أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 956

جلسة أول أكتوبر سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(261)
القضية رقم 727 سنة 26 القضائية

( أ ) أسباب الإباحة وموانع العقاب. دفاع شرعي. عدم التناسب بين فعل الاعتداء وفعل الدفاع. متى ينظر إليه؟
(ب) أسباب الإباحة وموانع العقاب. دفاع شرعي. حصول إصابات بسيطة بالمتهم نتيجة اعتداء المجني عليه. عدم انتفاء كون المجني عليه هو البادئ بالعدوان.
(ج) نقض. أثره. ارتباط. قتل. نقض الحكم بالنسبة لجناية الشروع في القتل. أثره بالنسبة لما قضى به في الجنحة المنسوبة للمتهم.
1 - عدم التناسب بين فعل الاعتداء وفعل الدفاع لا ينظر إليه إلا لمناسبة تقدير ما إذا كانت القوة التي استعملت لدفع التعدي زادت عن الحد الضروري الذي استلزمه القانون، ومدى هذه الزيادة في مسئولية المتهم عن الاعتداء الذي وقع منه.
2 - بساطة الإصابات التي تحصل بالمتهم نتيجة اعتداء المجني عليه لا تنفي أن المجني عليه هو البادئ بالعدوان.
3 - نقض الحكم بالنسبة لجناية الشروع في القتل يقتضي نقضه بالنسبة لما قضى به في الجنحة المنسوبة للمتهم وذلك بسبب ما بين الجريمتين من الارتباط لوقوع إحداهما في أعقاب الأخرى ونتيجة لها مما يستلزم لحسن سير العدالة أن تكون الإعادة بالنسبة إليهما معاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً - شرع في قتل مصطفى إبراهيم درويش عمداً بأن طعنه في صدره بآلة حادة "سكين" قاصداً قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نفذت إلى التجويف الصدري وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهم فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج. وثانياً - أضر ضرراً كبيراً بحيوان من دواب الركوب "حمارة" ملك أمينة إبراهيم درويش بأن تعدى عليها بالضرب ودفعها في حفرة عميقة فأحدث بها إصابات لا يرجى لإحداها شفاء موصوفة بالتقرير الطبي البيطري وطلبت من قاضي الإحالة إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات و355/ 1 من القانون المذكور. فقرر بذلك ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و46 و234/ 1 و17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى التهمة الأولى المادة 355/ 1 من نفس القانون بالنسبة إلى التهمة الثانية بمعاقبة محمد أيوب محمد الشهير بدعبس بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهمة الأولى وبمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة شهرين عن التهمة الثانية.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الدفاع استند على أن المتهم كان يدافع عن نفسه بعد أن اعتدى عليه المجني عليه فقالت المحكمة إنه على فرض ثبوت هذا الاعتداء، فإنه لا يبرر اعتداء المتهم على المجني عليه بالسكين، وهذا الرد بعيد عن السداد لأن حق الدفاع الشرعي مقرر في القانون لحماية المدافع من اعتداء غيره عليه في وقت لا يتسع لالتجائه إلى رجال السلطة لحمايته، ووجود دابة بزراعة المتهم فيه اعتداء على ماله وحضور المجني عليه في نفر من أهله وذويه بعد ذلك واعتداؤهم بالضرب على المتهم بالعصا كما هو مقرر في الحكم يجعل حلول الاعتداء أمراً واقعاً ويجعل للمعتدى عليه حقاً مقرراً بالقانون في أن يدافع عن نفسه لأنه لو لم يهرب من محل الحادث لعرض حياته للخطر ولا سيما ولم يكن لدى الطاعن من وسيلة أخرى إلا رد هذا العدوان بالقوة فلا معنى لما قالته المحكمة من أنه كان ينبغي للطاعن أن يدافع عن نفسه بعصا لا بسكين في حين أن كل ما اشترطه القانون هو أن يرد المدافع الاعتداء رداً مناسباً، ولا معنى بعد ذلك لأن تنفي المحكمة حق المتهم في الدفاع عن نفسه للأسباب التي أوردتها في حكمها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأثبت اعتراف المتهم أمام النيابة بضربه للمجني عليه بعد أن بادره هذا الأخير بالاعتداء، وقد رد على دفاع الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه بقوله: "وبما أنه على فرض ثبوت اعتداء المجني عليه على المتهم بالضرب بالعصا فإن ذلك لا يبرر اعتداء المتهم بالسكين خاصة وأن إصابة المتهم بساعده الأيسر إصابة تافهة لا تعدو كونها كدماً رضياً بالساعد الأيسر كما أثبتها المحقق يضاف إلى ذلك أنه إن جاز له أن يرد اعتداء المجني عليه بمثله فإن ذلك لا يكون إلا باستعمال عصا وليس سكين وبالقدر الواجب لرد هذا الاعتداء الأمر الذي يتعين معه صرف النظر عن هذا الدفاع وإهداره". ولما كان ما قاله الحكم من ذلك لا يصلح رداً لما ذهبت إليه المحكمة من نفي حالة الدفاع الشرعي إذ أن بساطة الإصابات التي حصلت بالطاعن نتيجة اعتداء المجني عليه لا تنفي أن المجني عليه هو البادئ بالعدوان، كما أن عدم التناسب بين فعل الاعتداء وفعل الدفاع لا ينظر إليه إلا لمناسبة تقدير ما إذا كانت القوة التي استعملت لدفع التعدي زادت عن الحد الضروري الذي استلزمه القانون، ومدى هذه الزيادة في مسئولية المتهم عن الاعتداء الذي وقع منه وهو ما لم تتعرض له المحكمة، لما كان ذلك فإن الحكم إذ نفى قيام حالة الدفاع الشرعي وأهدر دفاع المتهم الذي أسسه عليها، لما ذكره من أسباب يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه وذلك دون حاجة إلى التعرض إلى أوجه الطعن الأخرى.
وحيث إن نقض الحكم بالنسبة لجناية الشروع في القتل يقتضي نقضه بالنسبة لما قضى به في الجنحة المنسوبة للمتهم وذلك بسبب ما بين الجريمتين من الارتباط لوقوع إحداهما في أعقاب الأخرى ونتيجة لها مما يستلزم لحسن سير العدالة أن تكون الإعادة بالنسبة إليهما معاً.