أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 7 - صـ 942

جلسة 26 من يونيه سنة 1956

برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(257)
القضية رقم 750 سنة 26 القضائية

( أ ) حكم. تسبيبه. إثبات. استناد المحكمة في إدانة المتهم إلى رواية شاهد بالجلسة. خلو محضر جلسة المحاكمة مما نسبه الحكم إلى الشاهد المذكور وثبوت أنه قال بعدم علمه بكيفية وقوع الحادث. خطأ في الإسناد.
(ب) حكم. بياناته. نقض. خلو الحكم مما يفيد صدوره باسم الأمة. بطلانه. حق محكمة النقض في القضاء بالبطلان من تلقاء نفسها.
1 - إذا استند الحكم في إدانة المتهم ضمن ما استند إلى ما نسب إلى شاهد أنه رواه بالجلسة مع خلو محضر جلسة المحاكمة مما نسبه الحكم إلى الشاهد المذكور وأثبت على لسانه أنه قال بعدم علمه بكيفية وقوع الحادث. فإن الحكم يكون قد أخطأ في الإسناد بما يعيبه.
2 - خلو الحكم مما يفيد صدوره "باسم الأمة" يمس ذاتيته ويفقده عنصراً جوهرياً من مقومات وجوده قانوناً ويجعله باطلاً بطلاناً أصلياً، وهذا البطلان من النظام العام، ولمحكمة النقض طبقاً للمادة 425 من قانون الإجراءات الجنائية أن تقضي به من تلقاء نفسها وتنقض الحكم ولو لم يثره الطاعن في طعنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة صلاح إبراهيم حجاج بأنه: تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل كل من عبد الباسط عبد الخالق معوض ومحمد مصطفى علي ومحمود محمد داود ولحظي مهنى بباوي وإصابة كل من فتحي سيد خرين ومحمد حسن عبد الفتاح وعبد العال جمعة فرج وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته اللوائح إذ أسرع بالسيارة قيادته محاولاً تفادي آخرين أمامه في الطريق فاصطدم بها ودفعها إلى النيل فأصيب القتلى والجرحى بالإصابات المبينة بالتقارير الطبية وتقارير الصفة التشريحية التي أودت بحياة الأول. وطلبت عقابه بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات. وقد ادعى عبد الخالق معوض عوض عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ابنه (المتوفى) بحق مدني قدره ألف جنيه على سبيل التعويض قبل المتهم ومحمد حسن بصفته مسئولاً عن الحقوق المدنية بالتضامن كما ادعى أيضاً مهنى بباوي عن نفسه وبصفته بحق مدني قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم ومحمد حسن بصفته مسئولاً عن الحقوق المدنية بالتضامن. ومحكمة حلوان الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وألزمته متضامناً مع المسئول بالحقوق المدنية بأن يدفعا لعبد الخالق معوض عن نفسه وبصفته مبلغ ألف جنيه وأن يدفعا إلى مهنى بباوي عن نفسه وبصفته قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامهما بالمصاريف المدنية و200 قرش لكل من المدعين بالحق المدني مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضورياً. أولاً - بالنسبة للدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم سنة واحدة مع الشغل. وثانياً - بالنسبة للدعويين المدنيتين برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بالمصروفات المدنية الاستئنافية ومائتي قرش مقابل أتعاب محاماة لكل من المدعين بالحق المدني. فطعن الأستاذ الوكيل عن الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد، ذلك بأن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم الاستئنافي نسب إلى الشاهد فتحي حزين أنه شهد بجلسة المحاكمة أن الطاعن الأول كان يقود سيارة بسرعة خلف السيارة الأخرى التي كان يستقلها المجني عليهم فارتطمت بها من الخلف ودفعتها إلى النيل، مع أنه لا أصل لهذه الأقوال بمحضر الجلسة إذ قرر الشاهد المذكور بأنه لا يعرف شيئاً عن سرعة السيارة ولا عن سبب تصادم السيارتين.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه أنه استند في إدانة الطاعن الأول - ضمن ما استند إلى ما نسب إلى الشاهد فتحي حزين أنه رواه بالجلسة من أنه هو وباقي المجني عليهم كانوا يركبون السيارة رقم 20670 نقل مصر وفي أثناء سيرها جاءت من خلفها السيارة رقم 24510 نقل مصر مسرعة - وكان يقودها الطاعن - واصطدمت بها من الخلف فقذفت بها إلى النيل ونشأ عن ذلك إصابة المجني عليهم بالإصابات الموضحة بالتقارير الطبية والتي أدت إلى وفاة بعضهم، مع أنه يبين من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أنه خلا مما نسبه الحكم إلى الشاهد المذكور وأثبت على لسانه أنه قال بعدم علمه بكيفية وقوع الحادث وبأنه لا يعرف شيئاً عن سرعة السيارة التي كان يقودها الطاعن الأول. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في الإسناد بما يعيبه ويستوجب نقضه، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد اعتمد في إدانة المتهم على أدلة أخرى مضافة إلى الدليل المذكور إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بضعها بعضاً إذا سقط أحدها أو استبعد تعين إعادة النظر في كفاية باقيها للقضاء بالإدانة.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه خلا مما يفيد صدوره "باسم الأمة" تنفيذاً للمادة السابعة من الإعلان الدستوري الصادر في 10 من فبراير سنة 1953 من القائد العام للقوات المسلحة وقائد ثورة الجيش، إذ نصت تلك المادة على أن الأحكام تصدر وفق القانون "باسم الأمة" ولما كانت المحاكم إنما تؤدي وظيفتها وفق الأحكام الدستورية السارية، وكانت هذه الأحكام الدستورية توجب صدور الحكم باسم الأمة صاحبة السيادة العليا، فإن صدوره خلواً من هذا البيان يمس ذاتية الحكم ويفقده عنصراً جوهرياً من مقومات وجوده قانوناً ويجعله باطلاً بطلاناً أصلياً، لما كان ذلك، وكان هذا البطلان من النظام العام، فإن لمحكمة النقض طبقاً للمادة 425 من قانون الإجراءات الجنائية أن تقضي به من تلقاء نفسها وتنقض الحكم ولو لم يثره الطاعن في طعنه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي ما ورد بأسباب الطعن.