أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة السادسة والعشرون - صـ 15

جلسة 5 من يناير سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومحمد عادل مرزوق، وأحمد فؤاد جنينة، ومحمد صلاح الدين عبد الحميد.

(4)
الطعن رقم 1729 لسنة 44 القضائية

(1 - 6) ضرب أفضى إلى موت. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دعوى مدنية. "الصفة فيها". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1) سرد الحكم لإصابات لا دخل لها في إحداث الوفاة. استطراد لا يعيبه. طالما أبان الإصابة التي أحدثتها والدليل عليها. مثال.
(2) مثال على انتفاء التعارض بين الدليلين القولي والفني.
(3) خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. متى كان لا أثر له في منطقه.
(4) عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعية.
(5) النعي على الحكم بالقصور عن بحث حالة الدفاع الشرعي. غير مقبول. طالما لم يتمسك الطاعن بقيامها ولم تكن مدونات الحكم ترشح لها.
(6) حق والده المجني عليه في المطالبة بالتعويض عما أصابها من ضرر شخصي من جراء وفاته بصرف النظر عن حقها في إرثه من عدمه.
1 - لما كان الحكم قد عنى في معرض بيانه لواقعة الدعوى بإثبات أن قذف الطاعن للمجني عليه بالزجاجة هو الذي أحدث بالأخير إصابته بالجدارية اليمنى وأن تلك الإصابة هي التي أحدثت الوفاة فإن سرده بعد ذلك للإصابات الأخرى التي لحقت بالمجني عليه نتيجة تماسكه مع الطاعن والتي ثبت من تقرير الصفة التشريحية أنها طفيفة ولا دخل لها في الوفاة لا يعدو أن يكون استطراداً لا يعيبه طالما أنه لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم تكون دعوى التناقض في التسبيب غير مقبولة.
2 - لما كان الحكم قد أسند إلى الشاهد الأول قوله أن الطاعن والمجني عليه تماسكا سوياً وأنه بعد أن تم الفصل بينهما وجلس كل منهما على أريكة استمر التشاحن بينهما بطريق القول وأثناء ذلك التقط الطاعن زجاجة فارغة وقذف بها المجني عليه فتهشمت وأحدثت به جرحاً برأسه نزف منه الدم وأصيب على أثره المجني عليه بإغماءة نقل بعدها إلى المستشفى حيث توفي ونقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أنه وجد بأنسجة الجدارية اليمنى برأس المجني عليه انسكاباً دموياً ونزيفاً على الفص الأيمن للمخ وأن هذه الإصابة هي التي أحدثت الوفاة فإن أقوال الشاهد لا تتعارض مع ما أورده الحكم من مؤدى تقرير الصفة التشريحية بل تتواءم معها.
3 - خطأ الحكم في الإسناد بالنسبة لواقعة عض الطاعن للمجني عليه بفرض وجوده لا يعيبه ولا يؤثر في سلامته طالما أن تلك الواقعة لم يكن لها أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى الطاعن على سبيل الانفراد إحداثها - وهي إصابة المجني عليه بالجدارية اليمنى التي أثبت التقرير الطبي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن الطاعن هو محدثها فلا يضير الحكم التفاته عن باقي الإصابات هذا إلى أن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعية والرد عليها ما دام الرد مستفاداً من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها.
5 - لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس كما أن الواقعة كما أثبتها الحكم لا ترشح لقيام هذه الحالة، فإن دعوى القصور في التسبيب بقالة إن الحكم لم يعرض لبحث حالة الدفاع الشرعي تكون غير مقبولة.
6 - لما كان الحكم قد أثبت أن المدعية بالحقوق المدنية هي والدة المجني عليه استناداً إلى الإعلام الشرعي المقدم منها - على ما يبين من الاطلاع على محضر الجلسة - وهو ما لم يجحده الطاعن وكان ثبوت الإرث لها أو عدم ثبوته لا يقدح في صفتها وكونها قد أصابها ضرر من جراء فقد ابنها نتيجة الاعتداء الذي وقع عليه والذي أودى بحياته، وكانت الدعوى المدنية إنما قامت على ما أصابها من ضرر مباشر لا على انتصابها مقام ابنها المجني عليه من أيلولة حقه في الدعوى إليها فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة ضرب ... ... ... ... ... ... عمداً بجسم صلب "زجاجة فارغة" على رأسه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر ذلك. وادعت والدة المجني عليه مدنياً قِبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنين وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه بعد أن أثبت أن المجني عليه قد أصيب بإصابة واحدة بالجدارية اليمنى عاد ونقل عن التقرير الطبي أنه أصيب بعدة إصابات أخرى مما يشكل تناقضاً في التسبيب. وعول في قضائه على الدليل القولي المستمد من أقوال الشاهد الأول وعلى الدليل الفني مع تعارضهما ودون أن يعني برفع هذا التعارض، كما أسند إلى ذلك الشاهد قوله أن الطاعن عض المجني عليه في ساعده وهو ما لا أصل له في الأوراق. وقد بنى الطاعن دفاعه على أنه يستحيل حصول إصابات المجني عليه المتعددة من قذفه بالزجاجة مرة واحدة إلا أن المحكمة أغفلت هذا الدفاع الجوهري وسكتت عنه إيراداً له ورداً عليه. هذا إلى أن البادي مما أورده الحكم أن شجاراً نشب بين المجني عليه والطاعن، وإذ ورد على لسان الشاهد ... ... ... أنه وجد الطاعن ملوثاً بالدماء وأبلغه أن المجني عليه ضربه في رأسه فإن الواقعة على هذه الصورة ترشح لقيام حالة الدفاع الشرعي مما كان يتعين معه على الحكم أن يعرض لها وأن يقول كلمته فيها. وفضلاً عن ذلك فقد قضى الحكم المطعون فيه بالتعويض للمدعية بالحقوق المدنية دون أن يستظهر انحصار الإرث فيها أو يدور الدليل على أنها والدة المجني عليه وهذا كله مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عنى في معرض بيانه لواقعة الدعوى بإثبات أن قذف الطاعن للمجني عليه بالزجاجة هو الذي أحدث بالأخير إصابته بالجدارية اليمنى، وأن تلك الإصابة هي التي أحدثت الوفاة، فإن سرده بعد ذلك للإصابات الأخرى التي لحقت بالمجني عليه نتيجة تماسكه مع الطاعن والتي ثبت من تقرير الصفة التشريحية أنها طفيفة ولا دخل لها في الوفاة لا يعدو أن يكون استطراداً لا يعيبه طالما أنه لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم تكون دعوى التناقض في التسبيب غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أسند إلى الشاهد الأول ... ... قوله إن الطاعن والمجني عليه تماسكا سوياً وأنه بعد أن تم الفصل بينهما وجلس كل منهما على أريكة استمر التشاحن بينهما بطريق القول وأثناء ذلك التقط الطاعن زجاجة فارغة وقذف بها المجني عليه فتهشمت وأحدثت به جرحاً برأسه نزف منه الدم وأصيب على أثره المجني عليه بإغماءة نقل بعدها إلى المستشفى حيث توفي، ونقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أنه وجد بأنسجة الجدارية اليمنى برأس المجني عليه انسكاباً دموياً ونزيفاً على الفص الأيمن للمخ وأن هذه الإصابة هي التي أحدثت الوفاة، فإن أقوال الشاهد لا تتعارض مع ما أورده الحكم من مؤدى تقرير الصفة التشريحية بل تتواءم معها. أما خطأ الحكم في الإسناد بالنسبة لواقعة عض الطاعن للمجني عليه فإنه بفرض وجوده لا يعيبه ولا يؤثر في سلامته طالما أن تلك الواقعة لم يكن لها أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى الطاعن على سبيل الانفراد إحداثها - وهي إصابة المجني عليه بالجدارية اليمنى التي أثبت التقرير الطبي وجودها - واطمأنت المحكمة إلى أن الطاعن هو محدثها فلا يضير الحكم التفاته عن باقي الإصابات. هذا إلى أن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعية والرد عليها ما دام الرد مستفاداً من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس كما أن الواقعة كما أثبتها الحكم لا ترشح لقيام هذه الحالة، فإن دعوى القصور في التسبيب بقالة إن الحكم لم يعرض لبحث حالة الدفاع الشرعي تكون غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن المدعية بالحقوق المدنية هي والدة المجني عليه استناداً إلى الإعلام الشرعي المقدم منها - على ما يبين من الاطلاع على محضر الجلسة - وهو ما لم يجحده الطاعن، وكان ثبوت الإرث لها أو عدم ثبوته لا يقدح في صفتها وكونها قد أصابها ضرر من جراء فقد ابنها نتيجة الاعتداء الذي وقع عليه والذي أودى بحياته، وكانت الدعوى المدنية إنما قامت على ما أصابها من ضرر مباشر لا على مقام ابنها المجني عليه من أيلولة حقه في الدعوى إليها، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.