أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 570

جلسة 16 من إبريل سنة 1956

برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وأحمد زكي كامل - المستشارين.

(165)
القضية رقم 192 سنة 26 القضائية

( أ ) وصف التهمة. حق محكمة الموضوع في الحكم على المتهم بشأن كل جريمة نزلت إليها الجريمة المرفوعة بها الدعوى من غير سبق تعديل في التهمة أو لفت نظر الدفاع.
(ب) نقض. طعن. أسباب الطعن. وجوب أن تكون واضحة ومحددة.
(ج) إجراءات. استئناف. الدفع بعدم إعلان المتهم بالجلسة المحددة لنظر الاستئناف. سقوطه بعدم الاعتراض عليه بجلسة المعارضة م 333 أ. ج.
(د) حكم. استئناف. قضاء المحكمة الاستئنافية غيابياً بتشديد العقوبة المحكوم بها ابتدائياً. معارضة المتهم في هذا الحكم الغيابي. الحكم فيها بالتأييد. عدم النص في الحكم الصادر في المعارضة بالتأييد على أنه صدر بإجماع آراء القضاة. بطلانه.
1 - استقر قضاء هذه المحكمة على أنه يجوز لمحكمة الموضوع أن تحكم على المتهم بشأن كل جريمة نزلت إليها الجريمة المرفوعة بها الدعوى، وذلك كله من غير سبق تعديل في التهمة أو لفت نظر الدفاع.
2 - يجب لقبول أسباب الطعن بالنقض أن تكون واضحة محددة.
3 - إن حق المتهم في الدفع ببطلان الإجراءات لعدم إعلانه بالجلسة المحددة لنظر الاستئناف يسقط إعمالاً لنص المادة 333 من قانون الإجراءات إذا لم يعترض عليه بجلسة المعارضة.
4 - إذا رأت المحكمة الاستئنافية أن تقضي في المعارضة بتأييد الحكم الغيابي الصادر بتشديد العقوبة، فإنه من المتعين عليها أن تذكر في حكمها أنه صدر بإجماع آراء القضاة، ويصبح الحكم باطلاً فيما قضى به إذا تخلف شرط صحة الحكم بهذا التشديد وفقاً للقانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - محمد علي حسن عطية (الطاعن) و2 - علي حسن عطية و3 - محمد إبراهيم عطية و4 - عيد رجب البدوي. بأنهم: المتهم الأول - طعن إبراهيم السيد السنهوري بسكين فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وقد تخلف عن إصابة الساعد الأيسر عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي عسر في حركة كب هذا الساعد بنحو ربع المدى الطبيعي لهذه الحركة مما يقلل من كفاءته على العمل بما لا يجاوز 1% والمتهمون الثاني والثالث والرابع - ضربوا المجني عليه سالف الذكر بالعصا فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً. وطلبت عقابهم بالمواد 240/ 1 و241/ 1 من قانون العقوبات. وقد ادعى إبراهيم السيد السنهوري (المجني عليه) بحق مدني قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين جميعاً بالتضامن. ومحكمة طوخ الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام - أولاً - ببراءة المتهم الأول من تهمة إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه بلا مصاريف - وثانياً - تغريم كل المتهمين الأربعة 200 قرش مع إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي المدني على سبيل التعويض المؤقت قرش صاغ واحد والمصاريف المدنية وذلك بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت النيابة. ومحكمة بنها الابتدائية قضت غيابياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع.
أولاً: - بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للتهمة الأولى - وثانياً: بإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للتهمة الثانية وبحبس المتهم الأول شهراً مع الشغل وتغريم كل من باقي المتهمين عشرة جنيهات - وثالثاً: - تأييد الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى المدنية. فعارض المتهمون في الحكم الغيابي وقضى في معارضتهم بقبولها شكلاً وبرفضها موضوعاً وبتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الطاعن في الدفاع إذ قضى ببراءته من تهمة العاهة المستديمة المسندة إليه ودانه بجريمة الضرب البسيط التي لم توجه إليه في تقرير الاتهام ومن غير أن تلفت المحكمة نظره لذلك لإبداء دفاعه.
وحيث إنه لما كان يبين من الأوراق أن النيابة العمومية اتهمت الطاعن بأنه طعن إبراهيم السيد السنهوري بسكين فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وقد تخلف عن إصابة الساعد الأيسر عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي عسر في حركة كسب هذا الساعد - وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه أنه استبعد إسناد الإصابة التي نشأت عنها العاهة المستديمة إلى الطاعن ودانه عن الإصابات الأخرى التي أحدثها بالمجني عليه. لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه يجوز لمحكمة الموضوع أن تحكم على المتهم بشأن كل جريمة نزلت إليها الجريمة المرفوعة بها الدعوى وذلك كله من غير سبق تعديل في التهمة أو لفت نظر الدفاع - على اعتبار أن دفاع المحكوم عليه في الجريمة المرفوع بها الدعوى يتناول حتماً الجريمة التي نزلت إليها بسبب استبعاد الأفعال الداخلة فيها وعلى اعتبار أن واجب الدفاع يقتضيه أن يترافع على أساس جميع ما يمكن أن توصف به الواقعة في القانون - لما كان ما تقدم فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب إذ لم ترد المحكمة على الدفاع الذي أبداه الطاعن في المذكرة التي قدمها عند نظر المعارضة - مع أن هذه المذكرة تحوي دفاعاً جوهرياً يترتب عليه إن صح الحكم ببراءة الطاعن.
وحيث إن الطاعن لم يبين ماهية هذا الدفاع الذي أبداه في المذكرة ولم يحدده وذلك لمراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد من عدمه - وفي الحالة الأخيرة هل كان الدفاع جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه - أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي فتعتبر الرد عليه مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها - لما كان ذلك وكان يجب لقبول أسباب الطعن بالنقض أن تكون واضحة محددة فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه بني على إجراء باطل إذ لم يعلن الطاعن باستئناف النيابة كما لم يشعر المدعي المدني بالمعارضة المرفوعة منه ومن باقي المتهمين.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المعارضة أن الطاعن حضر فيها ومعه محاميه ولم يدفع بأنه لم يعلن بالجلسة المحددة لنظر استئناف النيابة والتي صدر فيها الحكم الغيابي المعارض فيه - كما لم يدفع بأن المدعي المدني لم يشعر بجلسة المعارضة - ولما كان حق الطاعن في الدفع ببطلان الإجراءات لعدم إعلانه بالجلسة المحددة لنظر الاستئناف قد سقط إعمالاً لنص المادة 333 من قانون الإجراءات لعدم الاعتراض عليه بجلسة المعارضة - وكان لا صفة له في التمسك ببطلان الإجراءات الناشئ من عدم إشعار المدعي بالحق المدني - لما كان ذلك فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد صدر بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه من الطاعن والقاضي بتعديل الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتغريمه 200 قرش وبحبسه شهراً مع الشغل من غير أن يذكر أنه صدر بإجماع آراء القضاة خلافاً لما تقضي به المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه "إذا كان الاستئناف مرفوعاً من النيابة العامة فلا يجوز تشديد العقوبة المحكوم بها ولا إلغاء الحكم الصادر بالبراءة إلا بإجماع آراء قضاة المحكمة" ولما كان من شأن ذلك - كما جرى عليه قضاء محكمة النقض - أن يصبح الحكم المذكور باطلاً فيما قضى به من تأييد الحكم الغيابي الاستئنافي القاضي بتشديد العقوبة وذلك بتخلف شرط صحة الحكم بهذا التشديد وفقاً للقانون ولا يكفي في ذلك أن يكون الحكم الغيابي الاستئنافي القاضي بتشديد العقوبة قد نص على صدوره بإجماع آراء القضاة لأن المعارضة في الحكم الغيابي من شأنها أن تعيد القضية لحالتها الأولى بالنسبة إلى المعارض بحيث إذا رأت المحكمة أن تقضي في المعارضة بتأييد الحكم الغيابي الصادر بتشديد العقوبة فإنه من المتعين عليها أن تذكر في حكمها أنه صدر بإجماع آراء القضاة - ولأن الحكم في المعارضة وإن صدر بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي إلا أنه في حقيقته قضاء منها بتشديد الحكم بالعقوبة الصادرة في حكم محكمة أول درجة لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم المستأنف الصادر بتغريم الطاعن 200 قرش.