أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 504

جلسة 3 من إبريل سنة 1956

برياسة السيد المستشار حسن داود، وحضور السادة محمود إبراهيم إسماعيل؛ ومصطفى كامل ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين - المستشارين.

(146)
القضية رقم 78 سنة 26 القضائية

قتل خطأ. ركن الخطأ. صورة واقعة يتحقق بها ركن الخطأ في جريمة القتل الخطأ.
متى كان مفاد ما أثبته الحكم مستخلصاً من أقوال شاهدي الرؤية ومن المعاينة أن المجني عليه وزميله - وكل منهما يركب دراجته - كانا ملتزمين الجانب الأيمن من الطريق بالنسبة لاتجاههما فلما أبصرا بالمتهم مقبلاً نحوهما بسرعة بالسيارة التي يقودها من الاتجاه المضاد ولكن في ذات الجانب تاركاً الجانب الأيمن لاتجاهه هو خشياً أن يدهمهما فانحرفا إلى يسارهما لمفاداة ذلك، غير أن المتهم لم يتمكن من إيقاف السيارة نظراً لسرعتها فانحرف هو الآخر إلى جانبه الأيمن حيث اصطدم بالمجني عليه بالعجلة الخلفية اليمنى للسيارة فإن الواقعة على هذه الصورة الذي استخلصها الحكم يتحقق بها ركن الخطأ في جريمة القتل الخطأ كما هو معرف به في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل عبد الهادي محجوب محمد وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه ومخالفته اللوائح بأن قاد سيارة بسرعة ينجم عنها الخطر دون أن يطلق آلة التنبيه فصدم المجني عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أدت إلى وفاته وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح أجا الجزئية قضت بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن المحكمة استخلصت الخطأ من عناصر غير ثابتة إذ الثابت من المعاينة التي أجراها المحقق أن الحادث وقع على طريق عرضه ستة أمتار ووجدت السيارة التي كان يقودها الطاعن واقفة على يمين الطريق ومن خلفها بمسافة عشرة أمتار وعلى يمين الطريق أيضاً وجدت جثة المجني عليه، كما شوهدت آثار الدماء عالقة بالعجلة الخلفية اليمنى للسيارة ومتناثرة على الجانب الأيمن من الطريق، وأثبت الحكم الابتدائي أن الواضح من هذه المعاينة أن المجني عليه كان يسير على يسار الطريق بالنسبة لاتجاهه المضاد ولاتجاه السيارة وهذه الماديات تنفي الخطأ عن الطاعن لأنها تفيد أن المجني عليه كان يسير بدراجته على الجانب الأيسر من الطريق وأنه بعد أن جاوز مقدمة السيارة ووصل إلى نهايتها اختل توازنه وخشي أن يسقط في الترعة المجاورة له فوقع بالدراجة وارتطمت رأسه بعجلة السيارة الخلفية دون أن تصطدم به من الأمام، وقد استندت المحكمة في إدانة الطاعن إلى أقوال الشهود مع أن أقوالهم تتعارض مع ماديات الدعوى فلا يصح الأخذ بتلك الأقوال، هذا إلى أن المحكمة، وقد دانت الطاعن لا على أساس ما أثبتته المعاينة وإنما على أساس أقوال الشاهدين السيد عبد الباقي مصطفى زميل المجني عليه وإبراهيم محمد مسعود من أن السيارة كانت تسير بسرعة على يسار الطريق، فإن ذلك يتناقض مع ما قالته بعد ذلك في حكمها من أن الحادث وقع على يمين الطريق ويتناقض كذلك مع ما ثبت من وجود آثار الدماء وجثة القتيل على يمين الطريق، أما وجود السيارة على مسافة عشرة أمتار من موضع الجثة. فليس دليلاً على السرعة لأن الطاعن لم يقف إلا بعد أن سمع الصياح، فضلاً عن أن الشاهد حسني فوده شهد بأن الطاعن كان يقود السيارة بسرعة عادية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبها عليها ومن بين هذه الأدلة التي استند إليها ما شهد به شاهدا الرؤية الصعيدي عبد الباقي مصطفى زميل المجني عليه وإبراهيم محمد مسعود عامل الطرق اللذان أخذت المحكمة بأقوالهما دون باقي الشهود من أن المتهم (الطاعن) لم يلزم يمينه في السير بسيارته وإنه كان يسير على شمال الطريق في مواجهة المجني عليه الذي كان ملتزماً يمينه ومن أنه كان يسير مسرعاً ودون أن يستعمل آلة التنبيه مما أدى بالمجني عليه أن ينحرف إلى شماله لمفاداة السيارة وانحرف المتهم كروايته إلى يساره ثم إلى وقوع الحادث وإصابة المجني عليه بالعجلة اليمنى الخلفية للسيارة ثم استطرد الحكم إلى بيان مؤدى محضر المعاينة فقال وقد أثبتت المعاينة عن أن السيارة تبعد عن جثة المجني عليه عشرة أمتار رغم أن السائق قد أثبت أنه قد أوقف السيارة بمجرد وقوع الحادث ورغم أن الطريق غير مرصوف رغم ثقل السيارة لدليل مادي يؤيد ما ذهب إليه الشاهدان السابقان من أن السيارة قيادة المتهم كانت مسرعة سرعة لم يتمكن معها قائدها من الوقوف بها إلا بعد أن قطعت هذه المسافة، أما أن إصابة المجني عليه كانت بالعجلة اليمنى الخلفية للسيارة فدليل على صحة رواية الصعيدي عبد الباقي من أنه والمجني عليه لما رأيا السيارة في مواجهتهما على يسار الطريق حاولا مفاداتها فانحرفا إلى يسارهما أي إلى يمين اتجاه السيارة فتمكن هو من مفاداتها دون المجني عليه ومفاد هذا الذي أثبته الحكم مستخلصاً من أقوال شاهدي الرؤية المقدم ذكرهما ومن المعاينة أن المجني عليه وزميله الصعيدي عبد الباقي وكل منهما يركب دراجته - كانا ملتزمين الجانب الأيمن من الطريق بالنسبة لاتجاهها فلما أبصرا بالطاعن مقبلاً نحوهما بسرعة بالسيارة التي يقودها من الاتجاه المضاد ولكن في ذات الجانب تاركاً الجانب الأيمن لاتجاهه هو خشياً أن يدهمهما فانحرفا إلى يسارهما لمفاداة ذلك، غير أن الطاعن لم يتمكن من إيقاف السيارة نظراً لسرعتها فانحرف هو الآخر إلى جانبه الأيمن حيث اصطدم بالمجني عليه بالعجلة الخلفية اليمنى للسيارة.
ولما كانت الواقعة على هذه الصورة التي استخلصها الحكم المطعون فيه يتحقق بها ركن الخطأ كما هو معرف به في القانون، وكان يبين من ذلك أن قول الحكم بأن الطاعن كان يقود السيارة في أول الأمر على يسار الطريق ثم قوله بعد ذلك أنه اصطدم بالمجني عليه على الجانب الأيمن من الطريق يتفق مع الحقيقة التي استخلصها ولم يتناقض في شيء فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يكون إلا جدلاً في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا شأن لمحكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.