أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 195

جلسة 20 من فبراير سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(62)
القضية رقم 1254 سنة 25 القضائية

( أ ) خيانة الأمانة. إثبات. نقض. أسباب موضوعية. قاعدة عدم جواز إثبات الحق المدعي به بالبينة. وجوب التمسك بها أمام محكمة الموضوع.
(ب) خيانة الأمانة. إثبات. إيراد المحكمة الأدلة التي اطمأنت بها على وقوع الجريمة في التاريخ الوارد بوصف التهمة. عدم تحديد تاريخ وقوع الجريمة. لا يؤثر على ثبوت الواقعة.
1 - القيود التي جاء بها القانون المدني في مواد الإثبات لم توضع للمصلحة العامة وإنما وضعت لمصلحة الأفراد، فالدفع بعدم جواز إثبات الحق المدعى به بالبينة يجب على من يريد التمسك به أن يتقدم به إلى محكمة الموضوع فإذا لم يثر شيئاً من ذلك أمامها فإنه يعتبر متنازلاً عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون ولا يكون له من بعد أن يتمسك بهذا الدفع أمام محكمة النقض.
2 - تحديد التاريخ الذي تمت فيه جريمة التبديد لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي أوردتها على حصول الحادث في التاريخ الذي ورد في وصف التهمة دون ما اعتراض من الطاعن بالجلسة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بدد أربعة جنيهات وسبعين قرشاً للأستاذ محمد الأمير موسى وكانت قد سلمت إليه على سبيل الوكالة لسداد رسوم دعاوي فاختلسها لنفسه إضراراً بالمجني عليه. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. ومحكمة عابدين الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهرين مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة خمس سنوات تبدأ من وقت صيرورة هذا الحكم نهائياً. فعارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه بلا مصاريف. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته النيابة. ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضورياً بعدم جواز استئناف النيابة وبقبول استئناف المتهم شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم خمسة عشر يوماً مع الشغل وأمرت بوقف التنفيذ لمدة ثلاث سنين تبدأ من اليوم - وأعفت المتهم من المصروفات الجنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بإدانة الطاعن رغم أنه لم يضف المبلغ المدعي بتبديده إلى ملكه وأن تأخره في رده لم يكن مصحوباً بنية اختلاسه ولم يترتب عليه ضرر بالمجني عليه. كما أن المحكمة استندت إلى شهادة هذا الأخير عن مبلغ يزيد عن النصاب الجائز إثباته قانوناً بالبينة.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى واستظهر القصد الجنائي لديه في قوله "إن المجني عليه الأستاذ محمد الأمير موسى المحامي قرر أن المتهم كان يعمل كاتباً بمكتبه وقد سلمه مبلغ 15 جنيهاً على سبيل الوكالة ليدفعها رسوماً لبعض القضايا ثم تبين له أنه اختلس منها مبلغ 470 قرشاً وأنه قام بتسديد هذا المبلغ بعد أن تقدم بشكواه ضد ومن ثم يكون قد بدد مبلغ الـ 470 قرشاً التي تسلمها من المجني عليه على سبيل الوكالة إضراراً بـ" - ولما كان ما قاله الحكم من ذلك تتحقق به أركان جريمة التبديد كما هي معرفة به في القانون - وكان سداد المبلغ المختلس بعد وقوع الجريمة لا يؤثر على قيامها ولا يدل بذاته على انتفاء القصد الجنائي - وكانت القيود التي جاء بها القانون المدني في مواد الإثبات لم توضع للمصلحة العامة وإنما وضعت لمصلحة الأفراد فالدفع بعدم جواز إثبات الحق المدعى به بالبينة يجب على من يريد التمسك به أن يتقدم به إلى محكمة الموضوع، وكان الطاعن لم يثر شيئاً من ذلك أمامها فإنه يعتبر متنازلاً عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون ولا يكون له من بعد أن يتمسك بهذا الدفع أمام محكمة النقض - لما كان ذلك، فإن الحكم يكون سليماً، وما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو قصور الحكم عن بيان أركان جريمة التبديد وتاريخ وقوعها، وكذلك في الرد على أقوال المجني عليه المتناقضة بشأن المبلغ المقول باختلاسه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة التبديد على النحو المبين بالوجه الأول - لما كان ذلك، وكان تحديد التاريخ الذي تمت فيه الجريمة لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي أوردتها على حصول الحادث في التاريخ الذي ورد في وصف التهمة دون ما اعتراض من الطاعن بالجلسة - وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أغفلت في أسباب حكمها الرد على ما يثيره الطاعن من تعدد روايات المجني عليه بشأن المبلغ المبدد ما دام الرد على ذلك مستفاداً من قضائها بالإدانة للأدلة التي استندت عليها وما دامت قد استخلصت الإدانة مما اطمأنت إليه من أقوال المجني عليه بما لا تناقض فيه. لما كان ذلك، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.