أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1049

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، وفهيم يسى الجندي - المستشارين.

(288)
القضية رقم 841 سنة 26 القضائية

( أ ) استئناف. حكم. إجراءات. محكمة الاستئناف. حالة بطلان الإجراءات أو بطلان الحكم. التزام المحكمة الاستئنافية في هذه الحالة بتصحيح البطلان والحكم في الدعوى.
(ب) دعوى مدنية. تركها. ثبوت أن المدعي المدني أعلن للحضور للجلسة في محله المختار وعدم إعلانه لشخصه. عدم اعتباره تاركاً دعواه. صحيح. المادة 261 أ. ج.
1 - لم يوجب الشارع على المحكمة الاستئنافية أن تعيد القضية لمحكمة أول درجة إلا إذا قضت هذه المحكمة الأخيرة بعدم الاختصاص أو بقبول دفع فرعي يترتب عليه منع السير في الدعوى، أما حالة بطلان الإجراءات أو بطلان الحكم فقد أوجب الشارع بمقتضى المادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية للمحكمة الاستئنافية أن تصحح هذا البطلان وتحكم في الدعوى.
2 - متى قالت المحكمة "إن الثابت بالأوراق أن المدعي بالحق المدني قد أعلن للحضور للجلسة إلا أنه لم يعلن لشخصه بل أعلن في محله المختار ولا يصح لذلك اعتباره تاركاً دعواه"، فإن هذا التعليل الذي بنت المحكمة عليه قضاءها هو تطبيق سليم لما تضمنته المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بدد الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمحجوز عليها لصالح عبد الخالق البشلاوي وكان قد تسلمها على سبيل الأمانة لحراستها فاختلسها إضراراً بالمجني عليه. وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. وقد ادعى عبد الخالق البشلاوي بحق مدني قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة بندر المنصورة الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعي المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فعارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت حضورياً بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن يبني طعنه على ما يقوله من أن الحكم المطعون فيه صدر باطلاً لقضائه بإدانة الطاعن عن تبديد وقع بتاريخ 29 من أبريل سنة 1954 في حين أن محضر التبديد لم يحرر ضد الطاعن إلا في 29 من يونيه سنة 1954، وكذلك فإن الحكم المطعون فيه شابه بطلان آخر لأن الطاعن لم يكلف بالحضور أمام محكمة أول درجة ولم يتم إعلانه للجلسات التي نظرت فيها قضيته، وقد رأت المحكمة تدارك هذا النقض في الإجراءات فأجلت الدعوى أكثر من مرة لإتمام الإعلان الذي لم يتم حتى مثل الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية، ويقول الطاعن أيضاً إن الحكم المطعون فيه شابه القصور إذ أرسل الطاعن طلباً للمحكمة التي نظرت المعارضة مرفقاً به شهادة مرضية وألحق بها مستنداته، فقضت المحكمة باعتبار معارضته كأن لم تكن وقالت إن ما ورد بالشهادة المذكورة ليس من شأنه أن يعوق حضور الطاعن، وكان على المحكمة أن تناقش ما جاء بالشهادة عن المدة اللازمة للراحة أو أن تنتدب الطبيب الشرعي للكشف عليه، ذلك إلى أن الحكم المطعون فيه لم يرد رداً شافياً على ما أبداه الطاعن من أن البيع لا يمكن تنفيذه لأنه موقوف بدعوى الإشكال، بل اجتزأ الحكم بالقول بأن الإشكال متعلق بسداد الدين، يضاف إلى ما سبق أن الطاعن كان حارساً ومن واجبه المحافظة على المحجوزات وأنه لما لاحظ تداعي المكان الموجودة به تلك المحجوزات وأنه يفتقر إلى إصلاح عاجل. استصدر أمراً بنقلها إلى مكان آخر وأخطر الدائن بهذا النقل، ولا يمكن أن يستشف مما قام به أنه كان سيء النية وبالتالي يكون القصد الجنائي في جريمة التبديد غير قائم، وفي الوجه الأخير يعيب الطاعن على الحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون بمقولة إن المدعي بالحقوق المدنية قدم طلباً لإعادة القضية للمرافعة فأعيدت بناء على هذا الطلب، ثم لم يحضر فدفع الطاعن باعتباره تاركاً لدعواه فردت المحكمة بأنه لم يعلن لشخصه مع مخالفة ذلك للمادة 14 من قانون المرافعات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد رد على ما أثاره الطاعن في طعنه بشأن بطلان حكم محكمة أول درجة لعدم تكليفه بالحضور أمام تلك المحكمة، وكان مما قاله الحكم "أنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى أن النيابة العامة قد أحالت المتهم (الطاعن) إلى محكمة أول درجة وحددت لمحاكمته جلسة 21/ 2/ 1955 وقد كلف بالحضور لهذه الجلسة إذ أعلن لشخصه ثم لمحل إقامته في 16/ 2/ 1955 ولما لم يستدل عليه في الحالتين أعلن للإدارة عملاً بما تنص عليه المادة 234 السابق الإشارة إليها" ومن ثم تكون المحكمة قد اتصلت بالدعوى التي رفعت إليها بناء على إعلان صحيح وفقاً لما نص عليه الشارع في المادة 234 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك، وكان الشارع لم يوجب على المحكمة الاستئنافية أن تعيد القضية لمحكمة أول درجة إلا إذا قضت هذه المحكمة الأخيرة بعدم الاختصاص أو بقبول دفع فرعي يترتب عليه منع السير في الدعوى، أما في حالة بطلان الإجراءات أو بطلان الحكم فقد خول الشارع بمقتضى المادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية للمحكمة الاستئنافية أن تصحح هذا البطلان وتحكم في الدعوى ولما كان الطاعن قد حضر أمام المحكمة الاستئنافية وسمعت المحكمة دفاعه ثم فصلت في موضوع الدعوى فإن قضاءها يكون سليماً مطابقاً للقانون، ومتى كان الأمر كذلك فلا جدوى للطاعن من العود إلى المنازعة في صحة إعلانه أمام محكمة أول درجة وفي صحة الحكم الغيابي، لما كان ذلك، وكان الطاعن قد عارض في الحكم الغيابي ولم يحضر بالجلسة المحددة لنظر معارضته بل بعث بشهادة مرضية تذرع بها إلى طلب التأجيل فرفضت المحكمة الأخذ بها وقضت باعتبار المعارضة كأن لم تكن للأسباب المقبولة التي أوردتها والتي أقرتها عليها بحق محكمة ثاني درجة - لما كان ذلك، وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد استئنافياً لأسبابه وللأسباب الأخرى التي أضافتها محكمة ثاني درجة، قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان مما قالته إن المتهم قصد من نقل المحجوزات إلى مكان آخر "تفويت حق المدعي المدني في التنفيذ بالبيع في اليوم المحدد له بمعني أن نيته كانت مبيتة على عرقلة إجراءات التنفيذ ويؤيد هذا النظر أن خطابه لم يتضمن سوى ورقة بيضاء طبقاً لما شهد به المدعي المدني بالجلسة وطبقاً لما قدمه من مستندات" لما كان ذلك، وكان الدفاع عن المتهم قد قرر أمام المحكمة الاستئنافية أن الإشكال الذي رفعه الطاعن ما زال منظوراً وأنه متعلق بسداد الدين، وكان الحكم المطعون فيه على حق حين قال إن هذه المنازعة المدنية لا تأثير لها في مسئولية المتهم المترتبة على توقيع الحجز، لما كان ذلك، وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد ذكر في أكثر من موضع أن التاريخ الذب كان محدداً لبيع المحجوزات والذي أعلن به المتهم هو 29 من يونيه سنة 1954 فإن ما جاء بهذا الحكم وبالحكم المطعون فيه عند بيان وصف التهمة من أنها وقعت يوم 29/ 4/ 1956 لا يكون إلا من قبيل السهو أو الخطأ المادي الذي لا يؤثر في سلامة الحكم، ولما كانت محكمة ثاني درجة قد ردت على دفاع الطاعن المتصل بموضوع الدعوى وقالت إنها تأخذ فيه بأسباب الحكم الابتدائي وأضاف إلى تلك الأسباب ما قالته من "أن جريمة الاختلاس تتم إذا نقل الحارس المحجوزات من مكان الحجز بقصد عرقلة التنفيذ، وقد أثبتت محكمة أول درجة أن المتهم نقل المحجوزات من المحل الذي حجزت به إلى جهة يجهلها الدائن الحاجز دون أن يخطره بهذا النقل، وقد استخلصت ذلك من الوقائع التي كانت معروضة أمامها، وانتهت إلى أن النقل قد وقع من المتهم بسوء نية بقصد عرقلة التنفيذ وعدم تمكين الدائن من بيع المحجوزات وهو ما تقره هذه المحكمة" وهذا الذي أثبته الحكم يتوافر به القصد الجنائي لدى الطاعن في جريمة التبديد التي دين بها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد تناول ما دفع به المتهم من اعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً لدعواه ورد عليه بقوله إن الثابت بالأوراق أن المدعي بالحق المدني قد أعلن للحضور لجلسة 11/ 10/ 1955، إلا أنه لم يعلن لشخصه بل أعلن في محله المختار ولا يصح لذلك اعتباره تاركاً دعواه" وهذا التعليل الذي بنت المحكمة عليه قضاءها هو تطبيق سليم لما تضمنته المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية - لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.