أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 646

جلسة 24 من إبريل سنة 1956

برياسة السيد المستشار حسن داود، وحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين - المستشارين.

(180)
القضية رقم 823 سنة 25 القضائية

( أ ) دعوى مدنية. رفعها صحيحة تبعاً للدعوى الجنائية. وجوب الفصل فيهما معاً بحكم واحد. متى لا يجوز الفصل فيهما بحكم واحد.
(ب) استئناف. حكم. استئناف المدعي بالحقوق المدنية للحكم الصادر برفض دعواه المدنية بناء على تبرئة المتهم. وجوب صدور الحكم في هذا الاستئناف بإجماع آراء القضاة. سريان حكم المادة 417 إجراءات في هذه الحالة أيضاً.
1 - الأصل في الدعوى المدنية التي ترفع صحيحة بالتبعية للدعوى الجنائية أن يكون الفصل فيها وفي موضوع الدعوى الجنائية معاً بحكم واحد كما هو مقتضى نص الفقرة الأولى من المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية بحيث إذا أصدرت المحكمة الجنائية حكمها في موضوع الدعوى الجنائية وحدها امتنع عليها بعدئذ الحكم في الدعوى المدنية على استقلال لزوال ولايتها في الفصل فيها، وقد ورد على هذا الأصل أحوال استثناها القانون، من بينهما حالة سقوط الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها كالتقادم.
2 - جرى قضاء هذه المحاكمة على أن حكم المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بأنه إذا كان الاستئناف مرفوعاً من النيابة العامة فلا يجوز إلغاء الحكم الصادر بالبراءة إلا بإجماع آراء القضاة، يسري أيضاً على استئناف المدعي بالحقوق المدنية للحكم الصادر برفض دعواه المدنية بناء على تبرئة المتهم سواء استأنفته النيابة العامة أو لم تستأنفه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: 1 - محرم عثمان حسن و2 - الدكتور محمد صبري و3 - بسيمة علي عيسى. بأنهم: الأول. أولاً - ارتكب تزويراً في محرر عرفي هو كمبيالتين إحداهما بمبلغ 102850 قرشاً والثانية بمبلغ 105700 قرشاً مؤرختين في 20 من سبتمبر سنة 1945 نسب صدورهما إلى حسن إبراهيم مبارك. وثانياً - استعمل الكمبيالتين المزورتين سالفتي الذكر بأن تقدم بالمطالبة بقيمتها على يد محضر من الورثة - والثاني والثالثة. اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في الجريمتين سالفتي الذكر وذلك بأن اتفقا معه على التزوير ووقعا على الكمبيالتين كشاهدين فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت عقابهم بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و215 من قانون العقوبات وقد ادعى محمد إبراهيم مبارك بحق مدني قبل المتهمين متضامنين بمبلغ واحد وعشرين جنيهاً تعويضاً مؤقتاً ثم عدل طلباته إلى واحد وخمسين جنيهاً تعويضاً مؤقتاً أيضاً. ومحكمة جنح باب الشعرية حكمت بانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة وبراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصاريف بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت النيابة هذا الحكم طالبة تصحيح المنطوق كما استأنفه المدعي بالحقوق المدنية فيما يتعلق بالدعوى المدنية. وبعد أن نظرت محكمة مصر الابتدائية هذا الاستئناف قضت حضورياً بقبول استئناف النيابة شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للدعوى الجنائية وتأجيل نظر الدعوى المدنية. وبعد أن تداولت القضية بالجلسات أصدرت المحكمة المشار إليها حكماً حضورياً في الدعوى المدنية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليهم متضامنين بأن يدفعوا للمستأنف (المدعي بالحق المدني) مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية عن الدرجتين ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعنان بطريق النقض في الحكم الصادر بتاريخ 29 من يناير سنة 1955 كما طعنت الطاعنة الثانية في الحكم الصادر بتاريخ 27 من يونيه سنة 1953... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعنة الثانية دفعت في تقرير أسباب الطعن المقدم منها ببطلان الحكم المطعون فيه لصدوره من جهة لا ولاية لها في الفصل في الدعوى المدنية بعد انفصالها عن الدعوى الجنائية وفي بيان ذلك تقول أن المحكمة الاستئنافية المطعون في حكمها إذ قضت بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وأجلت الفصل في الدعوى المدنية إلى جلسة أخرى لاستكمال تحقيقها فإنها تكون قد خالفت حكم الفقرة الأولى من المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب على المحكمة الجنائية الفصل في موضوع الدعويين الجنائية والمدنية بحكم واحد.
وحيث إن الأصل في الدعوى المدنية التي ترفع صحيحة بالتبعية للدعوى الجنائية أن يكون الفصل فيها وفي موضوع الدعوى الجنائية معاً بحكم واحد كما هو مقتضى نص الفقرة الأولى من المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية بحيث إذا أصدرت المحكمة الجنائية حكمها في موضوع الدعوى الجنائية وحدها، امتنع عليها بعدئذ الحكم في الدعوى المدنية على استقلال لزوال ولايتها في الفصل فيها، وقد ورد على هذا الأصل أحوال استثناها القانون، من بينها حالة سقوط الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها كالتقادم فإن صدور الحكم الجنائي بانقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة لا يؤثر في سير الدعوى المدنية التي سبق رفعها معها، فيسوع للقاضي الجنائي عندئذ أن يمضي في نظر الدعوى المدنية إلى أن يفصل فيها بحكم مستقل، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعنين صحيحة، كما رفعت عليهما الدعوى المدنية بالتبعية لها، وبجلسة 20 من ديسمبر سنة 1952 حكمت محكمة أول درجة بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وببراءة المتهمين (الطاعنين) وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة عليهما فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم لتصحيح منطوقه كما استأنفه المدعي بالحقوق المدنية، وبجلسة 27 من يونيه سنة 1953 قضت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للدعوى الجنائية وبتأجيل نظر الدعوى المدنية لجلسة أخرى ثم تداولت القضية بالجلسات إلى أن قضى فيها بجلسة 29 من يناير سنة 1955 بالحكم المطعون فيه الذي قضى بإلزام الطاعنين بالتعويض، لما كان ذلك فإن المحكمة إذ فصلت بين الدعويين الجنائية والمدنية وقضت في هذه الأخيرة بحكم على حدة لا تكون قد خرجت عن حدود ولايتها ولا خالفت القانون في شيء.
وحيث إن الطاعنة المذكورة تنعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون حين قضى بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى الدعوى المدنية وبإلزام الطاعنين بالتعويض دون النص في الحكم على إجماع أراء القضاة الذين أصدروه.
وحيث إن هذا النعي صحيح في القانون، ذلك بأن قضاء هذه المحكمة جرى على أن حكم المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بأنه إذا كان الاستئناف مرفوعاً من النيابة العامة فلا يجوز إلغاء الحكم الصادر بالبراءة إلا بإجماع آراء القضاة، يسري أيضاً على استئناف المدعي بالحقوق المدنية للحكم الصادر برفض دعواه المدنية بناء على تبرئة المتهم سواء استأنفته النيابة العامة معه أو لم تستأنفه فمتى كان الحكم الابتدائي قد قضى بانقضاء الدعوى الجنائية وببراءة المتهمين وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة عليهما من المدعي بالحقوق المدنية - كما هو الحال في الدعوى - فإنه لا يجوز إلغاء هذا الحكم الصادر في الدعوى المدنية والقضاء فيها استئنافياً بالتعويض إلا بإجماع آراء قضاة المحكمة كما هو الشأن في الدعوى الجنائية، نظراً لتبعية الدعوى المدنية لتلك الدعوى. ولما كان الحكم المطعون فيه لم ينص على الإجماع فإنه يكون باطلاً لتخلف شرط من شروط صحته ويتعين لذلك نقضه وتأييد الحكم المستأنف الذي قضى برفض الدعوى المدنية وذلك دون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.