أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 498

جلسة 3 من إبريل سنة 1956

برياسة السيد المستشار حسن داود، وحضور السادة محمود إبراهيم إسماعيل؛ ومصطفى كامل ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين - المستشارين.

(145)
القضية رقم 76 سنة 26 القضائية

( أ ) قانون. قانون المرافعات. متى ترجع إليه المحكمة الجنائية.
(ب) حكم. التوقيع عليه. الأثر المترتب على عدم مراعاة التوقيع على الحكم في ميعاد الثمانية الأيام المنصوص عليها في المادة 312 أ. ج.
(ج) حكم. إصداره. إجراءات. حضور المتهم بجلسة المرافعة أو إعلانه لها إعلاناً صحيحاً. إعلانه بالجلسة المحددة لصدور الحكم. غير لازم.
(د) نقض. طعن. أسباب جديدة. إجراءات. بطلان الإجراءات أمام محكمة أول درجة وعدم التمسك به أمام المحكمة الاستئنافية. إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لا تقبل.
(هـ) نقض. طعن. أسباب جديدة. إجراءات. إثبات. شهادة. النعي بوقوع خطأ في اسم أحد شهود الإثبات أدى إلى عدم إعلانه. عدم وجود أثر لذلك في الأوراق وعدم إثارته أمام محكمة الموضوع. التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض. لا يقبل.
1 - استقر قضاء هذه المحكمة على أن المحكمة الجنائية لا ترجع إلى قانون المرافعات المدنية إلا عند إحالة صريحة على حكم من أحكامه وردت في قانون الإجراءات الجنائية أو عند خلو هذا القانون من نص على قاعدة من القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات.
2 - لما كان قانون الإجراءات إذ تكفل في المادة 312 منه بتنظيم وضع الأحكام والتوقيع عليها لم يرتب البطلان على تأخير التوقيع إلا إذا أمضى ثلاثون يوماً دون حصول التوقيع، أما ميعاد الثمانية الأيام المشار إليه فيها فقد أوصى الشارع بالتوقيع على الحكم في خلاله دون أن يرتب البطلان على عدم مراعاته، وكل ما رتبه على ذلك من أثر هو أن يكون للمحكوم عليه إذا حصل من قلم الكتاب على شهادة بعدم وجود الحكم في الميعاد المذكور أن يقرر بالطعن ويقدم أسبابه في ظرف عشرة أيام من تاريخ إعلانه بإيداعه قلم الكتاب كما هو مقتضى نص المادة 426 من قانون الإجراءات الجنائية.
3 - لا يوجب القانون إعلان المتهم للجلسة التي حددت لصدور الحكم متى كان حاضراً بجلسة المرافعة أو معلناً لها إعلاناً صحيحاً.
4 - متى كان المتهم لم يثر أمام المحكمة الاستئنافية شيئاً في شأن بطلان الإجراءات أمام محكمة أول درجة فلا تقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - متى كان ما ينعاه المتهم من وقوع خطأ في اسم أحد شهود الإثبات أدى إلى عدم إعلانه لا أثر له في الأوراق ولم يثره المتهم أمام محكمة الموضوع فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: تسبب بدون قصد ولا تعمد في قتل خديجة منصور موسى وإصابة صبحي مصطفى وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم مراعاته اللوائح بأن انحرف بسيارة كان يقودها إلى يسار الطريق دون أن يتأكد من خلوه كما قاد السيارة بسرعة لا تتناسب مع وعورة الطريق وبدون انتباه فصدم المجني عليها فحدثت بها الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والكشف الطبي والتي أودت بحياة الأولى. وطلبت عقابه بالمواد 238 و244 و32/ 1 من قانون العقوبات. وقد ادعى كل من محمود مرسي سالم والد المتوفى ومصطفى مصطفى عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على القاصرين فاروق وصبحي قبل المتهم وإبراهيم محفوظ المسئول مدنياً "صاحب السيارة" وطلبا القضاء لهما عليهما بمبلغ 500 جنيه بصفة تعويض كما ادعى إبراهيم محفوظ المسئول مدنياً. ق مدني قبل شركة مصر للتأمين وطلب القضاء له عليها بمبلغ 500 جنيه بصفة تعويض ومحكمة الزيتون الجزئية قضت عملاً بمواد الاتهام غيابياً للمتهم وحضورياً للباقين - أولاً: - بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة ألف قرش لوقف التنفيذ وإلزامه وإبراهيم محفوظ متضامنين بأن يدفعا لمحمود موسى ومصطفى مصطفى زعيم عن نفسه وبصفته مبلغ خمسمائة جنيه مصري كتعويض مدني والمصاريف و300 قرش أتعاب محاماة. ثانياً: - إلزام شركة مصر للتأمين بأن تدفع للمسئول عن الحقوق المدنية إبراهيم محفوظ مبلغ خمسمائة جنيه والمصاريف و300 قرش أتعاباً للمحاماة فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته شركة مصر للتأمين بتوكيل ومحكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف لصدوره باطلاً وبإعادة أوراق الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في الدعوى من جديد وألزمت المدعيين بالحق المدني بالمصاريف المدنية الاستئنافية وأعفتهم جميعاً من المصاريف الجنائية. نظرت محكمة الزيتون الجزئية هذه الدعوى من جديد وقضت حضورياً أولاً: - باعتبار المدعيين بالحق المدني تاركين لدعواهما المدنية وإلزامهما بمصروفاتها. ثانياً: - بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة ألف قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة القاهرة بهيئة استئنافية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات جنائية فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه وقع باطلاً لعدم إيداع أسبابه عقب النطق به طبقاً للمادة 436 من قانون المرافعات هذا فضلاً عن عدم إيداع الأسباب في خلال الثمانية الأيام التالية لصدور الحكم إعمالاً لنص المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن المحكمة الجنائية لا ترجع إلى قانون المرافعات المدنية إلا عند إحالة صريحة على حكم من أحكامه وردت في قانون الإجراءات الجنائية أو عند خلو هذا القانون من نص على قاعدة من القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات، ولما كان قانون الإجراءات الجنائية إذ تكفل في المادة 312 منه بتنظيم وضع الأحكام والتوقيع عليها لم يرتب البطلان على تأخير التوقيع إلا إذا مضى ثلاثون يوماً دون حصول التوقيع، أما ميعاد الثمانية الأيام المشار إليه فيها فقد أوصى الشارع بالتوقيع على الحكم في خلاله دون أن يرتب البطلان على عدم مراعاته، وكل ما رتبه على ذلك من أثر هو أن يكون للمحكوم عليه إذا حصل من قلم الكتاب على شهادة بعدم وجود الحكم في الميعاد المذكور أن يقرر بالطعن ويقدم أسبابه في ظرف عشرة أيام من تاريخ إعلانه بإيداعه قلم الكتاب كما هو مقتضى نص المادة 426 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي لأسبابه رغم أن الثابت من محاضر جلسات محكمة أول درجة أن الطاعن حضر بجلسة 3/ 9/ 1954 وأجلت الدعوى لجلسة 9/ 12/ 1954 وفيها لم يثبت حضور الطاعن بمحضر الجلسة وحجزت القضية للحكم لجلسة 16/ 12/ 1954 ثم قررت المحكمة مد أجل الحكم أسبوعاً آخر دون أن تأمر بإعلان الطاعن وفي هذه الجلسة الأخيرة صدر الحكم بإدانته، وأمام المحكمة الاستئنافية أمرت المحكمة بجلسة 5/ 9/ 1955 بحجز القضية للحكم لجلسة 26/ 9/ 1955 ورخصت للطاعن بتقديم مذكرة في مدى أسبوع، وفي تلك الجلسة الأخيرة قررت المحكمة مد أجل الحكم لجلسة 3/ 10/ 1955 لتعذر المداولة دون أن يعلن بها الطاعن فلم يتمكن من تقديم مذكرة بدفاعه، وقد ترتب على عدم إعلان الطاعن في محكمتي أول وثاني درجة بطلان الحكمين الصادرين منهما.
وحيث إن ما يثيره الطاعن في هذين الوجهين مردود بأنه لما كان لا يبين من مراجعة محاضر جلسات المحكمة الاستئنافية أن الطاعن أثار شيئاً في شأن بطلان الإجراءات أمام محكمة أول درجة فلا تقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، ولما كان الثابت من الاطلاع على تلك المحاضر أن الطاعن حضر بجلسة 2/ 5/ 1955 التي تمت فيها المرافعة وترافع محاميه في موضوع الدعوى فقررت المحكمة بحجز القضية للحكم لجلسة 26/ 9/ 1955 ورخصت له بتقديم مذكرة في مدى أسبوع وفي تلك الجلسة أمرت المحكمة بمد أجل الحكم لجلسة 3/ 10/ 1955 لتعذر المداولة وفيها صدر الحكم حضورياً بتأييد الحكم المستأنف لما كان ذلك وكان القانون لا يوجب إعلان المتهم للجلسة التي حددت لصدور الحكم متى كان حاضراً بجلسة المرافعات أو معلناً لها إعلاناً صحيحاً فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له سند من القانون.
وحيث إن الوجه الرابع يتحصل في القول بأن الحكم المطعون فيه أخل بمبدأ شفوية المرافعة إذ لم تسمع محكمة أول درجة شهوداً واستندت في إدانة الطاعن إلى أقوال زكي سوريال في محضر جمع الاستدلالات - ولا يرد على ذلك بأن إعلان هذا الشاهد وباقي شهود الإثبات لم يتم بسبب عدم الاستدلال عليهم لأن الإعلان أرسل باسم زكي سوريال الذي عول الحكم خطأ على أقواله مع أن الشاهد الحقيقي يدعى نبيه زكي سوريال، وقد اتجهت المحكمة الاستئنافية إلى استكمال هذا النقص فقررت إعلان شهود الإثبات ولكنها عادت بعد ذلك وضربت صفحاً عن سماع شهادتهم واكتفت بسماع شهادة المهندس الفني، وفي ذلك ما يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إنه لا وجه لما يثيره الطاعن فيما تقدم إذ يبين من مراجعة محاضر جلسات القضية أن المحكمة الاستئنافية حققت شفوية المرافعة بسؤال الشاهد أحمد شفيق في مواجهة الطاعن وأن سماع باقي شهود الإثبات لم يكن ممكناً لما أبداه ممثل النيابة في جلسة 2 من مايو سنة 1955 من عدم الاستدلال عليهم، كما يبين من محضر الجلسة التالية لها أن الدفاع عن الطاعن تنازل عن سماع شهادتهم، لما كان ذلك وكان ما ينعاه الطاعن في طعنه من وقوع خطأ في اسم أحد هؤلاء الشهود أدى إلى عدم إعلانه لا أثر له في الأوراق ولم يثره الطاعن أمام محكمة الموضوع فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الخامس هو أن المحكمة استنتجت من أقوال الشاهد نبيه زكي سوريال أن الطاعن لم يكن أثناء قيادة السيارة شديد الحذر والانتباه وأنه اندفع بها إلى يسار الطريق دون أن يتحقق من سلامته فلم يتمكن من السيطرة على قيادتها مما يستدل منه على أنه كان يقودها بسرعة أفلتت زمامها منه فوقع الحادث نتيجة لذلك مع أنه بالرجوع إلى أقوال هذا الشاهد يتضح أنه نفى السرعة والاندفاع كذلك قرر شاهد الإثبات الآخر علي حسن فائق أن الطاعن كان يقود السيارة بسرعة 20 كيلو متراً، وأن الطريق كان غير ممهد وبه حفر كثيرة وأنه لا يتسنى لأية سيارة أن تسير في مكان الحادث بأكثر من هذه السرعة وأن الطاعن أطلق البوق قبل أن يمر بسيارته بجوار السيارة النقل ولم ينحرف إلى اليسار إلا ليتفادى الحفرة وجاءت المعاينة مؤيدة لهذه الأقوال إذ لم يعثر في مكان الحادث على أثار لفرامل السيارة مما ينبئ بأن المجني عليها ظهرت بغتة أمام السيارة كذلك سكت الحكم عن الرد على ما أبداه الدفاع من أن الطاعن كان مضطراً إلى الانحراف إلى اليسار لمفاداة السيارة النقل ثم إلى الانحراف مرة ثانية بسبب وجود حفرة في الطريق ولظهور المجني عليها أمامه فجأة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي لأسبابه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جريمتي القتل الخطأ والإصابة الخطأ اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوت الخطأ في حقه أدلة سائغة مقبولة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وكان مما قال تعقيباً على أقوال شهود الإثبات ودفاع الطاعن أنه أخذاً من هذه الأقوال التي يبديها المتهم (الطاعن) يتضح أنه كان متجهاً في غير اتجاهه الطبيعي متجاوزاً لسيارة أخرى تقف باليمين وكان يتعين عليه أن يبدي أشد الانتباه والحذر ولاحتمال ظهور سيارات من الجهة المقابلة فيتوقف تواً أو يتمهل حتى تمر ولا يمر إلا إذا لاحظ خلو الطريق من هذه الناحية إنما إهمالاً منه اندفع إلى يسار الطريق لدرجة أنه لم يتمكن من التحكم في قيادة السيارة لمجرد وجود امرأة تسير على جانب الطريق في هدوء فماذا كان يفعل لو أن الذي ظهر له سيارة أخرى قادمة وهذا محتمل جداً ولكنه التفريط والإهمال أعماه حتى أنه ترك سيارته تسير على هواها ويندفع بها نحو المزارع مما يقطع بأن المتهم شخص ليس مهملاً فحسب بل بلغ من الاستهتار حداً يتعين معه أخذه بعقوبة صارمة" ومفاد هذا الذي استخلصته المحكمة من أقوال شهود الإثبات ودفاع الطاعن في حدود سلطتها التقديرية ورتبت عليه في منطق سليم مسئولية الطاعن الجنائية أن هذا الأخير كان يقود السيارة بسرعة ورعونة وفي غير تبصر ولا انتباه مما أدى إلى اصطدامه بالمجني عليهما لما كان ما تقدم وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد صراحة على كل ما يثيره الدفاع من شبة وقرائن فإن ما ينعاه الطاعن في طعنه لا يكون في حقيقته إلا جدلاً في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.