أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 277

جلسة 28 من فبراير سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة حسن داود، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(84)
القضية رقم 1383 سنة 25 القضائية

نقض. رأفة. طعن لا مصلحة منه. لا جدوى من إثارته. القضاء على المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة في جنايتي قتل عمد وشروع فيه مع سبق الإصرار. خطأ المحكمة في وصف جناية الشروع في القتل بأنها قتل عمد. إعمال حكم المادة 17 ع. لا مصلحة من النعي بخطأ المحكمة المذكورة ما دامت العقوبة على قدر الواقعة الجنائية ذاتها.
لا جدوى من النعي على الحكم أنه إذ دان المتهمين في جريمتي القتل العمد والشروع في القتل مع سبق الإصرار، لم يبين علاقة السببية بين فعل القتل المنسوب إليهما وبين النتيجة التي قضي بمساءلتهما عنها، متى استبان أن الواقعة الجنائية التي أثبت الحكم وقوعها تبرر العقوبة المحكوم بها بصرف النظر عن الخطأ القانوني الذي وقعت فيه المحكمة بوصفها جريمة الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار بأنها قتل عمد مع سبق الإصرار. ولا يغض من هذا النظر كون الحكم قد أخذ المتهمين بالرأفة إعمالاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات، ذلك أن المحكمة إنما قدرت ظروف الرأفة بالنسبة لذات الواقعة الجنائية ولو أنها كانت قد رأت أن الواقعة في الظروف التي وقعت فيها تقتضي النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لما منعها من ذلك الوصف الذي وصفتها به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما. أولاً: قتلا عبد الحميد شحاتة عبد الحميد عمداً مع سبق الإصرار على ذلك بأن انتويا قتله وأعدا لذلك أسلحة نارية (بنادق) وذهبا إليه في حقله وأطلقا عليه عيارين ناريين قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة في التقرير الطبي الشرعي التي أودت بحياته. وثانياً: شرعا في قتل غريب محمد محمد عبد الحميد عمداً مع سبق الإصرار على ذلك بأن انتويا قتله وأعدا لذلك أسلحة نارية (بنادق) وذهبا إليه في حقله وأطلقا عليه عيارين ناريين قاصدين من ذلك قتله وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو عدم إحكام الرماية وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وهي أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعاً في قتل زكي محمود رضوان وعبد العزيز محمود رضوان عمداً مع سبق الإصرار على ذلك بأن انتويا قتلهما وأعد لذلك أسلحة نارية (بنادق) وأطلقا عليهما ثلاثة أعيرة نارية في طريق مرورهما إلى بلدتهما قاصدين من ذلك قتلهما وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو عدم إحكام الرماية. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و230 و231 و234/ 2 من قانون العقوبات فقررت بذلك بتاريخ 5 من يناير سنة 1953. وقد ادعى غريب محمد محمد عبد الحميد بحق مدني قبل المتهمين متضامنين بقرش صاغ واحد تعويضاً مؤقتاً. ونظرت محكمة جنايات أسيوط هذه الدعوى ثم قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 من نفس القانون. بمعاقبة كل من بكر علي محمد الشاذلي وعثمان إبراهيم عثمان الشاذلي بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني غريب محمد محمد عبد الحميد قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت وإلزامهما بمصاريف الدعوى المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد شاب أسبابه القصور إذ دان الطاعنين بتهمتي قتل عبد الحميد شحاتة عمداً ومع سبق الإصرار والشروع في قتل غريب محمد عبد الحميد عمداً ومع سبق الإصرار وقضى بتطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات ومعاقبتهما بالأشغال الشاقة المؤبدة باعتبارها العقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي القتل العمد مع سبق الإصرار في حين أنه لم يبين - بالدليل الفني - علاقة السببية بين الفعل المنسوب إلى الطاعنين والنتيجة التي قضى بمساءلتهما عنها، فلم يدلل من الناحية الطبية أن المجني عليه توفي فعلاً من الإصابة التي قيل إن الطاعنين قد أحدثاها به بل اكتفى الحكم في مساق الدليل، ببيان أوصاف الجرح الناري الذي أصاب المجني عليه كما ورد بالتقرير الطبي الشرعي، دون أن يتحدث عن صلة السببية بين وفاة المجني عليه الأول وبين الجرح الذي ذكرت أوصافه.
وحيث إنه وإن كان الحكم المطعون فيه - قد عني باستظهار نية القتل العمد مع سبق الإصرار في حق الطاعنين واستدل بما يبين منه أنهما قصدا إزهاق روح المجني عليه الأول - بالأدلة السائغة التي أوردها في هذا الخصوص - إلا أنه أغفل بيان أن وفاته إنما نشأت عن الإصابات التي أحدثها العيار الذي أطلق عليه - في حين أن جريمة القتل العمد لا تقوم قانوناً إلا إذا كان وقوع القتل وإزهاق الروح هما نتيجة للفعل الذي أسند إلى الجاني، لما كان ذلك، وكان يجب أن يعني عناية خاصة في الحكم القاضي بالإدانة من أجل هذه الجناية باستظهار هذا العنصر وإيراد الأدلة الفنية التي تثبت توفره - وليس يكفي في هذا الشأن - قول الحكم في كلمة عابرة فأصاب أحد العيارين المجني عليه فأرداه قتيلاً - فإنه يكون قد أخل ببيان علاقة السببية بين الفعل المنسوب إلى الطاعنين وبين النتيجة التي قضي بمساءلتهما عنها - مما يجعل من واقعة إطلاق العيار على المجني عليه عبد الحميد شحاتة - على الصورة التي أثبتها الحكم - مجرد شروع في القتل مع سبق الإصرار إلا أنه مع ذلك لا جدوى للطاعنين فيما يثيرانه في هذا الخصوص ما دام الحكم المطعون فيه قد دانهما في جريمتي القتل العمد والشروع في القتل مع سبق الإصرار ولم يوقع عليهما إلا عقوبة واحدة - هي عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة - طبقاً لنص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات على اعتبار أن هاتين الجريمتين مرتبطتان إحداهما بالأخرى ارتباطاً لا يقبل التجزئة، وما دامت العقوبة المحكوم بها تدخل في نطاق النص الذي يعاقب أياً من جريمتي الشروع في القتل الذي ثبت وقوعهما في حقهما، ولا يغض من هذا النظر أن الحكم المطعون فيه - أخذ الطاعنين بالرأفة إعمالاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات، ذلك بأن المحكمة إنما قررت ظروف الرأفة بالنسبة لذات الواقعة الجنائية لكلا الطاعنين ولو أنها كانت قد رأت أن الواقعة في الظروف التي وقعت فيها تقتضي النزول بالعقوبة إلى أكثر من مما نزلت إليه لما منعها من ذلك الوصف الذي وصفتها به، لما كان ما تقدم وكان قد استبان أن الواقعة الجنائية التي أثبت الحكم وقوعها تبرر العقوبة المحكوم بها بصرف النظر عن الخطأ القانوني الذي وقعت فيه المحكمة بوصفها جريمة الشروع في قتل عبد الحميد شحاتة عمداً مع سبق الإصرار بأنها قتل عمد مع سبق الإصرار فإنه يتعين رفض الطعن وفقاً للمادة 433 من قانون الإجراءات الجنائية.