أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 899

جلسة 26 من يونيه سنة 1956

برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وبحضور السادة: مصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسانين، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(247)
القضية رقم 690 سنة 26 القضائية

عمل. جمعيات. سريان قانون عقد العمل الفردي على الجمعية الخيرية الإسلامية.
مؤدى المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 52 بشأن عقد العمل الفردي وما ورد بالمذكرة الإيضاحية أنه فوق سريان هذا القانون على أصحاب المهن التجارية فهو يسري على أصحاب المهن غير التجارية بمعناها المعرفة به في تشريع الضرائب، وعلى ذلك فإنه وإن كانت إيرادات الجمعية الخيرية الإسلامية غير خاضعة لأية ضريبة وفقاً للقانون رقم 174 سنة 1951 إلا أنه لا يمكن القول بإعفاء مثل هذه الجمعية من أعباء قانون عقد العمل الفردي إذ أنها ليست من المؤسسات ذات الدخل الضئيل وهي تجمع عدداً كبيراً من العمال لا يتصور أن المشرع قد قصد إلى حرمانهم من مزايا هذا القانون.


الوقائع

أقام السيد إمام سطوحي بصفته رئيساً لنقابة عمال وممرضي وممرضات مستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية بالعجوزة دعوى الجنحة المباشرة رقم 389 سنة 1954 أمام محكمة الجيزة الوطنية على الدكتور إبراهيم شوقي بصفته رئيساً لمجلس إدارة المستشفى المذكور متهماً إياه بأنه (أولاً) لم يقم بوضع لائحتين إحداهما لتنظيم العمل ومعاملة العمال والثانية للجزاءات في مكان ظاهر من المستشفى إدارته (ثانياً) لم يخصص الغرامات المستقطعة من أجور العمال لإنفاقها فيما يعود عليهم بالنفع (ثالثاً) لم يقيد الغرامات التي توقع على عمال المستشفى المذكور في سجل خاص مع بيان سبب توقيعها وطلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت بعد طلب النيابة معاقبته بالمواد 31 و33 و34 و52 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي. وفي أثناء نظر هذه الدعوى أمام محكمة الجيزة الجزئية دفع الحاضر عن المتهم بعدم قبول الدعوى المدنية. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 31 و32 و33 و52 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بتغريم المتهم مائتي قرش عن كل تهمة من التهم الثلاث مع إلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني بصفته 51 جنيهاً على سبيل التعويض ومصروفات الدعوى المدنية ومائة قرش أتعاباً للمحاماة. وقد ذكرت في أسباب حكمها أن هذا الدفع في غير محله. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم ومحكمة الجيزة الابتدائية قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم من التهم المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية قبله وألزمت المدعي بالحق المدني بالمصروفات المدنية عن الدرجتين ومبلغ ثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تأويل القانون أن قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية قبله مستنداً إلى أن أحكام قانون عقد العمل الفردي لا تسري على أصحاب المهن غير التجارية الذين لا تزيد ضريبة هذه المهن المستحقة عليهم على عشرين جنيهاً سنوياً مهما بلغ عدد العمال وإلى أن مؤسسة مستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية لا ترمي إلى الكسب ولا يدخل في عداد المؤسسات التجارية أو المهن الحرة فهي لا تخضع لأي ضريبة وبالتالي لا يسري عليها قانون عقد العمل الفردي مع أن ذلك يخالف صريح نص القانون وما أفصح عنه المشرع في مذكرته الإيضاحية.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه ببراءة المطعون ضده على أن مستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية هي مؤسسة خيرية تقوم بعمل إنساني اجتماعي لا يرمي إلى الكسب هو علاج فقراء المرضى بالمجان معتمدة في ذلك على التبرعات والإعانات الحكومية وما تتقاضاه من أجر من علاج غير الفقراء ومن ثم تعتبر مؤسسة غير تجارية أو مهنة حرة لا تخضع لأية ضريبة طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 72 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المعدلة بالقانون رقم 146 لسنة 1950 وأن الفقرة جـ من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 نصت على عدم سريان أحكام هذا المرسوم بقانون على الأشخاص الذين يشتغلون في محال لا تدار بآلات ميكانيكية وتستخدم عادة أقل من خمسة عمال ولا تزيد ضريبة الأرباح التجارية والصناعية المستحقة على أصحابها على حسب آخر ربط على عشرين جنيهاً سنوياً. وكذلك عمال أصحاب المهن غير التجارية الذين لا تزيد ضريبة هذه المهن المستحقة عليهم حسب آخر ربط على المبلغ المذكور - وعلى أنه يكفي لتطبيق الفقرة الأخيرة الخاصة بعمال أصحاب المهن غير التجارية أن لا تزيد الضريبة المستحقة على أصحاب هذه المهن عن عشرين جنيهاً في السنة أما الشروط الأخرى المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفقرة جـ المشار إليها فهي خاصة بالمنشآت التجارية والصناعية، وعلى ذلك فلا تسري أحكام قانون عقد العمل الفردي على محال أصحاب المهن غير التجارية الذين لا تستحق عليهم ضريبة تزيد على عشرين جنيهاً مهما كان عدد عمال هذه المهنة وبالتالي فلا محل لما أثاره المدعي بالحق المدني في مذكراته أمام محكمة أول درجة من أنه يشترط لتطبيق الفقرة الأخيرة من الفقرة جـ أن يكون عمال المهنة أقل من خمسة، وهذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه مبني على خطأ في تأويل القانون ذلك بأن المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل الفردي نص في المادة الأولى منه على سريان أحكامه على كل عقد يتعهد بمقتضاه عامل بأن يشتغل تحت إدارة صاحب العمل أو إشرافه في مقابل أجر على ألا تسري هذه الأحكام على فئات منها مما نص عليهم في الفقرة جـ من هذه المادة وهم الأشخاص الذين يشتغلون في محال لا تدار بآلات ميكانيكية وتستخدم عادة أقل من خمسة عمال ولا تزيد ضريبة الأرباح التجارية والصناعية المستحقة على أصحابها حسب آخر ربط على عشرين جنيهاً سنوياً، وكذلك عمال أصحاب المهن غير التجارية الذين لا تزيد ضريبة هذه المهن المستحقة عليهم - حسب آخر ربط - على المبلغ المذكور وقد أورد المشرع في مذكرته الإيضاحية أنه قصد إلى إعفاء أصحاب هذه المحال الصغيرة وكذلك أصحاب المهن غير التجارية ذوي الدخل الضئيل من الأعباء التي يفرضها هذا المرسوم بقانون والتي لا تمكنهم قدرتهم المالية من الوفاء بها كما جاء بها أن المقصود بصاحب العمل هو كل شخص طبيعي أو اعتباري يتخذ من العمل الذي يزاوله حرفة أو مهنة له إما بقصد الربح كالمحامين والأطباء والمصانع والشركات التجارية وغيرها وإما لتحقيق أغراض اجتماعية أو ثقافية كالجمعيات الخيرية وجمعيات الإسعاف ومعاهد التعليم وغيرها ومؤدى ذلك أن قانون العمل الفردي فوق سريانه على أصحاب المهن التجارية فهو يسري على أصحاب المهن غير التجارية بمعناها المعرفة به تشريع الضرائب وقد أصبحت بمقتضاه ضريبة المهن غير التجارية هي ضريبة القانون العام بحيث يندرج تحتها كل مهنة أو نشاط لا تخضع أرباحه لضريبة أخرى من الضرائب النوعية على الإيرادات مما كان يصح معه اعتبار نشاط الجمعية الخيرية الإسلامية خاضعاً لهذا النوع من الضريبة لولا أنها مؤسسة لا تهدف إلى الكسب وقد أوضح المشرع إرادته جلية في عدم إخضاع مثل إيراداتها لأية ضريبة بأن نص في القانون رقم 174 سنة 1951 على أن يعفى من أدائها الجماعات التي لا ترمي إلى الكسب وذلك في حدود نشاطها الاجتماعي أو العلمي أو الرياضي. استثنى المشرع مثل هذه المؤسسة من الخضوع للضرائب على الوجه السابق بيانه بنص خاص ولم يفعل ذلك بالنسبة لسريان قانون عقد العمل الفردي بل أنه قد كشف عن صريح ما قصد إليه من سريان أحكامه على مثلها حين عرف صاحب العمل الذي يخضع لأحكام هذا القانون بأنه كل شخص طبيعي أو اعتباري يتخذ من العمل الذي يزاوله حرفة أو مهنة له إما بقصد الربح وإما لتحقيق أغراض اجتماعية أو ثقافية كالجمعيات الخيرية وغيرها مما عدده على سبيل المثال وهو إلى ذلك قد أبان إنه إنما قصد بإعفاء من نص عليهم في الفقرة جـ من المادة الأولى من هذا المرسوم بقانون السابق ذكرها أن يرفع هذا التكليف عن كاهل أصحاب المحال الصغيرة وأصحاب المهن غير التجارية ذوي الدخل الضئيل كما لا يمكن معه القول بإعفاء مثل الجمعية الخيرية الإسلامية من أعباء هذا القانون بطريق القياس على استثناء لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه لأن ذلك لا يعمل به في مواد العقوبات فضلاً عن اختلاف العلة في الإعفاء فليست الجمعية الخيرية الإسلامية من المؤسسات ذات الدخل الضئيل وهي تجمع عدداً كبيراً من العمال لا يتصور أن المشرع قد قصد إلى حرمانهم من مزايا هذا القانون على أن ما ذهب إليه القانون من جعل حد الإعفاء بالنسبة لأصحاب المهن غير التجارية أن تكون الضريبة المستحقة عليهم وفقاً لآخر ربط لا تزيد على عشرين جنيهاً قد أراد به أن يضع مقياساً يكفل به تعيين ذوي الدخل الضئيل أما الإعفاء المطلق من الضريبة فهو لا يصدق في كل حال دليلاً على ذلك الاحتمال أن يكون هذا الإعفاء يهدف لحكمة أخرى توخاها المشرع وإذ كانت هذه المؤسسة لم تعف من ضريبة المهن غير التجارية إلا تطبيقاً لنص فهي لا تعفى إلا بمثله من أحكام قانون العمل الفردي مما يتعين معه قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والقضاء بتأييد الحكم الابتدائي المستأنف.