أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1057

جلسة 23 من أكتوبر سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، وفهيم يسى الجندي، وأحمد زكي كامل - المستشارين.

(290)
القضية رقم 817 سنة 26 القضائية

حكم. تسبيب كاف. شهادة. ذكر مضمون أقوال الشهود في الحكم وعدم إبراز النص الكامل لأقوالهم. كفايته.
لا يستلزم القانون إبراز النص الكامل لأقوال الشهود بل يكفي أن يورد الحكم مضمونها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جواهر مخدرة "حشيشاً وأفيوناً" في غير الحالات المصرح بها قانوناً وكان ذلك بقصد الاتجار. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و7 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و12 من الجدول أ المرافق له. فقررت بذلك ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و32 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و12 من الجدول ( أ ) المرافق لهذا المرسوم بقانون بمعاقبة المتهم يوسف جاد درويش الشهير بيوسف أبو جاد البراهمي بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه - إذ دانه بجريمة إحراز المخدرات - أخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب - وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم استند في إدانته إلى ما أورده في أسبابه من أن ثابت أحمد وعبد الغني أبو سريع - من رجال البوليس الملكي - شهدا بالتحقيقات وبالجلسة بأنهما كان يرافقان الضابطين وقت أن أطبقا على الطاعن وأخرجا المخدر من جيبه وأنه اعترف بإحرازه أمامهما مع مخالفة ذلك لما في الأوراق - كما استند في إدانته إلى ما شهد به شاهدا النفي عبد الوهاب أحمد هميمي ومحمد الصغير عبد الله من أنهما رأيا الضابطين يفتشان الطاعن ويخرجان من جيبه العلبة في حين أن ما شهدا به هو أن العلبة التي عثر عليها مع الطاعن هي علبة سجاير - هذا وقد اعتمد الحكم أيضاً إلى اعتراف الطاعن لمأمور المركز بإحراز المخدر في حين أن ما شهد به الشاهد المذكور أن الضابط عرض عليه علبة بها مواد مخدرة... فسأل الطاعن عنها فاعترف بها ومن المحتمل أن يكون اعتراف الطاعن للشاهد منصباً على العلبة دون سواها - ثم أن الحاضر عن المتهم دفع ببطلان الإذن بالتفتيش لعدم جدية التحريات التي صدر الإذن بالاستناد إليها ولكن المحكمة رفضت هذا الدفع دون أن تذكر العناصر التي اعتمدت عليها في تصديق هذه التحريات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في يوم 25 يوليه سنة 1955 حرر الملازم ثان أحمد طه كريم رئيس مكتب المخدرات بقنا محضراً أثبت فيه أنه علم من تحريات سرية قام بها - أن المتهم وهو صاحب مقهى بناحية البراهمة مركز قنا - يتجر في المواد المخدرة ويبيعها على مدمني استعمالها بالمقهى وأنه يخفي بعض ما يحرزه في منزله وتقدم بهذا المحضر إلى النيابة لتصدر أمرها بتفتيش المتهم وبعد تحقيق أجرته عن هذه التحريات أذنت بتفتيش المتهم وتفتيش المقهى الذي يديره ومنزله ومن قد يوجدون معه وقت التفتيش، وفي يوم 27 يوليه سنة 1955 قامت قوة من رجال البوليس إلى جهة البراهمة وقصدوا إلى المقهى الذي يديره المتهم وكان جالساً بداخله فدهمه الضابطان أحمد طه كريم وأحمد مصطفى الكريمي ضابط مباحث مركز قنا وتمكنا بعد أن حاول مقاومتهما من تفتيشه فعثر الضابط أحمد طه كريم بجيب جلبابه على علبة من الصفيح - وجدا بداخلها قطعة كبيرة من الأفيون ولفافات من الورق بها قطع من الحشيش كما وجد بجيب الصديري الذي يرتديه مبلغ 114 قرشاً ومطواة ولما سأل الضابطان المتهم وقتئذ اعترف لهما بإحرازه لكل ما ضبط معه وقد ثبت من التحليل الكيماوي أن المواد المضبوطة هي أفيون يزن 65 و49 وحشيش يزن 32 جم" وأورد الحكم مؤدى شهادة الضابطين ومحصلها أنهما ضبطا مع المتهم علبة واحدة من الصفيح وجد بها المخدر وقد اعترف لهما بإحرازها كما أورد مضمون أقوال رجلي البوليس الملكي ثابت أحمد وعبد الغني أبو سريع من رؤيتهما ضبط المخدر مع الطاعن واعترافه بإحرازه فور القبض عليه واستند إلى اعتراف المتهم بالواقعة لمأمور المركز عقب حضوره لمحل الحادث - وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبها عليها - لما كان ذلك وكان القانون لا يستلزم إبراز النص الكامل لتلك الأقوال بل يكفي أن يورد الحكم مضمونها وإذ كانت المحكمة قالت في حكمها صراحة إن رجلي البوليس الملكي شهدا بضبط المخدر مع الطاعن - دون الإشارة إلى العلبة التي وجد بها المخدر على حد ما جاء بشهادتهما أمام المحكمة "وهي أن الضابط فتشه وطلع علبة من جيبه وسأله عنها فقال طبعاً بتاعتي" ما قالته المحكمة لا ينطوي على خطأ في الإسناد إذ الثابت من الوقائع التي أوردها الحكم والتي لا يجادل الطاعن فيها - أن علبة واحدة من الصفيح هي التي عثر عليها مع الطاعن وكان بها المخدر وقد اعترف الطاعن بملكيته لها وما فيها من مخدر. وكذلك هو الشأن فيما أسنده الحكم إلى شاهدي النفي إذ أن العلبة التي شهدا بضبطها مع الطاعن هي بذاتها التي شهد شهود الإثبات بضبطها مع الطاعن وبها المخدر - لما كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن اعتراف الطاعن للمأمور إنما كان ينصب على واقعة إحراز المخدرات وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وكان الثابت من الحكم أن النيابة لم تأذن بالتفتيش إلا بعد تحقيق أجرته بنفسها واطمأنت إلى صحة التحريات التي قام بها الضابط وأقرتها المحكمة على ذلك - لما كان ذلك فإن الحكم يكون سليماً ويكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.