أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1030

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وأحمد زكي كامل - المستشارين.

(281)
القضية رقم 800 سنة 26 القضائية

آثار. جريمة التعدي على أرض أثرية. هي جريمة مستمرة متجددة.
جريمة التعدي على أرض أثرية من الجرائم المستمرة المتجددة التي لا يبدأ حق الدعوى العمومية فيها في السقوط إلا عند انتهاء حالة الاستمرار.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: اعتديا على أرض أثرية بأن أعداها للزراعة، وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 و3 و4 و30/ 4 من القانون رقم 215 لسنة 1951 ومحكمة شبين القناطر الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين عشرة جنيهات وإلزامهما برد الشيء إلى أصله فاستأنفا، ومحكمة بنها الابتدائية نظرت هذا الاستئناف وقضت حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليهما في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، كما شابه القصور، ذلك بأن المحكمة طبقت في حق المتهمين القانون رقم 215 لسنة 1951، مع أن وضع يدهما على الأرض يرجع إلى سنة 1946، وما كان يجوز قانوناً للنيابة العامة أن ترفع الدعوى العمومية على المتهمين في سنة 1955 لسقوط الجريمة المسندة إليهما بمضي المدة لا سيما وأن مصلحة الآثار قرر لم تعترض على وضع يد الطاعنين في خلال هذه الفقرة، وقد أبدى هذا الدفاع للمحكمة، فلم ترد عليه في حكمها، يضاف إلى ذلك أن مفتش الآثار قرر أمام محكمة أول درجة أن الأرض موضوع النزاع سلمت لمصلحة الأملاك بعد أن تحققت من خلوها من الآثار وزوال الصفة الأثرية عنها، مما كان يقتضي من المحكمة عدم تطبيق أحكام الآثار. هذا وقد ذكر الطاعنان ذلك في المذكرة المقدمة منهما للمحكمة الاستئنافية، وقد أيدت هذه المحكمة حكم محكمة أول درجة لأسبابه، دون أن تعني بالرد على هذا الدفاع.
وحيث إن حكم محكمة أول درجة المؤيد استئنافياً لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فيما قاله من أنها تخلص "فيما أبلغ به رضوان يونس إبراهيم وقرره عند سؤاله من أن المتهمين (الطاعنين) قاما بإصلاح قطعة من الأرض تبلغ مساحتها 20 فداناً قاموا بزراعتها حال أنها مملوكة لمصلحة الآثار... وأنه بسؤال المتهم الثاني قرر أنه والمتهم الأول يضعان يدهما على 14 فداناً من أرض مصلحة الآثار ولما تبين لهما خلوها من الآثار قاما بزراعتها..." ولما كان الحكم قد استخلص من شهادة مفتش الآثار بجلسة المرافعة ما قرره من أن الأرض مصلحة الآثار محددة العلامات، وأنه معين لحراستها خفراء من المصلحة، وقد أبلغ أحدهم بوقوع اعتداء المتهمين عليها، وانتهى في منطق سليم إلى أن الأرض التي يتمسك الطاعنان بوضع يدهما عليها ما زالت في ملك مصلحة الآثار استناداً إلى أن القانون الخاص بالآثار ينص على أنه لا يجوز إخراج أي أرض من عداد الأراضي الأثرية إلا بقرار من وزير المعارف العمومية بناء على اقتراح المصلحة المختصة، ثم عقب الحكم بقوله إن لا محل بعد ذلك لما جاء بدفاع المتهمين - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن الثاني الذي أبداه أمامها وبناه على صدور قرار من وزير المعارف بإخراج الأرض محل النزاع من عداد الأراضي الأثرية، فقال إن هذا الدفاع لا يغير من الأمر في شيء لأن واقعة التهمة قد اقترفت قبل صدور ذلك القرار لو صح أنه صدر لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً وفقاً للمادة الرابعة من القانون رقم 215 لسنة 1951 أن الأراضي الأثرية تعتبر من أملاك الدولة العامة، وكان من المقرر كذلك أن هذه الأموال العامة مما لا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم، وأنها لا تفقد صفتها ما دامت مخصصة للمنفعة العامة بالفعل، أو بمقتضى قانون أو مرسوم (المادة 87 من القانون المدني) - لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر الجلسة الاستئنافية، أن محكمة ثاني درجة بعد أن أتمت سماع الدعوى حجزت القضية للحكم، ولم تصرح لأحد من الخصوم بتقديم مذكرات كتابية، فإن المحكمة تكون في حل من أن تلتفت عما يوجد في ملف الدعوى من مذكرات غير مصرح منها بتقديمها، أما ما يقوله الطاعنان في خصوص سقوط الحق في الدعوى العمومية بالتقادم فمردود بما هو ثابت بوصف التهمة المدون بالحكم المطعون فيه من أن الفعل المنسوب إليهما ارتكابه قد وقع في 21 من يناير سنة 1954 وفوق ذلك، فإن هذا الفعل هو من الجرائم المستمرة المتجددة التي لا يبدأ حق الدعوى العمومية فيها في السقوط إلا عند انتهاء حالة الاستمرار. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعنان لا يكون مقبولاً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.