أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 557

جلسة 10 من أبريل سنة 1956

برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين، وأحمد زكي كامل - المستشارين.

(161)
القضية رقم 165 سنة 26 القضائية

إجراءات. إثبات. شهادة. مدى حق محكمة الموضوع في التعويل في حكمها على أقوال شاهد في التحقيق الابتدائي ولو لم تسمعه.
للمحكمة بمقتضى القانون أن تعول في حكمها على أقوال شاهد في التحقيق الابتدائي ولو لم تسمعه في الجلسة ما دام المتهم لم يطلب سماعه أو تلاوة أقواله، وما دامت المحكمة قد حققت شفوية المرافعة بسماعها من حضر من شهود الواقعة في مواجهة المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولا - ضرب عمداً فهمي علي سيد أحمد بفأس على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقريرين الابتدائي والشرعي والتي تخلف لديه بسببها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من عظام الجمجمة لا ينتظر ملؤه بنسيج عظمي، بل يملأ بنسيج ليفي، وهذا يعرض حياته للخطر بحرمان المخ جزءاً من وقايته الطبيعية ضد التغييرات الجوية والإصابات البسيطة وتجعله عرضة لأنواع الشلل والصرع والالتهابات المخية وسحاياها ونظراً لخطورة ما قد ينشأ من هذه المضاعفات فلا يمكن تقدير هذه العاهة بنسبة مئوية. وثانياً - أحدث عمداً بمحمد علي سيد أحمد الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد علي العشرين يوماً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وادعى بحق مدني فهمي علي سيد أحمد المجني عليه وطلبت الحكم له قبل المتهم بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات بنها سمعت الدعوى وقضت حضورياً في 7 من يونيه سنة 1955 بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مائة جنيه على سبيل التعويض وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وذلك تطبيقاً للمواد 240/ 1 و242/ 1 و32 و17 من قانون العقوبات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.... وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإجراءات وأخل بحق الطاعن في الدفاع، وأخطأ كذلك في الإسناد، وشابه القصور، ذلك بأن المحكمة اتخذت دليلاً في الدعوى من أقوال شهود لم ترد أسماؤهم بقائمة الشهود، ولم تسمعهم بالجلسة ولم تنبه الدفاع إلى أنها ستضع أقوالهم مواضع الاعتبار، وقد أخطأ الحكم حين أسند إلى المجني عليه أنه أشهد عوض عبد اللطيف مع أن بلاغه وأقواله في محضر الضبط قد خليا من ذكر اسم هذا الشاهد ولم تخرج أقواله في التحقيق عن هذا المعنى، وكان ما ذكره عنه أنه حضر واقعة سابقة هي واقعة مرور المواشي بزراعته، ولو أن المحكمة فطنت إلى مؤدى أقوال الشاهد ومبلغ مخالفتها لأقوال المجني عليه لانتهت إلى أنه لم يشهد الواقعة ولما اتخذت من أقواله أول دليل في الدعوى، كما أخطأ الحكم إذ قرر أن دفاع الطاعن لم يلق نصيراً، فهو يقوم على أن أخ المجني عليه ألقى ناف به مسمار على الطاعن وابنه، فأصاب أخاه، وفي أقوال أخ المجني عليه مالا يمكن معه القول بأن دفاع الطاعن لم يجد ما يسنده وكذلك أخطأ في الإسناد، إذ ذكرت المحكمة في تلخيصها لأقوال الشهود إنهم رأوا المجني عليهما مصابين وينزف الدم منهما، في حين أن الثابت من التحقيقات أن أحداً منهم لم يشهد بأنه رأى محمد علي سيد أحمد مصاباً، وأضاف الطاعن أن الحكم قصر في الرد على ما أثاره الدفاع من أن اتهام الطاعن دون ولده الذي شهد شقيق المجني عليه بأنه الضارب لأخيه كان يقصد الكيد والحصول على ما يقضي به من تعويض، ولم يشر بشيء إلى ما أجمع عليه الشهود عدا عوض عبد اللطيف من أنهم لم يروا من أصاب المجني عليه، ولم يشاهدوا فؤوساً بيد الطاعن وولده، ولم يتعرض إلى ما تمسك به الدفاع من عدم ورود اسم معوض عبد اللطيف على لسان المجني عليه أو ببلاغه، ومن نفيه لوجود هذا الشاهد في مكان الحادث، وإلى ما لاحظه الدفاع من أن هذا الشاهد كان يقف بجوار نافذة قاعة الجلسة عندما استدعي لسؤاله بعد حلف اليمين. وأخيراً فإن الحكم ذهب في استدلال خاطئ إلى أن في قول الشهود برؤيتهم الطرفين متماسكين ما يصلح دليلاً على صحة إسناد تهمة العاهة إلي الطاعن مع تعدد المتماسكين ووحدة الإصابة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك، وكان للمحكمة بمقتضى القانون أن تعول في حكمها على أقوال شاهد في التحقيق الابتدائي ولو لم تسمعه في الجلسة ما دام الطاعن لم يطلب سماعة أو تلاوة أقواله وما دامت المحكمة قد حققت شفوية المرافعة بسماعها من حضر من شهود الواقعة في مواجهة الطاعن وهو ما حدث في هذه الدعوى. ولما كان ما قيل عن خطأ الحكم فيما نسبه إلى المجني عليه من أنه أشهد معوض عبد اللطيف لا يؤثر في سلامته ما دام لم يعلق على هذه الواقعة أهمية خاصة في قيمة الدليل المستمد من شهادة هذا الشاهد. وكان دفاع الطاعن بأن المجني عليه أصيب من ناف به مسمار كان يحمله أخ المجني عليه لم يقم عليه دليل، ولم تطمئن المحكمة إلى صدقه. وهذا ما عناه الحكم بقوله إن هذا الدفاع لم يلق نصيراً من الثابت بالأوراق ولا من أقوال الشهود، ولما كان ما تقدم، وكان لا جدوى من بحث دعوى الخطأ فيما أسند إلى الشهود من أنهم رأوا المجني عليهما مصابين والدم ينزف منهما، مع أن أحداً منهم لم يذكر ذلك عن محمد علي سيد أحمد "المجني عليه الثاني" ما دام هذا الطعن لا ينال من واقعة الاعتداء الواقع على المجني عليه الأول التي قام الدليل عليها، وما دام الحكم حين دان الطاعن عن التهمتين المنسوبتين إليه قد طبق المادة 32 عقوبات وأوقع عليه العقوبة الأشد وهي المقررة لجناية إحداث العاهة بالمجني عليه الأول، ولما كان ما قيل عن وقوف الشاهد معوض عبد اللطيف بجوار نافذة قاعة الجلسة عندما استدعى لأداء الشهادة، إنما هو قول أثاره الدفاع، ولم تؤيده المحكمة، وكان باقي ما أورده الطاعن في طعنه لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة القائمة فيها مما لا يثار أمام هذه المحكمة، وهو إلى ذلك لا يستلزم من محكمة الموضوع رداً متى كان الرد عليه مستفاداً من الأخذ بأدلة الثبوت - لما كان ذلك كله، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.