بمقتضى القانون أن تعول في حكمها على أقوال المجني عليها في التحقيقات، بعد أن استبان لها عذرها في عدم الحضور لمرضها، وقدم زوجها الشهادة الطبية الدالة على ذلك، واكتفى محامي الطاعن بتلاوة أقوالها ولم يصر على طلب حضورها، وقد حققت المحكمة شفوية المرافعة بسماع من حضر من شهود الإثبات - لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تأخذ بقول للمجني عليها في التحقيقات دون قول آخر لها بغير بيان العلة في ذلك لتعلق هذا كله بتقدير الدليل الذي هو من شأنها، وكان لا يعيب الحكم أن يخطئ في ذكر واقعة خارجة عن الوقائع اللازم ثبوتها لتحقيق الجريمة ولم يكن لها أثر فيه، خصوصاً وأن الطاعن يسلم في طعنه أن الباب الخارجي كان مقفلاً وقت مقارفته الجريمة وكسره من خفوا لنجدة المجني عليها إثر استغاثتها، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.