أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 297

جلسة 6 من مارس سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمد محمد حسنين، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(91)
القضية رقم 1390 سنة 25 القضائية

( أ ) استئناف. استئناف النيابة. أثره الناقل. مداه.
(ب) تفتيش. ضبطية قضائية. مراقبة تنفيذ مستودعات الخمور لشروط الرخصة من عدم السماح بشرب الخمر بداخل المستودع. دخوله في ولاية رجال مكتب الآداب.
(ج) قانون. دستوريته. القانون رقم 358 لسنة 1952 الذي أضفى على رجال مكتب الآداب صفة مأموري الضبط القضائي. صدوره صحيحاً في ظل الأوضاع التشريعية السارية وقت صدوره.
1 - لا يصح في القانون القول بتقييد الاستئناف المرفوع من النيابة بأي قيد إلا إذا نص في التقرير به على أنه عن واقعة معينة دون أخرى من الوقائع محل المحاكمة، وهذا الاستئناف لا يتخصص لسببه وإنما هو ينقل الدعوى برمتها إلى محكمة الدرجة الثانية لمصلحة أطراف الدعوى جميعاً فيما يتعلق بالدعوى الجنائية فتتصل بها اتصالاً يخولها النظر فيها من جميع نواحيها غير مقيدة في ذلك بما تضعه النيابة في تقرير استئنافها أو تبديه في الجلسة من الطلبات.
2 - لا ريب في أن مراقبة تنفيذ مستودعات الخمور لشروط الرخصة من عدم السماح بشرب الخمر بداخل المستودع يدخل في ولاية رجال مكتب الآداب المنوط بهم مراقبة ما يتعلق بالآداب العامة ومنها احتساء الخمور في المحلات.
3 - القانون رقم 358 لسنة 1952 الصادر في 25/ 12/ 1952 والذي أضفى على رجال مكتب الآداب صفة مأموري الضبط القضائي، صدر مستنداً إلى الإعلان الدستوري الصادر في 10/ 12/ 1952 وبذلك يكون قد صدر صحيحاً في ظل الأوضاع التشريعية السارية وقت صدوره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه. أولاً: وهو مدير مستودع خمور باع في محل عمومي "مستودع خمور" مشروبات روحية فيه دون أن يكون حاصلاً على رخصة بذلك من وزارة الداخلية. ثانياً: أدار محلاً عمومياً بدون إخطار. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 38 لسنة 1941 ولدى نظر الدعوى دفع المتهم ببطلان التفتيش. نظرت محكمة جنح طنطا هذه الدعوى وقضت حضورياً عملاً بالمواد المطلوبة برفض الدفع ببطلان التفتيش وتغريم المتهم مائتي قرش وإغلاق المحل أسبوعين عن التهمة الأولى وبراءته من التهمة الثانية بلا مصروفات جنائية. فاستأنف المتهم الحكم بتاريخ 31/ 10/ 1954 كما استأنفته النيابة بتاريخ 30/ 10/ 1954 وقيد الاستئنافان برقم 3619 سنة 1954 ولدى نظر الدعوى تمسك المتهم بالدفع السابق إبداؤه. سمعت محكمة طنطا الابتدائية بهيئة استئنافية هذه الدعوى وقضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و4 و5 و14 و35/ 1 - 3 و36/ 1 و27 و38/ 1 من القانون رقم 38 سنة 1941 مع تطبيق عقوبة واحدة عن الجريمتين لارتباطهما عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات وهي عقوبة الجريمة الثانية بإجماع الآراء بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم مائتي قرش والغلق عن التهمتين. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو بطلان الحكم المطعون فيه إذ تغيب يوم تلاوة الحكم أحد أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة ولم يوقع على مسودة أسبابه إعمالاً لنص المادة 342 من قانون المرافعات - اكتفاء بتوقيعه على مسودة منطوقه.
وحيث إن الشارع إذ نص في المادة 342 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية على أنه إذا حصل لأحد القضاة الذين سمعوا الدعوى مانع يمنعه عن الحضور وقت تلاوة الحكم وجب أن يوقع على مسودة الحكم - إذ نص على ذلك ولم ينص على البطلان إذا لم يحصل هذا التوقيع مع أنه عنى بالنص عليه بصدد مخالفة حكم المادة 339 السابقة عليها والمادتين 345 و346 التاليتين لها - إنما أراد بإيجاب التوقيع مجرد إثبات أن الحكم صدر ممن سمع الدعوى ولم يرد أن يرتب على مخالفة هذا الإجراء أي بطلان - وكلما ثبت اشتراك القاضي في الحكم كان صحيحاً مهما كانت طريقة هذا الثبوت. لما كان ذلك وكان يبين من الشهادة المقدمة من الطاعن والمرفقة بأوراق الطعن أن القاضي فاروق سيف النصر الذي سمع الدعوى ولم يحضر تلاوة الحكم وقع على منطوقه المدون "على الرول" أي قائمة القضية المعدة لإثبات رقم قيدها في جدول النيابة وأسماء المتهمين والمسئولين والمدعين مدنياً وموضوع التهمة والمواد المنطبقة عليها وأسماء شهود الإثبات والنفي ونص الحكم وإجراءات المحاكمة وتواريخها - وكان في هذا ما يقطع في الدلالة على اشتراكه في الحكم - فإن ما أثاره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
وبما أن مبنى الأوجه الثاني والثالث والرابع من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخل بحق الطاعن في الدفاع وانطوى على خطأ في الإسناد إذ دفع الطاعن بعدم قبول الاستئناف المرفوع من النيابة شكلاً لأنها لم تكن قد طلبت من محكمة أول درجة الحكم بأقصى العقوبة. وقضت المحكمة برفض الدفع استناداً إلى أن الاستئناف المرفوع من النيابة عن الحكم الصادر ببراءة الطاعن من التهمة الثانية يتعين معه قبول الاستئناف عن التهمة الأولى وهو ما يخالف الثابت بالأوراق إذ بنت النيابة استئنافها على الخطأ في تطبيق القانون ولم تطلب إلغاء الحكم الصادر ببراءة الطاعن من التهمة الثانية وقيد الاستئناف بدفتر قيد الجنح المستأنفة عن التهمة الأولى فقط وبذلك تكون المحكمة قد قضت بما لم يطلبه الخصوم وأخلت بحق الطاعن في الدفاع إذ لم تلفت نظره ليدافع عن نفسه في خصوص التهمة الثانية التي حكم ببراءته منها.
وحيث إنه لما كان يبين من الأوراق أن تقرير استئناف النيابة جاء عاماً ولم يقتصر على إحدى التهمتين المسندتين للطاعن دون الأخرى - وكان مبنى استئنافها الخطأ في نصوص القانون وفي تأويلها - لما كان ذلك وكان لا يصح في القانون القول بتقييد الاستئناف المرفوع من النيابة العمومية بأي قيد إلا إذا نص في التقرير به على أنه عن واقعة معينة دون أخرى من الوقائع محل المحاكمة - وكان استئناف النيابة لا يتخصص لسببه وإنما هو ينقل الدعوى برمتها إلى محكمة الدرجة الثانية لمصلحة أطراف الدعوى جميعاً فيما يتعلق بالدعوى الجنائية فتتصل بها اتصالاً يخولها النظر فيها من جميع نواحيها غير مقيدة في ذلك بما تضعه النيابة في تقرير استئنافها أو تبديه في الجلسة من الطلبات - لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن في هذه الأوجه الثلاثة لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الخامس والسادس من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وجاء قاصر البيان إذ رفض الدفع ببطلان التفتيش الذي أسسه الطاعن على أن الضابط الذي أجراه من رجال مكتب الآداب فلا اختصاص له بالنسبة للمحلات العمومية لأنه ليس من ضباط البوليس أو مندوبي الإدارة الذين يحق لهم تفتيش هذه المحلات. ولا يمكن الاستناد إلى المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة لعدة من رجال الضبطية القضائية لأن هذه المادة تشترط لمنح صفة الضبطية القضائية أن يعمل المأمور في دائرة اختصاصه الولائي - يضاف إلى ذلك أن المرسوم بقانون رقم 358 لسنة 1952 الذي منح رجال مكتب الآداب صفة الضبطية القضائية قد صدر في 25 من ديسمبر سنة 1952 بعد إلغاء الدستور في 10/ 12/ 1952 وبعد أن فقد الوصي على العرش حقه في إصدار المراسيم بقوانين - هذا إلى أن الحكم لم يستظهر حالة التلبس التي تبيح لرجل الضبطية القضائية إجراء التفتيش - خاصة وأن الضابط لم يذكر في محضره، وفي الجلسة أن حالة التلبس كانت ظاهرة لمن يمر في الطريق أو أنه دخل إلى محل الطاعن لسبب آخر غير إجراء التفتيش.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعن فقال "ومن حيث إن ما يثيره الحاضر عن المتهم في دفعه "سالف الذكر" في غير محله ذلك أن المشرع قد منح ضباط مكتب الآداب في الإدارة العامة وفروعها في المحافظات والمديريات صفة الضبطية القضائية بالمرسوم بقانون 358 لسنة 1952 اعتباراً من 24/ 12/ 1952 ومن ثم فلا جدوى من بحث نشأة مكاتب الآداب بصفة عامة أو نشأة مكتب الآداب في طنطا بصفة خاصة ما دام أن المشرع في حدود ولايته الدستورية القائمة وقت صدور المرسوم بقانون سالف الذكر قد منحهم صفة الضبطية القضائية - ولا ريب في أن مراقبة تنفيذ مستودعات الخمور لشروط الرخصة من عدم السماح بشرب الخمر بداخل المستودع يدخل في ولاية رجال مكتب الآداب المنوط بهم مراقبة ما يتعلق بالآداب العامة ومنها احتساء الخمور في المحلات - ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم فلا جدوى تعود على المتهم من دفعه سالف الذكر إذ أن الضبط قد تم في محل يباح للكافة دخوله دون تمييز فإذا ما دخله الضابط وشاهد المتهم ومن بالمحل على الحالة السابق بيانها في أسباب هذا الحكم والتي تدل في ظاهرها على أن المتهم يبيع خمراً بالتجزئة ويسمح بشربها في المحل - هذه الحالة تجعل المتهم في حالة تلبس تبيح لضابط البوليس الضبط" ولما كان ما أورده الحكم من ذلك سائغاً وصحيحاً في القانون وفيه الرد الكافي على دفاع الطاعن وكان القانون 358 سنة 1952 الصادر في 25/ 12/ 1952 والذي أضفى على رجال مكتب الآداب صفة مأموري الضبطية القضائية قد صدر مستنداً إلى الإعلان الدستوري الصادر في 10/ 12/ 1952 - وبذلك يكون قد صدر صحيحاً في ظل الأوضاع التشريعية السارية وقت صدوره - لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن في هذين الوجهين من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى أوجه الطعن من السابع إلى الحادي عشر هو أن الحكم الطعون فيه شابه قصور في التسبب وفساد في الاستدلال إذا لم يستظهر الوقائع التي استخلص منها أن الطاعن يبيع مشروبات روحية بالقطاعي - واستند الحكم في إدانته إلى أدلة لا توصل إلى النتيجة التي انتهى إليها إذ أنه على فرض وجود صندوق وكوبين وصحنين بهما بطاطس بالمستودع المرخص به فإن هذا لا يدل بذاته على أن المحل أعد لبيع الخمور بالقطاعي - كما لم يرد الحكم على ما دفع به الطاعن من أن نجيب حنين وفهمي مقار اللذين وجدا بالمحل إنما كانا يتذوقان عينة لشراء زجاجة خمر مقفولة وأن البطاطس لم تقدم لهما وإنما كان معداً له هو "أي الطاعن" كما أنه لم يرد على ما شهد به الشاهدان المذكوران تأييداً لهذا الدفاع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يتوافر به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها واستند في ذلك إلى الأدلة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها وأطرح دفاع الطاعن للاعتبارات السائغة التي ذكرها. لما كان ذلك وكان للمحكمة أن تأخذ من أدلة الدعوى بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب ما دام تقدير الدليل موكولاً إليها - وهي غير ملزمة بتفنيد أقوال شهود النفي ما دام الرد عليها مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها في حكمها - لما كان ما تقدم فإن هذه الأوجه من الطعن لا يكون لها محل إذ هي في حقيقتها لا تعدو أن تكون جدلاً في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني عشر من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ أنه على فرض صحة الوقائع التي أثبتها الحكم فإن المتهم يكون قد خالف شروطه الرخصة المنصرفة إليه والعقوبة المقررة لهذه المخالفة منصوص عليها في المواد 3 و7/ 1 من القانون رقم 13 لسنة 1904 و3 و7/ 1 من اللائحة المرفقة ولا تنص على الإغلاق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه باع الخمر بالتجزئة في محله المرخص به مستودعاً للخمور فجعل منه بذلك محلاً عاماً أداره قبل الحصول على رخصة من الجهات المختصة وعاقبه على ذلك طبقاً للقانون رقم 38 سنة 1941 بشأن المحال العامة. ولما كان هذا الذي انتهى إليه الحكم هو تطبيق صحيح للقانون فإنه لا محل لما يثيره الطاعن من أن الفعل الذي أسند إليه يكون جريمة أخرى لم توجه إليه النيابة اتهاماً بشأنها.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.