أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 441

جلسة 26 من مارس سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وأحمد زكي كامل - المستشارين.

(126)
القضية رقم 19 سنة 26 القضائية

( أ ) إثبات. شهادة. حكم تسبيبه. اعتماد محكمة الموضوع فيه على أقوال شاهد في إحدى مراحل التحقيق ولو خالفت ما شهد به أمامها. عدم التزامها ببيان السبب.
(ب) إثبات. شهادة. حكم تسبيبه. حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال شهود الإثبات دون شهود النفي. عدم التزامها ببيان السبب.
(ج) إثبات. شهادة. حكم. تسبيبه. تناقض الشهود. استخلاص الحكم الإدانة من أقوالهم مما لا تناقض فيه. لا عيب.
1 - تقوم الأحكام الجنائية على أساس من حرية محكمة الموضوع في تقدير الأدلة المطروحة عليها وللمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد في حكمها على أقوال شاهد في إحدى مراحل التحقيق ولو خالفت ما شهد به أمامها ما دامت قد اطمأنت إليها دون أن تطالب ببيان السبب متى كانت هذه الأقوال تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم.
2 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات وتطرح أقوال شهود النفي دون أن تلتزم ببيان السبب ما دام الرد على أقوال الأخيرين مستفاداً من الأخذ بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
3 - تناقض الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: هتك عرض الصبية فائقة محمد علي إسماعيل الشهيرة ببطة التي لم تبلغ من العمر سبع سنين كاملة بغير قوة أو تهديد بأن لامس قضيبه فرجها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 269/ 1 و2 من قانون العقوبات. فقررت بذلك بتاريخ 10 من مايو سنة 1954 ومحكمة جنايات الإسكندرية نظرت هذه الدعوى ثم قضت حضورياً بتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1955 - عملاً بمادة الاتهام - مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات، بمعاقبة حسين شعبان فرج بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في اليوم التالي ليوم صدوره وحصل على شهادة من قلم الكتاب مؤرخة في 27 من أكتوبر سنة 1955 تفيد عدم ختم الحكم في الميعاد القانوني، ولما أعلن في 10 نوفمبر سنة 1955 بإيداع الحكم مختوماً، قدم الأستاذ حسن أبو السعود المحامي عنه تقريراً بالأسباب في 16 من نفس الشهر... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شاب أسبابه القصور والتناقض - ذلك بأنه حين دان الطاعن بجناية هتك العرض لم يأخذ أقوال المجني عليها وشاهدة الرؤية بما يجب أن تأخذ به أقوال مثلها من حذر يقتضيه صغر سنها، ثم اتخذت من أقوال هذه الشاهدة دليلاً على وقوع الفعل، كما جاء بوصف التهمة مع أنها لا تكفي لأداء هذا المعنى بغض النظر عن أقوالها في التحقيق. ويذهب الطاعن إلى أن الحكم قصر في الكشف عما شاب التحقيق من تلفيق وما لحق بأقوال الشهود من تناقض ولم يتعرض لشيء من ذلك بقول وهو إلى ذلك لم يبين السبب الذي استند إليه في الأخذ برواية الشهود دون أخرى، كما أنه خالف المنطق وافترض ثبوت ما لا يجوز عقلاً عندما سلم بوقوع الفعل المنسوب للطاعن رغم تناقض الشاهدين في أقوالهما ومع تعدد روايتهما في بيان كيفية وقوعه بما يستحيل معه عقلاً وقوع هذا الفعل وإذا كان الحكم قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات وأطرح أقوال شهود النفي فقد أقام ذلك على أسباب لا تؤدي إلى ما انتهى إليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكانت الأحكام في المواد الجنائية تقوم على أساس من حرية المحكمة وتقدير الأدلة المطروحة عليها وللمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد في حكمها على أقوال شاهد في إحدى مراحل التحقيق ولو خالفت ما شهد به أمامها ما دامت قد اطمأنت إليها دون أن تطالب ببيان السبب متى كانت هذه الأقوال تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم كما هو الحال في الدعوى. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد أحاط بواقعة الدعوى وبأدلتها واطمأن إلى سلامة هذه الأدلة وكان تناقض الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه وكان للمحكمة أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات وتطرح أقوال شهود النفي دون أن تلزم ببيان السبب ما دام الرد على أقوال الأخيرين مستفاد من الأخذ بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم، على أن الحكم قد تعرض لذلك بقوله وبما أن المتهم لم يجرح في التحقيق شهادة المجني عليها أو سهير محمد الشيشيني على أي وجه، ولم يذكر سبباً يدعوهما لاتهامه بغير حق وكل ما قرره في هذا الشأن أن والد المجني عليها طلب منه أن يبيعه بأجل فأبى وهو قول ظاهر الاصطناع ولو صح لما دفع والد المجني عليها إلى التعريض بشرف ابنته وبما أن المحكمة تطمئن من أجل ذلك إلى شهادة المجني عليها وسهير محمد الشيشيني وترى أن مرجع شهادة صديق المتهم وابن خالته وجيرانه إلى مجرد الرأفة به والرغبة في محاولة نفي التهمة عنه، ولو صح أن والد المجني عليها عمل على تلفيق التهمة لما تخير للواقعة يوماً يعلم أن دكان المتهم مغلق فيه وهو قول صالح لأن يحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم. لما كان ذلك وكانت أوجه الطعن لا تعدو في حقيقة الأمر أن تكون محاولة جديدة للجدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة مما لا يثار أمام هذه المحكمة فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.