أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 7 - صـ 1090

جلسة 30 من أكتوبر سنة 1956

برياسة السيد مصطفى فاضل - وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وأحمد زكي كامل - المستشارين.

(301)
القضية رقم 847 سنة 26 القضائية

( أ ) ضرائب. دعوى عمومية. حق طلب رفع الدعوى المخول لمصلحة الضرائب طبقاً لنص المادة 21 من القانون رقم 99 لسنة 1949. خلو هذا النص من تعيين موظف بعينه.
(ب) ضرائب. قانون. مصلحة الضرائب. النص على تعريف مصلحة الضرائب في اللائحة التنفيذية. اعتباره نصاً تفسيرياً يلحق بالتشريع السابق أو اللاحق.
(ج) ضرائب. دعوى عمومية. أحوال الطلب أو الإذن الواردة في القانون رقم 99 سنة 1949 والقوانين المعدلة له. ورودها على سبيل الحصر استثناء من قاعدة حرية النيابة في مباشرة الدعوى الجنائية.
1 - نص المادة 21 من القانون رقم 99 لسنة 1949 صريح في إسباغ حق طلب رفع الدعوى العمومية على مصلحة الضرائب بوصف كونها المصلحة ذات الشأن، وجاء النص خلواً - في خصوص الحق في طلب رفع الدعوى العمومية - من تعيين موظف بعينه.
2 - عنى الشارع بتعريف ماهية مصلحة الضرائب في اللائحة التنفيذية، ومن ثم فإن النص على المقصود "بمصلحة الضرائب" يعتبر نصاً تفسيرياً يلحق بالتشريع السابق من وقت صدوره كما يلحق بكل تشريع لاحق يخول الشارع فيه لمصلحة الضرائب سلطة أو حقاً.
3 - من المقرر أن أحوال الطلب أو الإذن الواردة في القانون رقم 99 لسنة 1949 والقوانين المعدلة له قد وردت على سبيل الحصر استثناء من قاعدة حرية النيابة في مباشرة الدعوى الجنائية ولا يجوز إعمالاً لهذا الأصل التوسع في هذا الاستثناء أو القياس عليه، كما لا يصح تعديه حكم حالة من أحوال الطلب المنصوص عليها إلى أخرى لم يرد في خصوصها نص.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ليلى تريفوار اردواروز و2 - روى ميلر جيجات (المطعون ضده) بأنهما: لم يقدما إقرارات عن إيرادهما ولم يؤديا الضريبة المستحقة عليهما من واقع إقراريهما في الميعاد القانوني. وطلبت عقابهما بالمواد 16 و17 و21 من القانون رقم 99 لسنة 1949 المعدل بالقانون رقم 218 لسنة 1951. وأمام محكمة جنح كفر الدوار الجزئية دفع الحاضر مع المتهمين بعدم جواز رفع الدعوى العمومية قبلهما واعتبارها غير قائمة وبعد أن أنهت المحكمة نظرها قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات. أولاً - بالنسبة للمتهمين بتغريم كل منهم مبلغ 20 جنيهاً مع إلزامه بدفع تعويض يعادل ما لم يدفع من الضريبة. وثانياً - بوقف تنفيذ العقوبة بالنسبة للمتهم الأول مدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائياً بلا مصاريف جنائية ورفضت الدفع المقدم من المتهمين. فاستأنف المتهم الثاني الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية قضت حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع بعدم قبول الدعوى العمومية وببراءة المتهم مما أسند إليه بلا مصروفات. فطعنت النيابة العامة على هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه خطأ في تأويل القانون، ذلك أن المحكمة ذهبت في حكمها المطعون فيه إلى القول بأن التفسير الوارد في المادة 10 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 99 لسنة 1949 للمواد بعبارة مصلحة الضرائب مقصور على ما تنص عليه المواد 16 و18 و19 من القانون المذكور وهي تبين بعض التكاليف الداخلة في واجبات موظفي الضرائب، أما رفع الدعوى فهو إجراء ركزه الشارع في يد موظف واحد، وأنه إذا كان مدير عام مصلحة الضرائب بمقتضى القانون رقم 254 لسنة 1952 هو الذي له حق إجراء الصلح في بعض المخالفات الضرائبية فيجب أيضاً أن يكون له حق طلب رفع الدعوى الجنائية، وقد فات المحكمة أن نص المادة 21 من القانون رقم 99 لسنة 1949 المعدلة بالقانون رقم 254 لسنة 1953 صريح في أن رفع الدعوى يكون بناء على طلب مصلحة الضرائب واختص الشارع المدير العام لهذه المصلحة بالصلح لأنه يتناول أموراً مالية تتصل بإيرادات الخزانة العامة، ويؤكد ذلك أن المادة العاشرة قد أوضحت المقصود "بمصلحة الضرائب" وتضيف الطاعنة أن ما ورد في منطوق الحكم من تبرئة المتهم هو خطأ قانوني آخر لأن القضاء بعدم قبول الدعوى مانع بذاته من بحث موضوعها لتعلقه بشكل الدعوى عند رفعها.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على المطعون ضده وآخر لأنهما في 1/ 4/ 53 لم يقدما إقراراً عن إيرادهما ولم يوردا الضريبة المستحقة عليهما في الميعاد القانوني. وطلبت النيابة عقابهما بالمواد 16 و17 و21 من القانون رقم 99 لسنة 1949 المعدل بالقانون رقم 218 لسنة 1951، فقضت محكمة أول درجة بتغريم كل من المتهمين عشرين جنيهاً ودفع تعويض يعادل ما لم يدفع من الضريبة. ولما استأنف المطعون ضده قضت المحكمة الاستئنافية بعدم قبول الدعوى وبالبراءة تأسيساً على ما قالته من "أن المادة 21 من القانون رقم 99 لسنة 1949 لم تكن تشتمل قبل تعديلها على نص خاص بالجهة التي ترفع الدعوى العمومية بناء على طلبها، وكان طبيعياً أن تسقط هذه المادة من حسبان المشرع عندما عدّد المقصود بمصلحة الضرائب طبقاً للمادة العاشرة من اللائحة التنفيذية، فلما صدر هذا التعديل بمقتضى القانون رقم 218 لسنة 1951 تناول المادة 21 فيما تناوله بالتعديل فأضاف إليها فقرة أخيرة نصها ويكون رفع الدعوى بناء على طلب مصلحة الضرائب ولها أن تتنازل عنها إذا رأت محلاً لذلك وفي حالة التنازل يجوز للمصلحة الصلح في التعويضات وسكت المشرع عن بيان المقصود بمصلحة الضرائب في هذه المادة ولما عدلت هذه المادة فيما بعد بالقانون رقم 254 لسنة 1953 تناول التعديل الفقرة الأخيرة من المادة 21 سالفة الذكر على النحو الآتي (ويكون رفع الدعوى العمومية بناء على طلب مصلحة الضرائب ولها النزول عنها إذا رأت محلاً لذلك، وفي حالة النزول يجوز لمصلحة الضرائب أو من تنيبه الصلح في التعويضات على أساس دفع مبلغ يعادل مقدار ما لم يؤد من الضريبة وقد أضاف القانون رقم 254 سنة 1953 مادة جديدة برقم 21 مكرراً (3) اشترط فيها لرفع الدعوى العمومية إذن وزير المالية والاقتصاد بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في المادتين 21 مكرراً (1) و21 مكرراً (2) وأما في حالة عدم الإذن فقد أجاز للوزير أو من ينوب عنه الصلح في التعويض على أساس دفع مبلغ يعادل ما لم يؤد من الضريبة.... ويخلص مما تقدم أن المشرع لم يقصد عندما تحدث عن رفع الدعوى العمومية أن يصرف عبارة مصلحة الضرائب الواردة بالفقرة الأخيرة من المادة 21 المعدلة بالقانون رقم 218 لسنة 1951 إلى من حددتهم المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية، ذلك (1) لأن الإجراءات التي تتناولها المواد 16 و18 و19 تعد تطبيقاً لبعض التكاليف التي يقوم بها الموظفون الذين حددتهم المادة العاشرة من اللائحة لمناسبة أداء الواجبات المفروضة عليهم بحكم وظائفهم وفي نطاقها (2) أما طلب رفع الدعوى العمومية فهو إجراء يتميز عن غيره من الإجراءات الضريبية بأنه يعتمد على تقدير ومعيار ينبغي أن لا يتفاوت طبقاً لوجهات نظر متغايرة والأصل أن يوكل التقدير في هذه الناحية بالذات إلى شخص واحد وأن تركز عناصره في يد واحدة ضماناً لاستقامة الاتجاه في شتى الأحوال والنأي عن الهوى ودفعاً للتضارب والتناقض في الأوضاع المتماثلة، هذا إلى خطورة معقبات الدعوى العمومية على كل من المصلحة والممول إذا صدر حكم للمصلحة أو عليها (3) لو كان المشرع يقصد التعميم لا التخصيص لما أعوزه النص صراحة ليسد كل ثغرة لا ينفذ من خلالها التضارب سيما وأن التعديل الذي أجراه لاحق لصدور اللائحة التنفيذية سالفة الذكر (4) بل أن الصحيح الأرجح هو أن المشرع حين أنشأ نصاً خاصاً برفع الدعوى العمومية والنزول عنها عنى في التعديل الذي تم بمقتضى القانون رقم 254 سنة 1953 بأن يكشف عن وجهة نظره صراحة وذلك بإبراز مدير عام مصلحة الضرائب كصاحب السلطة الأولى في إجراء الصلح في التعويضات عنه والنزول عن الدعوى، وبديهي أن الاتجاه نحو النزول عن الدعوى لن يكون مستقلاً عن تقدير عناصر الصلح ولا بد أن يوحد الرأي فيهما قبل الإقدام على النزول ومن أجل هذا كان منطقياً إسناد حق النزول عن الدعوى إلى من كان يمثل المصلحة الذي خصه المشرع بسلطة إجراء الصلح وهو مديرها. وما يقال عن حق النزول انتهاء يقال عن صاحب الحق في طلب رفع الدعوى ابتداء لأن حكمته هي بذاتها في البداية والنهاية (5) وقد يكون من المفيد في هذا البحث واستكمالاً له أن تشير المحكمة إلى اتجاه المشرع نحو تحديد شخص معين يوكل إليه الحق في رفع الدعوى أو النزول عنها أو إجراء الصلح فيها وذلك بالنص على إسناد هذا الحق إلى وزير الاقتصاد بمقتضى المادة 21 مكرراً (3) في خصوص الجرائم التي تناولتها المادتان 21 مكرراً (ا) و21 مكرراً (2) مما يدل على أن التخصيص لا التعميم هو المقصود".
وحيث إن المادة 21 من القانون رقم 99 لسنة 1949 عند تعديلها بالقانون رقم 218 لسنة 1951 قد جاءت بحكم جديد بشأن رفع الدعوى فنصت على ما يأتي "ويكون رفع الدعوى العمومية بناء على طلب مصلحة الضرائب ولها التنازل عنها إذا رأت محلاً لذلك، وفي حالة التنازل يجوز للمصلحة الصلح في التعويضات" ولما كانت المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 99 لسنة 1949 قد أوضحت ما هو المقصود بمصلحة الضرائب بقولها "يقصد بمصلحة الضرائب في حكم المواد 16 و18 و19 من القانون رقم 99 لسنة 1949 سالف الذكر الإدارة العامة والإدارات المحلية ومأمور الضرائب الكائن في دائرة اختصاصه محل إقامة الممول أو مقر عمله الرئيسي..." وكان الشارع قد أورد مثل هذا النص في التشريعات الضرائبية الأخرى من ذلك المادة 102 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والمادة 49 من القانون رقم 142 لسنة 1944 الخاص بفرض رسم أيلولة على التركات، ولما كان نص المادة 21 سالف الذكر صريحاً في إسباغ حق طلب رفع الدعوى العمومية على مصلحة الضرائب بوصف كونها المصلحة ذات الشأن وهي بجميع موظفيها الذين لهم اختصاص قانوني إنما تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة المنشودة من تنفيذ التشريعات الضرائبية وجاء النص خلواً - في خصوص الحق في طلب رفع الدعوى العمومية من تعيين موظف بعينه، وبقي هذا النص على أصله عند التعديل الأخير الذي تم بالقانون رقم 254 لسنة 1953 ومما يؤكد ذلك أن الشارع عندما رغب في تضييق نطاق هذا الحق في حالة النزول عن الدعوى العمومية، وضع حق النزول في يد المدير العام لمصلحة الضرائب أو في يد من ينيبه هو لمباشرة الصلح في التعويضات. لما كان ذلك - وكان نص المادة 21 المذكورة ليس فيه ما يشير إلى جعل حق طلب رفع الدعوى مقصوراً على التكاليف التي يقوم بها الموظفون بحكم وظائفهم وفي نطاقها كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه، وإنما جاءت عبارتها مطلقة من هذا التخصيص، هذا ولما كان الشارع عنى بتعريف ماهية مصلحة الضرائب في اللائحة التنفيذية فإن النص على المقصود "بمصلحة الضرائب" يعتبر نصاً تفسيرياً يلحق بالتشريع السابق من وقت صدوره كما يلحق بكل تشريع لاحق يخول الشارع فيه لمصلحة الضرائب، سلطة أو حقاً، أما نص المادة 21 مكرراً (3) الذي أشار إليه الحكم المطعون فيه فلا ينصرف إلا للجرائم المبينة في المادتين السابقتين لهما وهما المادتان 21 مكرراً (1) و21 مكرراً (2)، ويبين من الاطلاع على هاتين المادتين أن الجرائم المنصوص عليها فيهما غير الجريمة المرفوعة بشأنها الدعوى الحالية، وقد ورد في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على المادة 21 مكرراً (3) المذكورة ما يأتي "وقد نصت المادة 21 مكرراً (3) على أن رفع الدعوى العمومية بالنسبة إلى الجرائم المنصوص عليها في المادتين 21 مكرراً (1) و21 مكرراً (2) يكون بإذن من وزير المالية والاقتصاد وذلك ضماناً لمن يتهمون بارتكاب تلك الجرائم بفحص الاتهامات الموجهة إليهم بكل دقة فيأذن وزير المالية والاقتصاد برفع الدعوى العمومية عليهم أو لا يأذن بذلك طبقاً لما يقدره من ظروف وملابسات كل حالة من الحالات، وفي حالة عدم الإذن برفع الدعوى العمومية يجوز لوزير المالية والاقتصاد أو لمن يندبه الصلح في التعويضات على أساس دفع مبلغ يعادل مثلي ما لم يؤد من الضريبة". ومن هذا يبين أن لا صلة فيما يتعلق برفع الدعوى بين نص المادة 21 وبين المادة 21 مكرراً (3) فنص المادة 21 يتناول حالة من أحوال طلب رفع الدعوى في حين أن نص المادة 21 مكرراً (3) يتناول حالة من أحوال الإذن برفعها فخص وزير المالية والاقتصاد في المادة الأخيرة للعلة التي بينها في المذكرة الإيضاحية والتي سلف ذكرها ولما كان من المقرر أن أحوال الطلب أو الإذن الواردة في القانون قد وردت على سبيل الحصر استثناء من قاعدة حرية النيابة في مباشرة الدعوى الجنائية ولا يجوز إعمالاً لهذا الأصل التوسع في هذا الاستثناء أو القياس عليه، كما لا يصح تعدية حكم حالة من أحوال الطلب المنصوص عليها إلى أخرى لم يرد في خصوصها نص، لما كان ذلك وكان ما يقوله الحكم من وجوب تركيز طلب رفع الدعوى الجنائية في يد واحدة لا يعدو أن يكون اتجاهاً لما ينبغي أن يكون عليه التشريع في نظر المحكمة وهو لا يغير من حكم النص الصريح للمادة 21 الذي خول حق طلب رفع الدعوى لمصلحة الضرائب بصفة عامة ولمديرها في حالة الصلح في التعويضات بصفة خاصة، لما كان ما تقدم جميعه وكان مدير ضرائب الإسكندرية وهو رئيس الإدارة المحلية بمدينة الإسكندرية ممن أشارت إليهم المادة 10 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 99 لسنة 1949 هو الذي طلبت رفع الدعوى العمومية عن الجريمة المنسوبة للمطعون ضده، فإن هذا الطلب يكون مطابقاً للقانون، وتكون الدعوى العمومية قد رفعت إلى المحكمة رفعاً صحيحاً، ويكون الحكم بعدم قبولها ينطوي على خطأ في تطبيق القانون وفي تأويله مما يعيبه ويستوجب نقضه، لما كان ذلك وكانت المحكمة قد قصرت بحثها على شكل الدعوى وشروط رفعها دون أن تتعرض لموضوعها، فإن قضاءها بالبراءة في منطوق الحكم هو قضاء خاطئ كذلك، ولذا يتعين إحالة القضية لنظرها من جديد أمام دائرة أخرى.