أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 239

جلسة 21 من فبراير سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة: مصطفى كامل، وفهيم يسى الجندي، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(72)
القضية رقم 1091 سنة 25 القضائية

حكم. تسبيبه بوجه عام. حكم البراءة. رده على كل دليل من أدلة الاتهام. غير لازم.
المحكمة غير ملزمة - وهي تقضي بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية - أن ترد على كل دليل من أدلة الاتهام، لأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد حتماً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى الحكم بالإدانة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة أحمد حسنين السيد بأنه في يوم 30 من يونيه سنة 1949 بناحية بني عبيد مركز دكرنس مديرية الدقهلية باعتباره من غير أرباب الوظائف العمومية، ارتكب تزويراً مادياً في محضر الشكوى رقم 1842 سنة 1949 إداري دكرنس المحفوظة إدارياً، وذلك بطريق التغيير والإضافة وذلك بأن عدل الألفاظ "أطياني ومشتراي ولأطياني الواردة في صلب الشكوى إلى الأطيان ومشتراها" وأضاف الكلمات "محمد" بجوار الاسم إبراهيم جاد بالسطر الأول "وإخوتي" بنهاية السطر الخامس من الصلب، كما أضاف عبارة عن "أخواتي محمود علي ومحمد إبراهيم" فوق توقيعه. وطلبت عقابه بالمادتين 211 و212 من قانون العقوبات. وقد ادعى السيد جاد السيد بحق مدني قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. وفي أثناء نظر هذه الدعوى أمام محكمة دكرنس الجزئية دفع الحاضر عن المتهم بعدم قبول الدعوى المدنية لأن المدعي بالحق المدني لم ينله ضرر من الجريمة بحال من الأحوال. والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة ألف قرش لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني السيد جاد قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية بلا مصروفات جنائية، وقد ذكرت في أسباب حكمها أن الدفع في غير محله. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية بعد أن أتمت سماعه قضت حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهم وبرفض الدعوى المدنية وألزمت المدعي بالحق المدني بالمصاريف المدنية عن الدرجتين بلا مصاريف جنائية.
فطعن الأستاذ علي عبد المجيد المحامي والوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه - إذ ألغى الحكم الابتدائي وقضى ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية، شابه القصور في التسبيب وانطوى على خطأ في الإسناد وفساد في التدليل - ذلك بأن الحكم الابتدائي - اعتمد فيما اعتمد عليه في إدانة المتهم والقضاء للطاعن بالتعويض - على أقوال محقق البوليس إبراهيم محمد صبر وشيخي البلد محمد علي السيد ومحمد عبد المنعم إبراهيم ولكن الحكم المستأنف اجتزأ أقوال البلوكامين المحقق حتى أضاع مدلولها وكذلك فعل بأقوال شيخ البلد فلم يورد مضمون الدليل موضوع المناقشة مع تعلقه بواقعة الدعوى وقصر في تناول سبب الإدانة الوارد في الحكم الملغي ولم يقم الدليل على عدم صحته - وأخطأ في الإسناد خطأ أثر في النتيجة التي انتهى إليها حين قال إن البلوكامين لم يقل بحصول تغيير وبأنه لا يذكر حقيقة الأمر في موضوع الدعوى مع أنه قال بحصول التغيير وأكد أن البلاغ غير مطابق للأصل على النحو الثابت في الحكم - ثم أن الحكم الابتدائي اعتمد أيضاً على إقرار المطعون ضده بأنه هو الذي أجرى التعديل وما جاء بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير مؤكداً إحداث التزوير في وقت لاحق لتقديم البلاغ ونافياً ما زعمه المطعون ضده عن كيفية إحداث التعديل فجاء الحكم المطعون فيه معيباً في هذا الخصوص من وجهين الأول أنه دلل على نفي التزوير بما لا يصح سبباً لنفيه ولا يؤدي بذاته إلى ما انتهى إليه الحكم والوجه الثاني - أنه تصدى فقط لما جاء بالتقرير من الناحية الزمنية وأغفل ما جاء فيه نافياً لدفاع المطعون ضده فجاء الحكم متخاذلاً في هذه الناحية - ثم أن الحكم تلمس المخرج للمطعون ضده بما أورده من أسباب عن انعدام مصلحة المطعون ضده في التزوير ما دام أن العقد الصادر منه لعدلان عطية ومن هذا الأخير إلى الطاعن ثابت فيه أن المطعون ضده بائع لعدلان ومشتر من البائع الأصلي وأن في ذلك ما يغني عن التمسك بالشكوى التي استخرج الطاعن صورتها والتي اتهم المطعون ضده بإحداث التزوير فيها وفات الحكم أن مصلحة المطعون ضده في استخراج الشكوى لم تكن لإثبات الملك بل لإثبات وضع اليد الذي تتوافر فيه شروط دعوى الحيازة التي تلقاها من حائز فعلي - يضاف إلى هذا أن الحكم حين رتب انعدام المصلحة في التزوير أخطأ في الإسناد بقوله أن الشكوى المزورة رقم 1742 سنة 1949 كانت مضمومة وقت استخراج الصورة في 4/ 4/ 1950 للشكوى رقم 131 سنة 1950 إداري دكرنس فلم يكن هناك حاجة للطاعن لاستخراج صورتها مع أن بالأوراق ما ينفي أنها كانت مضمومة في ذلك التاريخ - ثم أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى القول باحتمال التزوير في صورة البلاغ المقدمة من الطاعن بأدلة لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ولم يبين العلة في بقاء أصل المحضر مطابقاً في مضمونه وبياناته مع الصورة الرسمية للمحضر والبلاغ قبل حصول التعديل والإضافة وبهذا يكون الحكم قد بنى الحقيقة القانونية في المواد الجنائية على الظنون والفروض المخالفة للواقع فعلاً - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بإلغاء الحكم الابتدائي وببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية - قد بين الواقعة كما رواها الطاعن ووكيله - وناقش الأدلة القائمة فيها - وأقوال الشهود وفند أسباب الحكم الابتدائي بأسباب سائغة صحيحة مردودة إلى أصلها الثابت في الأوراق التي قررت المحكمة ضمها تحقيقاً للطعن ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها والتفت عن أقوال المحقق وشيخي البلد لما قاله من أنهم لم يقطعوا بحصول التعديل بعد تقديم الشكوى، كما تعرض لتقرير قسم الأبحاث والتزييف بقوله: "إن تقرير الطبيب الشرعي لا ينهض دليلاً على أن التعديل في الشكوى كان لاحقاً لتقديمها، ذلك لأنه لم يقطع في ذلك بل أنه قرر أولاً بأن الفترة التي مرت غير معروفة تماماً ثم قطع في التقرير الثاني بأنه لا يمكنه تحديد هذه الفترة وذلك لاختلاف الأحبار التي كتبت بها ولاختلافها وقد تكون هذه الفترة ساعات كما قرر المتهم عند مناقشته بجلسة اليوم". ثم أشار الحكم بعد ذلك إلى ما وقع في أقوال موظفي النيابة من اضطراب من شأنه - كما جاء بالحكم أن يورث الشك في كيفية استخراج الصورة وانتهى إلى قوله "ومن ذلك يبين أن التهمة المنسوبة للمتهم مشكوك فيها كل الشك ويكون الحكم المستأنف إذ أدانه في غير محله ويتعين إلغاؤه" - لما كان ذلك - وكان يبين من الحكم - على ما تقدم - أن محكمة ثاني درجة استعرضت أدلة الدعوى جميعها عن بصر وبصيرة فلم تجد فيها ما يؤدي إلى إدانة المتهم، وكانت المحكمة غير ملزمة وهي تقضي بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية أن ترد على كل دليل من أدلة الاتهام - لأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد حتماً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى الحكم بالإدانة - فلا يجوز مصادرتها في اعتقادها ولا المجادلة في تقديرها ولا يصح أن ينعى على هذا الحكم أنه أقيم على الظنون والفروض - لما كان ذلك كله، وكانت دعوى الخطأ في الإسناد غير صحيحة - فإن الجدل على الصورة الواردة في الطعن لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً وعوداً إلى مناقشة تقدير الأدلة فيها مما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.