أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 475

جلسة 2 من إبريل سنة 1956

برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وحضور السادة مصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد حسنين، وفهيم يسي الجندي - المستشارين.

(139)
القضية رقم 84 سنة 26 القضائية

إثبات. شهادة. حكم. تسبيبه. تناقض أقوال الشهود. استخلاص الحكم الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه. لا عيب.
إن التناقض في أقوال الشهود بفرض قيامه لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه، إذ مرجع ذلك إلى عقيدة المحكمة واطمئنانها إلى صحة الدليل الذي تأخذ به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب محمد عيسى السيد بعصا على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء مساحته 2 سم من عظام الجمجمة من المرجح ملؤه بنسيج ليفي ليست له القدرة على حماية المخ مقابلة من التغيرات الجوية والصدمات البسيطة التي ما كانت تؤثر فيه لو كان محمياً بالعظام وقد تنشأ من ذلك حالات مرضية خطيرة مضاعفة كالتهاب السحايا ونوبات الصرع والشلل والجنون وغير ذلك من المضاعفات البالغة الخطورة مما لا يتسنى معه تقدير مدى العاهة على وجه التحديد على أن الفقد العظمي بحالته الراهنة فيما لو لم تطرأ أي مضاعفات تعتبر عاهة مستديمة تقلل من كفاءته على العمل وقوة جلده واحتماله بما يقدر بحوالي 10% وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 240/ 1 و241/ 1 و242/ 1 عقوبات فصدر الأمر بذلك. وقد ادعى محمد عيسى السيد بحق مدني قبل المتهم وطلب القضاء له عليه بمبلغ مائة جنيه بصفة تعويض. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بالمادتين 240/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة حسني مغازي عيسى بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني 100 جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية وثلاثمائة قرش أتعاباً للمحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن محصل الوجه الأول من أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بالضرب العمد الذي نشأت عنه عاهة مستديمة مع أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه وعن ماله لأن المجني عليه وفريقه جاءوه معتدين وأحدثوا به عدة إصابات اضطر معها إلى رد الاعتداء بالقدر اللازم وأن الحاضر عنه دفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فأغفلت المحكمة دفاعه ولم ترد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى والأدلة التي استخلص منها ثبوتها وقال في بيان الواقعة "أن المتهم حسني مغازي عيسى "وهو الطاعن" وأخواه محمد مغازي عيسى والسيد مغازي عيسى أقدموا في يوم الحادث على قطع جسر لحقل يمتلكه محمد عيسى السيد المجني عليه فلما علم هذا الأخير بذلك منه حاول أن يمنعهم عما عولوا عليه فتطور الأمر بين الفريقين إلى شجار أسفر عن عدد من المصابين واعتدى في أثناء ذلك المتهم حسني مغازي عيسى بفأس على رأس محمد عيسى السيد فأحدث به إصابة نشأت عنها عاهة مستديمة وقدم المجني عليه بلاغاً بالحادث فور وقوعه إلى مأمور قسم دسوق" - ثم عرض لدفاع الطاعن وأطرحه في قوله "أما أن هذا الأخير "أي المجني عليه" هو الذي بدأ التعدي فقول لم يثبت من واقع عناصر الدعوى وإن كان عدد من فريق المتهم قد أصيب بشتى الإصابات فإن هذا الظرف إنما يرجع إلى أن شجاراً قام بين الطرفين فتبادلا الضربات وفي أثناء ذلك انقض المتهم بالفأس على رأس المجني عليه وأصابه تلك الإصابة الخطيرة التي أحدثت له عاهة مستديمة برأسه" ويتضح من ذلك البيان أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي لأنه هو الذي بدأ المجني عليه بالعدوان بأن أقدم مع نفر من فريقه على قطع جسراً لحقل المجني عليه فلما حاول هذا رده منعاً للضرر عن ملكه وحدث بينهما بسبب ذلك مناقشة وتماسك لم يكن من الطاعن إلا أن ضرب المجني عليه بفأس كان يحملها لما كان ذلك وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بما ينافي قيام حالة الدفاع الشرعي فإنه لا يكون قد أخل بحقه في الدفاع ويكون ما جاء في وجه الطعن على غير أساس
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو قصور الحكم في بيان مؤدى أقوال الشهود الذي استند إليهم في القضاء بالإدانة وفي بيان الأفعال المسندة إلى الطاعن وإلى باقي المتهمين وفي الرد على ما جاء في بلاغ المجني عليه من عدم اتهام الطاعن بإحداث إصابة الرأس التي تخلفت عنها العاهة وما ظهر من تناقض أقوال ابن المجني عليه في مراحل التحقيق المختلفة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه استند في إدانة الطاعن إلى أقوال المجني عليه وابنه السيد مغازي واستخلص منها أن الطاعن هو المسئول دون غيره عن إصابة العاهة وأورد أقوالهما على نحو من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - لما كان ذلك وكان التناقض في أقوال الشهود بفرض قيامه لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه وكان لا جناح على المحكمة إذ هي عولت على بلاغ المجني عليه ولو خلا من بيان محدث إصابة العاهة من بين من اتهمهم إذ مرجع ذلك إلى عقيدة المحكمة واطمئنانها إلى صحة الدليل الذي تأخذ به - وكان ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ليس في حقيقته إلا جدلاً موضوعياً يتعلق بتقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تقبل إثارته أمام محكمة النقض فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.