أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 591

جلسة 17 من إبريل سنة 1956

برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين - المستشارين.

(169)
القضية رقم 1195 سنة 25 القضائية

أمر حفظ. جنحة مباشرة. عدم إجراء النيابة تحقيقاً في الدعوى وعدم إصدارها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى. حق المدعي بالحق المدني في تحريك الدعوى مباشرة أمام المحاكم الجنائية.
الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى العمومية الذي تصدره النيابة بعد التحقيق الذي تجريه بمعرفتها هو الذي يمنع من إقامة الدعوى العمومية إذا ظهرت أدلة جديدة أو ألغاه النائب العام في مدة الثلاثة الأشهر التالية لصدوره، فإذا لم تجر النيابة تحقيقاً في الدعوى ولم تصدر قراراً بألا وجه لإقامة الدعوى العمومية فإن حق المدعي بالحق المدني يظل قائماً في تحريك الدعوى مباشرة أمام المحاكم الجنائية.


الوقائع

اتهمت المدعية بالحقوق المدنية "الست هانم محمد عبد العزيز" دعوى الجنحة المباشرة رقم 5242 سنة 1951 على كل من خيرية محمود ذهني وحامد نصر عابد أمام محكمة السيدة الوطنية متهمة إياهما بأنهما سباها علناً بالألفاظ الواردة بعريضة الدعوى. وطلبت عقابهما بالمواد 171 و301 و302 و303 من قانون العقوبات مع إلزامهما بأن يدفعا لها قرشاً صاغاً على سبيل التعويض المؤقت كما ادعى المتهم الثاني حامد نصر عابد بحق مدني قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المدعية بالحقوق المدنية. وفي أثناء نظر هذه الدعوى أمام محكمة السيدة الوطنية دفعت المدعية بالحقوق المدنية بعدم جواز نظر الدعوى المقامة ضدها من المتهم لسبق الفصل فيها في القضية رقم 5239 سنة 1951 والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 171 و306 و308 من قانون العقوبات. أولاً: بحبس كل من المتهمين أسبوعين وتغريم كل منهما 20 جنيهاً مصرياً مع وقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة خمس سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائياً. وثانياً: بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية - وثالثاً - برفض الدعوى المدنية المرفوعة من المتهم الثاني وألزمته بمصاريفها. ورابعاً: إعفائهما من المصاريف الجنائية. فاستأنف المتهمان هذا الحكم وفي أثناء نظر هذا الاستئناف أمام محكمة مصر الابتدائية دفع الحاضر عن المتهمين بالدفوع الآتية. أولاً: ببطلان صحيفة الجنحة المباشرة وبطلان الحكم المؤسس عليها لخلو الصحيفة من مواد الاتهام ومكان الجريمة. وثانياً - بعدم جواز رفع الجنحة المباشرة لسبق حفظها. وثالثاً: بعدم قبول الدعوى المدنية وبالتالي الدعوى الجنائية لأن رافعة دعوى الجنحة قد سبت المتهمين باعترافهما والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعه قضت حضورياً. أولاً: بقبوله شكلاً. وثانياً: برفض الدفع ببطلان صحيفة الجنحة المباشرة وما ترتب عليها وبصحتها. وثالثاً: برفض الدفع بعدم جواز تحريك الدعوى الجنائية لسابق حفظها من النيابة وبجواز تحريكها ورابعاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وبالتالي الدعوى الجنائية المباشرة وبقولها وخامساً: برفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصروفات المدنية الاستئنافية. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو قصور الحكم عن بيان مؤدى أقوال الشهود الذين استند إليهم في إدانة الطاعنين وهم صالح نصير وكامل عبد المتجلي وبنيامين واصف اكتفاء بالقول بأن أقوالهم جاءت مطابقة لأقوال المجني عليها مع أنهم تناقضوا في أقوالهم واختلفوا فيما بينهم كما اختلفوا مع المجني عليها في وقائع متعددة.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها في حق الطاعنين واستند في إدانتهما إلى أقوال المجني عليها وشهودها وأورد مضمون أقوال المجني عليها وقال إن أقوال شهودها جاءت مطابقة لما قررته المجني عليها - لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الابتدائية أن أقوال هؤلاء الشهود بالجلسة تؤيد التهمة ضد الطاعنين وتطابق في جملتها أقوال المجني عليها. وكان لا يعيب الحكم أن يميل في إيراد أقوال بعض الشهود إلى ما أورده من أقوال شهود آخرين ما دامت أقوالهم متفقة فيما استند إليه الحكم منها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو بطلان الحكم لاستناده إلى واقعة لا أصل لها في الأوراق ذلك أن الشاهد بنيامين واصف الذي استندت إليه المحكمة في ثبوت التهمة لم يشهد على واقعة الدعوى بل شهد على واقعة أخرى سابقة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت هذه المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الشاهد بنيامين واصف شهد في محضر ضبط واقعة السب المسندة إلى الطاعن والمرفوع بشأنها الدعوى العمومية - وبذلك يكون ما ذكره الحكم له أصله الثابت في الأوراق ويكون ما ينعاه في هذا الوجه أيضاً غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث والخامس والسادس هو الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطاعنين دفعا (أولاً) بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لأن المجني عليها اعتدت بدورها على الطاعنين بالسب مما أسقط حقها في المطالبة بالتعويض و(ثانياً) ببطلان صحيفة الدعوى المباشرة لخلوها من تاريخ الواقعة ومكانها ومواد القانون المنطبقة عليها. و(ثالثاً) بعدم جواز رفع الدعوى العمومية بعد صدور أمر النيابة العامة لحفظها وقد ردت المحكمة على هذا الدفاع رداً غير صائب.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لدفاع الطاعنين ورد عليه في قوله "وحيث أنه يرد على الدفع الأول الخاص ببطلان صحيفة الجنحة المباشرة بأن الحادث وقع في ظل قانون تحقيق الجنايات الملغي لأنه وقع قبل تاريخ العمل بقانون الإجراءات الجنائية وتنص المادة 236 من قانون تحقيق الجنايات على أن أوجه البطلان الذي يقع في الإجراءات السابقة على انعقاد الجلسة يجب إبداؤها قبل سماع شهادة أي شاهد أو قبل المرافعة إن لم يكن هناك شهود وإلا سقط حق الدعوى بها - ولما كان الثابت بالأوراق أن المتهمين لم يدفعا ببطلان الصحيفة أمام المحكمة الجزئية ومن ثم سقط حق المدعي بها ويكون الدفع متعين الرفض. وحيث إنه عن الدفع بعدم جواز تحريك الدعوى الجنائية لسابق حفظها من النيابة فهو مردود بأن حق رفع الدعوى مباشرة أعطى للمدعي بالحق المدني كرقابة على النيابة ولا تتحقق الرقابة لو أن قرار الحفظ الصادر من النيابة يكون له تأثير على تحريك الدعوى مباشرة من المجني عليه ومن ثم يكون الدفع على غير أساس متعيناً رفضه. وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وبالتالي الدعوى الجنائية المباشرة لأن المدعية بالحق المدني سبت المتهمين باعترافها فهو مردود بأنه حتى على الفرض بصحة الادعاء أن المدعية بالحق المدني سبت المتهمين فلا مانع يمنعها من تحريك الدعوى العمومية بمعرفتها بالطريق المباشر متى كان المتهمان قد سباها إذ لا مقاصة بين الجرائم ومن ثم يكون الدفع السابق لا يستند إلى أساس من القانون مما يتعين معه رفضه". لما كان ذلك، وكان ما قاله الحكم في الرد على الدفعين الأول والثالث صحيحاً في القانون وكان الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى العمومية الذي تصدره النيابة بعد التحقيق الذي تجريه بمعرفتها هو الذي يمنع من إقامة الدعوى العمومية إلا إذا ظهرت أدلة جديدة أو ألغاه النائب العام في مدة الثلاث أشهر التالية لصدوره وكانت النيابة لم تجر تحقيقاً في الدعوى ولم تصدر فيها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى العمومية فإن حق المدعي بالحق المدني يظل قائماً في تحريك الدعوى مباشرة أمام المحاكم الجنائية ويكون ما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن صحيحاً أيضاً.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو أن الحكم شابه فساد في الاستدلال إذ استند في ثبوت التهمة في حق الطاعنين إلى أقوال المجني عليها مقرراً بأنه لا يعقل أن تدعي على خصمها بالسب الذي يتناوله العرض كما استند إلى اعتراف الطاعن الثاني بأنه اعترض طريق من حضروا لزيارة المجني عليها من عملائها وجعل من هذا الاعتراف قرينة على صحة الواقعة المسندة إليه وكلاهما لا يصلح سبباً لإدانة ولا يؤدي إلى ما انتهى الحكم إليه.
وحيث إنه لما كان الحكم قد بين الواقعة بما تتوافر به أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وكان ما قاله الحكم سائغاً ومقبولاً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً يتعلق بتقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة خمس سنوات بدلاً من ثلاث مخالفاً بذلك حكم المادة 56 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 435 لسنة 1953 مما يقتضي إعمالاً لنص المادة 432/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية تصحيحه والحكم بمقتضى القانون.