أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 659

جلسة 24 من إبريل سنة 1956

برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسي الجندي، وأحمد زكي كامل - المستشارين.

(184)
القضية رقم 2 سنة 26 القضائية

( أ ) ضبطية قضائية. قبض. تفتيش. مأمور الضبط القضائي. بيانهم في المادة 33. أ. ج. هو على سبيل الحصر. مرؤوسوهم ليسوا منهم. بطلان ما يجريه هؤلاء المرؤوسون من قبض وتفتيش.
(ب) تلبس. حق رجال السلطة العامة في إحضار المتهم وتسليمه إلى أقرب مأمور ضبط قضائي في الجنح المتلبس بها. هذا تعرض مادي وليس قبضاً بالمعنى القانوني.
(ج) تفتيش. ضبطية قضائية. حق مأموري الضبط القضائي وحدهم في إجراء التفتيش وفقاً للمادة 46. أ. ج.
1 - بين القانون مأموري الضبط القضائي بالمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية على سبيل الحصر وهو لا يشمل مرؤوسيهم كرجال البوليس والمخبرين منهم فهم لا يعدون من مأموري الضبط القضائي ولا يضفى عليهم قيامهم بعمل رؤسائهم سلطة لم يسبغها عليهم القانون وكل ما لهم وفقاً للمادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية هو الحصول على جميع الإيضاحات وإجراء المعاينات اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم واتخاذ الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة وليس من ذلك القبض والتفتيش وإذن فإحضار متهم إلى مركز البوليس لا يخول للجاويش النوبتجي القبض عليه ولا تفتيشه.
2 - كل ما خوله القانون وفقاً للمادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية لرجال السلطة العامة ولو من غير رجال الضبط القضائي في الجنح المتلبس بها التي يجوز الحكم فيها بالحبس هو أن يحضروا المتهم ويسلموه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي وقيامهم بذلك لا يعد قبضاً بالمعنى القانوني بل هو مجرد تعرض مادي فحسب.
3 - نص المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية إنما يخصص مأمور الضبط القضائي دون غيره بحق التفتيش.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز جواهر مخدرة "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهم المذكور إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7 و33 جـ فقرة أخيرة، 35 و37 من المرسوم بقانون رقم 351 و5 و12 من الجدول أ المرفق - فقررت بذلك وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات المنصورة دفع الحاضر مع المتهم ببطلان التفتيش لأن من أجراه ليس من رجال الضبطية القضائية وبعد أن أتمت المحكمة نظرها قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و34 و35 من القانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 12 من الجدول حرف أ المرفق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة محمد السيد موافي بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وغرامة 500 جنيه ومصادرة المادة المضبوطة. وذلك على اعتبار أن المتهم المذكور أحرز حشيشاً بقصد التعاطي. وقد رفضت الدفع المقدم من المتهم. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم بني على إجراء باطل وخالف القانون إذ قضى بإدانة الطاعن تأسيساً على ما أسفر عنه تفتيش الجاويش النوبتجي من ضبط المادة المخدرة بجيب الطاعن مع أن الدفاع عنه دفع ببطلان هذا التفتيش استناداً إلى أن من أجراه ليس من رجال الضبطية القضائية وأن الطاعن لم يكن في حالة تلبس تبيح القبض عليه وتفتيشه. ولما تناول الحكم هذا الدفاع قال إن الجاويش النوبتجي اكتسب صفة مأمور الضبطية القضائية لأنه كان يقوم بعمل الضابط النوبتجي مع أن ذلك يخالف القانون.
وحيث إن واقعة الدعوى كما حصلها الحكم هي "أن عسكري البوليس إبراهيم الفيومي رأى وقت أن كان يمر في دركه حوالي الساعة الواحدة والنصف من صباح يوم 12 يوليه سنة 1954 جمعاً من الناس حول مشاجرة بين فريق يضم بين أفراده المتهم (الطاعن) وبين فريق آخر فاستعان بالبوليس السري عبد الحميد حسن الذي كان يمر في منطقة حراسته في القبض على المتشاجرين وأوصلوهم إلى مركز البوليس حيث تولى التحقيق معهم الجاويش محمد سلامة الذي كان يعمل وقتئذ ضابطاً نوبتجيا والذي رأى احتجازهم إلى الصباح لتوقيع الكشف الطبي على المصابين وللتضمين عليهم ولما أن قام شخصياً بتفتيشهم قبل إدخالهم الحجز بحضور المخبر عبد الحميد حسن عثر في الجيب الأيسر للصديري الذي كان يرتديه المتهم على قطعة من الحشيش اعترف له شفاهة بملكيتها وطلب مسامحته عنها وتبين من تقرير التحليل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي للمادة المضبوطة مع المتهم أنها حشيش وزن جراماً ونصف الجرام كما أنه عثر بجيب الصديري الأيسر على فتات دون الوزن من مادة الحشيش". وقد تعرض الحكم لدفاع الطاعن فقال "إن إنكار المتهم في تحقيقات النيابة والجلسة لحيازة المخدر لا يجديه نفعاً ولا يمكن التعويل عليه بعد أن قامت الأدلة على خلافة من شهادة الشاهدين اللذين لم يستطع الطعن عليهما بأي مطعن واللذين لم يثبت وجود أي خلاف بينه وبينهما يدفعهما إلى التحايل عليه. أما قول الدفاع ببطلان التفتيش الذي أجراه الجاويش محمد سلامة أحمد وهو من غير رجال الضبطية القضائية اللذين نصت عليهم المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية على سبيل الحصر، فمردود بأن الجاويش كان يقوم بعمل الضابط النوبتجي وله في هذه الحالة من صفة عمله سلطة مأمور الضبط القضائي التي تندرج تحتها تفتيش كل شخص يودع في الحجز، ومن ثم يكون الدفع بالبطلان قائماً على غير أساس". لما كان ذلك وكان هذا الذي استند إليه الحكم من أن قيام الجاويش النوبتجي بعمل مأمور الضبطية القضائية يضفي عليه سلطات اختصاصاته، لا سند له من القانون، ذلك بأن القانون بين مأمور الضبط القضائي بالمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية على سبيل الحصر وهو لا يشمل مرءوسيهم كرجال البوليس والمخبرين منهم لا يعدون من مأموري الضبط القضائي ولا يضفي عليهم قيامهم بعمل رؤسائهم سلطة لم يسبغها عليهم القانون وكل ما لهم وفقاً للمادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية هو الحصول على جميع الإيضاحات وإجراء المعاينة اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع التي تبلغ إليهم واتخاذ الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة وليس من ذلك القبض والتفتيش. ولما كان كل ما خوله القانون وفقاً للمادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية لرجال السلطة العامة ولو من غير رجال الضبط القضائي في الجنح المتلبس بها التي يجوز الحكم فيها بالحبس هو أن يحضروا المتهم ويسلموه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي وكان قيامهم بذلك لا يعدو قبضاً بالمعنى القانوني بل هو مجرد تعرض مادي فحسب، وكان نص المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية واضح في أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي الجنائي أن يفتشه". هذا النص إنما يخصص مأمور الضبط القضائي دون غيره بحق التفتيش يؤكد ذلك أن هذا النص جاء بعد نص المادتين 37 و38 من قانون الإجراءات الجنائية المتعلقتين بحق الأفراد ورجال السلطة العامة من غير مأموري الضبط القضائي في إحضار المتهم المتلبس وتسليمه وقد جاء خلواً من تقرير حق تفتيش المتهم لمن يفعل ذلك من الأفراد أو من رجال السلطة العامة من غير مأموري الضبط القضائي. وأن المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية مستمدة من المادة 242 من قانون التحقيق الإيطالي وهي لا تسمح للأفراد عند تسليم الجاني المتلبس بتفتيشه وأن تسليم المتهم بعد إحضاره بمعرفة أحد رجال السلطة العامة من غير مأموري الضبط القضائي ليس قبضاً قانونياً كما تقدم القول. لما كان ما تقدم فإن إحضار الطاعن إلى مركز البوليس لم يكن يخول للجاويش النوبتجي القبض عليه وبالتالي لم يكن يخول له تفتيشه ومن ثم يكون التفتيش الذي أجراه الجاويش باطلاً ويكون الاعتراف الذي نسبه هذا الجاويش إلى الطاعن والذي أنكر الطاعن صدوره منه هو اعتراف لا يقيد به لصدوره - إن صح - بناء على تفتيش باطل ويتعين لذلك نقض الحكم والقضاء ببراءة الطاعن.