أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 234

جلسة 21 من فبراير سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين - المستشارين.

(70)
القضية رقم 774 سنة 25 القضائية

تلبس. إثبات. التخلي الذي ينبني عليه قيام حالة التلبس بالجريمة. شرطه.
يشترط في التخلي الذي ينبني عليه قيام حالة التلبس بالجريمة أن يكون قد وقع عن إرادة وطواعية واختيار، فإذا كان وليد إجراء غير مشروع فإن الدليل المستمد منه يكون باطلاً لا أثر له. وإذن فمتى كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن المتهم لم يتخل عما معه من القماش المسروق إلا عندما هم الضابط بتفتيشه دون أن يكون مأموراً من سلطة التحقيق بهذا الإجراء فإنه لا يصح الاعتداد بالتخلي ويكون الدليل المستمد منه باطلاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: شرع في سرقة القماش المبين القيمة والوصف بالمحضر لمحلات هانو وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه وهو ضبطه متلبساً قبل التمكن من الهرب بالمسروقات. وطلبت عقابه بالمادتين 317/ 2 و321 من قانون العقوبات. ومحكمة المنشية الجزئية بعد أن نظرت هذه الدعوى قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و47 و317/ 2 و321 من قانون العقوبات بحبس المتهم خمسة عشر يوماً مع الشغل وكفالة 100 قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. وفي أثناء نظر هذا الاستئناف أمام محكمة إسكندرية الابتدائية دفع الحاضر عن المتهم بمذكرته المقدمة بدفاعه ببطلان التفتيش لأنه لم يكن في حالة تلبس. والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعه قضت حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع (أولاً) برفض الدفع ببطلان التفتيش. (وثانياً) بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف التنفيذ لمدة ثلاث سنين تبدأ من اليوم بلا مصاريف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أنه دفع أمام المحكمة الاستئنافية ببطلان القبض عليه وتفتيشه تأسيساً على أن ضابط البوليس فتشه في غير إحدى حالات التلبس بالجريمة بناء على شبهة قامت لدى رئيس الطاعن، ودون أن يستصدر من سلطة التحقيق أمراً بإجراء هذا التفتيش، ولكن المحكمة رفضت الدفع وردت عليه رداً قاصراً ومخالفاً للقانون.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أن المحكمة عرضت للدفع المقدم لها من الطاعن وردت عليه بقولها "ورد في بيان الدفاع عن المتهم في المذكرة المقدمة منه ما يشير إلى أن التفتيش وقع باطلاً لأن المتهم لم يكن في حالة تلبس، وحيث إنه بالرجوع إلى محضر التحقيق يتضح منه أنه لم يحصل تفتيش المتهم بل عند الشروع في ذلك أخرج المتهم من تلقاء نفسه قطعتي القماش من جيبه واعترف بذلك كما أيد هذه الواقعة جميع الشهود ومن ثم فلا يكون هناك محل للقول ببطلان التفتيش" ومفاد هذا الذي أثبته الحكم وأسس عليه قضاءه برفض الدفع وبصحة التفتيش أنه اعتبر الطاعن متلبساً بالجريمة حين تخلى عن قطعتي القماش المسروقتين بإخراجهما من جيبه وتقديمها لضابط البوليس، ولما كان يشترط في التخلي الذي ينبني عليه قيام حالة التلبس بالجريمة أن يكون قد وقع عن إرادة وطواعية واختيار، فإذا كان وليد إجراء غير مشروع فإن الدليل المستمد منه يكون باطلاً لا أثر له، لما كان ذلك، وكانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن الطاعن لم يتخل عما معه من القماش إلا عندما هم الضابط بتفتيشه دون أن يكون مأموراً من سلطة التحقيق بهذا الإجراء، فإنه لا يصح الاعتداد بالتخلي، ويكون الدليل المستمد منه باطلاً، ولما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن اعترف بالسرقة بعد أن قدم القماش المسروق دون أن يعرض الحكم لتقدير ما إذا كان لهذا الاعتراف صلة بذلك الإجراء الباطل أو أنه صدر مستقلاً عنه غير متأثر به، فإن الحكم يكون قاصراً من هذه الناحية بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.