أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 779

جلسة 28 من مايو سنة 1956

برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(217)
القضية رقم 470 سنة 26 قضائية

شيوعية. نقض. طعن. المصلحة فيه. حكم. تسبيبه. إدانة المتهم بعقوبة تدخل في نطاق المادة 98 أ عقوبات التي أثبت الحكم مقارفة المتهم إياها. النعي بقصور الحكم بشأن الجريمة الأخرى وهي جريمة الترويج مع ما أثبته الحكم من تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات. لا جدوى من إثارته.
لا جدوى للمتهم فيما يثيره بشأن جريمة الترويج لمبادئ الشيوعية من قصور ما دام الحكم المطعون فيه أجري في حقه تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وكانت العقوبة المحكوم بها تدخل في نطاق عقوبة الجريمة المنصوص عنها في المادة 98 أ عقوبات التي أثبت الحكم مقارفة المتهم إياها ما دامت أسبابه وافية في خصوصها ولا قصور فيها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - وليم صادق صليب و2 - سمير عطا الله شحاتة و3 - محمود حمدي عبد الجواد و4 - استر نسيم طرسيانو و5 - عبد اللطيف محمد جمال و6 - سيد أحمد عطية (الطاعن) و7 - لويس اسكاروس و8 - فؤاد عبد الحليم سلامه و9 - عبد المعطي عبد النعيم بأنهم: بدائرة قسم العطارين محافظة إسكندرية. أولاً: انضموا إلى جمعية بالمملكة المصرية ترمي إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وإلى القضاء على طبقة اجتماعية وقلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية والاقتصادية والقضاء على النظم الأساسية الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظاً في ذلك بأن انضموا إلى جمعية سرية تعمل على القضاء على طبقة الملاك والرأسماليين وسيادة الطبقة العاملة وحكمها المطلق وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ونقلها للدولة كل ذلك عن طريق خلق مجتمع مصري على غرار الوضع القائم في روسيا بالأسلوب الثوري الذي اتبعه لينين وستالين في الثورة الروسية وبتحريض العمال على الاعتصاب والاعتداء على حق الغير في العمل وتحريضهم على بغض طائفة الملاك والرأسماليين تحريضاً من شأنه تكدير السلم العام. وثانياً روجوا في المملكة المصرية لتغيير مبادئ الدستور الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية ولتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وللقضاء على طبقة اجتماعية ولقلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية والاقتصادية ولهدم النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظاً في ذلك بأن انضموا للجمعية السرية سالفة الذكر وهي تعمل على تغيير مثل هذه المبادئ عن طريق إصدار نشرات وتأليف خلايا وترويج الأفكار التي من شأنها قيام حكم الطبقة العاملة في مصر وسلطانها المطلق والقضاء على طبقة الملاك والرأسماليين وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج إتباعاً للبرنامج الثوري الذي نادى به لينين وستالين واقتفاء لأسلوبهما الثوري الذي حقق هذا الانقلاب في روسيا السوفيتية. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 98/ أ فقرة 3 و98 ب فقرة أولى و98 هـ. فقررت الغرفة بذلك. وأمام محكمة جنايات الإسكندرية دفع الحاضر مع المتهمين الأول والثاني والثالث والخامس والثامن والتاسع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرها قضت غيابياً للأول والرابعة وحضورياً للباقيين عملاً بالمواد 98 أ/ 3 و98 ب/ 1 و98 هـ من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 117 لسنة 1949 مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات وذلك بالنسبة إلى المتهمين الرابع والسادس والسابع. أولاً: بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لكل من وليم صادق صليب وسمير عطا الله شحاتة ومحمود حمدي عبد الجواد وعبد اللطيف محمد جمال وفؤاد عبد الحليم مصطفى سلامة وعبد المعطي عبد النعيم محمود وببراءتهم مما أسند إليهم. وثانياً: بمعاقبة كل من استر نسيم جراسيانو وسيد أحمد عطية (الطاعن) ولويس اسكاروس ميخائيل بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهم مبلغ خمسين جنيهاً. وثالثاً: بمصادرة جميع الأوراق المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن - أن الحكم المطعون فيه - قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحق الطاعن في الدفاع وشاب أسبابه القصور إذ دانه بمقتضى المادتين 98/ أ و98/ ب من قانون العقوبات دون أن يقيم الدليل على عضوية الطاعن في أية هيئة مما نص عليها في هاتين المادتين وعلى أن استعمال القوة والإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة، كان ملحوظاً في ذلك - هذا وقد طلب الحاضر معه من المحكمة "أجلاً للاستعداد" نظراً لضخامة ملف الدعوى فلم تمنحه سوى يومين وهو أجل لم يكن يكفي لدراسة الأوراق والاطلاع على القضايا المضمومة. وبذلك فوتت عليه حقه في إبداء دفاعه كاملاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "وحيث إنه يبين مما تقدم جميعه بالنسبة للمتهمين الرابعة والسادس (الطاعن) والسابع أن التهم المسندة إليهم ثابتة قبلهم وتشير الأدلة السابقة وما ضبط لديهم من نشاطهم الشيوعي وانضمامهم إلى المنظمة الشيوعية التي تهدف إلى قلب نظام الدولة الأساسي والاقتصادي وتسويد طبقة العمال والفلاحين مستعينين في ذلك بإثارة العمال على الإضراب وتحريض الناس على التكتل لمكافحة النظم القائمة وقلبها بالقوة لأن المبادئ التي تدعو إليها هذه المنظمة لا تتفق قطعاً والنظم الأساسية والاجتماعية المقررة في القطر المصري والتي أساسها احترام العقيدة والأسرة وحرية التعامل ولا يمكن أن تحقق الأهداف التي تسعى إليها هذه المنظمة في دولة من الدول تدين بنظم أخرى إلا عن طريق القوة والعنف لأنه لن تقف حكومة مكتوفة الأيدي. موقفاً سلبياً إزاء هذه المحاولات التي تبذل فيها بقصد قلب نظمها الأساسية كما أن الطبقات الأخرى التي يهددها هذا النظام لن تقف كذلك موقفاً سلبياً وسيكون من مقتضى الحال أن يعمد الداعون إلى هذا المذهب أو المريدون له إلى الاستيلاء على سلطان الحكم قسرا باعتباره الوسيلة الوحيدة التي توصلهم لأغراضهم ولا يمكن أن يفهم من ذلك إلا أن هذه المبادئ إنما تستهدف لتحقيقها اتخاذ الوسائل غير المشروعة وسيلة لها"، ثم عرض للأدلة القائمة ضد الطاعن فقال "إنها تخلص فيما ضبط لديه من أوراق ونشرات وما كان أساس ضبطه والتعرف عليه وتتبعه والمظروف المعنون باسمه ومحل إقامته وما بداخله من خطاب بالقلم الرصاص عن أسماء طلاب بالمدارس وتسليم الأوراق إلى المسئول الجديد مما يدل على نشاط المذكور وانضمامه وأنه يعمل لنشر وترويج الدعوة بضم أشخاص جدد إليها وما ظهر من الاطلاع على المضبوطات التي عثر عليها في مسكنه ومكتبه والتي هي عبارة عن كتب شيوعية ونشرات شيوعية جديدة صادرة عن المنظمة السرية التي تهدف إلى قلب الأوضاع السياسية والاجتماعية بالدولة ومثيلها مما ضبط لدى المتهمين الآخرين وخاصة الأول منهم وما ضبط لديه من ورقة بها اسم المتهم السابع والتي كانت مفتاح التعرف عليه كذلك"، ولما كانت واقعة الدعوى كما بينها الحكم تتوافر بها عناصر جريمتي الانضمام إلى المنظمة الشيوعية والترويج لمبادئها، وكانت الأدلة التي استند إليها تؤدي إلى إدانة الطاعن فيهما. وكان فيما استخلصته المحكمة من مطابقة بعض النشرات التي ضبطت مع الطاعن بغيرها من النشرات التي ضبطت مع غيره من المتهمين، ومن المحرر الذي ضبط لدى المتهم الأول والموجه إلى الطاعن بضرورة الاتصال بالطلبة الجدد وتسليم الأوراق للمسئول الجديد، ما يكفي للقول بتوافر جريمة الترويج، على أنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة الترويج من قصور ما دام أن الحكم المطعون فيه قد أجرى في حقه تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات، وكانت العقوبة المحكوم بها وهي السجن لمدة ثلاث سنوات تدخل في نطاق عقوبة الجريمة المنصوص عنها في المادة 198 التي أثبت الحكم مقارفة المتهم إياها ما دامت أسبابه وافية في خصوصها ولا قصور فيها. لما كان ذلك وكان يبين من محضر الجلسة أن محامي الطاعن قد ترافع عنه على الوجه المفصل فيه، ولم يطلب الطاعن أو محاميه تأجيل الدعوى للاستعداد وكان استعداد المحامي موكولاً تقديره إليه وحده حسبما يمليه عليه ضميره وتقاليد مهنته، فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون لها محل - ويكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.