أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 947

جلسة أول أكتوبر سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمد محمد حسنين، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(258)
القضية رقم 724 سنة 26 القضائية

( أ ) تزوير. القصد الجنائي. متى يتحقق؟
(ب) تزوير أوراق رسمية. متى يتحقق الضرر في جريمة التزوير في الورقة الرسمية؟
(ج) حكم. تسبيبه. خطأ الحكم في سرد الوقائع مما لا أثر له في منطقه ولا في نتيجته. لا عيب.
1 - يتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير بتعمد تغيير الحقيقة في الورقة تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً ويكون بنية استعمالها فيما غيرت من أجله الحقيقة فيها.
2 - يتحقق الضرر في جريمة التزوير في الورقة الرسمية بمجرد تغيير الحقيقة لما في ذلك من العبث بحجيتها وقيمتها التدليلية.
3 - خطأ المحكمة في سرد وقائع الدعوى لا يؤثر في سلامة الحكم ما دام هذا الخطأ لا أثر له في منطق الحكم ولا في النتيجة التي انتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - أولاً - ارتكب تزويراً في محضر رسمي هو محضر تحصيل عن الحكم رقم 616 سنة 1949 حسبي وكان ذلك بطريق التغيير بأن جعل تاريخه 23 أبريل سنة 1952 بدلاً من 19 أبريل سنة 1952 وذلك بصفته صاحب وظيفة عمومية. ثانياً - ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو محضر إثبات "لعدم مشترين" عن الحكم السالف الذكر حال تحريره المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت عدم وجود مشترين للمحجوزات رغم عدم عرضه للأشياء المحجوز عليها وتحصيله المبلغ المحجوز من أجله. ثالثاً - استعمل المحررين المتقدمين الذكر مع علمه بتزويرهما بأن قدم أولهما لنظله عثمان وثانيهما لقلم المحضرين بمحكمة أبو كبير.
وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 211 و213 و214 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 17 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة محمد كامل حجاج بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنين تبدأ من اليوم. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثالث من الطعن، هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب إذ دان الطاعن بجريمة التزوير في أوراق رسمية من غير أن يتحدث عن توفر ركن القصد الجنائي لديه ومن غير أن يرد على دفاعه من عدم وجود مصلحة له في التزوير ومن ثبوت التناقض بين أقوال شهود الإثبات مما ينفي صحة ما ذكروه من أن تحصيل المبلغ المحكوم به كان في يوم 19 من أبريل سنة 1952.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، واستند في ذلك إلى الأدلة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها - وأطرح دفاع الطاعن للاعتبارات السائغة التي ذكرها، لما كان ذلك وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في الورقة تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمالها فيما غيرت من أجله الحقيقة فيها - وكان الضرر في جريمة التزوير في الورقة الرسمية يتحقق بمجرد تغيير الحقيقة لما في ذلك من العبث بحجيتها وقيمتها التدليلية، ولما كان ما تقدم وكانت المحكمة غير ملزمة بتعقيب أوجه الدفاع الموضوعية التي يبديها الطاعن ما دام الرد عليها مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها في حكمها فإن هذين الوجهين من الطعن يكونان على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن، هو أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على خطأ في الإسناد، ذلك أن الحكم أورد أقوال الشاهدة نظله عثمان على أنها دفعت المبلغ المطلوب منها بالكامل في يوم 19 من أبريل سنة 1952 بعد أن قام شيخ العزبة بدفع ما تبقى منه في حين أن هذه الشاهدة ذكرت في التحقيقات أنها سلمت المبلغ ناقصاً إلى شيخ العزبة ولم تكن حاضرة وقت أن سلم هذا الأخير المبلغ للمحضر ولا تعرف مع من كان الإيصال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه استند في إدانة الطاعن إلى الأدلة التي أوردها ومنها اعتراف المتهم بإحداث التغيير في صورة محضر التحصيل واختفاء أصل هذا المحضر وتخبط المتهم في دفاعه عن التاريخ الذي تم فيه التحصيل ثم انتهى إلى أن "قيام المحضر المتهم بتحرير محضر الإيقاف لعدم وجود مشترين في اليوم الأول المحدد للبيع وهو يوم 19 من أبريل سنة 1952 على خلاف الحقيقة الواقعة وهو أن المبلغ قد دفع بالكامل في اليوم المذكور كما هو ثابت من أقوال المحكوم عليها وشيخ العزبة والخفير النظامي وأن المحجوزات لم تعرض للبيع يكون بذاته جريمة التزوير في الأوراق الرسمية" - لما كان ذلك، وكان لا يؤثر في سلامة الحكم أن تكون المحكمة قد أخطأت في سرد وقائع الدعوى فنسبت إلى الشاهدة أنها سلمت المبلغ المحكوم به إلى المحضر بعد أن قام شيخ العزبة بدفع المبلغ الباقي منه على خلاف ما هو ثابت في التحقيق من أنها سلمت المبلغ ناقصاً إلى شيخ العزبة ما دام هذا الخطأ لا أثر له من منطق الحكم ولا في النتيجة التي انتهى إليها لما كان ما تقدم فإن هذا الوجه من الطعن أيضاً يكون في غير محله.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.