أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 426

جلسة 20 من مارس سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(123)
القضية رقم 48 سنة 26 القضائية

( أ ) حكم استئنافي. تسبيبه. اتخاذ المحكمة الاستئنافية أسباب الحكم المستأنف أسباباً لحكمها. جائز.
(ب) إثبات. حكم تسبيبه. دليل. وجود أصل له في الأوراق. تحديد موضع الدليل من الأوراق غير لازم.
1 – ليس ثمة ما يمنع المحكمة الاستئنافية إن هي رأت كفاية الأسباب التي بني عليها الحكم المستأنف من أن تتخذها أسباباً لحكمها، وتعتبر عندئذ أسباب الحكم المستأنف أسباباً لحكمها.
2 – لا يوجد في القانون ما يلزم المحكمة بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها. وإذن فلا تثريب على الحكم إن أطلق القول بأن بعض اللاعبين قرروا بأن المتهم يتقاضى جعلاً نظير لعب القمار في مسكنه دون أن يشير إلى أسمائهم ما دام قد أورد مضمون أقوالهم في مدوناته وما دام المتهم لا ينازع في نسبة هذه الأقوال إليهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 – علي حامد محمد و2 – عبد الفتاح حامد محمد (الطاعن) بأنهما أعدا مسكنهما لألعاب القمار وهيآه لدخول الناس فيه وطلبت عقابهما بالمادة 352 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 17 لسنة 1955. وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة عابدين الجزئية دفع الحاضر عن المتهمين ببطلان إذن التفتيش وما ترتب عليه من إجراءات. والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام للثاني أولاً: برفض الدفع ببطلان التفتيش، وثانياً: ببراءة المتهم الأول وثالثاً: بحبس المتهم الثاني ستة شهور مع الشغل والنفاذ وتغريمه 300 جنيه ثلثمائة جنيه ومصادرة مبلغ الخمسة جنيهات التي ضبطت والتي وجدت فوق منضدة اللعب وكذلك الأشياء والأمتعة التي وجدت بمحل اللعب بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته النيابة، ومحكمة مصر الابتدائية بعد أن أتمت سماعها قضت حضورياً بقبولهما شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجهين الأول والسادس هو أن الحكم بني على إجراء باطل وأخطأ في تطبيق القانون وتأويله وشاب أسبابه القصور ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان التفتيش استناداً إلى أن الإذن به صدر بناء على تحريات غير جدية ولم يكن مسبوقاً بتحقيق مفتوح طبقاً للقانون بل صدر بنار على تحقيق صوري في نطاق تحريات غير كافية أما وجه الخطأ في تطبيق القانون فهو أن الحكم اعتبر مسكن الطاعن محلاً عاماً معداً للعب القمار مع مخالفة ذلك لنص المادة 352 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 17 سنة 1955 ومع أن الذين يترددون على مسكن الطاعن للعب من معارفه وأصدقائه – ولا يغشى مسكنه كل من يريد اللعب دون تمييز هذا إلى أنه لم يعد مسكنه للعب القمار فقد كانت به منضدة واحدة خضراء مغطاة بغطاء أبيض ولو صح ما يدعيه رجال البوليس من أنه يدير مسكنه للقمار لقاموا بتفتيشه بعد صدور الإذن مباشرة ولما انتظروا ستة أيام من تاريخ صدوره.
وحيث إن القانون لا يشترط في التحقيق المفتوح الذي يسوغ التفتيش أن يكون قد قطع مرحلة أو استظهر قدراً معيناً من أدلة الإثبات وإنما يترك تقدير كفاية التحريات وجديتها لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وقد أقرتها على سلامة تقديرها للأسباب السائغة التي أوردتها لما كان ذلك وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وعرض لدفاع الطاعن في قوله: "وحيث إن المادة 352 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 17 لسنة 1955 تنص على أن كل من أعد مكاناً لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس فيه يعاقب هو وصيارف المحل المذكور بالحبس وبغرامة لا تتجاوز ألف جنيه... الخ وكانت هذه المادة قبل تعديلها تقضي بأن العقاب يكون عن فتح محل لألعاب القمار واليانصيب وإعداده لدخول الناس كذلك لصيارف المحل المذكور فظاهر من مقارنة النص أن المشرع استبدل "المكان" بالمحل حتى لا يدخل في الذهن أن يكون المحل عاماً وإلا كان هذا النص لا فائدة منه حيث إن المشرع نص بالعقاب على مزاولة ألعاب القمار في قانون المحلات العامة 38 لسنة 1941 وقانون الأندية 152 لسنة 1949 المعدل بالقانون 18 لسنة 1955 والقول بغير ذلك يجعل من نص المادة 352 عبثاً والمشرع منزه عن العبث ومما يؤيد هذا النظر أنه لم ينص على عقوبة الغلق فيما نص بتلك المادة مع أنه نص فيه في القانونين 38 سنة 1941 و152 سنة 1949 المعدل بالقانون رقم 18 سنة 1955. وحيث إن الثابت من التحقيقات وطبقاً لما بان من وصف المنقولات التي وجدت في حجرة اللعب من وجود منضدة خضراء سباعية الشكل وضبط عدد كبير من الفيشات مختلفة الأحجام والألوان ومن وجود عدد ضخم من مجموعات أوراق اللعب معدة للاستعمال ووجود أربعة أشخاص يمارسون اللعب على هذه المنضدة وأمامهم الفيشات ومبلغ خمسة جنيهات بوسط المائدة. وما أقر به بعض اللاعبين عن المتهم الثاني (الطاعن) بأخذه جعلاً (جانيوتة) عن كل دور من أدوار اللعب ووجود بعض فيشات على مقصف بجانب منضدة اللعب يرجح أنها خاصة بتلك الجانيوتة كما ثبت أن أكثر الأشخاص الذين غشوا ذلك المكان جاءوا بدون قيد وأنه لا تربطهم علاقة ببعضهم وأن فريقاً منهم لا تربطه بصاحب المنزل أية علاقة أو على معرفة بسيطة لا تمسح له بالتردد على مسكنه وجاء ذلك مؤيداً لتحريات البوليس من أن ذلك المكان يستعمل في ألعاب القمار ويتردد عليه أشخاص مختلفون بحيث إن من يتردد تارة قد لا يتردد أخرى وقد ثبتت هذه التحريات كل ذلك يقطع في الدلالة على أن ذلك المكان قد أعد إعداداً كاملاً لألعاب القمار" – لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم تتحقق به أركان المادة 352 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 18 سنة 1955 التي دان الطاعن بها فإن النعي على الحكم بما جاء بهذين الوجهين من الطعن لا يكون على أساس.
وحيث إن محصل الوجه الثاني هو بطلان الحكم الاستئنافي لخلوه من الأسباب والمقومات الأساسية اللازمة لصحة الأحكام أو عدم اشتماله على البيانات التي يتطلبها القانون كذكر وقائع الدعوى مفصلة وإيراد دفاع المتهم.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه صدر شاملاً لكل البيانات التي يتطلبها القانون لصحة الأحكام وقد أحال عليه الحكم الاستئنافي. لما كان ذلك وكان ليس ثمة ما يمنع المحكمة الاستئنافية إن هي رأت كفاية الأسباب التي بني عليها الحكم المستأنف من أن تتخذها أسباباً لحكمها وتعتبر عندئذ أسباب الحكم المستأنف أسباباً لحكمها، وكانت المحكمة الاستئنافية قد قالت في أسباب حكمها المطعون فيه (إن الحكم المستأنف في محله للأسباب الواردة به والتي تأخذ بها هذه المحكمة وقد تكفل هذا الحكم بالرد على جميع أوجه النزاع بما فيه الكفاية) فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الأوجه الثالث والرابع والخامس هو قصور الحكم في البيان ذلك بأنه في تحصيله واقعة استيلاء الطاعن على جعل (جانيوته) من اللاعبين لقاء لعب القمار بمسكنه أطلق العبارات دون ردها إلى مصدر معين من أقوال الشهود، كما شابه القصور في مناقشة أقوال الشاهدة عطيات فرحات بالجلسة بما يسوغ إطراحها والاعتماد على أقوالها في التحقيقات.
وحيث إنه لا يوجد في القانون ما يلزم المحكمة بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها. وإذن فلا تثريب على الحكم إن أطلق القول بأن بعض اللاعبين قرروا بأن الطاعن يتقاضى جعلاً نظير لعب القمار في مسكنه دون أن يشير إلى أسمائهم ما دام قد أورد مضمون أقوالهم في مدوناته وما دام أورد أقوال الشاهدين محمد أمين توفيق وعطيات فرحات متضمنة قيام هذه الواقعة وما دام الطاعن لم ينازع في نسبة هذه الأقوال إليهما، لما كان ذلك وكان لا محل للنعي على المحكمة أنها أطرحت شهادة الشاهدة عطيات فرحات بالجلسة وأخذت بأقوالها في التحقيقات إذ لها أن تعتمد إلى أقوال الشاهد – بالتحقيقات وهي من عناصر الدعوى المطروحة أمامها مطرحة ما قرره أمامها بالجلسة ويكون ما يثيره الطاعن بهذه الأوجه الأخيرة لا يعدو أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.