أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 835

جلسة 4 من يونيه سنة 1956

برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(231)
القضية رقم 678 سنة 26 قضائية

ضرب. القصد الاحتمالي. مدى مسئولية المتهم عن النتائج المحتمل حصولها عن الإصابة التي أحدثها.
المتهم في جريمة الضرب يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها عن الإصابة التي أحدثها ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - عبد الرحمن محمد عقل الشهير بخرفش و2 - يوسف خيله شحاتة (الطاعن الأول) و3 - فيضي عبد الرحمن محمد و4 - محمد عبد الله محمدين (الطاعن الثاني) و5 - ملكي فرحات جلاب (الطاعن الثالث) بأنهم: أولاً - المتهمون الخمسة - أتلفوا عمداً وهم جمع بالقوة الدراجة البخارية والسيارة الموضحتين بالمحضر والمملوكتين لأحمد محمد صادق وحسين أحمد علي بأن صبوا على هاتين "الدراجة والسيارة" البترول وأشعلوا فيهما النار بعد أن حطموا أجزاء منها. وثانياً - المتهم الرابع - محمد عبد الله محمدين أحدث عمداً بحسين أحمد علي إصابته الموضحة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأت عنها وبسببها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي إعاقة في نهاية حركتي كب وبطح الساعد الأيسر مما تقلل من كفاءة المجني عليه للعمل بما يقدر نحو 3% - وثالثاً - المتهمون الأول والثاني والثالث كذلك أطلقوا أعيرة نارية داخل المساكن في مدينة القاهرة، وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 361، 366، 240/ 1، 379/ 2 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 361/ 1 - 2 من قانون العقوبات للثاني والخامس والمادتين 240/ 1 و17 من القانون المذكور للرابع والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات للأول والثاني وبهما أيضاً بالنسبة لجميع المتهمين عن تهمة إطلاق الأعيرة. أولاً - بمعاقبة محمد عبد الله محمدين بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. وثانياً - بمعاقبة كل من يوسف خيله شحاتة وملكي فرحات جلاب بالحبس مع الشغل لمدة سنة. وثالثاً - ببراءة كل من عبد الرحمن محمد عقل وفيضي عبد الرحمن محمد مما نسب إليهما. ورابعاً - ببراءة يوسف خيله من تهمة إطلاق الأعيرة النارية. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، إذ دان الطاعن الثاني بجريمة الضرب الذي أحدث عاهة مستديمة، مع أن هذه العاهة لا يمكن إسنادها إليه، إذ هي قد نشأت عن إهمال المجني عليه في حق نفسه لأنه لم يتوجه للكشف الطبي إلا بعد مرور خمسة أيام من وقت الحادث.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتها، وتعرض للتقرير الطبي وانتهى إلى ثبوت نسبة الضرب المحدث لعاهة مستديمة إلى الطاعن للأسباب التي قالها، ولما كان الأمر كذلك وكان من شأن ما أورده من أدلة أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الوجه، وهو لا يخرج عن المجادلة في موضوع الدعوى، أما ما يشير إليه من المضاعفات وسوء العلاج، فهو مردود عليه بأن المتهم يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها عن الإصابة التي أحدثها ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية، الأمر الذي لم يقل به الطاعن.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه إخلال بحق الدفاع، إذ أشار الطاعن الأول إلى عدم إرفاق الكشف الطبي الابتدائي الموقع على المجني عليه ولكن المحكمة دانت الطاعن بجريمة الضرب المحدث للعاهة المستديمة من غير أن تأمر بإرفاق هذا الكشف فجاء الحكم خالياً من الدليل على تطور الإصابة وانتهائها إلى إحداث عاهة بالمجني عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه أركان الجريمة التي دان الطاعن بها وأثبت في حق الطاعن أنه هو الذي أحدث بالمجني عليه الإصابة التي نشأت عنها العاهة فقال "وشهد كل من أحمد محمد صادق وحسن محمد أحمد علي أن المتهم الرابع محمد عبد الله محمدين (الطاعن الثاني) رفع عصاه ليهوى بها على أولهما فحال بينهما ثانيهما فأصابت العصا ساعده الأيسر أحدثت به كسراً، وقد أثبت محقق البوليس الذي أبلغه حسن أحمد علي بالحادث أن بساعده الأيسر كدماً مصحوباً بورم، وأثبت الطبيب الشرعي في تقريره أن الأشعة أورت وجود كسر تام الالتحام في وضع حسي بأعلى عظمة الزند اليسرى وقد تخلف بسببه عاهة مستديمة. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يعدو أن يكون مجادلة في موضوع الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما لا معقب على المحكمة فيه.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه فساد في الاستدلال إذ دانت المحكمة الطاعنين الأول والثالث بتهمة إتلاف الدراجة والسيارة. مع أن أحداً من الشهود لم يشهد بأنه رآهما يرتكبان هذا الحادث.
وحيث إنه هذا الوجه مردود بأن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه لا يخرج عن كونه مجادلة في الدليل الذي استندت إليه المحكمة في إدانة هذين الطاعنين مما لا تجوز المناقشة فيه أمام محكمة النقض ما دام أن هذا الدليل له أصله الثابت في التحقيقات، وكان استخلاص المحكمة سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي رتبتها عليه، لما كان ذلك، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.