أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 739

جلسة 21 من مايو سنة 1956

برياسة السيد المستشار حسن داود وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(208)
القضية رقم 453 سنة 26 القضائية

( أ ) تزوير. تذكرة الاشتراك بالمسافة. هي ورقة رسمية.
(ب) اشتراك. إثبات. الاشتراك بالاتفاق. متى يتحقق؟ كيفية إثباته.
1 - متى عرض الحكم لماهية الاشتراك بالمسافة واعتبرها ورقة رسمية بما قاله من أن تذكرة الاشتراك الكيلو متري هي ورقة رسمية تقوم بإعدادها جهة حكومية هي مصلحة السكة الحديد، ويختص بمراجعتها موظفون عموميون من نظار ومعاوني المحطات مختصون بمقتضى وظائفهم بإثبات البيانات التي فيها عن مدى السفريات والمسافة الباقية من تذكرة الاشتراك فذلك صحيح في القانون.
2 - الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه - وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ويكون للقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو ما شاكل ذلك أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه كما له أن يستنتج حصوله من أعمال لاحقة له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً - ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو تذكرة اشتراك بالمسافة بالدرجة الثانية برقم 72456 صادرة من مصلحة سكة حديد الحكومة المصرية بأن غير بالزيادة في أرقام الأرصدة الكيلو مترية حتى أضاف بهذه الطريقة لمصلحته 3964 كيلو متراً. ثانياً - استعمل التذكرة سالفة الذكر مع علمه بتزوير رصيدها بأن استعملها في سفره بطريق سكك حديد الحكومة المصرية رغم انتهاء المسافة الواردة بها. وطلبت إلى غرفة الاتهام بتاريخ 26/ 5/ 1954 إحالة المتهم المذكور إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بمقتضى المواد 211 و212 و214 من قانون العقوبات. وبتاريخ 24/ 11/ 1954 أمرت الغرفة بإحالة المتهم المذكور إلى المحكمة لمحاكمته طبقاً للمواد آنفة الذكر. سمعت محكمة جنايات المنصورة هذه الدعوى وقضت حضورياً بتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1955 عملاً بالمواد 40/ 2 و41 و211 و214 و32/ 2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة محمد علي بصره بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وشابه القصور في التسبيب - ذلك أنه انتهى إلى القول بأن الطاعن ليس مرتكباً لجريمة بل هو شريك في ارتكابه بطريق الاتفاق مع مجهول على إجراء التعديل والإضافة في أرقام الأرصدة الكيلو مترية الباقية في تذكرة الاشتراك الكيلو مترية دون أن يسند إلى الطاعن أي فعل مادي يؤيد هذا الاتفاق - كما أجرى الحكم في حق الطاعن تطبيق المادة 211 من قانون العقوبات في حين أن هذه التذكرة هي من قبيل الأوراق المنصوص عنها في المادة 217 من قانون العقوبات التي تعاقب على التزوير المخفف. هذا وقد اتخذ الحكم من دفع الطاعن مبلغ العشرة جنيهات للكمساري على أثر اكتشافه التزوير دليلاً على علم الطاعن بتزوير التذكرة في حين أنه لم يدفع هذا المبلغ إلا تحت تأثير التهديد ومحاولة منعه من السفر للجهة التي يقصدها كما ثبت من التحقيق أن الطاعن لم يرتكب التزوير بنفسه ولم يلفت أحد من موظفي السكة الحديد نظره إلى وقوعه ولا يتفق هذا مع القول بأنه كان عالماً بهذا التزوير.
وحيث إن النيابة العمومية رفعت الدعوى على الطاعن بأنه في المدة ما بين 2 مارس سنة 1953 و27 أبريل سنة 1953 بدائرة المنصورة وكفر الشيخ وطنطا وبنها. أولاً: ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو تذكرة اشتراك بالمسافة بالدرجة الثانية رقم 72456 صادرة من مصلحة سكة حديد الحكومة المصرية بأن غير بالزيادة في أرقام الأرصدة الكيلو مترية وأضاف بهذه الطريقة لمصلحته 3964 كيلو متراً. ثانياً: استعمل التذكرة سالفة الذكر مع علمه بتزوير رصيدها بأن استعملها في سفره بطريق سكك حديد الحكومة المصرية رغم انتهاء المسافة الواردة بها وطلبت عقابه بالمواد 211 و212 و214 من قانون العقوبات - ومحكمة جنايات المنصورة قضت بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1955 بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عملاً بالمواد 40/ 2 و41 و211 و212 و214 و32/ 2 عقوبات باعتبار ما وقع من الطاعن هو اشتراك في ارتكاب التزوير بطريق الاتفاق مع آخر مجهول واستعمال لهذه التذكرة المزورة - وقد بين الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لهاتين الجريمتين وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتهما في حق الطاعن ثم عرض لماهية تذكرة الاشتراك واعتبرها ورقة رسمية بقوله " ومن حيث إن تذكرة الاشتراك الكيلو متري ورقة رسمية تقوم بإعدادها جهة حكومية هي مصلحة السكة الحديد، ويختص بمراجعتها موظفون عموميون من نظار ومعاوني المحطات مختصون بمقتضى وظائفهم بإثبات البيانات التي فيها عن مدى السفريات والمسافة الباقية من تذكرة الاشتراك ومن ثم كان تغيير حقيقة الأرقام المبينة فيها بمعرفة أولي الشأن بها من الموظفين العموميين تزوير في ورقة رسمية يتناوله حكم المادة 211 من قانون العقوبات ولا يتصل بما جاء بالمادة 217 عقوبات الخاصة بتزوير تذكرة المرور وتذكرة السفر وبما جرى مجراها Feuille de Ruete et Posseport وهي الأوراق التي تجيز لحاملها المرور من مكان إلى آخر يكون الانتقال فيه محظوراً والتي تتعلق برفع ما يكون من القيود التي تتصل بحرية الأشخاص في التنقل من مكان إلى آخر وحكم هذه المادة استثناء من الأصل فلا يصح التوسع فيه ولا القياس عليه"، ولما كان ما قاله الحكم من ذلك صحيحاً في القانون وكان الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية، وإذ كان القاضي الجنائي - فيما عدا الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة - حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له - إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو ما شاكل ذلك أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه كما له أن يستنتج حصوله من أعماله لاحقة له - وكان الحكم إذ دان الطاعن بالاشتراك قال "ومن حيث إنه بفرض القول جدلاً بأن المتهم لم يقم بنفسه بارتكاب تزوير أرقام المسافات الباقية في الاشتراك فهو على الأقل - وهذه التذكرة خاصة به عليها صورته الفوتوغرافية وهو الذي قدمها للكمساري واعترف بملكيتها في التحقيقات فإنه على الأقل ضالع في هذه الجريمة ولا يتصور عقلاً بعد ذلك حصول التزوير من غيره إلا أن يكون قد اتفق معه عليه فأجرى هذا التغيير لمصلحة المتهم الشخصية وهو عالم بهذا التزوير الحاصل على الوجه السالف الذكر خصوصاً والمتهم يعرف الكتابة، ذلك لأن هذا التزوير فيه قد شمل غالب سفريات تذكرة الاشتراك وليس لأحد مصلحة في ذلك غير المتهم الذي اكتفى بالقول بأنه لا يعرف من أمر هذا التزوير شيئاً - هذا القول الذي أراد به عبثاً أن يباعد بينه وبين الجريمة" - وما قاله الحكم من ذلك سائغ في المنطق ويتوفر به الاشتراك بطريق الاتفاق في ارتكاب التزوير على ما هو معرف به في القانون - لما كان ذلك كله وكان الطاعن قد أدين باعتباره ضالعاً في التزوير فهذا بذاته - فضلاً عما أورده الحكم من أدلة مقبولة - يتضمن أنه حين استعمل التذكرة المزورة كان لابد يعلم أنها مزورة - ومن ثم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.