أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 7 - صـ 449

جلسة 27 من مارس سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(129)
القضية رقم 13 سنة 26 القضائية

دفاع شرعي. التمسك بقيام حالته. لا يشترط فيه إيراده بلفظه. مثال.
التمسك بحالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال لا يشترط فيه قانوناً إيراده بلفظه. وإذن فإذا كان المتهم قد تمسك في مرافعته بأنه لم يكن معتدياً وأنه على فرض صحة ما أسند إليه، فهو إنما كان يرد اعتداء وقع عليه من المجني عليه وفريقه فمفاد ذلك التمسك بحالة الدفاع الشرعي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب السيد إبراهيم طعيمه عمداً على رأسه بعصا فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه بسببها عاهة مستديمة هي فقد بعظام القبوة على الجانب الأيمن وقطر الفقد 2.5 سم ومثل هذه الإصابة تقلل من كفاءة المصاب على العمل كما قد تعرض حياته للخطر إذا ما أصيب بإحدى المضاعفات التي تنشأ عن مثل هذه الإصابة كالصرع والالتهابات السحائية ويقدر العجز الحادث بحوالي 10%، وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وقد ادعى السيد إبراهيم طعيمه بحق مدني قبل المتهم بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض، ونظرت محكمة جنايات الزقازيق هذه الدعوى ثم قضت حضورياً بتاريخ 5 من مايو سنة 1955 عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة أحمد دسوقي دياب بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المدنية ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه شابه قصور في التسبيب إذ لم ترد المحكمة على ما تمسك به الدفاع وأشهد شهود النفي عليه، من أن المدعي المدني كان هو المعتدي على مال الطاعن ونفسه، وإذ أغفلت المحكمة تمحيص هذا الدفاع فلم تدخله في تقدير مسئوليته الجنائية والمدنية.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن ذكر ضمن مرافعته أن شهود الحادث ثلاثة عبد الرحمن الجوهري وأمينة جاب الله وعلي عبد المجيد - هؤلاء الثلاثة الذين شهدوا الحادث قالوا الآتي: المتهم كان يدير الطنبوشة وحضر المجني عليه وكان يريد حل الطنبوشة، واستحضر أشخاصاً من البلدة وانهالوا على المتهم ضرباً وتأيدت هذه الأقوال بأقوال شيخ الخفراء بالتحقيقات وبناء عليه المجني عليه كان هو المعتدي على المال والنفس، ولا دليل في الدعوى على أن المتهم ضرب المجني عليه - والمجني عليه بادي بالشر مما لا يصح معه أن يأتي اليوم ويطالب بالتعويض. ولما كان يبين من ذلك أن المدافع عن الطاعن تمسك في مرافعته بأنه لم يكن معتدياً وأنه على فرض صحة ما أسند إليه فهو إنما كان يرد اعتداء وقع عليه من المجني عليه وفريقه - مما مفاده التمسك بحالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال الذي لا يشترط في التمسك به قانوناً إيراده بلفظه - وكان الحكم المطعون فيه قد قضى عليه بالعقوبة من غير أن يفصل في هذا الدفع أو يرد عليه بما يفنده - لما كان ذلك، وكان هذا الدفع جوهرياً ومن شأنه لو صح أن يهدم التهمة أو يؤثر في مسئولية الطاعن، فإن في إغفال المحكمة التحدث عنه ما يجعل حكمها قاصراً قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه، وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.