مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 446

(61)
جلسة 28 من يناير سنة 1968

برئاسة السيد الأستاذ مصطفى كامل إسماعيل - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد مختار العزبي ومحمد طاهر عبد الحميد وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر - المستشارين.

القضية رقم 1473 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف. "إعارة". موظف "ندب".
صدور قرار الجامع الأزهر بندب المدعي للتدريس في جمعية المقاصد الإسلامية ببيروت - تكييف هذا القرار - إعارة وليس ندباً.
(ب) - موظف. "إعارة". المعاملة المالية للمعارين.
قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 أغسطس سنة 1955 - عدم ورود أية إشارة به إلى تكاليف نقل أمتعة المعارين بالقرار المذكور - مقتضى ذلك ألا تتحمل الحكومة المصرية نفقات نقل أمتعة المعارين وإن تحملت نفقات سفرهم وأسرهم ومرتباتهم - أساس ذلك.
(جـ) موظف. "إعارة. المعاملة المالية للمعارين". موظف. بدل سفر. قرار مجلس الوزراء الصادرة في 9 من فبراير سنة 1955 في شأن أجور الشحن بالطائرة للموظفين الذين يعملون بالخارج - انصراف أحكامه إلى العاملين في الخارج في خدمة الدولة ولمصلحتها دون سواهم - أساس ذلك.
1 - أنه ولئن كانت قرارات الجامع الأزهر الصادرة في شأن قيام المدعي بالتدريس في جمعية المقاصد الإسلامية ببيروت، ثم بإنهاء عمله بهذه الجمعية قد وصفت مهمته "بالندب" إلا أن التكييف القانوني الحقيقي للمهمة التي عنتها هذه القرارات، هو أن المدعى إنما كان معاراً للجمعية المذكورة طوال مدة عمله بها لا منتدباً، ذلك أن المادة 48 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 كانت تنص على أنه "يجوز ندب الموظف من عمله للقيام مؤقتاً بعمل وظيفة أخرى في نفس الوزارة أو المصلحة أو في وزارة أو مصلحة أخرى إذا كانت حالة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك" ومن ثم فإن عمل المدعي لدى هذه الجمعية لا يكون ندباً وإنما يكون إعارة للجمعية المذكورة، تسري في شأنه أحكام المادة 51 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه وبالتالي فإن معاملته من الناحية المالية تخضع لأحكام القرارات الصادرة في شأن المعارين.
2 - أن مجلس الوزراء أصدر في 24 من أغسطس سنة 1955 قراره الذي نظم فيه المعاملة المالية للمعارين إلى الدول الأجنبية والمعارين إلى الجمعيات الإسلامية في هذه الدول، وقد ورد فيه بالنسبة إلى الجمعيات الإسلامية في سوريا ولبنان - من بين هذه الجمعيات المقاصد الإسلامية ببيروت - أن الحكومة المصرية تدفع مرتبات المعارين ونفقات سفرهم، هم وأسرهم، ذهاباً وإياباً مرة واحدة في بداية الإعارة، ثم في نهايتها ولم ترد في هذا القرار أية إشارة إلى تكاليف نقل أمتعة هؤلاء المعارين ومقتضى ذلك ألا تتحمل الحكومة المصرية نفقات نقل أمتعتهم إذ الأصل أن تتحمل الدول والجمعيات المستعيرة نفقات سفر المعارين إليها ومرتباتهم ومن ثم يكون تحمل الحكومة المصرية نفقات سفرهم ومرتباتهم من قبيل الاستثناء الوارد على خلاف هذا الأصل فلا يتوسع في تفسيره ولا يقاس عليه، بل يقدره ويتحدد بحدوده.
3 - يبين من مذكرة وزارة المالية التي صدر بناء عليها قرار مجلس الوزراء وبجلسة 9/ 2/ 1955 أن الموظفين الذين كانت تتحمل الحكومة أصلاً نفقات نقل أمتعتهم، إنما هم من الموظفين العاملين في خدمة الدولة ولحسابها خارج حدودها، ولما طالب ممثل وزارة الخارجية بأن يتمتع موظفوها الذين ذكرهم بهذه الميزة، كما طالب ممثل مصلحة الطيران المدني بالميزة ذاتها لمندوبي المصلحة الذين يمثلونها في الخارج، اقترح ديوان الموظفين الموافقة على أن تسري الميزة المذكورة على جميع موظفي الدولة العاملين في الخارج، ومن ثم تحدد القصد بعدم انصراف هذه المعاملة بحسب القاعدة التي أقرها مجلس الوزراء إلا إلى الموظفين العاملين في الخارج في خدمة الدولة ولمصلحتها الخاصة دون سواهم يؤيد ذلك أن الموظفين المدينين خارج القطر وفقاً لنص العبارة التي وردت في قرار مجلس الوزراء المشار إليه والتي تقطع دلالتها في تبيان هذا القصد كانوا يستحقون مرتب نقل روعي عدم صرفه لهم بعد العمل بقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من فبراير سنة 1955.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 498 لسنة 12 القضائية ضد الجامع الأزهر، بعريضة أودعت كتاب محكمة القضاء الإداري في 5 من فبراير سنة 1958 بناء على قرار صادر لصالحه في جلسة 20 من يناير سنة 1958 من لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة المذكورة، في طلب الإعفاء رقم 24 لسنة 12 القضائية المقدم منه ضد الجامع الأزهر، وطلب في عريضة الدعوى "الحكم للطالب بمرتباته الإضافية، حتى التاريخ المحدد لإنهاء بعثته في أكتوبر سنة 1956، وإحضار أمتعته ومنقولاته، باستمارة ومصاريف على حساب الجامع الأزهر من بيروت إلى الزقازيق، مع إلزام السيد المطعون ضده، فضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر بمصاريف هذه الدعوى، ومقابل أتعاب المحاماة". وقال بياناً لدعوه، أنه وقع الاختيار عليه، لإيفاده إلى بيروت مبعوثاً عن الأزهر، وسافر إلى لبنان في أواخر عام 1954، حيث تسلم عمله في جمعية المقاصد الإسلامية ببيروت، في أول يناير سنة 1955، وفى 23 من يونيه سنة 1956 كتب إليه الملحق الثقافي لسفارتي دمشق وبيروت، أن مشيخة الأزهر قد وافقت على منحه أجازة مدتها شهر ونصف مع صرف مرتباته الإضافية فقام بإجازته في 14 من أغسطس سنة 1956، ووصل إلى القاهرة في اليوم التالي وفى 21 من أغسطس سنة 1956 أنهى الأزهر ندبة إلى جمعية المقاصد الإسلامية ولم يصرف له مرتبه عن شهر أغسطس وسبتمبر سنة 1956 إلا في يوليه سنة 1957 بدون مرتباته الإضافية عن هذين الشهرين وفرق العملة، على الرغم من استحقاقه لكل ذلك، لأن قرار الجامع الأزهر رقم 958 الصادر في 5 من نوفمبر سنة 1955 قد نص على تجديد ندبه مدة سنة أخرى تنتهي في شهر أكتوبر سنة 1956، وقد أجاب الجامع الأزهر عن الدعوى، بأن حالة المدعي تتلخص في الآتي:
1 - صدر قرار المشيخة رقم 895 في 5 من نوفمبر سنة 1955 بتجديد ندب المدعي مع آخرين للتدريس والوعظ في لبنان في العام الدراسي 1955/ 1956، اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1955.
2 - صدر قرار المشيخة رقم 401 في 11 من أغسطس سنة 1956 بإنهاء ندب المدعي بناء على رغبة الكلية التي ندب للتدريس بها.
3 - حضر المدعي إلى مصر في 15 من أغسطس سنة 1956 بعد صدور قرار إنهاء ندبه في 11 من أغسطس سنة 1956 دون أن يكون مرخصاً له في أجازة من المشيخة.
4 - قطعت المرتبات الإضافية عن المدعي اعتباراً من 15 من أغسطس سنة 1956 - تاريخ وصوله إلى مصر - لانتهاء ندبه.
كما ذكر الأزهر - رداً على مطالبة المدعي بإحضار أمتعته من بيروت، بأن التعليمات لا تسمح إطلاقاً بشحن أمتعته على حساب الأزهر عند سفره إلى الجهة التي ندب للعمل فيها، أو عند عودته منها (المادة 361 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات).
وقد أبدى المدعي في المذكرات المقدمة منه أنه كان معاراً من الأزهر إلى جمعية المقاصد الإسلامية ببيروت، كما ذكر أنه غادر لبنان قبل أن يصدر قرار إنهاء إعارته، تاركاً خلفه أمتعته وأمتعة أسرته التي كانت ترافقه وأوضح في مذكرته المقدمة في جلسة 28 من مايو سنة 1962، أنه يستمد حقه في نقل أمتعته من المادتين 19 و54 من لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال، إذ تعرف أولاهما مصروفات الانتقال بأنها هي ما يصرف للموظف في نظير ما يتكلف من نفقات بسبب أداء الوظيفة من أجور سفر وانتقال ونقل أمتعة وحملها، كما تقضى الثانية، بأن تتحمل الحكومة نقل أمتعة الموظف الشخصية بالطائرة أو الباخرة إلا إذا اختار الموظف نقل أمتعته على نفقته الخاصة، فيصرف له مرتب النقل بواقع ماهية شهر ونصف وأشار في هذا إلى القرارات الصادرة في شأن نقل أمتعة الموظفين المعينين في الخارج، وموظفي الهيئات الدبلوماسية أو القنصلية، وانتهى من ذلك إلى تحديد طلباته على الوجه الآتي "أولاً: الحكم له بإحضار أمتعته من لبنان على نفقة الأزهر. ثانياً: الحكم له بمرتبات إضافية، نصف شهر أغسطس، وشهر سبتمبر سنة 1956. ثالثاً: تحميل الأزهر نفقات ومصاريف الدعوى وأتعاب المحاماة". وبجلسة 2 من يوليه سنة 1962 قضت محكمة القضاء الإداري "بأحقية المدعي في نقل أمتعته من لبنان إلى مصر على نفقة الجامع الأزهر، في الحدود والأوضاع التي رسمها قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من فبراير سنة 1955 ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وإلزام الطرفين بالمصروفات المناسبة". وأقامت قضاءها فيما قضت به للمدعي من استحقاقه نقل أمتعته من لبنان إلى مصر على نفقة الجامع الأزهر على أن إنهاء ندبه قد وقع في ظل العمل بقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من فبراير سنة 1955 الذي وحد المعاملة بين موظفي الحكومة الذين يعملون بالخارج، والذي قضى بأن تتحمل الحكومة نفقات شحن أمتعتهم ومنقولاتهم في الحدود الآتية:
50 كيلو جراماً بالطائرة علاوة على الـ 30 كيلو جراماً المسموح بها من شركات الطيران.
400 كيلو جرام بالباخرة مع التأمين بما لا يجاوز 1000 جنيه عند الشحن مع مراعاة عدم صرف مرتب نقل.
ومن ثم يتعين إعمال هذا القرار في شأن المدعي، إذ لا تطبق على حالته لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال الصادرة في 18 من يناير سنة 1958.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من فبراير سنة 1955 إنما صدر ليطبق في شأن الموظفين الذين يعملون في خدمة الحكومة في الخارج كموظفي وزارة الخارجية من أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي وموظفي وزارة الحربية من الملحقين العسكريين وموظفي وزارة الاقتصاد من الملحقين التجاريين وغيرهم من الموظفين الذين تقتضي طبيعة عملهم أن تكون إقامتهم المستمرة في الخارج أما الموظفون المصريون المعارون للعمل لدى حكومات أخرى أو هيئات أجنبية فإن طبيعة عملهم في خدمة هذه الحكومات أو الهيئات تنعزل عن طبيعة المهام التي توفد فيها الحكومة المصرية موظفيها في العادة لمصلحة مباشرة تعود عليها بالنفع خاصة، مما يمتنع معه اعتبار التزام الحكومة بنقل أمتعة موظفيها سارياً في حق غير المقصودين بهذا التنظيم أو مشروعاً لمواجهة نفقات المعارين لحكومات أو هيئات أجنبية، إذ أن هؤلاء المعارين تنظم شئونهم المادة 51 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - وهى تقضي بأن يكون مرتب الموظف المعار بأكمله على جانب الحكومة أو الهيئة المستعيرة، وليس على الحكومة المصرية أن تصرف لهذا الموظف المعار أي مرتب في مدة الإعارة، وإنما يجوز منحه مرتباً من الحكومة المصرية بالشروط والأوضاع التي يقررها مجلس الوزراء، وقد صدر هذا القرار في 24 من أغسطس سنة 1955 متضمناً الموافقة على المعاملة الآتية للموظفين المعارين للجمعيات الإسلامية في سوريا ولبنان - ومنها جمعية المقاصد الإسلامية التي كان المدعي معاراً لها - "تمنح الحكومة المصرية للموظف المعار مثلين ونصف من مرتبه الأصلي في مصر، وفرق العملة - إن وجد - ونفقات السفر ذهاباً وإياباً، له ولأسرته مرة واحدة، في بداية الإعارة، ونهايتها". وبناء على ذلك لا يستحق المدعي سوى نفقات السفر له ولأسرته ذهاباً وإياباً، وقد تكفل الجامع الأزهر فعلاً بهذه النفقات. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى انطباق قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من فبراير سنة 1955 على المدعي في حين أنه لا ينطبق عليه، فإنه يكون قد أخطأ وجانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه.
ومن حيث إنه ولئن كانت قرارات الجامع الأزهر الصادرة في شأن قيام المدعي بالتدريس في جمعية المقاصد الإسلامية ببيروت، ثم بإنهاء عمله بهذه الجمعية قد وصفت مهمته "بالندب" إلا أن التكييف القانوني الحقيقي للمهمة التي عنتها هذه القرارات، هو أن المدعي إنما كان معاراً للجمعية المذكورة طوال مدة عمله بها لا منتدباً، ذلك أن المادة 48 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 كانت تنص على أنه "يجوز ندب الموظف من عمله، للقيام مؤقتاً بعمل وظيفة أخرى في نفس الوزارة أو المصلحة أو في وزارة أو مصلحة أخرى، إذا كانت حالة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك" ومن ثم فإن عمل المدعي لدى هذه الجمعية، لا يكون ندباً، وإنما يكون إعارة للجمعية المذكورة، تسري في شأنه أحكام المادة 51 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه، وبالتالي فإن معاملته من الناحية المالية تخضع لأحكام القرارات الصادرة في شأن المعارين.
ومن حيث إن مجلس الوزراء أصدر في 24 من أغسطس سنة 1955 قراره الذي نظم فيه المعاملة المالية للمعارين إلى الدول الأجنبية والمعارين إلى الجمعيات الإسلامية في هذه الدول، وقد ورد فيه بالنسبة إلى الجمعيات الإسلامية في سوريا ولبنان - ومن بين هذه الجمعيات جمعية المقاصد الإسلامية ببيروت - أن الحكومة المصرية تدفع مرتبات المعارين ونفقات سفرهم، هم وأسرهم، ذهاباً وإياباً مرة واحدة في بداية الإعارة ثم في نهايتها، ولم ترد في هذا القرار أية إشارة إلى تكاليف نقل أمتعة هؤلاء المعارين، ومقتضى ذلك، ألا تتحمل الحكومة المصرية نفقات نقل أمتعتهم، إذ الأصل أن تتحمل الدول والجمعيات المستعيرة نفقات سفر المعارين إليها ومرتباتهم، ومن ثم يكون تحمل الحكومة المصرية نفقات سفرهم ومرتباتهم من قبيل الاستثناء الوارد على خلاف الأصل فلا يتوسع في تفسيره ولا يقاس عليه، بل يقدر بقدره ويتحدد بحدوده.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الجامع الأزهر بنفقات نقل أمتعة المدعي من بيروت إلى مصر، مستنداً في قضائه إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من فبراير سنة 1955، وقد رأت هيئة مفوضي الدولة في تقريرها تعقيباً على الطعن، سلامة هذا القضاء، تأسيساً على أن هذا القرار "جاء عاماً ليطبق على موظفي الدولة بالخارج دون تخصيص لما إذا كانوا يعملون في خدمة الحكومة المصرية أو كونهم معارين لحكومات أو جهات أجنبية، ذلك لأن الموظف المعار لا تنفصم علاقته بالحكومة المصرية...".
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من فبراير سنة 1955 في شأن أجور الشحن بالطائرة للموظفين الذين يعملون بالخارج، قد صدر بالموافقة على مذكرة وزارة المالية التي ورد بها "نظراً لارتفاع أجور الشحن والتأمين بسبب الحرب، سبق أن وافق مجلس الوزراء في 14 من مارس سنة 1948 على أن تتحمل وزارة الخارجية نفقات شحن أمتعة السادة موظفي الهيئات الدبلوماسية والقنصلية في الخارج، الذين ينقلون من جهة إلى جهة أخرى في حدود 150 كيلو جراماً والتأمين عليها بما لا يجاوز 500 جنيه مع عدم المساس بحق الموظف في صرف مرتب النقل كاملاً لغاية آخر فبراير سنة 1949 - في نهاية السنة المالية 1948/ 1949، وبقرارات لاحقة، آخرها بتاريخ 4 من مارس سنة 1953، رخص مجلس الوزراء باستمرار العمل بأحكام قراره المتقدم ذكره لغاية آخر يونيه سنة 1957 - نهاية السنة المالية 52/ 1953 ومنذ ذلك التاريخ، احتاج الأمر إلى رفع كل حالة فردية إلى مجلس الوزراء للموافقة عليها على حدة.
لذلك رأت وزارة الحربية تشكيل لجنة للنظر في وضع قاعدة ثابتة لكميات العفش الذي يسمح للملحقين العسكريين في الخارج بنقلها على حساب الحكومة، وقد انتهت اللجنة في تقريرها إلى التصريح للسادة الملحقين العسكريين ومساعديهم في الخارج بنقل الآتي:
عدد 100 كيلو جرام بالطائرة.
عدد 1000 كيلو جرام بالباخرة مع التأمين على هذه الكمية.
وكذلك اقترحت اللجنة أن يكون تطبيق هذه القاعدة على موظفي وزارة الحربية عامة - وبهذه المناسبة طلب مندوب وزارة الخارجية في اللجنة تطبيق هذه القاعدة على رجال السلك السياسي الذين يعتبر عملهم في مرتبة الملحقين العسكريين، كما أبدى مندوب مصلحة الطيران المدني رغبته في أن تطبق هذه القاعدة أيضاً على مندوبي المصلحة الذين يمثلونها في الخارج.
ويقترح ديوان الموظفين الموافقة على سريان القاعدة المتقدم ذكرها على كافة موظفي الدولة الذين يعملون بالخارج، توحيداً للمعاملة بين الجميع.
وحيث إن الموظفين المعينين خارج القطر يصرف لهم مرتب نقل يعادل ماهية شهر ونصف شهر بمقتضى الكتاب الدوري الصادر في 30 ديسمبر سنة 1950.
فقد بحثت اللجنة المالية هذا الموضوع، ورأت الموافقة على أن تتحمل الحكومة نفقات شحن أمتعة عفش موظفيها الذين يعملون بالخارج توحيداً للمعاملة بين الجميع في حدود الآتي:

عدد  
50 كيلو جراماً بالطائرة، علاوة على الـ 30 كيلو جراماً المسموح بها من شركات الطيران.
400 كيلو جرام بالباخرة، مع التأمين على هذه الكمية بما لا يجاور 1000 جنيه عند الشحن.
450 كيلو جراماً

وذلك مع مراعاة عدم صرف مرتب النقل (ويبين من مذكرة وزارة المالية التي صدر بناء عليها قرار مجلس الوزراء بجلسة 29/ 2/ 1955 أن الموظفين الذين كانت تتحمل الحكومة أصلاً نفقات نقل أمتعتهم، إنما هم من الموظفين العاملين في خدمة الدولة ولحسابها خارج حدودها، ولما طالب ممثل وزارة الخارجية بأن يتمتع موظفوها الذين ذكرهم بهذه الميزة، كما طالب ممثل مصلحة الطيران المدني بالميزة ذاتها لمندوبي المصلحة الذين يمثلونها في الخارج، اقترح ديوان الموظفين الموافقة على أن تسري الميزة المذكورة على جميع موظفي الدولة العاملين في الخارج، ومن ثم تحدد القصد بعدم انصراف هذه المعاملة بحسب القاعدة التي أقرها مجلس الوزراء إلا إلى الموظفين العاملين في الخارج في خدمة الدولة ولمصلحتها الخاصة دون سواهم، يؤيد ذلك أن الموظفين - المعينين خارج القطر وفقاً لنص العبارة التي وردت في قرار مجلس الوزراء المشار إليه والتي تقطع دلالتها في تبيان هذا القصد - كانوا يستحقون مرتب نقل، روعي عدم صرفه لهم بعد العمل بقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من فبراير سنة 1955).
ومن حيث إن المدعي، وإن كان من موظفي الدولة، إلا أنه لم يكن من العاملين في خدمتها خلال مدة إعارته إلى جمعية المقاصد الإسلامية، وإنما كان يعمل في خدمة هذه الجمعية - وبهذه المثابة فإنه لا يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من فبراير سنة 1955، وقد أكدت إدارة الجامع الأزهر في مذكرتها الأخيرة أنها لم يسبق لها صرف نفقات شحن أمتعة لأي من المعارين للجمعيات أو الهيئات الإسلامية أو العربية في الخارج، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه، وقد أخذ بغير هذا النظر، قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين
- والحالة هذه - القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى برمتها، مع إلزام المدعى بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.