أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 413

جلسة 20 من مارس سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(120)
القضية رقم 2001 سنة 25 القضائية

( أ ) نقض. طعن. أحكام يجوز الطعن فيها. غش. رفع الدعوى على المتهم على أساس أنها جنحة عرض لبن للبيع مخالف للمواصفات مع العلم بذلك. الحكم باعتبارها مخالفة منطبقة على المادتين 5 و7 ق 48 سنة 1941. جواز الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
(ب) غش. لبن. قانون. قرار وزير الصحة في 7/ 7/ 1952 الذي أوجب ألا تقل نسبة الدسم في لبن الجاموس عن 5.5%. صدوره طبقاً للتفويض المخول له في المادة 2/ 2 من القانون رقم 132 لسنة 1950. القول بقصر التفويض على المواد المصنوعة دون المنتجات الطبيعية. لا سند له.
(ج) غش. عرض لبن للبيع مخالف للمواصفات. اعتبار الواقعة مخالفة منطبقة على المادتين 7 و5 ق 48 لسنة 1941. لا خطأ.
(د) حكم. توقيعه. عدم توقيع الحكم في ميعاد الثمانية أيام من تاريخ صدوره. لا بطلان.
(هـ) إجراءات. شفوية المرافعة. مواد المخالفات. عدم اشتراط القانون أن تبنى أحكامها على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة.
1 - العبرة في قبول الطعن، كما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، هي بوصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى أصلاً وليست بالوصف الذي تقضي به المحكمة. فإذا كانت الدعوى قد أقيمت على المتهم على أساس أنها جنحة عرض لبن للبيع مخالف للمواصفات القانونية مع العلم بذلك فقضت المحكمة الاستئنافية بالحكم المطعون فيه باعتبارها مخالفة منطبقة على المادتين 5 و7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 - فإن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض يكون جائزاً.
2 - أجاز القانون رقم 132 لسنة 1950 إلى المادة 2/ 2 منه لوزير الصحة أن يصدر قراراً بالمواصفات والمقاييس الخاصة باللبن ومنتجاته، وتنفيذاً لهذا التفويض صدر قرار من وزير الصحة في 7 من يوليو سنة 1952 أوجب في مادته الأولى ألا تقل نسبة الدسم في لبن الجاموس عن 5.5% وعلى ذلك فإن القول بأن تفويض المشرع للوزير في تحديد المواصفات مقصور على المواد المصنوعة دون المنتجات الطبيعية - هذا القول لا سند له إذ هو تخصيص للنص بلا مخصص لأنه يشمل في عمومه كل تكوين لأية مادة مصنوعة كانت أو طبيعية.
3 - متى كان الحكم إذ اعتبر أن واقعة عرض المتهم لبناً للبيع مخالفاً للمواصفات القانونية، مخالفة منطبقة على المادتين 5 و7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 قد قال في ذلك إن مخالفة أحكام هذا القانون بحسن نية يعاقب عليها بالمادة السابعة منه وأن القانون رقم 132 لسنة 1950 لم يقرر عقوبة المخالفة بحسن نية وإنما قرر أن أحكامه لا تخل بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون رقم 48 لسنة 1941 فإن هذا الذي قاله الحكم صحيح في القانون.
4 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن عدم توقيع الحكم في ميعاد الثمانية أيام من تاريخ صدوره لا يترتب عليه بطلانه.
5 - لا يشترط القانون في مواد المخالفات أن تبنى أحكامها على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة في مواجهة المتهم وتسمع فيها الشهود.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه عرض للبيع لبناً مخالفاً للمواصفات القانونية بأن كانت نسبة الدسم فيه 2.3% بدلاً من الحد الأدنى القانوني 5.5% مع علمه بذلك حالة كونه عائداً. وطلبت عقابه بالمواد 5/ 1 و8 و9 من القانون رقم 48 لسنة 1941 و2 و12 من القانون رقم 132 لسنة 1950 والقرار 102 لسنة 1954 و49/ 3 من قانون العقوبات. وفي أثناء نظر هذه الدعوى أمام محكمة محرم بك الجزئية دفع الحاضر عن المتهم بالدفوع الآتية: أولاً - بانقضاء ركن العلم بالغش. وثانياً - ببطلان إجراءات أخذ العينة وببطلان القبض والتفتيش. وثالثاً - ببطلان القرار الوزاري الصادر في 7 من يوليه سنة 1952 والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت حضورياً بتاريخ 3 من مارس سنة 1955 عملاً بمواد الاتهام. أولاً - برفض الدفوع المقدمة من المتهم ببطلان إجراءات أخذ العينة والقبض والتفتيش وبطلان القرار الوزاري الصادر في 7/ 7/ 1952 وثانياً - بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل والنفاذ والمصادرة ونشر منطوق الحكم في إحدى الجرائد بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة إسكندرية الابتدائية بعد أن أتمت سماع هذا الاستئناف قضت حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع باعتبار الواقعة مخالفة وتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة الحبس والاكتفاء بحبس المتهم أسبوعاً واحداً حبساً بسيطاً وتأييده فيما عدا ذلك. وقد حصل الطاعن على شهادة بعدم ختم الحكم في ميعاد الثمانية الأيام المقررة بالقانون في 17 من أبريل 1955 ثم أعلن بإيداعه قلم الكتاب في 20 من الشهر المذكور. فقرر الطعن في هذا الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم إذ دان الطاعن بجريمة عرضه للبيع لبناً مخالفاً للمواصفات قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المادة الخامسة من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعادلة بالقانون رقم 153 لسنة 1949 قصد بها جواز فرض حد أدنى للعناصر الداخلة في تركيب مادة مصنوعة. ولما كان اللبن لا يصنعه الإنسان ولا يتدخل في تركيبه فلا يجوز فرض حد أدنى للعناصر المكونة له ولا يمكن القول بانطباق المادة الثانية من القانون رقم 132 لسنة 1950 التي تحظر في فقرتها الأولى بيع اللبن أو طرحه للبيع ما لم يكن نظيفاً طازجاً محتفظاً بخواصه الطبيعية والتي خولت في فقرتها الثانية وزير الصحة ليصدر قراراً بالمواصفات والمقاييس الخاصة باللبن ومنتجاته - لا يمكن القول بانطباق هذه المادة والقرار على التهمة لأن مؤدي ما سبق بيانه هو أن وزير الصحة إنما خول وضع حد أدنى للمقاييس والمواصفات ولم يخول وضع حد أدنى للعناصر المكونة للبن وهو منتج طبيعي ويجوز أن ترجع قلة نسبة الدسم فيه إلى عوامل طبيعية وليس من المواد التي يتدخل الإنسان في صنعها والتحكم في عناصرها وبالتالي يكون قرار وزير الصحة الصادر في 7 من يوليه سنة 1952 الذي فرض حداً أدنى للعناصر الداخلة في تركيب الألبان ومنتجاتها باطلاً لتجاوز الوزير حدود التفويض الممنوح له من المشرع في القانون رقم 48 لسنة 1941 والقانون رقم 132 لسنة 1950 - ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ دانه بمقتضى المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 والتي لا مقابل لها في القانون رقم 132 لسنة 1950 والذي لا تؤثم أحكامه عرض لبن للبيع تقل نسبة الدسم فيه عن النسبة المقررة قانوناً مع عدم علمه بذلك.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في مخالفة إلا أن الطعن فيه بطريق النقض جائز ذلك بأن العبرة في قبول الطعن - كما جرى عليه قضاء هذه المحكمة هي بوصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى أصلاً وليست بالوصف الذي تقضي به المحكمة. ولما كان الشأن في هذه الدعوى أنها أقيمت على الطاعن على أساس أنها جنحة عرض لبن للبيع مخالف للمواصفات القانونية مع العلم بذلك فقضت المحكمة الاستئنافية بالحكم المطعون فيه باعتبارها مخالفة منطبقة على المادتين 5 و7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 فإن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض يكون جائزاً.
وحيث إن ما يثيره الطاعن في الوجه الأول من الطعن مردود بأن المادة الخامسة من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع الغش والتدليس قد نصت في فقرتها الأولى على أنه "يجوز بمرسوم فرض حد أدنى أو حد معين من العناصر الداخلة في تركيب العقاقير الطبية أو في المواد المستعملة في غذاء الإنسان أو الحيوان أو في المواد المعدة للبيع باسم معين أو في أية بضائع أو منتجات أخرى" ولكن بالنظر إلى أهمية اللبن كغذاء أساسي رأى المشرع أن ينظم أحكامه لا بمرسوم بل بقانون فصدر القانون رقم 132 لسنة 1950 بشأن الألبان ومنتجاتها وأجاز في الفقرة الثانية من المادة الثانية منه لوزير الصحة أن يصدر قراراً بالمواصفات والمقاييس الخاصة باللبن ومنتجاته. وتنفيذاً للتفويض الذي منحه المشرع لوزير الصحة في القانون المذكور صدر قرار منه في 7 من يوليه سنة 1952 في شأن المواصفات والمقاييس الخاصة بالألبان ومنتجاتها وأوجب في مادته الأولى ألا تقل نسبة الدسم في لبن الجاموس عن 5.5% - لما كان ذلك - فإن ما يقوله الطاعن بأن تفويض المشرع للوزير في تحديد المواصفات مقصور على المواد المصنوعة دون المنتجات الطبيعية والاستدلال على ذلك بكلمة "تركيب" وأن هذا اللفظ لا يصدق إلا على ما يصنع من عناصر كالعقاقير الطبية ونحوها. هذا القول لا سند له إذ هو تخصيص للنص بلا مخصص لأنه يشمل في عمومه كل تكوين لأية مادة مصنوعة كانت أو طبيعية. يؤكد ذلك في صراحة القانون رقم 48 لسنة 1941 في شموله لكل مادة تصلح غذاء للإنسان أو للحيوان ولا يتعارض معه كون القانون رقم 132 لسنة 1950 صادراً في خصوص اللبن بالذات من أنواع المنتجات. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن في الشق الثاني من هذا الوجه من خطأ الحكم في تطبيق أحكام المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 على واقعة الدعوى مردوداً بما قاله الحكم في هذا الصدد وأفاض فيه ومن ذلك قوله "إن مخالفة أحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 بحسن نية يعاقب عليها بالمادة السابعة من ذلك القانون وأن القانون رقم 132 لسنة 1950 لم يقرر عقوبة المخالفة بحسن نية وإنما قرر أن أحكامه لا تخل بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون رقم 48 لسنة 1941" وهذا الذي قاله الحكم صحيح في القانون ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان لعدم ختمه في الثمانية الأيام التالية لصدوره - كما أن الحكم قد أخل بمبدأ شفوية المرافعة إذ دان الطاعن دون إجراء تحقيق بالجلسة في أي من درجتي التقاضي وهو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم المطعون فيه مما يستوجب نقضه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عدم توقيع الحكم في ميعاد الثمانية الأيام من تاريخ صدوره لا يترتب عليه بطلانه - لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط في مواد المخالفات أن تبنى أحكامها على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة في مواجهة المتهم وتسمع فيها الشهود ذلك بأنه وإن كان الأصل أن محاضر التحقيق التي يجريها البوليس أو النيابة بما فيها من اعترافات المتهمين ومعاينات التحقيق وأقوال الشهود وهي عناصر إثبات تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي وللمحكمة أن تأخذ بها أو تطرحها - إلا أنه يخرج عن هذه القاعدة ما استثناه القانون وجعل له حجية خاصة بنص صريح كمحاضر المخالفات التي نصت المادة 301 من قانون الإجراءات على وجوب اعتماد ما دون فيها إلى أن يثبت ما ينفيه - لما كان ذلك فإنه لا محل للنعي على المحكمة بأنها لم تحقق شفوية المرافعة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.