أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 250

جلسة 21 من فبراير سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، وفهيم يسى الجندي، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(75)
القضية رقم 1257 سنة 25 القضائية

( أ ) ارتباط. نقض. أسباب موضوعية. سلطة محكمة النقض. تقدير توافر الشروط المقررة في المادة 32 ع. موضوعي. إثبات الحكم وقائع الدعوى على نحو يوجب تطبيق المادة المذكورة. عدم تطبيقها. يقتضي تدخل محكمة النقض.
(ب) نقض. ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام. ما يجوز الطعن فيه من الأحكام. الحكم الصادر في المخالفة. عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض. محله.
(ج) تنظيم. حكم. تسبيبه. القضاء بتصحيح الأعمال المخالفة. عدم بيان عناصر المخالفة المستوجبة لذلك. قصور.
(د) نقض. طعن لا مصلحة منه. لا جدوى من إثارته. مثال في حالة تعدد الجرائم.
1 - إنه وإن كان تقدير توافر الشروط المقررة في المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توفرها هو من شأن محكمة الموضوع وحدها لها أن تقرر فيه ما تراه استناداً إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى ما تنتهي إليه، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم توجب تطبيق المادة المذكورة فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التي تقتضي تدخل محكمة النقض لتطبيق القانون على وجهه الصحيح.
2 - النص على عدم جواز الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر في المخالفة محله الطعن الموجه إلى الحكم الذي يصدر في المخالفة وحدها، أما إذا كون الفعل جرائم متعددة مما يصح وصفه في القانون بأكثر من وصف، مخالفة وجنحة في وقت واحد، أو كانت المخالفة مرتبطة تمام الارتباط بالجنحة بحيث لا تقبل التجزئة فإن الحكم الصادر في المخالفة يصح أن يكون محلاً للطعن الذي يرفع عنها وعن الجنحة معاً [(1)].
3 - إذا قضى الحكم بتصحيح الأعمال المخالفة دون أن يبين عناصر المخالفة المستوجبة لذلك فإنه يكون قاصراً واجباً نقضه.
4 - طلب الحكم بانقضاء الدعوى العمومية بالنسبة للمخالفة بمضي المدة لا جدوى منه ما دام هناك محل لتطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات مما مقتضاه أن توقع على الطاعن عقوبة واحدة هي عقوبة الجنحة بوصفها العقوبة الأشد [(1)].


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بالأربعين. أولاً: أقام بناء بدون رخصة من السلطة القائمة على أعمال التنظيم. وثانياً: أقام بناء يقل ارتفاعه عن القانون. وثالثاً: لم يترك بالمبنى فناء قانونياً. ورابعاً: أقام هذا البناء بارزاً عن خط التنظيم. وطلبت عقابه بالمواد 1 و7 و18 من القانون رقم 93 لسنة 1948 ودكريتو التنظيم الصادر سنة 1889 والمادة 395 من قانون العقوبات، ومحكمة الأربعين الجزئية نظرت هذه الدعوى وقضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم 150 قرشاً عن التهمة الأولى وبتغريمه 150 قرشاً عن التهمتين الثانية والثالثة وتصحيح الأعمال المخالفة على نفقته وبتغريمه 50 قرشاً والإزالة على نفقته عن التهمة الأخيرة بلا مصاريف. فعارض المتهم في هذا الحكم الغيابي وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وبتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. وفي أثناء نظر هذا الاستئناف أمام محكمة السويس الابتدائية دفع المتهم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. والمحكمة المشار إليها بعد أن أتمت سماعه قضت حضورياً برفض الدفع المبدي من المتهم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الخ.


المحكمة

وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعن بأنه في يوم 27 من نوفمبر سنة 1949 بالأربعين أولاً: أقام بناء بدون رخصة من السلطة القائمة على أعمال التنظيم. وثانياً: أقام بناء يقل ارتفاعه عن القانون. وثالثاً: لم يترك بالمبنى فناًء قانونياً. ورابعاً: أقام هذا البناء بارزاً عن خط التنظيم. وطلبت معاقبته بالمواد 1 و7 و18 من القانون رقم 93 لسنة 1948 ودكريتو التنظيم الصادر سنة 1889 والمادة 395 من قانون العقوبات. وفي 14 من فبراير سنة 1950 قضت محكمة الأربعين غيابياً بتغريم الطاعن 150 قرشاً عن التهمة الأولى وتغريمه 150 قرشاً عن التهمتين الثانية والثالثة وتصحيح الأعمال المخالفة على نفقته وتغريمه 50 قرشاً والإزالة على نفقته عن التهمة الأخيرة. وعارض الطاعن في هذا الحكم فقضى بتأييده. فاستأنف الحكم الصادر في المعارضة. وفي 19 من فبراير سنة 1955 حكمت محكمة السويس بهيئة استئنافية برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وفي الموضوع برفض استئناف الطاعن وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكان تقدير توفر الشروط المقررة في المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توفرها هو من شأن محكمة الموضوع وحدها - لها أن تقرر فيه ما تراه استناداً إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى ما تنتهي إليه - إلا أنه متى كانت وقائع هذه الدعوى كما أثبتها الحكم توجب تطبيق المادة المذكورة عملاً بنصها فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التي تقتضي تدخل محكمة النقض لتطبيق القانون على وجهه الصحيح - ولما كان الثابت من عبارة الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - أن جرائم الجنح والمخالفة التي دين فيها الطاعن إنما ارتكبت جميعاً لغرض واحد ومرتبطة إحداها بالأخرى ارتباطاً لا يقبل التجزئة - وكان النص على عدم جواز الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر في المخالفة محله الطعن الموجه إلى الحكم الذي يصدر في المخالفة وحدها - فإذا كون الفعل جرائم متعددة كما هو الحال في الدعوى مما يصح وصفه في القانون بأكثر من وصف - مخالفة وجنحة في وقت واحد أو كانت المخالفة مرتبطة تمام الارتباط بالجنحة بحيث لا تقبل التجزئة - فإن الحكم الصادر في المخالفة يصح أن يكون محلاً للطعن الذي يرفع عنها وعن الجنحة معاً.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه - أنه إذ دانه بأنه أقام بناء يقل عن الارتفاع المقرر في القانون - جاء باطلاً لقصوره إذ خلا من بيان حالة البناء الذي أقامه الطاعن.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن من بين التهم التي أسندت إلى الطاعن "هي تهمة إقامة بناء يقل ارتفاعه عن الارتفاع القانوني" وحكم عليه فيها بغرامة قدرها 150 قرشاً وتصحيح الأعمال المخالفة على نفقته - وجاء في أسباب الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه ما يأتي "وحيث إن مهندس التنظيم أثبت في محضره بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1955 أن المتهم أقام البناء على أرض المنافع العامة بدون رخصة من السلطة القائمة على أعمال التنظيم وأن هذا البناء لا يطل على فناء قانوني وأن ارتفاعه أقل من الارتفاع القانوني كما أنه بارز عن خط التنظيم" - لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتصحيح الأعمال المخالفة دون أن يبين عناصر المخالفة المستوجبة لذلك فإنه يكون قاصراً واجباً نقضه لعدم بيان حالة البناء الذي أقامه الطاعن ولا وجه المخالفة التي وقعت.
وحيث إن نقض الحكم في هذه الواقعة يقتضي - نظراً للارتباط الوثيق القائم بينها وغيرها من التهم المسندة إلى الطاعن - نقض الحكم كله والقضاء بإعادة المحاكمة بالنسبة إلى جميع التهم موضوع الدعوى لكي تستظهر محكمة الموضوع التي تحال إليها الدعوى - في سبيل حسن العدالة - الحقيقة كاملة بالنسبة إلى كل ما وقع من الطاعن - أما ما تطلبه النيابة من الحكم بانقضاء الدعوى العمومية بالنسبة للمخالفة (التهمة الأخيرة) بمضي المدة عملاً بالمادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية - لمضي أكثر من سنة ونصف من وقت وقوع الجريمة حسب الثابت بالحكم إلى يوم 15 من أكتوبر سنة 1951 ما تطلبه النيابة من ذلك فلا جدوى منه ما دام هناك محل لتطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات مما مقتضاه أن توقع على الطاعن عقوبة واحدة هي عقوبة الجنحة بوصفها العقوبة الأشد فيها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه من غير حاجة إلى بحث وجوه الطعن الأخرى.


[(1)] قررت المحكمة هاتين القاعدتين أيضاً في الحكم الذي أصدرته في نفس الجلسة في القضية رقم 1256 سنة 25 القضائية.