أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1033

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي - المستشارين.

(282)
القضية رقم 801 سنة 26 القضائية

سلاح. مجرد الحيازة المادية للسلاح غير المرخص أياً كان الباعث على الحيازة ولو كان الأمر عارض. كفايته لتوفر الجريمة.
يكفي لتوفر جريمة إحراز السلاح بغير ترخيص مجرد الحيازة المادية أياً كان الباعث على الحيازة. ولو كان لأمر عارض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً - أحرز البندقية المبينة بالمحضر بغير ترخيص. وثانياً - أطلق البندقية سالفة الذكر داخل القرية. والنيابة طلبت عقابه بالمواد 1 و8/ 1 و12 من القانون رقم 58 لسنة 1949 و389/ 2 من قانون العقوبات.
ومحكمة الحسينية الجزئية قضت حضورياً. أولاً - ببراءة المتهم من التهمة الأولى عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. وثانياً - بتغريمه مائة قرش عن التهمة الثانية. فاستأنفت النيابة هذا الحكم طالبة إلغاءه ومعاقبة المتهم عن التهمة الأولى بمواد الاتهام، ومحكمة الزقازيق الابتدائية قضت حضورياً بقبوله شكلاً وفي موضوعه. أولاً - بإجماع الآراء بالنسبة للتهمة الأولى بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وتغريمه عشرة جنيهات والمصادرة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة لمدة ثلاث سنوات من اليوم. وثانياً - وبالنسبة للتهمة الثانية برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من وجهي الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل نص المادة 31 من القانون رقم 394 لسنة 1954 حين دان الطاعن تأسيساً على أن الإعفاء من العقوبة المنصوص عليها في تلك المادة مقصور على الأشخاص الذين يحوزون أو يحرزون الأسلحة أو الذخائر في تاريخ العمل بأحكام القانون، إذا قاموا خلال شهرين من هذا التاريخ بطلب الترخيص أو بتسليم ما لديهم من أسلحة إلى مقر البوليس أو قدموا الإخطار المنصوص عليه في المادة الخامسة من القانون المذكور، أما الأشخاص الذين ارتكبوا جريمة إحراز السلاح قبل ظهور هذا القانون، فلا ينتفعون بالإعفاء، واستدل الحكم على مطابقة هذا التأويل لمراد الشارع بإصدار القانون رقم 546 لسنة 1954 الذي حدّد الأشخاص الذين يتناولهم الإعفاء، ومع هذا الخطأ في التأويل، فإن الحكم المطعون فيه عاد وأخذ الطاعن بأحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 على اعتبار أنه هو القانون الأصلح، فكان ينبغي إذن أن يشمله الإعفاء المنصوص عليه في المادة 31 سالفة الذكر، لأن الإعفاء الذي ورد فيها جاء عاماً غير مقيد بأي قيد على خلاف القانون رقم 546 لسنة 1954 الذي نص على تحديد نطاق الإعفاء وعدم سريانه إلا بشروط معينة.
وحيث إن قضاء محكمة النقص جرى على أن الإعفاء من العقاب المشار إليه في المادة 31 من القانون رقم 394 لسنة 1954 الصادر في 8 من يوليه سنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر لا يستفيد منه الأشخاص الذين وجودا قبل سريان هذا القانون حائزين أو محرزين أسلحة نارية أو ذخائر معاقباً على حيازتها أو إحرازها بغير ترخيص طبقاً للقانون رقم 58 لسنة 1949. وقد أفصح الشارع عن هذا المعنى حين نص صراحة في الفقرة الثانية من المادة 31 ( أ ) التي أضيفت إلى القانون رقم 394 لسنة 1954 بمقتضى القانون رقم 546 لسنة 1954 الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1954، على أن الإعفاء من العقاب المشار إليه في هذه المادة لا يسري على كل من تم ضبطه حائزاً أو محرز الأسلحة نارية أو ذخائر بغير ترخيص قبل بدء سريان هذا القانون، وهو نص تفسيري للتشريع السابق، كما أوضحت ذلك مذكرته الإيضاحية - لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة الأوراق أن جريمة إحراز السلاح التي نسبت إلى الطاعن وقعت في يوم 27 من فبراير سنة 1954، أي قبل صدور القانون المتقدم الذكر، فإن الحكم المطعون فيه إذ عاقبه عن هذه الجريمة يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الطاعن دفع التهمة في المذكرتين المقدمتين منه لمحكمتي أول وثاني درجة بأن البندقية التي ضبطت معه ملك لشقيقه الأكبر ومرخصة باسمه، وأنه نظراً لأن هذا الشقيق كان في يوم الضبط مريضاً وعائداً من محل تجارته الذي يبعد عن منزله مسافة خمسة كيلو مترات، فقد حمل عنه الطاعن هذه البندقية، مما حدا بالنيابة العامة إلى إصدار الأمر بتسليم البندقية إلى مالكها، وإن كانت قد عادت بعد ذلك وأمرت بضبطها وحفظها على ذمة القضية. هذا إلى أن الطاعن دفع التهمة أيضاً بأن الكونستابل الذي ضبط الواقعة أثبت على لسانه أقوالاً بعيدة عن الحقيقة نظراً لوجود خصومة بينه وبين الطاعن مردها إلى رغبة الكونستابل في استئجار منزل يقيم فيه الطاعن ورفض هذا الأخير إجابته إلى تحقيق هذه الرغبة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه "أن الكونستابل الممتاز نجيب سلامة أثبت في محضره المؤرخ 27/ 2/ 1954 أنه علم من التحريات السرية بوجود أشخاص يحرزون أسلحة نارية بدون ترخيص، فقام بصحبة الجاويش حسن عبد المنعم والعسكري عبد الحميد السيد سليم بمأمورية سرية إلى ناحية بركة العبد التابعة لقصاصين الشرقية، ولما وصلوا هناك سمعوا إطلاق أعيرة نارية داخل المساكن ناحية قصاصين الشرقية فتوجهوا نحو مصدر الصوت فشاهدوا الأهالي مجتمعين في عرس لأحد أهل البلدة وشاهدوا المتهم بيده بندقية خرطوش بروحين عيار نمرة 12، فقبضوا عليه وبتفتيشه عثر معه على طلقة خرطوش عيار 12 صالحة للاستعمال وبسؤال المتهم بمحضر ضبط الواقعة اعترف بإحرازه للبندقية المضبوطة وقرر أنه حضر العرس بدعوة من صاحبه، وأنه لم يكن يعلم بأن إطلاق الأعيرة النارية داخل المساكن مخالف للقانون، وقال إنها تقاليد درج عليها الريف في مثل هذه المناسبات، وتقدم محمد الشربيني شقيق المتهم بشكوى ذكر فيها أن البندقية المضبوطة ملكه، خاصة وأنها مرخصة، وأن رخصتها تنتهي في 31/ 12/ 1954 وأنه نظراً لمرضه المفاجئ سلمها لأخيه المتهم لتوصيلها إلى منزله..." ولما كانت الواقعة على هذه الصورة وقد أثبتها الحكم على الطاعن بأدلة سائغة مقبولة تتحقق بها في صحيح القانون جريمة إحراز السلاح بغير ترخيص، إذ يكفي لتوفرها مجرد الحيازة المادية أياً كان الباعث على الحيازة، ولو كان لأمر عارض كما يزعم الطاعن في طعنه، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل، أما ما يثيره في شأن الضغينة بينه وبين الكونستابل فلا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.