أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 489

جلسة 3 من إبريل سنة 1956

برياسة السيد المستشار حسن داود، وحضور السادة محمود إبراهيم إسماعيل؛ ومصطفى كامل ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين - المستشارين.

(143)
القضية رقم 1998 سنة 25 القضائية

( أ ) دعارة. إدارة منزل للدعارة. صورة واقعة تتوافر بها عناصر هذه الجريمة. المادة 8 من القانون 68 لسنة 1951.
(ب) دعارة. وجود امرأة في منزل معد للدعارة. لا يعتبر بذاته معاونة في إدارة المنزل للدعارة ولا تتحقق به جريمة المعاونة المعاقب عليها بالمادة 8 من القانون رقم 68 لسنة 1951.
(جـ) دعارة. جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة. اعتياد أحد الرجال التردد على منزل معد للدعارة يرتكب فيه الفحشاء وارتكابه الفحشاء عدة مرات مع المتهمة التي تستخدم في إدارة هذا المنزل للدعارة - توافر عناصر الجريمة المذكورة في حق المتهمة. المادة 9 ق 68 لسنة 1951.
(د) تفتيش. حكم. تسبيبه. إثباته أن أمر التفتيش بني على تحريات جدية سبقت صدوره. تزيده استدلالاً على جدية التحريات من أن التفتيش انتهى إلى ضبط الواقعة فعلاً. لا عيب.
(هـ) مراقبة. اعتبار عقوبة المراقبة عقوبة تبعية تلحق عقوبة الحبس الأصلية بقوة القانون وفقاً لنص المادة 13 ق 68 سنة 1951.
1 - متى كان الحكم قد أثبت بأدلة سائغة أن المتهمة تدير منزلها للدعارة كما أورد مضمون ما جاء بمحضر التفتيش من أن نسوة عديدات ورجالاً قد ضبطوا بالمنزل واعترف النسوة بأنهن يمارسن الدعارة في المنزل كما أقر الرجال بأنهم يترددون عليه في أوقات متباينة لارتكاب الفحشاء نظير أجر تستوفيه منهم المتهمة فإن ما أثبته الحكم تتوافر به في حق المتهمة عناصر جريمة الاعتياد على إدارة منزلها للدعارة طبقاً للمادة 8 من القانون رقم 68 لسنة 1951.
2 - إن المادة 8 من القانون رقم 68 لسنة 1951 إذ عاقبت على فعل المعاونة في إدارة منزل للدعارة إنما عنت المعاونة في إعداد المحل واستغلاله كمشروع، وإذن فوجود امرأة في منزل معد للدعارة لا يعتبر بذاته معاونة في إدارته أو استغلاله ولا تتحقق به تلك الجريمة.
3 - متى أثبت الحكم أن أحد الرجال اعتاد التردد على منزل معد للدعارة يرتكب فيه الفحشاء مع من تحضره له المرأة التي تدير هذا المنزل وأنه ارتكب الفحشاء عدة مرات مع المتهمة وهي ممن يستخدمن في إدارة هذا المنزل للدعارة فإن ذلك تتوافر به في حق المتهمة عناصر جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة المنصوص عليها في المادة 9 من القانون رقم 68 لسنة 1951.
4 - متى أثبت الحكم أن أمر التفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره فلا يؤثر فيه ما قاله تزيداً استدلالاً على جدية التحريات من أن التفتيش قد انتهى إلى ضبط الواقعة فعلاً.
5 - ظاهر نص المادة 13 من القانون رقم 68 لسنة 1951 أنه يجعل عقوبة المراقبة عقوبة تبعية تلحق عقوبة الحبس الأصلية بقوة القانون وبغير حاجة للنص عليها في الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - صديقة محمود حسن "الطاعنة الأولى" و2 - فهيمه صادق محمد و3 - سعاد محمد إسماعيل "الطاعنة الثانية" و4 - فاطمة حسن حسن خليفة و5 - خضرة أبو العلا محمد. بأنهن المتهمة الأولى أدارت منزلاً للدعارة. المتهمات من الثانية إلى الخامسة - أولاً: عاون المتهمة الأولى في إدارة منزلها للدعارة - ثانياً: اعتدن ممارسة الدعارة. وطلبت عقابهن بالمواد 8 و9/ 3 و13 من القانون رقم 68 لسنة 1951. ولدى نظر الدعوى دفعت المتهمات ببطلان إذن التفتيش. ومحكمة الدرب الأحمر الجزئية قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و3 و8 و9/ 3 و13 و31 من القانون رقم 68 لسنة 1951 مع تطبيق المواد 32 و55 و56 من قانون العقوبات أولاً: - برفض الدفع ببطلان إذن التفتيش. ثانياً: بحبس المتهمة الأولى سنة مع الشغل وتغريمها 200 جنيه مائتي جنيه وبإغلاق محلها ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود فيه مع وضعها تحت مراقبة البوليس لمدة سنة وكفالة قدرها 20 جنيهاً لوقف التنفيذ. ثالثاً: بحبس كل من المتهمات الثانية والثالثة والرابعة سنة مع الشغل وتغريمها 100 جنيه مائة جنيه ووضعها تحت مراقبة البوليس لمدة سنة وكفالة 500 قرش خمسمائة قرش لوقف التنفيذ عن التهمتين مع تطبيق المادة 32 عقوبات رابعاً: بحبس المتهمة الخامسة ستة شهور مع الشغل عن التهمة الأولى مع تعديل الوصف وتطبيق المادة 11 من القانون رقم 68 لسنة 1951 وأمرت بوقف تنفيذ هذه العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائياً وبراءتها من التهمة الثانية بلا مصروفات جنائية وذلك عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية. فاستأنفت المتهمات جميعاً الحكم. ومحكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعنة الأولى تبني طعنها على أن الحكم المطعون فيه يشوبه الإخلال بحق الدفاع ويعتمد على تفتيش باطل قانوناً كما يعيبه القصور، ذلك بأن الدفاع عن الطاعنة طلب الاطلاع على أوراق الدعوى لحداثة العهد بتوكيل المحامي عنها، كما طلب الاطلاع على أوراق جنائية إحراز المخدرات التي ضبطت واقعتها في نفس الوقت الذي تم فيه ضبط جريمة الدعارة وقد تقدم المحامي بعد الحكم في الدعوى يرجو تصحيح محضر الجلسة وإثبات ما أبداه زميله الذي حضر أمام المحكمة من عذر يبرر التأجيل، فلم يتم شيء من هذا التصحيح، أما عن بطلان التفتيش فإن محضر التفتيش جاء خالياً من إثبات واقعة نوم الطفلين على سرير بالغرفة التي قيل أنها أعدت لممارسة الدعارة وهي واقعة لها أهميتها، وفضلاً عن ذلك فقد ذكر الدفاع أن الاعترافات المنسوبة للنسوة اللائي كن موجودات وقت الضبط قد انتزعت منهن تحت تأثير التهديد بإسناد جريمة إحراز المخدرات إليهن، كما استعملت هذه الوسيلة مع بعض الشهود لحملهم على قول ما قالوه ولم ترد المحكمة على هذا الذي أبداه الدفاع أمامها.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة أن الطاعنة تدير منزلها للدعارة كما أورد مضمون ما جاء بمحضر التفتيش من أن نسوة عديدات ورجالاً قد ضبطوا بالمنزل واعترف النسوة بأنهن يمارسن الدعارة في المنزل، كما أقر الرجال بأنهم يترددون عليه في أوقات متباينة لارتكاب الفحشاء نظير أجر تستوفيه منهم الطاعنة، ولما كان ما أثبته الحكم تتوافر به في حق هذه الطاعنة عناصر جريمة الاعتياد على إدارة منزلها للدعارة طبقاً للمادة 8 من القانون رقم 68 لسنة 1951، لما كان ذلك وكان تأجيل نظر الدعوى مما يدخل في تقدير قاضي الموضوع وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن القضية أجلت مرتين بناء على طلب الدفاع، وقد حضر عن الطاعنة في الجلسة الأخيرة محام وترافع عنها دون أن يطلب تأجيل نظر الدعوى ولم يبد شيئاً من الأسباب التي أشارت إليها في الوجه الأول من طعنها كذا لم يتمسك بطلب ضم القضية الخاصة بإحراز المخدرات التي سبق طلب ضمها مما يفيد تنازله عن هذا الطلب أما تقديم المحامي الأصيل عريضة بعد إقفال باب المرافعة وصدور الحكم تتضمن طلباً للتأجيل لأعذار أبداها، فلا يغير من الأمر شيئاً ولا تثريب على المحكمة إذا هي لم تلتفت إلى هذا الطلب وأما ما تقوله الطاعنة من أن الاعترافات قد انتزعت تحت تأثير التهديد، فالذي يبين من محضر الجلسة أنها لم تثر شيئاً من ذلك أمام المحكمة حتى تكون ملزمة بالرد عليه. لما كان ذلك وكان خلو محضر التفتيش من ذكر واقعة نوم طفلين على سرير بإحدى غرف المنزل ليس من شأنه أن يبطل إجراءاته، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في طعنها لا يكون مقبولاً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن الطاعنة الثانية تنعي على الحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنها دفعت ببطلان إذن التفتيش لعدم سبق صدوره بعد تحريات جدية فرفضت المحكمة الدفع مستندة إلى أسباب لا تبرر ما انتهت إليه، من ذلك أن المخبر زكي إبراهيم ليس من رجال الضبطية القضائية حتى يصح قيامه بالتحري، كما أن استناد الحكم إلى ما أسفر عنه التفتيش هو استناد إلى واقعة لاحقة على صدور الإذن به، يضاف إلى ما تقدم أن الدفاع عن الطاعنة أبدى للمحكمة أن ذهابها إلى منزل المتهمة الأولى إنما كان بسبب اشتراكها في جمعية مالية وطلب سؤال أعضاء هذه الجمعية فلم تجبه المحكمة، وأخيراً فإن المحكمة طبقت في حق الطاعنة المادتين 8 و9 من القانون رقم 68 لسنة 1951 وقضت بأشد العقوبتين طبقاً للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات هذا في حين أن المادة 8 المذكورة غير منطبقة لأن ما أسند إلى الطاعنة لا يعتبر إدارة منزل للدعارة ولا معاونة في إدارته ومجرد ضبط الطاعنة فيه لا يستفاد منه أنها تمارس الدعارة لأن هذه الجريمة يشترط فيها الاعتياد وهو أمر غير متحقق في الدعوى ومن ثم يكون مجرد ضبط الطاعنة في المنزل هو أمر لا عقاب عليه.
وحيث إن ما تقوله الطاعنة في الوجهين الأول والثاني مردود بأن الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً لأسبابه قد رد على دفاعها بشأن جدية التحريات بما قاله من أن الثابت من أقوال الضابط والبوليس الملكي زكي إبراهيم الشورى سواء في محضر الضبط أو في المحضر الذي افتتحه حضرة وكيل النيابة بالإذن بالتفتيش أنهما قاما فعلاً بمراقبة منزل المتهمة الأولى فتحقق البوليس الملكي أنه فعلاً يدار للدعارة ثم قام الضابط بتحقيق هذه التحريات فثبت لديه أنها صحيحة وبناء على تحرياته هو التي سبقت بتحريات البوليس وانتهى الحكم من ذلك إلى أن الأمر الذي صدر بالتفتيش بناء على هذه التحريات هو أمر صحيح لا شائبة فيه، ولما كان تقدير جدية التحريات متروكاً لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى أقرتها عليه فلا يجدي المتهم نعيه أن أمر التفتيش صدر بناء على تحريات غير جدية، أما ما قاله الحكم استدلالاً على جدية التحريات من أن التفتيش قد انتهى إلى ضبط الواقعة فعلاً فهو تزيد، لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن أمر التفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره، لما كان ذلك وكان من وظيفة رجال الضبط القضائي أن يقوموا بأنفسهم بإجراء التحريات عن الجرائم التي يصل إلى علمهم أنها ترتكب للتحقق من وقوعها فعلاً، ولهم أن يكلفوا أعوانهم بمساعدتهم في هذه التحريات تحت رقابتهم، وكان الحكم قد قرر في بيان واضح أن تفتيش المنزل محل الواقعة قد تم بمعرفة الضابط نفسه يساعده البوليس الملكي زكي إبراهيم الشورى الذي كان يقوم بهذه المساعدة في حضور الضابط المذكور وتحت إشرافه - لما كان ذلك، وكان ما قالته الطاعنة عن سبب وجودها في المنزل هو دفاع موضوعي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه رداً خاصاً ما دام ردها مستفاداً من قضائها بالإدانة اعتماداً على أدلة الإثبات التي أوردتها، لما كان ما تقدم فإن ما تثيره الطاعنة في هذين الوجهين لا يكون له محل.
وحيث إنه بالنسبة لما تنعاه الطاعنة في الوجه الثالث فإن المحكمة قد أثبتت في حكمها أن الشاهد رفعت خليل جوده شهد بأنه اعتاد التردد على منزل المتهمة الأولى يرتكب فيه الفحشاء مع من تحضره له وأنه ارتكب الفحشاء عدة مرات مع المتهمة الثالثة سعاد محمد إسماعيل (الطاعنة) - وكذلك المتهمة الخامسة قررت أن الطاعنة من اللواتي تستخدمهن صديقة في إدارة منزلها للدعارة، وهذا الذي أثبته الحكم تتوافر به عناصر جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة المنصوص عليها في المادة 9 من القانون.
وحيث إن المحكمة قد أسندت إلى الطاعنة أيضاً أنها تعاون المتهمة الأولى في إدارة منزلها للدعارة وقضت عليها بعقوبة الحبس المقررة لهذه الجريمة، ولما كان كل ما أثبته الحكم في حق الطاعنة هو أنها وجدت بالمنزل الذي تديره المتهمة الأولى وأنها اعتادت ممارسة الدعارة فيه، نظير أجر، ولما كانت المادة الثامنة من القانون رقم 68 سنة 1951 إذ عاقبت على فعل المعاونة في إدارة منزل للدعارة إنما عنت المعاونة في إعداد المحل واستغلاله كمشروع وكان وجود الطاعنة الثانية في منزل الطاعنة الأولى لا يعتبر بذاته معاونة في إدارته أو استغلاله، ولا تتحقق به تلك الجريمة، لما كان ذلك وكانت المحكمة قد قضت على الطاعنة بالحد الأدنى المنصوص عليه في المادة الثامنة من القانون المذكور وأفصحت عن رأيها في تخفيف العقوبة بالنظر إلى ظروف الواقعة وإلى سن المتهمة، الأمر الذي يشعر بأن المحكمة إنما وقفت عند هذا الحد من التخفيف لأن القانون لا يجيز لها النزول دونه، ومتى تقرر ذلك وكانت المحكمة قد أخطأت حين اعتبرت الطاعنة عاونت في إدارة المنزل للدعارة وعاقبتها بالعقوبة المفروضة في المادة الثامنة ولو أنها تنبهت إلى هذا الخطأ في تطبيق القانون لكان ما رأته من التخفيف يوجب عليها أن تنزل بالعقوبة أكثر مما نزلت، ولا يصح في هذه الحالة أن يقال بانعدام مصلحة الطاعنة على أساس أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها في المادة التاسعة المنطبقة على ما وقع من الطاعنة فهذا القول يستقيم لو أن المحكمة قد قضت بعقوبة يزيد قدرها على الحد الأدنى المقرر في القانون، أما وقد التزمت هذا الحد، فإنه يتعين إصلاح ما أخطأت فيه بقصره ما هو مسند إلى الطاعنة على تهمة الاعتياد على ممارسة الدعارة، وتعديل عقوبة الحبس مع الشغل إلى مدة تقدرها هذه المحكمة بستة شهور أما عقوبة المراقبة فظاهر نص المادة 13 من القانون رقم 68 لسنة 1951 يجعل منها عقوبة تبعية تلحق عقوبة الحبس الأصلية بقوة القانون وبغير حاجة للنص عليها في الحكم.