أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة السادسة والعشرون - صـ 5

جلسة 5 من يناير سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن علي المغربي، وعثمان مهران الزيني، وعادل برهان نور، وقصدي إسكندر عزت.

(2)
الطعن رقم 1714 لسنة 44 القضائية

(1) إضرار بحيوان. قصد جنائي. جريمة. "أركانها" نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تأويل القانون".
القصد الجنائي في الجرائم العمدية. تطلبه تعمد ارتكاب الفعل المادي. والنتيجة المترتبة عليه.
جريمتا الإضرار ضرراً كبيراً بماشية بدون مقتضً. واستعماله القسوة مع الحيوانات. عمديتان.
إثبات الحكم أن الجاني قصد ضرب إنسان فحاد فعله وأصاب حيواناً. عدم تحقق أي من الجريمتين المذكورتين.
تخلف ركن القصد الجنائي في كل من الجريمتين. على الحكم بحث مدى توافر المخالفة المنصوص عليها في المادة 389 عقوبات.
(2) دعوى جنائية. "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. نقض. "الحكم في الطعن".
مضي أكثر من السنة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد المخالفات. بين تقرير النيابة الطعن بالنقض. وبين عرض الطعن على المحكمة. دون اتخاذ إجراء قاطع. انقضاء الدعوى الجنائية. أثر ذلك. مثال.
1 - القصد الجنائي في الجرائم العمدية يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي، ويقتضي فوق ذلك تعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل. وإذ كانت الواقعة الثابتة بالحكم المطعون فيه أن المطعون ضده كان خلال شجار يقصد ضرب إنسان وفي سبيل تحقيق قصده حاد فعله وأصاب ماشية لغيره، فلم تتحقق النتيجة التي قصدها أولاً وبالذات، وإنما تحققت نتيجة أخرى لم يقصدها البتة، ومن ثم يكون غير قائم - في صورة الواقعة - القصد الجنائي المتطلب في كل من الجريمتين العمديتين - الإضرار ضرراً كبيراً بماشية بدون مقتضً واستعمال القسوة مع الحيوانات - المؤثمة أولاهما طبقاً للفقرة أولاً من المادة 355 من قانون العقوبات، والأخرى بالمادتين 119، 146 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 وبالفقرة (ب) من المادة الأولى من قرار وزير الزراعة رقم 27 لسنة 1967 بتحديد الحالات التي يسري عليها حظر استعمال القسوة مع الحيوانات "حبس أو تقييد الحيوان أو تعذيبه بغير موجب". لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لوصف المخالفة وفق الفقرة ثانياً من المادة 389 من قانون العقوبات - التسبب في جرح بهيمة للغير بعدم التبصر أو الإهمال أو عدم الالتفات أو عدم مراعاة اللوائح بقوله "كما أن الواقعة المادية محل الاتهام لا ينطبق في شأنها أيضاً حكم المادة 389 والتي تعاقب كل من تسبب في موت أو جرح بهائم أو دواب الغير بعدم تبصره أو بإهماله أو عدم التفاته أو عدم مراعاته للوائح أي أنها تتحدث عن جرح الحيوان نتيجة للخطأ، وهو الأمر الغير متوافر في هذه الدعوى إذ أن المتهم - المطعون ضده - كانت لديه نية الإيذاء - ومن ثم فلا محل للقول بتعديل وصف التهمة". من ثم فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون حجبه عن بحث ركن الخطأ في تهمة المخالفة سالفة الذكر.
2 - متى كان الحكم قد صدر بالبراءة وانقضت بين تاريخ تقرير النيابة العامة الطعن فيه بالنقض وبين عرض الطعن على هذه المحكمة ما يربو على مدة السنة التي قررتها المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية لانقضاء الدعوى في مواد المخالفات - دون اتخاذ أي إجراء قاطع فتكون الدعوى قد انقضت بمضي المدة ولا جدوى من بعد من نقضه ولا مناص والحال هذه من رفض الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وآخرين بأنهم بدائرة مركز ببا محافظة بني سويف، الأول والثانية: تضاربا فأحدث كل منهما بالآخر إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً. الثالث: ضرب ... ... ... ... فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً. الرابعة: ضربت المتهم السادس فأحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً. الخامس: ضرب المتهم الثالث فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً. السادس (الطاعن) أضر بدون مقتضً بالعنزة المبينة بالمحضر للمتهم الخامس ضرراً كبيراً بأن ضربها بآلة حادة فأحدث بها الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي البيطري. وطلبت عقابهم بالمادتين 242/ 2، 355/ 1 من قانون العقوبات، ومحكمة ببا الجزئية قضت في الدعوى غيابياً للسادس وحضورياً للباقين عملاً بمادتي الاتهام بتغريم كل من المتهمين الأول والثانية والثالث والرابعة خمسة جنيهات وتغريم الخامس ثلاثة جنيهات وحبس المتهم السادس خمسة عشر يوماً مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ، فعارض السادس، وقضي في معارضته بتاريخ 18 من نوفمبر سنة 1972 بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه إلى حبسه أسبوعاً واحداً مع الشغل وكفالة جنيهاً واحداً لوقف التنفيذ. فاستأنف، ومحكمة بني سويف الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف. وبراءة المتهم فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده من تهمة الإضرار بماشية على أن الإصابة التي لحقت بالماشية لم تبلغ درجة الجسامة المنصوص عليها في الفقرة أولاً من المادة 355 من قانون العقوبات، في حين أنه كان يتعين على المحكمة بمقتضى واجبها في تمحيص الواقعة بجميع أوصافها أن تنزل عليها وصف جريمة استعمال القسوة مع الحيوانات، المؤثمة بالمادتين 119، 146 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 والمادة الأولى من قرار وزير الزراعة رقم 27 سنة 1967 بتحديد الحالات التي يسري عليها حظر استعمال القسوة مع الحيوانات.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة قد أقامت الدعوى الجنائية على المطعون ضده وعلى خمسة آخرين، لارتكاب هؤلاء الآخرين في 19 من نوفمبر سنة 1971 جريمة الضرب المؤثمة بالفقرة الأولى من المادة 242 من قانون العقوبات وبوصف أن المطعون ضده في ذلك التاريخ عينه "أضر بدون مقتضً بالعنزة المبينة بالمحضر للمتهم الخامس ضرراً كبيراً بأن ضربها بآلة حادة فأحدث بها الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي البيطري" - وطلبت عقابه بالمادة 355/ 1 من قانون العقوبات، فقضت محكمة أول درجة غيابياً في 13 من مارس سنة 1972 بحبسه خمسة عشر يوماً مع الشغل. فعارض فقضت المحكمة في 18 من نوفمبر سنة 1972 بتعديل الحكم وحبسه أسبوعاً مع الشغل. فاستأنف فقضت المحكمة حضورياً في 24 من إبريل سنة 1973 - بحكمها المطعون فيه - ببراءته. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في 2 من يونيه سنة 1973 وقد حصل الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بقوله "إن شجاراً قد نشب بين المتهم المطعون ضده وآخرين وأنه أثناء هذا الشجار كان يقصد ضرب إحدى السيدات في المشاجرة فأصاب العنزة بالإصابة المبينة بالتقرير الطبي" وأقامت المحكمة قضاءها بالبراءة على ما ثبت لها من التقرير الطبي وما شهد به الطبيب البيطري من أن الإصابة التي لحقت بالحيوان إصابة عادية ولم تضر به ضرراً كبيراً، ومن ثم فلا ينطبق حكم المادة 355/ 1 من قانون العقوبات على الواقعة. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في الجرائم العمدية يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي، ويقتضي فوق ذلك تعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل، وإذ كانت الواقعة الثابتة بالحكم المطعون فيه أن المطعون ضده كان خلال شجار يقصد ضرب إنسان وفي سبيل تحقيق قصده حاد فعله وأصاب ماشية لغيره، فلم تتحقق النتيجة التي قصدها أولاً وبالذات، وإنما تحققت نتيجة أخرى لم يقصدها البتة ومن ثم يكون غير قائم في صورة الواقعة - القصد الجنائي المتطلب في كل من الجريمتين العمديتين - الإضرار ضرراً كبيراً بماشية بدون مقتضى واستعمال القسوة مع الحيوانات - المؤثمة أولاهما طبقاً للفقرة أولاً من المادة 355 من قانون العقوبات، والأخرى بالمادتين 119 و146 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 وبالفقرة ب من المادة الأولى من قرار وزير الزراعة رقم 27 لسنة 1967 بتحديد الحالات التي يسري عليها حظر استعمال القسوة مع الحيوانات "حبس أو تقييد الحيوانات أو تعذيبه بغير موجب". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لوصف المخالفة وفق الفقرة ثانياً من المادة 389 من قانون العقوبات - التسبيب في جرح بهيمة للغير بعدم التبصر أو الإهمال أو عدم الالتفات أو عدم مراعاة اللوائح بقوله "كما أن الواقعة المادية محل الاتهام لا ينطبق في شأنها أيضاً حكم المادة 389 ع والتي تعاقب كل من تسبب في موت أو جرح بهائم أو دواب الغير بعدم تبصره أو بإهماله أو عدم التفاته، أو عدم مراعاته للوائح إذ أنها تتحدث عن جرح الحيوان نتيجة للخطأ، وهو الأمر الغير متوافر في هذه الدعوى إذ أن المتهم - المطعون ضده كانت لديه نية الإيذاء - ومن ثم فلا محل للقول بتعديل وصف التهمة..." فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون خطأ حجبه عن بحث ركن الخطأ في تهمة المخالفة سالفة الذكر، بيد أنه لما كان الحكم قد صدر بالبراءة وانقضت بين تاريخ تقرير النيابة العامة بالطعن فيه بالنقض وإيداع الأسباب في 2 من يونيه سنة 1973 وبين عرض الطعن على هذه المحكمة في 20 من ديسمبر سنة 1974 ما يربو على مدة السنة التي قررتها المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية، لانقضاء الدعوى في مواد المخالفات - دون اتخاذ أي إجراء قاطع فتكون الدعوى قد انقضت بمضي المدة ولا جدوى من بعد من نقضه، ولا مناص والحال هذه من رفض الطعن.