أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 910

جلسة 26 من يونيه سنة 1956

برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وبحضور السادة: مصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(250)
القضية رقم 704 سنة 26 القضائية

( أ ) اشتراك. صفة الشريك. العناصر التي يستمد منها الشريك هذه الصفة.
(ب) قضاة. عدم الصلاحية. كون القاضي قريب لقاضي التحقيق الذي ندب لاستجواب المتهمين نفاذاً لقرار غرفة الاتهام. لا تقوم عدم الصلاحية.
(ج) تزوير. أوراق رسمية. استخراج صور لأصل عقد مزور دس في ملف الشهر العقاري مع مخالفة ذلك للحقيقة واستعمالها. اعتبار ذلك استعمال لورقة رسمية مزورة.
1 - الشريك إنما يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصد منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه حتى ولو مع شريك له.
2 - مؤدى نص المادة 18 من القانون رقم 288 سنة 1952 أن مجال تطبيقه أن يجلس في دائرة واحدة قضاة بينهم صلة خاصة - أو أن يكون بين ممثل النيابة أو ممثل أحد الخصوم وأحد القضاة الذين ينظرون الدعوى صلة من ذلك النوع - وهذا المنع وارد على سبيل الاستثناء فلا يقاس عليه - ومن ثم فلا يقوم بالقاضي عدم الصلاحية لمجرد كونه قريباً لقاضي التحقيق الذي ندبته النيابة لتنفيذ ما أمرت غرفة الاتهام بإجرائه من استجواب المتهمين.
3 - استخراج صور مطابقة - لأصل عقد مزور دس في ملفات الشهر العقاري مع مخالفة ذلك للحقيقة ثم استعمالها فعلاً مع العلم بالتزوير الحاصل في الأصل - يعد في القانون استعمالاً لأوراق رسمية مزورة لا على أساس أن هناك تزويراً في صورة العقد ذاتها - بل على أساس أن البيانات المستشهد عليها بالصورة والواردة في الحافظة مزورة فاستعمال الصورة في الواقع وحقيقة الأمر استعمال لأصلي العقدين وما عليهما من تأشيرات رسمية لا تتفق والواقع مما يعتبر تزويراً في أوراق رسمية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم الثاني والثالث: اشتركا مع مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير محررات رسمية هي صورة المستخرجات المرقومة 1739 - 1659 - 1458 سنة 1949 والصادرة من مكتب القاهرة للشهر العقاري بأن اتفقا مع المتهم المجهول على اصطناع هذه المحررات المزورة وإثبات واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وهي أن هذه المحررات لها أصل صحيح في مكتب الشهر العقاري في حين أن هذا الأصل غير موجود فوقعت الجريمة بناء على ذلك، والأول: اشترك مع المتهمين الثاني والثالث بطريقي الاتفاق والمساعدة على ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق معهم على ارتكابها وسهل لهم ذلك بصفته مستخدماً بمكتب الشهر العقاري وهو الذي يتولى نسخ هذه المحررات الرسمية المزورة فتمت الجريمة بناء على ذلك. والأول والثاني: استعملا هذه المحررات المزورة السالفة الذكر مع علمهما بتزويرها بأن قدماها إلى آخرين. والأول: توصل إلى الاستيلاء على مبلغ 250 جنيهاً من أحمد محمد عوف وكان ذلك بالاحتيال لسلب بعض ثروته بأن باع إليه عقاراً ليس ملكاً له وليس له حق التصرف فيه. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40/ 1 و2 و3 و41 و211 و212 و213 و214 و336 من قانون العقوبات. فقررت بذلك، ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من القانون المذكور بالنسبة للأول والثاني بمعاقبة عباس يوسف أحمد بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين ومعاقبة كل من الصاغ محمد عديل فايد وسيد إسماعيل إبراهيم حجازي بالسجن لمدة ثلاث سنين. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... عن طعن الطاعن الأول (عباس يوسف أحمد).

وحيث إن مبنى الطعن هو القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع. ذلك بأن الحكم المطعون فيه رغم أنه أقر بأن العقدين المؤرخ أحدهما 17 من مايو سنة 1909 وثانيهما 28 من نوفمبر سنة 1922 كانا مرفقين بحافظة عقود مكتب الشهر العقاري وأن الصور نسخت من هذين العقدين وتمت المراجعة عليهما رغم ذلك لم يبين الحكم كيف اختفى هذان العقدان ومن الذي أخفاهما كما أنه لم يقم الدليل على أن هذين العقدين مزوران وأن الطاعن كان يعلم بدسهما في حافظة العقود - هذا وقد دان الحكم الطاعن الأول بأنه اشترك مع آخرين في ارتكاب جريمة التزوير دون أن يورد الدلائل على قيام هذا الاتفاق - ثم إن الطاعن دفع أمام محكمة الموضوع بأن حوافظ العقود تتداولها أيدي موظفين مختلفين بلا رقابة وأنه حدثت سرقات لكثير من العقود من مكتب الشهر العقاري ولا يستبعد أن يكون العقدان اللذان نسخت صورتهما كانا مرفقين بالحافظة ثم رفعا منها بعد دسهما دون علم الطاعن ولكن الحكم لم يعرض لذلك مما يجعله قاصر البيان.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم الثاني (الطاعن الثاني) انبثق ذهنه عن تفكيرات بعيدة القدر تصل به إلى المال عن غير الطريق المشروع - باختيار أراضي غالية القيمة لا يظهر لها مالك فرد يذود عنها فهي إما أرض موقوفة من قديم أو أرض خصصت أخيراً للمنافع العامة - وقد تعقدت سبل الكشف عن مصادر تملكها - واتخذ سبيلاً رآه سيراً بسيطاً في سلوكه وتوصلاً إلى مبتغاه واتخذ له شركاءهم باقي المتهمين وكل منهم له أثره في تمهيد الطريق في محيطه الخاص به فالأول مستخدم بمصلحة الشهر العقاري وحسنين حسن الشربتلي - الذي توفى أثناء المحاكمة - رجل طاعن في السن يمكن أن يصدر لمثله عقود قديمة - وسيد إسماعيل (الطاعن الثالث) موظف في وزارة الأوقاف - فاتفقوا جميعاً وتعاونوا في إتمام الجريمة على الوجه الذي أعدت خطته ورسمت معالمه وكان ذلك باصطناع عقد تاريخه 17/ 5/ 1909 صادر من المرحوم عبد الخالق السادات إلى والد المتهم الثاني بصفته ولياً شرعياً عليه وإلى حسنين حسن علي - الذي توفى - مناصفة بينهما عن بيع 18.5 قيراطاً شيوعياً من 24 قيراطاً من الوكالة والربع المرقومين 12.7 بحارة السبع قاعات القبلية واصطناع عقد عرفي في تاريخه 28/ 11/ 1909 يتضمن شراء المتهم الثاني قطعة أرض خربة مساحتها 200 متراً تقريباً بحوش قدم قسم الدرب الأحمر - وقطعة أرض أخرى مساحتها 220 متراً تقريباً بشارع الشواذلية قسم الموسكي ممن يدعي إبراهيم أحمد حجازي ثم دس هذين العقدين المزورين على مجموعات عقود مصلحة الشهر العقاري لأن النظام فيها يقضي بوجوب إرفاق أصول جميع ما يتعلق بالعقود التي تسجل من 1924 بها ولمن يشاء أن يأخذ صورة رسمية خطية منها لقاء رسم معين وقد أودع العقدان فعلاً بمصلحة الشهر العقاري باعتبار أنهما مرفقان بالعقد المسجل رقم 4015 سنة 1924 مصر ثم استخرج المتهم الذي توفى صورة رسمية رقم 1739 سنة 1949 والمتهم الثاني صورة رسمية رقم 1659 سنة 1949 على اعتبار أنهما صورتان خطيتين طبق الأصل من العقد الصادر من المرحوم عبد الخالق السادات واستخراج المتهم الثاني أيضاً صورة رسمية رقم 1408 سنة 1949 عن العقد الصادر من إبراهيم أحمد حجازي له عن أرض حوش قدم والشواذلية وهذه الصور دليل رسمي على تملك المتهمين الثاني والذي توفى لهذه الأرض وهي تصلح لأن تكون أساساً لتصرفات من مالك لها ثم تقدم أصول هذه العقود وبمقتضاها باع المتهمان الثاني والذي توفى أرض حارة السبع قاعات إلى السيد أحمد محمد عوف بمبلغ 6000 ج أخذ كل منهما شيكاً بمبلغ 250 ج عربوناً للصفقة وعرض المتهم الثاني بيع أرض الشواذلية على الأستاذ محمد حلمي الغندور بسعر المتر الواحد 300 قرش ولكن البيع لم يتم لانكشاف الحقيقة"، ومن بين الأدلة التي أوردتها المحكمة على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن ومن معه واتفاقهم معاً على مقارفتها - ما ظهر لها من الاطلاع على السجلات الرسمية للعقود من أن عقود سنة 1924 لم تصل إلى الرقم المزعوم هو 4015 وأن آخر عقد سجل في تلك السنة هو 2661 - وما شهد به محمد صادق رستم وعبد الخالق الشيمي - من أن الطاعن - ويعمل نساخاً بالمكتب هو الذي أحضر أصل العقدين من الحافظة ونسخ الصور الرسمية المطلوبة وسلم كلا منهما الصورة المطلوبة وأن الحافظة كانت تحت يده وقت مراجعة الصورة بمعرفة الموظف المختص، وأن الحوافظ في متناول يده وأنه وارد بطلب الصورة 1739 سنة 1949 أنها مرفقات العقد 4015 سنة 1948 ولكن الطاعن أثبت في الصورة - على خلاف ما جاء بالطلب - أنها من مرفقات عن 4015 سنة 24 - في حين أن العقد 4015 سنة 1949 محرر بين الحاج محمد الشيتي وعبد الفتاح أمين عقل عن 7 ط في منزل رقم 600 عطفة الشيخ إبراهيم عفار - أي عن عقار آخر لا صلة له بالصورة المطلوبة - وما شهد به مهندس التنظيم بشأن ملكية وقف أبو الأنفال ووزارة الأوقاف لقطعة الأرض الكائنة بحارة السبع بنات وأنه نزعت ملكية بعضها في توسيع شارع الأزهر دون أن يحاول الطاعن الثاني التدخل في الإجراءات أو يدعي ملكيتها وما شهد به عبد العزيز السيد بائع الكازوزة الذي كان ينتفع بأرض الشواذلية من أن الطاعن الثاني حضر إليه وحاول إغراءه بنقود في سبيل مساعدته في وضع يده على الأرض بغير حق - وإقرار الطاعن الثاني بأنه هو الذي أعطى بيانات الأرض إلى الطاعن الثالث وهذا الأخير هو الذي تولى استخراج الصورتين أما الصورة الثالثة فقد استخرجها المتهم المتوفى بنفسه - ومن هذه الأدلة أيضاً عجز الطاعنين عن الإرشاد عن الكاتبين العموميين اللذين توليا تحرير الصور المطلوبة - وانتهى الحكم من ذلك إلى القول "وبما أنه يخلص مما تقدم أنه ثبت من غير شك أن المتهمين (الطاعنين) الثاني والثالث اشتركا مع مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في تزوير محررات رسمية وهي صور المستخرجات المرقومة 1739 و 1659 و1458 سنة 1949 الصادرة من مكتب القاهرة للشهر العقاري على اصطناع هذه المحررات المزورة وإثبات واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وهي أن هذه المحررات لها أصل صحيح في مكتب الشهر العقاري في حين أن هذا الأصل غير موجود فوقعت الجريمة بناء على ذلك والمتهم الأول (الطاعن الأول) اشترك مع المتهمين الثاني والثالث بطريق الاتفاق والمساعدة على ارتكاب الجريمة السالفة الذكر بأن اتفق معهم على ارتكابها وسهل لهم ذلك بصفته مستخدماً بمكتب الشهر العقاري وهو الذي يتولى نسخ هذه المحررات الرسمية المزورة فتمت الجريمة بناء على ذلك والمتهمان الأول والثاني استعملا هذه المحررات المزورة مع علمهما بتزويرها بأن قدماها إلى آخرين" - لما كان ذلك وكان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ولما كان القاضي الجنائي - فيما عدا الحالات الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة - حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له - إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر - أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه - وكان الشريك إنما يستمد صفته - من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه حتى ولو مع شريك له. وكان الحكم قد بين الواقعة بما يتضمن جميع العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في ارتكاب التزوير الرسمي والاستعمال وذكر الأدلة والاعتبارات التي بنى عليها قضاءه وهي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - وكانت المحكمة غير ملزمة بأن ترد على دفاع الطاعن الموضوعي في كل جزئية يثيرها - بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة للأدلة الواردة به - فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له ما يبرره.

"عن طعن الطاعن الثاني (محمد عديل فايد)".

التقرير الأول المؤرخ في 29 من فبراير سنة 1956.
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن. هو بطلان الحكم المطعون فيه ذلك بأن قاضي التحقيق الذي تولى تنفيذ قرار غرفة الاتهام عن طريق ندب النيابة لاستجواب الطاعن ومن معه وتحقيق دفاعهم تربطه بعضو اليسار في هيئة المحكمة التي قضت في الدعوى علاقة قرابة مما يجعل حكمها باطلاً طبقاً لنصوص قانون استقلال القضاء.
وحيث إنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الوجه من طعنه ذلك بأن نص المادة 18 من القانون رقم 288 لسنة 1952 يجري على الوجه الآتي "لا يجوز أن يجلس في دائرة واحدة قضاة بينهم قرابة أو مصاهرة لغاية الدرجة الرابعة بدخول الغاية كما لا يجوز أن يكون ممثل النيابة أو ممثل أحد الخصوم أو المدافع عنه ممن تربطهم الصلة المذكورة بأحد القضاة الذين ينظرون الدعوى" ومؤدى هذا النص أن مجال تطبيقه أن يجلس في دائرة واحدة قضاة بينهم صلة خاصة - أو أن يكون بين ممثل النيابة أو ممثل أحد الخصوم وأحد القضاة الذين ينظرون الدعوى صلة من ذلك النوع - وهذا المنع وارد على سبيل الاستثناء فلا يقاس عليه - ومتى كان ذلك فلا يقوم بالقاضي عدم الصلاحية لمجرد كونه قريباً لقاضي التحقيق الذي ندبته النيابة لتنفيذ ما أمرت غرفة الاتهام بإجرائه من استجواب المتهمين.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالإضافة إلى الوجه السابق - إخلاله بحقه في الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال - ذلك بأن الحكم المطعون فيه نسب إلى الطاعن الثاني واقعة جديدة لم ترد في أمر الإحالة ولم تقم عليها الدعوى - وهي واقعة اصطناع العقدين وإيداعهما فعلاً بمكتب الشهر العقاري - ثم استخراج صور رسمية منهما - فدانه الحكم عن جريمة الاشتراك بطريق الاتفاق في اصطناع عقدين مزورين دسا على حوافظ الشهر العقاري. في حين أن الدعوى رفعت عليه بأنه اشترك في اصطناع صور مزورة لا يوجد لها أصل في المكتب ويتعذر عندئذ القول بأن الصور مزورة لأنها مستخرجة من أصل قائم فعلاً فإن كان هناك تزوير فإنما ينصب على الأصل لا الصورة. ثم إن الحكم نسب إلى الطاعن أنه اتفق مع مجهول على إثبات واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة هي أن لهذه المحررات أصل صحيح في مكتب الشهر العقاري - وهذه الطريقة من طرق التزوير المعنوي لم ترد في أمر الإحالة وهو ما لا يمكن نسبته إلى الطاعن لأنه مجرد من صفة الموظف العمومي - هذا وقد جاء الحكم قاصراً عن استظهار أركان جريمة التزوير التي نسب إلى الطاعن الاشتراك فيها - كما لم يستظهر أركان جريمة الاستعمال - وأخذ الحكم على الطاعن عجزه عن تقديم دليل يفيد ملكيته للأرض في الوقت الذي لم يطالب فيها وزارة الأوقاف أو الهيئات الحكومية الأخرى بتقديم مستندات تمليكها اكتفاء بما جاء بأقوال مهندس التنظيم وغيره من الموظفين العموميين وهي لا تكفي لإثبات الملكية كما أهدر الحكم دفاع الطاعن من أن السيد عبد الخالق السادات المنسوب إليه عقد البيع هو غير السيد أحمد عبد الخالق السادات الذي قيل بوفاته سنة 1906 مع أن دفاعه واضح صريح لا مأخذ عليه.
وحيث إن الدعوى العمومية - رفعت على الطاعن ومن معه بأنه والمتهم الثالث (الطاعن الثالث) وآخر توفى: اشتركوا مع آخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في تزوير محررات رسمية هي صور المستخرجات أرقام 1739 سنة 1949 و1659 سنة 1949 و1408 سنة 1949 من مكتب الشهر العقاري. أولاً - بأن اتفقوا مع المتهم المجهول على اصطناع هذه المحررات المزورة التي لا يوجد لها أصل بمكتب الشهر العقاري وساعدوه في ذلك فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً - أن المتهم الأول (الطاعن الأول) اشترك مع الطاعن والمتهم الثالث (الطاعن الثالث) بطريق الاتفاق والمساعدة على ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق معهم على ارتكابها وسهل لهم ذلك بصفته ساعياً بمكتب الشهر العقاري فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثاً - المتهمون جميعاً استعملوا المحررات المزورة السالفة الذكر مع علمهم بتزويرها. رابعاً - المتهمان الثاني - حسنين حسن الشربتلي الذي توفى أثناء المحاكمة - توصلا إلى الاستيلاء على مبلغ 500 ج من أحمد محمد عوف وكان ذلك بطريق الاحتيال لسلب بعض ثروته بأن باعا له عقاراً ليس ملكاً لهما وليس لهما حق التصرف فيه - لما كان ذلك وكان يبين من الحكم أن المحكمة لم تعاقب الطاعن عن واقعة لم ترفع بها الدعوى - بل عاقبته عن جرائم الاشتراك في التزوير والاستعمال والنصب الواردة في أمر الإحالة - وغاية ما في الأمر أنها بينت في حكمها العناصر الواقعية التي تتكون منها هذه الجرائم.
وقد كانت هذه العناصر - معروضة على بساط البحث في الدعوى - وكان مفهوم الاتهام عن طريق بيان المتهم أن أساسها هو الوقائع المذكورة - ولم يقصد الحكم من قوله "إثبات واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة" - ذلك المعنى الذي أشار إليه الطاعن في طعنه في باب التزوير - بل كان مقصوده كما يفهم من عبارات الحكم نفسه الإيهام بأن لهذه المحررات أصلاً صحيحاً ثابتاً في مكتب الشهر العقاري - (على ما توحي به الصورة الرسمية) في حين أن الأصلين مزوران من أساسهما ولم يكونا في الواقع من مرفقات العقد المشار إليه فيها وقد سلخ الأصلان المزوران من ملفات الشهر بمجرد الاستيلاء على الصور مؤشراً عليها بالتأشيرات الرسمية الصادرة من الموظفين المختصين - فلم يكن الأمر أمر تزوير معنوي مطلقاً - ولا جدوى لما يثيره الطاعن من أن الصور غير مزورة بدعوى أنها صور صحيحة للعقدين اللذين كانا في فترة من الفترات في حوافظ الشهر لا محل لذلك - لأن استخراج صور مطابقة - للأصل المزور وبأنها من مرفقات العقد رقم 4015 سنة 24 مصر مع مخالفة ذلك للحقيقة ثم استعمالها فعلاً مع العلم بالتزوير الحاصل في الأصل - يعد في القانون استعمالاً لأوراق رسمية مزورة لا على أساس أن هناك تزويراً في صورة العقد ذاتها - بل على أساس أن البيانات المستشهد عليها بالصورة والواردة في الحافظة مزورة فاستعمال الصورة في الواقع وحقيقة الأمر استعمال لأصلي العقدين وما عليهما من تأشيرات رسمية لا تتفق والواقع مما يعتبر تزويراً في أوراق رسمية - والصورة لم تجعل إلا كشهادة بما هو ثابت في الأصل المزور - لما كان ذلك - وكان الحكم قد اطمأن لما أورده من أدلة إلى أن أصلي العقدين مزوران وأنهما دسا في ملفات الشهر العقاري بالطريقة التي بينها في أسبابه من أن الطاعن هو صاحب الشأن الأول فيه وضالع في ارتكابه - فلا يترتب على إعدام العقدين بعد الحصول على الصور انعدام الجريمة ولا الدعوى - وكون الطاعن قد أدين باعتباره ضالعاً في التزوير فهذا بذاته يتضمن أنه حين استعمل الورقة المزورة - من طريق استخراج صورها والتعامل بها مع الغير كان لا بد يعلم أنها مزورة - فالنعي على الحكم المطعون فيه بأنه جاء قاصراً أو أخل بحقه في الدفاع لا يكون له محل - ولا يعيب الحكم - بعد أن ناقش أسباب ملكية الطاعن بوصفه مدعياً بملكية العقارات موضوع الدعوى وانتهى إلى أنه غير مالك للأرض موضوع النزاع - أن يكون قد استطرد فأخطأ فيما ذكره تزيداً بشأن الإشهاد المنسوب إلى السيد أحمد عبد الخالق - إذ يستقيم الحكم بدونه - لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يكون له محل.
"التقرير الثاني المقدم من الطاعن الثاني (محمد عديل فايد)".
وحيث إن مبنى الطعن هو القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال - ذلك بأن الحكم المطعون فيه قرر أن الأرض موضوع العقود المطعون على صورها بالتزوير إما مملوكة لوقف أو داخلة في الأملاك العامة مع أنه ليس لهذه الملكية التي يقررها الحكم سند في الأوراق - كما ذكر أن الطاعن ومن معه دسوا عقدي البيع على حوافظ عقود مصلحة الشهر العقاري دون أن يقيم الدليل على ذلك - وأخطأ في الإسناد إذ نسب إلى الشاهدين محمد صادق رستم وعبد الخالق الشيمي المراجعين بمكتب الشهر العقاري أن العقدين العرفيين اللذين استخرجت الصور منهما كانا بيد الطاعن الأول في حين أن الثابت من أقوالهما في التحقيقات أن العقدين كانا مرفقين بالحافظة - ثم إن الحكم بني على مجرد الاحتمال بأن عبد الخالق السادات هو أحمد عبد الخالق السادات وذلك في مجال مناقشة الإشهاد الرسمي الذي قدمه أمين الشهر العقاري على أن أحمد عبد الخالق السادات توفى سنة 1906 وأن الأرض الواقعة في حارة السبع قاعات القبلية دخلت في نصيب إحدى بناته بمقتضى عقد قسمة محرر في سنة 1916 مع أن الطاعن رد على ذلك بأن البائع لوالده هو عبد الخالق السادات دون غيره - هذا والصور المستخرجة من مصلحة الشهر العقاري - والتي نسب إليه الاشتراك في تزويرها واستعمالها - قد نسخت من أصل كان موجوداً فعلاً وقت استخراجها وأن الإمضاءات والأختام والتأشيرات التي على هذه الصور - هي صحيحة فليس هناك تغيير للحقيقة ولا يمكن أن توصف بأنها مزورة - ثم إن جريمة النصب المسندة إلى الطاعن لم تتوافر أركانها وظاهر من وقائع الدعوى أن الطاعن لم يستول على مال من المشتري أحمد عوف بل اكتفى بتحرير شيك بمقدم الثمن واشترط ألا يصرف إلا بعد التأشير على العقد من مصلحة الشهر العقاري - وقد رد الشيك إلى المشتري ولو كان الطاعن سيئ النية لما قبل إرجاء دفع الشيك حتى ينتهي الخلاف القائم بينه وبين مصلحة التنظيم ولما تنبه المشتري إلى هذا الخلاف.
وحيث إن هذا الطعن بجملته فيما عدا دعوى الخطأ في الإسناد - والسبب الأخير منه - مردود بما سبق الرد به على التقرير الأول - أما دعوى الخطأ في الإسناد فهي في غير محلها إذ أن الحكم لم يخطئ فيما أسنده إلى الشاهدين وتقوم نظريته على أن العقدين المزورين كانا في الملف وقت مراجعة الصور عليهما. لما كان ذلك وكان لا جدوى للطاعن فيما ينعاه بشأن جريمة النصب - ما دامت المحكمة قد طبقت في حقه المادة 32/ 2 من قانون العقوبات والعقوبة المحكوم بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لأي من جريمتي الاشتراك في التزوير في الأوراق الرسمية والاستعمال التي أثبتهما الحكم عليه بما تتوافر به عناصرها.

"عن طعن الطاعن الثالث":

حيث إن مبنى الطعن هو القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع - ذلك بأن الحكم دانه بالاشتراك في جريمة التزوير في حين أن الثابت أن صور المستخرجات المدعي بتزويرها مأخوذة من أصل ثابت وملحق بعقد رسمي - والطاعن لا يعلم شيئاً من ذلك ولم يستخرجها بنفسه بل كلف كاتباً عمومياً بالحصول عليها وهو لا يسأل عن جريمة ارتكبها غيره كما أنه لا شأن له بفقد أصل الورقة بعد حصوله على الصور بل المسئول عنها هو الموظف المكلف بحفظها - ولم يثبت أنه اشترك في استعمال الصور المزورة ولم يحدد الحكم الأوجه التي استعملت فيها الأوراق وخلا الحكم من استظهار أركان الاشتراك بالنسبة له - هذا وقد طلب الدفاع عن الطاعنين من المحكمة بالجلسة الأخيرة منحهم فرصة كافية لتقديم المستندات الدالة على ملكية الطاعن الثاني للأرض موضوع الصور إلا أن المحكمة لم تجب هذا الطلب مع أهميته.
وحيث إن ما يثيره الطاعن فيما تقدم مردود بما سبق بيانه - ولما كانت المحكمة قد بينت واقعة الدعوى بما تتوافر معه العناصر المكونة لجريمة الاشتراك في التزوير وأوردت على ثبوتها في حق الطاعن أدلة صالحة لأن تؤدي إلى إدانته بها - وكان الحكم لم يؤاخذه عن جريمة الاشتراك في الاستعمال على خلاف ما يدعيه الطاعن في طعنه - وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة صرحت للطاعن وغيره بجلسة 11/ 6/ 1955 بتقديم ما لديهم من مستندات وبجلسة المرافعة الأخيرة ترافع الدفاع عنه على الوجه المفصل بمحضر الجلسة دون أن يقدم أي مستند أو يطلب التأجيل لتقديمها - فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون لها محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.